علاج الانصمام الغازي (الفقاعات الهوائية في الشرايين) بالأكسجين المضغوط

يُعد الأكسجين المضغوط أحد الوسائل العلاجية الطبية الحديثة التي قد يلجأ لها الأطباء لعلاج العديد من المشكلات المرضية، ومن أبرزها الانصمام الغازي (الفقاعات الهوائية)، إذ يُجرَى العلاج بالأكسجين المضغوط من خلال جلسات داخل غرف ضغط خاصة إمّا أُحادية أو متعددة ليستنشق المريض فيها الأكسجين النقي بضغط جوي مضبوط يساعده في التخلص من مشكلته.

يُعرف الانصمام الغازي أو الهوائي (Air Embolism) على أنه انسدادٌ في مجرى الأوعية الدموية ينتج عن دخول الهواء أو أحد الغازات، مثل ثاني أكسيد الكربون (Carbon dioxide)، أو النيتروجين (Nitrogen)، أو الهيليوم (Helium)، مُسببًا انسدادًا في مجرى الدم ممّا يؤدي إلى حدوث مضاعفات خطيرة تُهدّد حياة المريض، ويُعدّ الانصمام الغازي أحد مُضاعفات الإجراءات الجراحية والتشخيصية، مثل استئصال الخزعات النسيجية أو الأورام، أو ممارسة رياضة الغوص.[1]

يُعدّ الانصمام الغازي من المشاكل الصحيّة غير الشائعة، ويُصنّف إلى نوعين:[2]

  • الانصمام الغازي الوريدي (Venous air embolism)، ويُسمى بالانصمام الهوائي الرئوي (Pulmonary air embolism)، ويحدث نتيجة دخول الهواء إلى الأوردة وانتقاله ضمن الدورة الدموية الوريدية إلى البُطين الأيمن والدورة الرئوية.
  • الانصمام الغازي الشرياني (Arterial air embolism)، الذي يحدث نتيجة دخول الهواء داخل الشرايين ضمن الدورة الدموية الشريانية، وهو أخطر من الانصمام الغازي الوريدي كونه قد يتسبب بنقصٍ في تروية أعضاء الجسم الدموية.

يلجأ الأطباء إلى عدة خيارات لعلاج الانصمام الغازي ومن أهمّها تقنية الأكسجين المضغوط،[3] فما هو علاج الانصمام الغازي بالأكسجين المضغوط؟

علاج الانصمام الغازي بالأكسجين المضغوط

يُعرّف الأكسجين المضغوط (Hyperbaric oxygen therapy) على أنّه إحدى تقنيات العلاج المُستخدمة لتقليص حجم الفقاعات الهوائية الموجودة في مجرى الدم باستخدام الأكسجين عالي الضغط،[3] فقد أثبت الباحثون من خلال تقييمهم للعديد من الحالات والتقارير الإيجابية فعالية استخدام الأكسجين المضغوط (HBOT) في علاج الانصمام الغازي الشرياني، إضافة إلى استنادهم إلى المبادئ الميكانيكية التي تؤيّد استخدام الأكسجين المضغوط، ويُستحسن البدء بهِ باكرًا للحصول على نتيجة فعّالة،[4] ويتمثَّل باستخدام 100% من الأكسجين بضغطٍ مُنضبط يتراوح من (1.5 - 1.75) ضغط جوي، أي ما يُعادل تقريبًا (16.5 - 25) قدمًا تحت مستوى سطح البحر.[5]

يتميّز العلاج بالأكسجين المضغوط عن الأشكال الأُخرى للأكسجين المُتعارف عليها، كالذي يُستخدم موضعيًا، بأنّه يُتيح للمريض تنفُّس الأكسجين تحت ضغطٍ متزايد في حُجرة مُخصّصة لذلك، ويُشار إلى الفترة الزمنية التي يمكُث أثناءها المريض داخل غرفة الضغط بجلسة الأكسجين المضغوط.[6]

كيفية علاج الانصمام الغازي بالأكسجين المضغوط

يحدّد الطبيب الاختصاصي مُدة العلاج وكمية ضغط الأكسجين بما يتناسب مع حالة المريض الصحية حتى تتحسّن الأعراض الظاهرة، كما قد يتخلّل الجلسات فترات راحة تتراوح من 5 إلى 10 دقائق يُسمح للمريض خلالها باستنشاق الأكسجين الطبيعي الموجود في الهواء لتقليل خطر الإصابة بتسمم الأكسجين،[7] غالبًا ما تستغرق جلسة العلاج بالأكسجين المضغوط ساعة واحدة ضمن جلسة أو جلستين يوميًا، لكن يُستحسن الخضوع إلى 5 أو 6 ساعات في الأسبوع، تشمل خطة العلاج النموذجية خلال المرحلة الأُولى 40 ساعة.[5]

مبدأ عمل الأكسجين المضغوط

عند استنشاق الهواء الطبيعي يُصبح الهيموجلوبين مُشبعًا بالأكسجين ليُنقل عبر الدم إلى جميع أنحاء الجسم، والجدير بالذكر هُنا إمكانية زيادة كمية الأكسجين المنقولة بواسطة الهيموغلوبين قليلًا، إلا أن الهدف الأساسي من استخدام الأكسجين المضغوط هو زيادة ضغط الأكسجين الجزئي الذي يحدث نتيجة تشبُّع الأوردة الدموية الدقيقة بالأكسجين بالكامل،[6] وبالتالي يُعزز ارتفاع ضغط الأكسجين الجزئي في الجسم ارتشاف النيتروجين من الفقاعة المُسبّبة لانسدادَ مجرى الأوعية الدموية، وبينما يقلل الضغط العالي المحيط بالمريض داخل الحجرة من حجم الفقاعة الهوائية استنادًا إلى قانون بويل (Boyle's law)، فإنّ استنشاق الأكسجين المضغوط بما يُقارب 282 كيلو باسكال يُقلل من قُطر الفقاعة الهوائية بنسبة 82% ويُخفض حجمها بنسبة 45% وهذا يُسهم في علاج الانصمام الغازي.[4]

طريقة العلاج بالأكسجين المضغوط

يُعطى المريض الأكسجين المضغوط داخل حجراتٍ خاصة مزوّدة بالأكسجين المضغوط، وهي غرف إمّا أُحادية أو متعددة، إذ تتميّز الغرف الأحادية بوجود مريضٍ واحد فقط، وغالبًا ما يتواجد فيها بوضعية الاستلقاء على الظهر، كما أنّها مزودة بقناع أو غطاء رأس يوفّر الأكسجين المضغوط، ويعتني الممرض أو الفني بالمريض من خارج الحجرة أثناء الجلسة، أمّا الغرف المتعددة فهي تعالج العديد من المرضى بالأكسجين المضغوط في الوقت ذاته من خلال ارتداء أقنعة الوجه أو أغطية الرأس المغلقة، ويبقى الفني أو الممرض داخل الحجرة مع المرضى أثناء الجلسة.[8]

فوائد العلاج بالأكسجين المضغوط

يُعد الأكسجين المضغوط أحد الوسائل العلاجية التي يلجأ إليها الأطباء في ظروفٍ مُعينة كعلاجٍ أوّلي للمريض، كما قد يكون أحد الخيارات العلاجية المُتاحة للمساعدة في علاج مشكلات مرَضية أُخرى وتسريع عملية شفاء الجروح،[9] ومن أهم الاضطرابات التي يمكن علاجها باستخدام الأكسجين المضغوط:[9][10]

  • التسمم بأول أكسيد الكربون.
  • الغرغرينا الغازية (Gas Gangrene).
  • قصور الشرايين.
  • متلازمة الحيّز (Compartment syndrome)، أو الإصابات الحادة الناجمة عن نقص التروية الدموية.
  • حالات فقر الدم الشديد.
  • الخرّاج الدماغي.
  • التهاب الأنسجة الرخوة الناخر.
  • التهاب العظام (Osteomyelitis) وعدوى نخاع العظم.
  • الإصابات الإشعاعية، الناتجة عن الخضوع للعلاج الإشعاعي للسرطان والتي لم تتعافى بعد انتهاء فترة العلاج.
  • الحروق.
  • قضمة الصقيع.
  • بعض أنواع التهاب الدماغ والجيوب الأنفية.
  • داء تخفيف الضغط (داء الغوّاص).

كما يُستخدم الأكسجين المضغوط عند إجراء غسيلٍ كامل للرئتين لدى الأشخاص الذين يُعانون من مشاكل مرضية مُعينة في الرئتين، مثل الداء البروتيني السنخي الرئوي (Pulmonary alveolar proteinosis) لتوفير ما يكفي من الأكسجين لها أثناء ذلك، بالإضافة إلى المزيد من فوائد الأكسجين المضغوط الأُخرى للأنسجة، كَإمدادها بالمزيد من الأكسجين، وتقليل التورُّم والوذمة، والتعافي من العدوى.[10]

مخاطر العلاج بالأكسجين المضغوط

يُعدّ العلاج بالأكسجين المضغوط آمنًا إلى حدٍ ما للأشخاص الذين يُعانون من المشاكل الصحية ذات الخيارات العلاجية المحدودة، إلا أنه يجب توعية المريض بوجود بعض المضاعفات التي قد يتعرّض لها أثناء تلقّيه للعلاج،[11] ومن بعض الآثار الجانبية للعلاج بالأكسجين المضغوط:[6][12]

  • احتمالية تضرر كل من الأذن، والأنف، والعين ،والأسنان، والرئتين، كما يمكن ان يشعر بالألم بأيٍّ منها.
  • الشعور بالضغط في تجاويف الجسم المختلفة، مثل الأذن الوسطى، والجيوب الأنفية، والفراغات السنية.
  • القلق والرهاب من الأماكن المغلقة.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • الوذمة الرئوية (Pulmonary edema).
  • انخفاض مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري.
  • تغيرات في الرؤية.
  • تسمم الأكسجين، وهو أحد المُضاعفات النادرة.

موانع العلاج بالأكسجين المضغوط

تُستثنى بعض فئات المرضى من الخضوع للعلاج بالأكسجين المضغوط، من أبرزها:[7]

  • المرضى الذين يُعانون من الاسترواح الصدري (Pneumothorax) الشديد، أو ما يُعرف بانكماش الرئتين، إذ يجب إجراء التنبيب الصدري لهم بدايةً، وذلك قبل خضوعهم للعلاج بالأكسجين المضغوط.
  • أمراض الرئة المسدودة (Obstructive lungs disorder).
  • التهابات الجيوب الأنفية والجهاز التنفسي العلوي.
  • قصور القلب الشديد.
  • الخضوع لأحد جراحات الأذن حديثًا، أو تعرّض الأذن لإصابة من وقتٍ قريب.
  • الخضوع لجراحة الصدر حديثًا.
  • حالات الحمل.
  • الأشخاص الذين يعانون من رهاب الأماكن المغلقة.
كتابة: . خولة يونس - الأحد ، 16 تموز 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب
آخر تعديل - الإثنين ، 17 تموز 2023

المراجع

1.
Robert A. van Hulst, Claus-Martin Muth, Peter Radermacher. CHAPTER 32 - Air Embolism and Diving Injury, Editor(s): PETER J. PAPADAKOS, BURKHARD LACHMANN, Laraine Visser-Isles, Mechanical Ventilation, W.B. Saunders, 2008, Pages 365-375, ISBN 9780721601861, https://doi.org/10.1016/B978-0-7216-0186-1.50036-3. Retrieved from https://doi.org/10.1016/B978-0-7216-0186-1.50036-3
2.
Liza C O'Dowd, MDMark A Kelley, MD, MACP. 2022. Air embolism. Retrieved from https://www.uptodate.com/contents/air-embolism#H18
3.
Malik N, Claus PL, Illman JE, Kligerman SJ, Moynagh MR, Levin DL, Woodrum DA, Arani A, Arunachalam SP, Araoz PA. . Air embolism: diagnosis and management. Future Cardiol. 2017 Jul;13(4):365-378. doi: 10.2217/fca-2017-0015. Epub 2017 Jun 23. PMID: 28644058.. Retrieved from https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/28644058/

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري العلاج بالأكسجين المضغوط أونلاين عبر طبكان
احجز