عدوى الدماغ الطفيلية: ما أسباب الإصابة بها؟ وهل يمكن الاكتفاء بالأدوية للتخلص منها؟

تتسبّب العدوى الطفيلية بعدّة مشكلات لدى انتقالها للجهاز المركزي العصبي في جسم الإنسان عبر الدم، إذ تنتقل بعد ملامسة البُراز المُلوّث ببيوض الديدان الطُفيليّة، أبرز أنواع هذه العدوى داء الكيسات المُذنبة العصبي، من أعراضه نوبات من الصرع وتشنجات، أو مشكلاتٍ بصرية وسمعيّة، لكن يمكن السيطرة عليه بعد التشخيص الدقيق للعدوى ثم اختيار العلاج الأنسب الذي يتراوح بين الدوائي وقد يتخطّاه للجراحي في بعض الحالات.

قد تتسبّب الفيروسات، أو البكتيريا، أو الفطريات، أو الطفيليات، أو الكائنات الأولية (Protozoa) في الإصابة بعدوى الدماغ، وتُعدُّ العدوى الفيروسية السبب الأكثر شيوعًا للإصابة به؛ إذ يمكن أن تصل إلى الأغشية السحائية للمخ مُسبِبةً التهاب السحايا (Meningitis)، وإلى خلايا المخ مُسببةً التهاب الدماغ (Encephalitis).[1]

تتسبّب الديدان الطفيلية بإصابة الجهاز المركزي العصبي لملايين الأشخاص، خاصةً في الدول النامية، كما قد تحدث الإصابات في بعض الدول الأُخرى نتيجة هجرة المصابين إليها.[2]

ما أسباب عدوى الدماغ الطفيلية؟

تُعدُّ الدودة الشريطية الوحيدة المعروفة أيضًا بشريطية الخنزير (Taenia solium) أشهر الطفيليات المُسببة لعدوى الدماغ، وتحدث عدوى الدماغ الطفيلية بعد وصول يرقات الدودة (Taenia solium larvae) إلى أنسجة الجهاز العصبي المركزي للإنسان، وتسمَّى هذه الحالة بداء الكيسات المذنَّبة العصبي (Neurocysticercosis)، وهي تُعدُّ أكثر الأمراض العصبية الطفيلية شيوعًا.[3]

قد تصل الطفيليات التي تصيب الإنسان إلى أنسجة الجهاز المركزي العصبي، مُسببةً أنواعًا مختلفة من العدوى، مثل داء المقوسات (Toxoplasmosis)، وداء المشوكات (Echinococcosis)، وداء البلهارسيات (Schistosomiasis)، وداء جانبية المناسل (Paragonimiasis)، والملاريا، وداء شاغاس المعروف أيضًا بداء المثقبيات الأمريكي (American trypanosomiasis)، وداء المثقبيات الأفريقي البشري (HAT)، لكنّ جميعها أقل شيوعًا من داء الكيسات المذنَّبة العصبي.[4]

كيف تحدث الإصابة بداء الكيسات المذنَّبة العصبي؟

قد يصيب داء الكيسات المذنَّبة العصبي كلاً من الإنسان، والكلاب، والخنازير، وذلك نتيجة التعامل المباشر مع براز الإنسان المُلوَّث، ويجدر بالذكر أنَّه يمكن للدودة الشريطية الوحيدة أن تنضج فقط في أمعاء الإنسان، لتتمكن بعدها من إنتاج البيوض التي تخرج من جسم الإنسان عبر البراز، مُسببةً انتشار العدوى، ويُصاب الإنسان بالعدوى عادةً خلال تناوُل الطعام الملوث ببيض الدودة، الذي يفقس في الأمعاء محررًا اليرقات المغلَّفة، فتخترق هذه اليرقات جدار الأمعاء، وتنتقل عبر مجرى الدم إلى أنسجة الجسم المختلفة كأنسجة الجهاز العصبي المركزي، وتتطور خلال عدة مراحل لتصل إلى مرحلة اليرقات، المُسبِّبة لعدوى الدماغ الطفيلية.[3]

ما الأماكن التي يتوطن فيها داء الكيسات المذنَّبة العصبي؟

تكثر الإصابة بداء الكيسات المذنَّبة العصبي في البلدان شديدة الفقر؛ إذ تفتقر إلى مرافق الصرف الصحي المناسبة ومصادر المياه النظيفة، ممّا يزيد من خطر تلوث المياه والأطعمة بالبراز المُحمَّل ببيض الديدان، ومن هذه الدول أمريكا اللاتينية، وأفريقيا، وجنوب شرق آسيا، والهند، والصين، ونيبال، كما يُلاحَظ زيادة أعداد المصابين في بعض الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأوروبا، ويُعزَّى ذلك إلى ارتفاع معدلات الهجرة إليها، بالإضافة إلى نقص الخبرة -نسبيًا- في التعامل مع هذا النوع من أنواع العدوى الطفيلية، إضافة إلى قدرة الدودة الواحدة على إنتاج عددٍ كبير من البويضات (100 ألف بيضة في اليوم الواحد على الأقل).[3]

ما أعراض داء الكيسات المذنَّبة العصبي؟

تختلف أعراض داء الكيسات المذنَّبة العصبي في شدّتها من شخصٍ إلى آخر؛ إذ قد لا يعاني بعض المصابين من أيّة أعراض، في حين قد يعاني آخرون من أعراضٍ شديدة، وتجدر الإشارة إلى تشابه أعراض المرض مع الأعراض الناتجة عن الإصابة بالاضطرابات العصبية الأُخرى، كما تختلف شدّة المرض باختلاف عدد الكيسات، وحجمها، وموقعها، ودرجة الاستجابة المناعية للمريض، وتتباين أعراض المرض تبعًا للموضع الذي تستقر فيه الطفيليات، إمّا في نسيج المخ أو حوله، فإن كانت تسكن نسيج المخ، فتُمثِّل التشنجات العرَض الشائع في هذه الحالة، بينما تكون الأعراض أكثر شدّةً في حال استقرت الطفيليات حول المخ، ويزداد معدل الوفيّات في هذه الحالة خاصةً إذا لم يتلقَّ المريض العلاج المناسب، وعادةً ما تُشير التشنجات المتكررة لدى البالغين قاطني المناطق الموبوءة إلى الإصابة بداء الكيسات المذنَّبة العصبي، ويُعدُّ الصرع والتشنجات العصبية أكثر الأعراض شيوعًا، أيضًا لوحظت بعض الأعراض الأُخرى، كاعتلال العصب البؤري، وارتفاع الضغط داخل الدماغ، والتدهور المعرفي والإدراكي، وغيرها من الأعراض لكن بدرجاتٍ متباينة:[2][5]

• التشنجات أو الصرع

يُشخَّص الصرع بحدوث نوبتان أو أكثر من التشنجات العصبية غير المُستثارة بفارق 24 ساعة على الأقل بينهما، وتظل آليات حدوث النوبات موضعًا للدراسة، لكن من المُرجح أن تشمل حدوث الالتهابات والنُّدَب، وقد يُساهم فهمها في توفير العلاج المناسب الذي قد يُخفّض معدل معاناة المريض.

• اعتلال العصب البؤري

يمكن أن يسبب داء الكيسات المذنَّبة العصبي اعتلال العصب البؤري نتيجةً للضغط على الأعصاب القحفية أو انسداد الشرايين داخل القحف (الدماغ)، مما قد يؤدي إلى شلل في عضلات العين، أو فقدان السمع، أو شلل العصب الوجهي، أو التهاب العصب ثلاثي التوأم (Trigeminal neuralgia).

• ارتفاع الضغط داخل القحف

يمكن أن تتسبب عدّة عوامل في ارتفاع الضغط داخل الدماغ لمريض داء الكيسات المذنَّبة، أشهرها الاستسقاء الدماغي (Hydrocephalus)، أي تراكم السوائل في تجاويف الدماغ، وعادةً ما يرتبط بمعدلات وفاة عالية، إن لم يُعالج جراحيًا.

• التدهور الإدراكي

قد يسبب داء الكيسات المذنَّبة العصبي درجات من التدهور المعرفي ربما تصل إلى الخرف الملحوظ، وقديمًا قبل معرفة أجهزة التصوير العصبي الحديثة كان يُحجز المريض في المستشفيات النفسية، وبعدها قد يُشتَبَه في التشخيص السليم عقب الإصابة بنوبات الصرع، أو ارتفاع الضغط داخل الدماغ.

• أعراض أخرى

قد يُعاني المصابون الصداع فقط، أو السكتات الدماغية، أو الحركات اللاإرادية، أو الفساد الدبقي العصبي، أو التهاب السحايا.

كيف يُشخَّص داء الكيسات المذنَّبة العصبي؟

يشخِّص طبيب الدماغ والأعصاب داء الكيسات المذنَّبة بالتصوير الإشعاعي للأعصاب، كالتصوير المقطعي (CT) أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، بالإضافة إلى الكشف عن الأجسام المضادة والمستضدات في الدم والسائل النخاعي باستخدام عدة تقنيات، أبرزها فحص المقايسة المناعية الإنزيمية (ELISA).[6]

ما الطرق العلاجية لداء الكيسات المذنَّبة العصبي؟

يتضمن علاج داء الكيسات المذنَّبة العصبي، العلاج الجراحي، والأدوية المضادة للطفيليات، بالإضافة إلى العلاجات المناسبة للتخفيف من الأعراض كاستخدام أدوية الصرع، ومضادات الالتهاب، وعلاج الاستسقاء الدماغي:[2][6]

  • مضادات الديدان، يُوصَف دواء ألبيندازول (Albendazole) على أنّه الخيار الدوائي الأول في علاج داء الكيسات المذنبة العصبي، لكن يُستخدَم وفقًا لحالة المريض وبإشرافٍ مباشر من الطبيب.
  • مضادات الصرع، مثل فينيتوين (Phenytoin)، وكاربامازيبين (Carbamazepine)، وغالبًا ما تكون هذه الأدوية كافية للسيطرة على نوبات الصرع لدى المريض، ويُوصَى باستمرار العلاج حتى يُظهر التصوير العصبي تحسُّن الحالة.

  • أدوية الكورتيكوستيرويد (الكورتيزون): تساعد هذه الأدوية في تخفيف الالتهابات التي يسببها داء الكيسات المذنَّبة العصبي، وبالتالي الحد من نوبات الصرع المتكررة، وأعراض اعتلال العصب البؤري، وارتفاع الضغط داخل الدماغ، ويخضع استخدامها لتعليمات رقابية لتحديد كيفية الاستخدام، والأنواع المناسبة.

  • تركيب تحويلات بطينية (Ventricular shunts) في حالات استسقاء الدماغ المرتبطة بارتفاع الضغط داخل الدماغ.

  • الأدوية المضادة للكيسات: مثل: برازيكوانتيل (PZQ)، و ألبيندازول (ALB)، إذ تساعد هذه الأدوية على تدمير دائم للكيسات، ثم التحكم في الالتهابات الناتجة عنها باستخدام أدوية الكورتيكوستيرويد، ممّا يقلل فترة التهاب الدماغ، وتجدر الإشارة إلى أنَّ بعض الدراسات المقارنة أشارت إلى أنّ دواء ألبيندازول أكثر فعالية في تقليل عدد الكيسات وتحسُن الحالات من البرازيكوانتيل مع آثار جانبية أقل، لكن لا بُد من إجراء المزيد من الدراسات العلمية للتحقُّق من ذلك.
كتابة: الصيدلانية شيماء عادل - الأربعاء ، 04 تشرين الأول 2023
آخر تعديل - الأربعاء ، 04 تشرين الأول 2023

المراجع

1.
John E. Greenlee. a (2022). Introduction to Brain Infections. Retrieved from https://www.msdmanuals.com/professional/neurologic-disorders/brain-infections/introduction-to-brain-infections
2.
John E. Greenlee. b (2022). Helminthic Brain Infections. Retrieved from https://www.msdmanuals.com/professional/neurologic-disorders/brain-infections/helminthic-brain-infections
3.
Lucy B. Gripper, Susan C. Welburn. (2017). Neurocysticercosis infection and disease–A review. Retrieved from https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0001706X16306507?via%3Dihub

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري دماغ وأعصاب أونلاين عبر طبكان
احجز