الورم الإنسوليني: كيف ينشأ؟ وهل العلاج الجراحي هو الحل الوحيد للتخلص منه؟

الورم الإنسوليني أحد أنواع الأورام النادرة التي تنشأ في البنكرياس، والذي يتسبب في إفراز كمياتٍ مُفرطة من هرمون الإنسولين، إذ يُعد تشخيص وعلاج هذا الورم تحديًا للطاقم الطبي، نظرًا لتفاوت أعراضه، وصعوبة تشخيصه فضلًا عن ندرة الإصابة به، كما قد يكون هذا الورم خبيثًا أو حميدًا، ويُعدّ انخفاض مستويات السكر المفرط من أهم أعراضه، وعادةً ما تُعالج حالات ورم الإنسولين جراحيًا لتقليل فرط إفراز الإنسولين.

الورم الإنسوليني هو نوعٌ نادر من الأورام السرطانية، ذو نسبة إصابةٍ منخفضة جدًا، إذ تتراوح ما بين 1-4 حالات لكل مليون شخص، ويُشكّل هذا الورم حوالي 1-2 بالمئة فقط من إجمالي حالات أورام البنكرياس، كما يظهر هذا الورم لدى الذكور والإناث بنِسَب متساوية، ويبلغ متوسط عمر المرضى المصابين به 50 عامًا، وفي معظم الحالات، تكون الأورام الحميدة منه هي الشائعة بين أنواع الورم الإنسوليني، كما يُسبب انخفاض مستويات السكر في الدم لدى المرضى المصابين به؛ جرّاء إفراز كميات كبيرة من هرمون الإنسولين، وعادةً ما تُعالج حالات الورم الإنسوليني بالجراحة، إذ يُجرى استئصال الورم جراحيًا لتقليل فرط إفراز الإنسولين.[1][2]

ما هو الورم الإنسوليني؟

الورم الإنسوليني (Insulinoma) هو نوع نادر من أورام البنكرياس، يتسبب في إفراز كميات زائدة من الإنسولين، لذا يُعد السبب الأكثر شيوعًا لحدوث انخفاض مستوى السكر في الدم (Hypoglycemia)، نتيجةً لفرط إفراز الإنسولين داخليًا (Endogenous Hyperinsulinism)،[1] وتشكل الأورام الإنسولينية الحميدة ما يصل إلى 90-95 بالمئة من الحالات، وعادةً يمكن علاجها واستعادة وظيفة البنكرياس بالكامل باستئصالها جراحيًا.[3]

أسباب الورم الإنسوليني

لا تزال مُسببات الورم الإنسوليني غير مفهومة جيدًا، ففي الجسم السليم يُفرز البنكرياس الإنسولين استجابةً لارتفاع السكر في الدم، كما ينخفض إنتاجه عندما يقل مستوى السكر في الدم، ولكن حال الورم الإنسوليني يُفرَز الإنسولين من خلايا بيتا في البنكرياس بصرف النظر عن مستوى السكر في الدم، وهذا ما يُفسر حالة انخفاض سكر الدم لدى مرضى الورم الإنسوليني.[4]

كما تجدر الإشارة إلى أنّ بعض حالات الورم الإنسوليني قد ترتبط بالمرض الوراثي المُسمى بالورم الصماوي المتعدد من النوع الأول (Multiple endocrine neoplasia type 1)، إذ تُشير التقارير المُتاحة إلى أنّ 5 بالمئة من حالات الورم الإنسوليني تنجُم عن هذا المرض الوراثي.[3]

أعراض الورم الإنسوليني

تنجُم أعراض ورم البنكرياس الإنسوليني عن انخفاض مستوى السكر في الدم،[2] وعلى الرغم من الاعتقاد السابق بأن أعراض انخفاض السكر في الدم تتجلى واضحةً بعد الصيام لعدة ساعات أو بعد ممارسة التمارين الرياضية، فقد أصبح معروفًا الآن أن أعراض انخفاض السكر في الدم لدى مرضى الورم الإنسوليني قد تظهر أيضًا بعد تناول الطعام،[1] وتتضمن أعراض انخفاض سكر الدم:[1][2]

  • التعرُّق.
  • الرعشة.
  • خفقان في القلب.
  • الشعور بالتعب.
  • الشعور بجوعٍ شديد.
  • الصداع.
  • الارتباك.
  • التغيرات السلوكية والشخصية.
  • اضطرابات في الرؤية.
  • عدم القدرة على الوقوف بثبات.
  • فقدان الوعي.
  • النوبات التشنجية.
  • الغيبوبة.

تشخيص الورم الإنسوليني

يُشكل تشخيص الورم الإنسوليني تحديًا للطاقم الطبي، إذ يُجرى أثناء ظهور أعراض انخفاض سكر الدم مع ضرورة أن يكون المريض صائمًا لعدة ساعات، لذا في أغلب الحالات يُدخل المريض إلى المستشفى؛[2] لإجراء فحوصاتٍ معينة أثناء صيام المريض لمدة 48 ساعة، إذ يخضع المريض للمراقبة أثناء صيامه، كما تُجرى عدة فحوصات أهمها فحص تركيز الإنسولين، وفحص طليعة الإنسولين (Proinsulin)، وبناءً على نتائج الفحوصات يُشخَّص الورم الإنسوليني.[5]

ومن الفحوصات المخبرية الأُخرى التي تُسهم في تشخيص الورم الإنسوليني:[5][6]

بعد تأكيد الفحوصات المخبرية بوجود الورم الإنسوليني لا بُد من تحديد موقعة بدقة،[2] وذلك من خلال إجراء مجموعة من الفحوصات التشخيصية:[3][6]

  • التصوير المقطعي المحوسب (CT scan).
  • تصوير الأوعية الدموية، تحديدًا الشرايين (Arteriography).
  • التصوير بالرنين المغناطيسي (Magnetic resonance imaging).
  • التصوير التنظيري بالموجات فوق الصوتية (Endoscopic ultrasonography).
  • التصوير النووي (Nuclear medicine).

علاج الورم الإنسوليني

تُعد الجراحة من أفضل الخيارات العلاجية المُتاحة لعلاج الورم الإنسوليني الحميد أو حتى الحالات المُتقدمة من المرض، ويُحدد الجرّاح المُختص التقنية الجراحية لاستئصال الورم،[4] ويمكن تقسيم علاج الورم الإنسوليني بحسب نوعه.

علاج الورم الإنسوليني الحميد

تُعد الجراحة الخيار العلاجي الأمثل لغالبية المرضى الذين يُعانون من الورم الإنسوليني الحميد، ويتفاوت نوع وطريقة الإجراء الجراحي وِفقًا لعدة عوامل تتضمن؛ حجم الورم، وموقعه، ونوعه، فعلى سبيل المثال يُستخدم المنظار الجراحي (Laparoscopic resection) لاستئصال الورم في حالة الأورام الحميدة صغيرة الحجم والتي تقع في جسم أو ذيل البنكرياس، أما الاستئصال الكلي (قطع جذري للورم) (Radical resection) فيُجرى لإزالة الأورام التي يزيد حجمها عن 4 سنتيميترات، والتي تخترق الأنسجة المحيطة بها كونها غير محاطة بغشاء يفصلها عن ما حولها، بالإضافة إلى وجودها في مناطق متعددة في البنكرياس.[1]

يتجه الطبيب إلى استخدام العلاجات الدوائية قبل اللجوء إلى الجراحة، بهدف السيطرة على انخفاض مستوى سكر الدم والحفاظ على توازنه الطبيعي، ويُعد هذا الخيار مهمًا للمرضى الذين لا يمكن إجراء جراحة لهم، أو لأولئك الذين لم يستجيبوا للعلاج الجراحي، أو في حالة وجود عدة أورام إنسولينية،[1] وتشمل الخيارات الدوائية المتاحة:[3][4]

  • ديازوكسيد (Diazoxide): ينتمي الديازوكسيد إلى عائلة الأدوية المُدرة للبول، ويساعد هذا الدواء على تقليل إفراز الإنسولين، وزيادة عمليات تحلل الغلايكوجين (Glycogenolysis) لإنتاج الغلوكوز.
  • أوكتريوتيد (Octreotide): يُعد دواء أوكتريوتيد أحد نظائر السوماتوستاتين (Somatostatin analog)، والذي يُستخدم لمنع انخفاض سكر الدم، وهو خيارٌ علاجيٌ فعّال في حال عدم استجابة المرضى للعلاج بالديازوكسيد.

علاج الورم الإنسوليني الخبيث

يُعد الورم الإنسوليني خبيثًا في حال غزوه للأنسجة المُحيطة به، أو وصول الورم إلى العُقد الليمفاوية أو الكبد،[6] يبدأ علاج الورم الإنسوليني الخبيث باستعادة مستوى السكر في الدم، وذلك من خلال النظام الغذائي الذي يرتكز على تزويد المريض بأطعمة غنية بالسُكريات البسيطة والمُعقدة، أو استخدام التغذية المعوية الليلية إذا لزم الأمر.[7]

كما توصف بعض العلاجات الدوائية لتقليل إفراز الإنسولين:[3][7]

  • ديازوكسيد.
  • أوكتريوتيد.
  • ايفيروليموس (Everolimus).
  • الكورتيكوستيرويدات الفموية (Corticosteroid)، مثل البريدنيزون (Prednisone)، والديكساميثازون (Dexamethasone).

يُنصح بالجراحة كخيارٍ علاجي للورم الإنسوليني الخبيث في حال كان في مرحلة متقدمة، أو إذا انتشر إلى أعضاءٍ أُخرى في الجسم، على أن تكون حدوده واضحة ومميزة بما يُمكّن من استئصالها، كما تُعد الجراحة العلاج الوحيد القادر على شفاء حالات ورم الإنسولين الخبيث التي شُخصت في مرحلة متقدمة،[7] ومن التقنيات الجراحية المُستخدمة لاستئصال الورم، الاستئصال بالتردد الراديوي (Radiofrequency ablation).[1]

أما العلاج الكيميائي فتتوافر عدة خيارات دوائية:[3][5]

  • ستربتوزوتوسين (Streptozocin).
  • فلورويوراسيل (5-Fluorouracil).
  • دوكسوروبيسين (Doxorubicin).
  • داكاربازين (Dacarbazine).
  • تيموزولاميد (Temozolomide).
  • العلاج المُوجه الجزيئي (Molecularly targeted therapy)، مثل دواء السونيتينيب (Sunitinib)، ودواء سورافينيب (Sorafenib)، ودواء البازوبانيب (Pazopanib).

تجدر الإشارة إلى أن بعض الأورام لدى العديد من المرضى الذين يعانون من ورمٍ سرطاني إنسوليني خبيث غير قابلة للاستئصال جراحيًا، وتكون العلاجات الدوائية محدودة في قدرتها على منع حدوث حالات انخفاض مستوى السكر في الدم، لذا تُستخدم أجهزة المراقبة المستمرة للغلوكوز (Continuous glucose monitoring) لرصد نوبات انخفاض سكر الدم قبل أن تظهر الأعراض العصبية لانخفاضه على المريض، لذا في حال إعطاء إنذار من جهاز مُراقبة السكر المستمر، لا بُد أن يستجيب المريض لذلك بتناول السكر (الغلوكوز) فمويًا على الفور.[1]

مضاعفات الورم الإنسوليني

تُشكل الأورام الإنسولينية الحميدة ما نسبته 90-95 بالمئة من حالات الورم الإنسوليني، لذا فإن أغلب الحالات قابلةٌ للشفاء بالكامل بعد استئصال الورم،[3] ولكن قد تظهر بعض المضاعفات المُحتملة للورم الإنسوليني:[4][8]

  • انخفاض سكر الدم باستمرار مما قد يؤثر في سير الأنشطة اليومية للمريض.
  • ضعف الإدراك العصبي الدائم.
  • انتشار الورم السرطاني لأعضاء الجسم المختلفة.
  • الإصابة بالسكري في حال استئصال البنكرياس بالكامل.
  • التهاب وتورم البنكرياس.
  • الموت.
كتابة: الصيدلانية مرام غرايبة - الأربعاء ، 28 شباط 2024
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan

المراجع

1.
Okabayashi T, Shima Y, Sumiyoshi T, Kozuki A, Ito S, Ogawa Y, Kobayashi M, Hanazaki K. (2013). Diagnosis and management of insulinoma. World J Gastroenterol. 2013 Feb 14;19(6):829-37. Retrieved from https://doi.org/10.3748%2Fwjg.v19.i6.829
3.
Zonera Ashraf Ali. (2022). Insulinoma. Retrieved from https://emedicine.medscape.com/article/283039-overview#a1

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري جراحة غدد صماء أونلاين عبر طبكان
احجز