جرثومة المعدة: ما أسبابها؟ وهل يمكن التخلص منها نهائيًا؟

جرثومة المعدة هي عبارة عن بكتيريا، تُعرف أيضًا بـاسم البكتيريا الحلزونية أو البكتيريا الملوية البوابية، تعيش هذه البكتيريا في بطانة المعدة، وتًعد سببًا رئيسيًا لالتهاب المعدة والإصابة بالقرحة المعدية. يمكن أن تسبب جرثومة المعدة مشاكل صحية خطيرة إذا تُركت دون علاج، مما يجعل فهم طرق انتقالها وعلاجها أمرًا مهمًا للحفاظ على صحة المعدة والجهاز الهضمي.

تستوطن جرثومة المعدة البيئة المعدِية لدى ما يقارب من نصف عدد سكان الكُرة الأرضية، وأثبتت الدراسات أن معدل انتشار هذه البكتيريا يختلف باختلاف عوامل مختلفة مثل العمر، والمنطقة الجغرافية، والحالة المعيشية، والحالة الاجتماعية والاقتصادية، وعلى الرغم من أن معظم الأفراد المصابين بجرثومة المعدة لا تظهر عليهم أي أعراض، لكنها في المقابل تُعد سببًا في ظهور القرحة الهضمية، وبعض الأورام كالأورام الغدية المعدية (Gastric adenocarcinomas)، لذا فإنّ التشخيص الدقيق الذي يتبعه العلاج الفعال لجرثومة المعدة من الخطوات المهمة في تحسين النتائج السريرية للمريض.[1]

نُبذة عن تاريخ اكتشاف جرثومة المعدة

أجرى الطبيبان الأستراليان باري مارشال (Barry Marshall)، وروبن وورين (Robin Warren)[2] زراعةً لعيّنة من أنسجة المعدة تَبيّن فيها وجود بكتيريا من نوعٍ جديد سُمّيت بالبكتيريا الملوية البوابية (Helicobacter pylori)، وقد شكك المُجتمع العلمي بقدرة البكتيريا على العيش في الوسط الحمضي القاسي في المعدة في بداية الأمر، مما دعا الطبيب باري مارشال لتناول عينةً من هذه البكتيريا المُمرضة بنفسه، أدى ذلك لظهور أعراضِ المرض لديه، بعدها عُولج مارشال باستخدام المُضادات الحيوية المُناسبة، وشُفي منها.[3]

على إثرِ ذلك مُنِحَ الطبيبان الأستراليان باري مارشال (Barry Marshall)، وروبن وورين (Robin Warren) في عام 2005 ميلادية جائزة نوبل في مجال علم وظائف الأعضاء؛ لأعمالهما الرائدة التي ساهمت في اكتشافهما لجرثومة المعدة، وبيان دورها في التهاب المعدة ومرض القرحة المَعدية، وكيفية علاج جرثومة المعدة نهائيًا بجرعاتٍ مُحددة من المضادات الحيوية، ومثبطات إفراز حمض المعدة.[2]

ما هي جرثومة المعدة؟

تُصنَّف بكتيريا الملوية البوابية ضمن مجموعة البكتيريا سلبية الغرام، وتمتاز بشكلها الحلزوني، وتُعد سببًا رئيسيًا للإصابة بالتهاب المعدة الضموري المُزمن (Chronic Atrophic Gastritis)، وقُرحة المعدة (Peptic ulcer)، وسرطان المعدة الليمفاوي (Gastric lymphoma)، وسرطان المعدة (Gastric carcinoma).[4]

تعيش جرثومة المعدة في الطبقة المُخاطية الواقية لجدار المعدة، إذ تكون هناك أقل عُرضة لعُصارة المعدة الحامضية، بالإضافة إلى ذلك تُنتج هذه الجرثومة مادة الأمونيا كوسيلة دفاعية ضد أحماض المعدة، وليسهُل عليها اختراق طبقة المعدة المُخاطية.[5]

طُرق انتقال عدوى جرثومة المعدة

أثبتت الدراسات أنّ مُعدل انتشار جرثومة المعدة يختلف بحسب عوامل عديدة أهمها؛ العمر، والمنطقة الجغرافية، وظروف المعيشة، والحالة الاجتماعية والاقتصادية،[1] وعلى الرغم من أنّ طريقة انتقال عدوى جرثومة المعدة الرئيسية غير مُحددة بدقة،[6] إلا أنّها تنتقل من شخصٍ إلى آخر فمويًا (Oral-oral transmission)، وهذا ما يفسر شيوع الإصابة بالعدوى بين أفراد الأسرة الواحدة، إذ قد تنتقل العدوى من خلال مشاركة أواني الطعام بينهم،[1] أو من خلال التقبيل.[5]

بالإضافة إلى ذلك تنتقل عدوى جرثومة المعدة بالطريق الشَّرجي الفَموي (Fecal-oral transmission)،[1] وخاصةً في حال عدم مُراعاة قواعد النظافة الشخصية لدى المرضى المُصابين بهذه الجرثومة، كعدم غسل اليدين جيدًا بعد البرُّز،[5] أو من خلال شُرب مياه ملوثة بهذه البكتيريا.[7]

ما هي أعراض جرثومة المعدة؟

لا يُعاني 30-35 بالمئة من المرضى المُصابون بجرثومة المعدة من أي أعراضٍ ظاهرة، بالإضافة إلى ذلك لا توجد أعراض سريرية مُحددة تُؤكد الإصابة بجرثومة المعدة،[8] ولكن قد يُعاني المرضى من بعض الأعراض:[7][8]

  • ألم في البطن وقد تزداد حدته مع المعدة الفارغة، كما تختلف حدة الألم بين مريضٍ وآخر.
  • عسر الهضم (Dyspepsia).
  • الشعور بالتُخمة والامتلاء.
  • ألم في أعلى المعدة.
  • الشعور بالجوع صباحًا عند الاستيقاظ، أو بعد 1-3 ساعات من تناول الطعام.
  • رائحة الفم الكريهة (Halitosis).
  • غثيان طفيف قد يزول بعد التقيؤ.
  • فقدان الشهية.
  • خسارة الوزن دون التخطيط له.
  • التجشؤ (Burping).
  • ملاحظة بُراز داكن، أو وجود دم في البراز.
  • ظهور دم في القيء.

أما الأطفال، فعلى الرغم من عدم ظهور أعراضٍ لدى إصابتهم بجرثومة المعدة، لكن قد يُعاني بعضهم من ألمٍ في البطن، والغثيان، والتقيؤ، وعُسر الهضم، وقد تظهر أعراض أُُخرى غير مُتعلقة بالجهاز الهضمي لديهم؛ كفقر الدم الناجم عن نقص الحديد، أو قلَّة الصفيحات المناعية المُزمن (Chronic Immune thrombocytopenia).[4]

تشخيص جرثومة المعدة

يلجأ الأطباء للعديد من الإجراءات التشخيصية، أو الفحوصات المخبرية لتشخيص الإصابة بجرثومة المعدة، وخاصةً في حال وجود تاريخ مرَضي بالإصابة بقرحة المعدة، أو شعور المريض بألم في المعدة لفترةٍ تزيد عن شهر،[7] ومن أهم هذه الفحوصات والإجراءات:

  • فحص الزفير باليوريا (Urea breath test): يُجرى بتناول المريض مادةً خاصةً تحتوي على اليوريا، وفي حال وجود جرثومة المعدة، تُحول هذه البكتيريا اليوريا إلى غاز ثاني أُكسيد الكربون (CO2)، ويمكن اكتشاف ذلك من خلال زفير الهواء الخارج من المريض بجهاز كشف خاص في غضون 10 دقائق.[7]
  • فحص المستضدات المرتبطة بعدوى بكتيريا الملوية البوابية في البراز(H-pylori fecal antigen test): يتميز هذا الفحص بدقته وسرعته في تشخيص الإصابة بالبكتيريا الملوية البوابية في بداية الإصابة بالمرض، كما يُعتمد عليه للتأكد من فعالية العلاج في التخلص من العدوى.[8]
  • فحص الأجسام المُضادة الخاصة بجرثومة المعدة في الدم (Serological assays): يكشف هذا الفحص عن وجود الأجسام المُضادة لجرثومة المعدة في الدم، ولكن نظرًا لاختلاف سُلالات هذه البكتيريا تِبعًا للمنطقة الجغرافية، يجب تخصيص الفحص وِفقًا للمنطقة، ومن أبرز عيوب هذا الفحص أنّ الأجسام المُضادة للبكتيريا تبقى في الدم حتى بعد القضاء عليها، لِذا لا يمكن استخدام هذا الفحص للتأكد من شفاء المريض، أو القضاء على جرثومة المعدة.[3]
  • التنظير الهضمي العلوي (Esophagogastroduodenoscopy):[8] يلجأ الأطباء إلى التنظير العلوي الهضمي في حال عدم توفر أدلة تشخيصية كافية لجرثومة المعدة من الفحوصات السابقة، ويُجرى بإدخال منظار خاص لفحص المريء، وبطانة المعدة، وجزء من الأمعاء الدقيقة، وأخذ عينة وفحصها مخبريًا.[9]

علاج جرثومة المعدة

تُستخدم العديد من الخيارات العلاجية للقضاء على جرثومة المعدة، وتختلف هذه الطرق من منطقةٍ لأُخرى بحسب توافر الأدوية فيها، ومُقاومة جرثومة المعدة للمُضادات الحيوية،[10] ولكن عمومًا يمكن تقسيم العلاج وفقًا للجمعية الأمريكية لأمراض الجهاز الهضمي عدّة طرق:

  • العلاج الثلاثي للقضاء على جرثومة المعدة

تُستخدم الخُطة العلاجية الثلاثية في حال كانت نسبة مقاومة المجتمع لدواء كلاريثروميسين (Clarithromycin) أقل من 15 بالمئة، وعدم تناول المريض لأحد المضادات الحيوية التي تنتمي إلى المضادَّات الحيويَّة الماكروليديَّة (Macrolides)،[10][11] وتتكون الخطة العلاجية الثلاثية من مجموعة من الأدوية:[10][11]

  • أحد أدوية مثبطات مضخات البروتون (Proton Pump Inhibitors).
  • المضاد الحيوي كلاريثروميسين.
  • المضاد الحيوي أموكسيسيلين (Amoxicillin).

أما في حال وجود حساسية من أدوية البنسلين -كالأموكسيسيلين- فيُستخدم المضاد الحيوي ميترونيدازول (Metronidazole) بديلًا عنه، كما يجب الاستمرار على الخطة العلاجية بجرعاتها المحددة لمدة 14 يومًا.[11]

  • العلاج الرباعي للقضاء على جرثومة المعدة

تُستخدم الخطة العلاجية الرباعية في حال كانت نسبة مقاومة المجتمع لدواء كلاريثروميسين أكثر من 15 بالمئة، أو تناول المريض سابقًا لأحد المضادات الحيوية التي تنتمي إلى المضادَّات الحيويَّة من عائلة الماكروليدات،[10][11] ويجب الالتزام بها لمدة 14 يومًا، وتتكون من مجموعة أدوية:[10][11]

  • أحد أدوية مثبطات مضخات البروتون (PPI).
  • عقار البسموث سبساليسيلات (Bismuth subsalicylate).
  • المضاد الحيوي التتراسيكلين (Tetracycline).
  • المضاد الحيوي ميترونيدازول.

الخطة الهجينة للقضاء على جرثومة المعدة (Hybrid therapy)

تقترح هذه الخطة العلاجية علاج جرثومة المعدة في الأسبوع الأول باستخدام أحد أدوية مُثبطات مضخات البروتون بالإضافة إلى المضاد الحيوي أموكسيسيلين، متبوعةً بمثبطات مضخة البروتون والأموكسيسيلين والكلاريثروميسين والنيتروإيميدازول (Nitroimidazole) لمدة 7 أيام أُخرى.[11]

علاج جرثومة المعدة في المنزل

أشارت العديد من الدراسات إلى استخدام العلاجات البديلة للقضاء على جرثومة المعدة، كبعض المنتجات الطبيعية كالعسل، والعُكبر (Propolis) أو بعض الأطعمة كالثوم، والبروكلي، والشاي الأخضر، وعرق السوس (Liquorice)، إلا أنّ هذه الدراسات لم تظهر أي نتائج لقدرة العلاجات الطبيعية في القضاء على جرثومة المعدة بالكامل، ولكنّها قد تُستخدم جنبًا إلى جنب مع العلاجات الدوائية.[12]

كتابة: الصيدلانية مرام غرايبة - الخميس ، 16 تشرين الثاني 2023
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan
آخر تعديل - الخميس ، 16 تشرين الثاني 2023

المراجع

1.
de Brito BB, da Silva FAF, Soares AS, Pereira VA, Santos MLC, Sampaio MM, Neves PHM, de Melo FF. (2019). Pathogenesis and clinical management of Helicobacter pylori gastric infection. World J Gastroenterol. 2019 Oct 7;25(37):5578-5589. Retrieved from http://dx.doi.org/10.3748/wjg.v25.i37.5578
2.
Marshall B. (2008). Helicobacter pylori--a Nobel pursuit? Can J Gastroenterol. 2008 Nov;22(11):895-6. Retrieved from https://doi.org/10.1155%2F2008%2F459810
3.
FitzGerald R, Smith SM. (2021). An Overview of Helicobacter pylori Infection. Methods Mol Biol. 2021;2283:1-14. Retrieved from https://doi.org/10.1007/978-1-0716-1302-3_1

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري علاج جرثومة المعدة الحلزونية أونلاين عبر طبكان
احجز