عسر الطمث: ما أسبابه؟ وهل يمكن التغلب على الآلام المُصاحبة؟

يُعد عسر الطمث ظاهرة شائعة تُعاني منها نسبة كبيرة من النساء في مختلف أنحاء العالم، ويتميز بظهور أعراضٍ مؤلمة ومزعجة قبل وأثناء فترة الحيض، والتي قد تؤثر سلبًا على جودة حياة المرأة، وقدرتها على ممارسة أنشطتها اليومية، تختلف أعراض عسر الطمث من امرأةٍ لأُخرى، ومن الأعراض الشائعة التي قد تُصاحب عسر الطمث؛ آلام البطن والظهر، وغيرها، وتستمر هذه الأعراض عادةً لعدّة أيام قبل بدء نزول دم الحيض وتتلاشى تدريجيًا خلال فترة الحيض.

تحاول العديد من النساء إخفاء مُشكلة آلام الدورة الشهرية، وتخضع لعبءٍ جسدي ونفسي بسبب هذه الأوجاع المُتكررة، وقد سلّطت البطلة الأولمبية الصينية فو يوانهوي (Fu Yuanhui) الضوء على مُشكلة عُسر الطمث عندما أقرّت أن آلام الحيض قد أثّرت في أدائها خلال السباحة أثناء الألعاب الأولمبية،[1] وتُعد مُشكلة عُسر الطمث حالة صحية شائعة، إذ تُعاني ما يُقارب 45-97 بالمئة من النساء من مُختلف الأعمار والجنسيات من آلام الحيض، وفي الولايات المُتحدة الأمريكية يُعد عُسر الطمث أحد أسباب تغيب الفتيات عن المدرسة والنساء عن العمل، مُسببًا خسارة تُقدر بـ 600 مليون ساعة عمل سنويًا، أي ما يُعادل 2 مليار دولار في السنة.[2]

ما هو عسر الطمث؟

يُعرّف عُسر الطمث (Dysmenorrhea) على أنه الشعور بآلامٍ وتشنجات شديدة في منطقة أسفل البطن أثناء الدورة الشهرية أو قُبيل بدئها بمدةٍ قصيرة،[3] ويُقسَّم إلى نوعين:[4]

  • عُسر الطمث الأولي:

هو ألم الدورة الشهرية غير المُرافق لأسبابٍ مرَضية مُتعلقة باضطرابات الحوض، وتُعاني منه 50 بالمئة من الفتيات في السنوات الأُولى بعد البلوغ.

  • عُسر الطمث الثانوي:

هو ألم الدورة الشهرية الذي ينجُم عن اضطرابات في الحوض، وتُصاب به النساء في عمر 30-45 سنة.

أعراض عسر الطمث

يمكن التمييز بين عُسر الطمث الأولي وعسر الطمث الثانوي استنادًا إلى الأعراض المُرافقة لهما،[4] وتشمل أعراض عُسر الطمث الأولي:[5][6]

  • مغص مُستمر في منطقة أسفل البطن يبدأ بالتزامن مع بدء الدورة الشهرية أو قُبيلها بقليل، ويستمر حتى ثاني أيام فترة الحيض.
  • انتشار الألم من أسفل البطن إلى الظهر أو الفخذين.
  • الشعور بالتعب.
  • الغثيان والتقيؤ.
  • الإسهال.
  • ألم أسفل الظهر.
  • الصداع.

أمّا أعراض عُسر الطمث الثانوي فتبدأ بالظهور بعد البلوغ بعامين أو أكثر،[7] ومن الأعراض الدالة على الإصابة بعسر الطمث الثانوي:

  • نزيف في غير فترة الحيض.[7]
  • غزارة الطمث (Menorrhagia).[7]
  • ألم قبل موعد الدورة الشهرية، وقد يستمر حتى بعد انتهائها.[8]
  • وجود سوائل في منطقة قبو المهبل ذات رائحة كريهة، أو لونها أبيض مائل إلى الرمادي، وتدلّ هذه الأعراض على الإصابة بالداء الالتهابي الحوضي (PID).[6]
  • عُسر التبول، وعُسر الجِماع، وعُسر الهضم، والعُقم، وتشير هذه الأعراض للانتباذ البطيني الرحمي (Endometriosis).[6]

أسباب عسر الطمث

تُعد زيادة إفراز البروستاغلاندين (Prostaglandin) سببًا رئيسيًا لِعُسر الطمث الأولي، والبروستاغلاندين هي مجموعة من المُركبات الدهنية التي تلعب دورًا حيويًا في وظائف الجسم، ولها تسعة أنواع، منها البروستاغلاندين ف2 – ألفا (PGF2α)، وهو المسؤول عن عسر الطمث الأولي، إذ يُسبب انقباضات في كلٍ من الرحم والأوعية الدموية الموجودة في المنطقة، مما يُقلل تدفق الدم إلى الرحم، مُنتجًا حالةً من نقص الأكسجين في الأنسجة، وبالتالي تراكم بعض المُنتجات اللاهوائية فيها، الأمر الذي يُحفّز مستقبلات الألم.[9]

أما أسباب عُسر الطمث الثانوي، فتتضمّن:

  • الانتباذ البطاني الرحمي (Endometriosis)، ويُعد أكثر الأسباب شيوعًا لعُسر الطمث الثانوي، إذ يُشكّل ما نسبته 62 بالمئة من الحالات لدى المُراهقات، ويُعرّف الانتباذ البطاني الرحمي على أنه هجرة أنسجة بطانة الرحم إلى مناطق أُخرى في الجسم خارج الرحم.[7]
  • مرض التهاب الحوض (Pelvic inflammatory disease)، وهي عدوى تُصيب الرحم وقناتي فالوب، تُسببها بعض أنواع البكتيريا مثل، المتدثرة الحثرية (Chlamydia Trachomatis)، النيسرية البنية (Neisseria gonorrhoeae).[4]
  • العضال الغدي الرحمي (Adenomyosis)، وهي مشكلة صحية تحدث نتيجة نمو النسيج المُبطن للرحم داخل جدار الرحم العضلي، وتؤدي إلى تضخمه.[10]
  • الأورام الليفية الرحمية (Uterine Fibroids)، وهي أورام حميدة في العضلات الملساء الموجودة في الرحم.[11]
  • أمراض أُخرى مثل، أكياس المبيض (Ovarian Cyst)، والسلائل الرحمية (Uterine Polyps)، ووجود كُتل في الحوض (Pelvic Masses)، وتضيُّق عنق الرحم (Cervical Stenosis).[12]

عوامل خطر الإصابة بعُسر الطمث

تزداد احتمالية الإصابة بعُسر الطمث بوجود بعض العوامل:[6][12]

  • العمر أقل من 30 سنة.
  • مؤشر كتلة الجسم أقل من 20 كيلوغرام لكل متر مُربع.
  • التدخين.
  • البلوغ المُبكر، أي قبل سن 12.
  • فترة الحيض الطويلة.
  • غزارة تدفق الحيض.
  • عدم الإنجاب.
  • متلازمة ما قبل الحيض.
  • التاريخ المرضي للإصابة بالتهاب الحوض.
  • التاريخ العائلي للإصابة بعُسر الطمث.
  • الإصابة بالاكتئاب أو التوتر.
  • محاولات خسارة الوزن.

العلاج الدوائي لعُسر الطمث

يهدف علاج عسر الطمث إلى تخفيف الأعراض، وتثبيط العوامل التي تسبب ظهورها، ويساعد تصنيف ألم الحيض وفقًا لشدة الألم، ودرجة تقييده للنشاط اليومي على اعتماد استراتيجية العلاج،[4] ومن العلاجات الدوائية المُتاحة لعلاج عسر الطمث الأَولي:

مضادات الالتهاب غير الستيرويدية

تُعد مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (Nonsteroidal anti-inflammatory drugs) خط العلاج الأول لعُسر الطمث الأولي، كما أنها ذات فعالية في تخفيف الألم لدى غالبية النساء، وتتضمن آلية عملها تقليل إنتاج البروستاغلاندين، وبالتالي تقليل انقباضات الرحم، وتخفيف الألم،[9] تتضمن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية طيفًا واسعًا من الأدوية:[9][13]

  • آيبوبروفين (Ibuprofen): يُستخدم بجرعة أولية 800 مليغرام، ومن ثم 400-800 مليغرام كل 8 ساعات.
  • نابروكسين (Naproxen): يُستخدم بجرعة أولية 440-550 مليغرام، ومن ثم 220-550 مليغرام كل 12 ساعة.
  • ديكلوفيناك (Diclofenac): يُستخدم بجرعة 50 مليغرام كل 8 ساعات.
  • سيليكوكسيب (Celecoxib): يُستخدم بجرعة أولية 400 مليغرام، ومن ثم 200 مليغرام كل 12 ساعة.
  • حمض الميفيناميك (Mefenamic acid): يُستخدم بجرعة أولية 500 مليغرام، ومن ثم 250 مليغرام كل 6 ساعات.

ويوصي أطباء النسائية والتوليد استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية قبل موعد الدورة الشهرية بيوم أو يومين، والاستمرار عليها لمدة 2-3 أيام بعد بدئها، كما يُنصح بتناول الدواء مع الطعام، وزيادة شُرب السوائل، لتقليل آثارها الجانبية.[13]

العلاج الهرموني

تُعد موانع الحمل الهرمونية بنوعيها؛ موانع منع الحمل المُركبة (Combined hormonal contraceptive)، وموانع الحمل المُحتوية على البروجيستيرون فقط (Progesterone-only contraceptives)، فعّالة في علاج عسر الطمث،[9] وخاصةً في حال عدم استجابة المريضة للعلاج بمُضادات الالتهاب غير الستيرويدية، كما يُستخدم العلاج الهرموني بالتزامن مع مضادات الالتهاب غير الستيرويدية بحسب ما تقتضي الحاجة.[13]

أما علاج عُسر الطمث الثانوي فيشتمل على حل المشكلة الصحية المُسببة لها، فقد يلجأ الطبيب المُختص إلى علاجات دوائية أو جراحية، كما قد تُستخدم مُسكنات الألم دوريًا كعلاجٍ مساعد لعُسر الطمث الثانوي.[4]

العلاجات غير الدوائية لعُسر الطمث

للمساعدة بتخفيف آلام الدورة الشهرية، يُنصح باتباع مجموعة من الأساليب:

  • وضع كمادة دافئة على البطن، إذ تُساعد الحرارة على زيادة تدفق الدم، وبالتالي تشبُع الأنسجة بالأكسجين، مما يُقلل من تركيز البروستاغلاندين.[8][9]
  • مُمارسة التمارين الرياضية، كالتمارين الهوائية، وتمارين الإطالة، واليوغا، إذ أشارت بعض الدراسات إلى أن مُمارسة هذه التمارين لمدة 30-60 دقيقة ثلاث مرات في الأسبوع يُخفّف من أعراض عُسر الطمث، ولكن لا بُد من إجراء المزيد من الدراسات لتأكيد فعاليتها.[8][9]
  • استخدام بعض المُكملات الغذائية مثل، فيتامين ب1، وفيتامين ب6، والمغنيسيوم، زيت السمك (المُحتوي على الأُوميغا 3)، وعلى الرغم من فعاليتها كما تُشير بعض التجارب السريرية إلا أنّها يجب أن تُدعّم بمزيدٍ من الدراسات.[14]
  • استخدام بعض الأعشاب، ومن الأعشاب التي قد تكون ذات فعالية لعلاج عُسر الطمث الأولي، الزنجبيل، والقرفة، والحلبة، والشمر، وعُشبة كف مريم.[15]

لكن يمكن اللجوء لبعض التقنيات والجراحات بغرض علاج عسر الطمث في حالاتٍ معيّنة:

  • تطبيق تقنية الوخز بالإبر (Acupuncture)، إذ إنّه يُقلل الألم بإثارة مستقبلات أو ألياف عصبية، والتي بدورها تتفاعل مع بعض النواقل العصبية كالسيروتونين والإندورفينات، مما يعيق نقل إشارات الألم.[14]
  • استئصال الرحم (Hysterectomy)، وتلجأ له بعض النساء في حال فشل العلاجات الدوائية وغير الدوائية السابقة أو عدم ملائمتها لحالتها المرضية، ويُعد هذا الخيار مُلائمًا للنساء اللاتي لا يُخططن للحمل في المستقبل (أي أنهن قد اكتفين بعدد الأطفال لديهن)، لذا لا يُعد استئصال الرحم مُناسبًا للنساء ما دون الـ 35 من العُمر.[9]
كتابة: الصيدلانية مرام غرايبة - الثلاثاء ، 16 كانون الثاني 2024
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan

المراجع

1.
Oladosu FA, Tu FF, Hellman KM.. (2018). Nonsteroidal antiinflammatory drug resistance in dysmenorrhea: epidemiology, causes, and treatment. Am J Obstet Gynecol. 2018 Apr;218(4):390-400. Retrieved from https://doi.org/10.1016%2Fj.ajog.2017.08.108
2.
Sharghi M, Mansurkhani SM, Larky DA, Kooti W, Niksefat M, Firoozbakht M, Behzadifar M, Azami M, Servatyari K, Jouybari L. (2019). An update and systematic review on the treatment of primary dysmenorrhea. JBRA Assist Reprod. 2019 Jan 31;23(1):51-57. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6364281/
3.
Ju H, Jones M, Mishra G. (2014). The prevalence and risk factors of dysmenorrhea. Epidemiol Rev 36: 104–13, 2014. Retrieved from https://doi.org/10.1093/epirev/mxt009

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري نسائية وتوليد أونلاين عبر طبكان
احجز