الوارفارين: استخداماته والمحاذير الواجب مُراعاتها

يُعد الوارفارين من مُضادات التخثر الفموية التي تُستخدم على نطاقٍ واسع للوقاية من الجلطات ومُضاعفاتها، ولكن بالرغم من استخداماته العديدة فهو من الأدوية التي تُوصَف بإشراف الطبيب، نظرًا لتداخلاته الدوائية العديدة مع بعض الأدوية، والأدوية العُشبية، والنظام الغذائي.

اُكتِشَف دواء الوارفارين صدفةً عندما لاحظ مُربّو الأبقار نفوق أعدادٍ كبيرة منها في كندا وشمال الولايات المتحدة الأمريكية، وقد لُوحظ أنّ الأبقار تُعاني نزيفًا داخليًا مُسبّبًا وفاتها، الأمر الذي أثار اهتمام الأطباء البيطرين آن ذاك، ويرجع موت الأبقار إلى أنّها كانت تتغذّى على البرسيم الحلو المُلوث ببعض أنواع الفطريات المُنتجة لموادٍ كيميائية تُسبّب نزيفًا للماشية، وبعد عدّة سنوات وجهودٍ مُضنية استُخلصت المادة الكيميائية المسؤولة عن تَمَيُع الدم، وصُنٍّعت بطريقة تُمكّن استخدامها طبيًا كمُضادٍ للتخثّر، وهو ما يُعرف في الوقت الحالي بعقار الوارفارين.[1]

ما هو دواء الوارفارين؟

يُعد دواء الوارفارين (Warfarin) من مُضادات تخثُر الدم الفموية (Anticoagulants)، إذ أُجيز استخدامه في الولايات المتحدة عام 1961 ميلادية، ولا يزال يُستخدَم على نطاقٍ واسع مع أكثر من 30 مليون وصفة سنويًا، وتتضمّن آلية عمل الدواء منع تكوين عوامل أو مُعاملات تخثر الدم (مثل عامل تخثر الدم الثاني، والسابع، والتاسع، والعاشر) من خلال تثبيط الاختزال الإنزيمي لفيتامين K ليتحوّل إلى الشكل النشط المسؤول عن إنتاج هذه المُعاملات.[2]

دواعي استعمال الوارفارين

يُستخدَم دواء الوارفارين بغرض العلاج والوقاية من تخثر الأوردة العميقة (Venous Thrombosis)، والجلطات الرئوية (Pulmonary Embolism)، والمساهمة في الحد من مضاعفات الجلطات الدموية الناجمة عن الرجفان الأُذيني (Atrial Fibrillation)، أو استبدال أحد صمامات القلب، كما يلجأ الأطباء لصرف الوارفارين للوقاية من خطر الإصابة بالجلطات الدماغية التي تعقُب النوبة القلبية (احتشاء عضلة القلب).[3]

الأشكال الصيدلانية للوارفارين وطريقة الاستخدام

يتوفر عقار الوارفارين في الصيدليات كأقراص فموية بجرعاتٍ عديدة، تتراوح بين 1 ملليغرام إلى 10 ملليغرام،[4] ويمكن تناول الدواء مرة واحدة يوميًا في أي وقتٍ خلال اليوم، ولكن ينصح مقدمو الرعاية الصحية بتناوله في فترة ما بعد الظهيرة أو مساءً.[5]

أما الجرعة الدوائية المُحددة، فتتفاوت بين مريضٍ وآخر، وهذا ما يحدده الطبيب المُختص، إذ إنّ حساب الجرعة المُناسبة يعتمد على عوامل عديدة، مثل العمليات الأيضية للمريض، ونظامه الغذائي، كتناوله غذاءً غنيًا بفيتامين ك، والعوامل الوراثية، والحالة الصحية، ومدى التزام المريض بتناول الدواء وغيرها.[5]

الآثار الجانبية المُحتملة لاستخدام الوارفارين

يُعد النزيف من الأعراض الجانبية الأكثر شيوعًا لدواء الوارفارين، وتزداد احتماليته بارتفاع قراءة نسبة زمن البروثرومبين (ويُعرف أيضًا باسم النسبة المعيارية الدولية INR)، وتشمل أعراض النزيف؛ الرضوض، أو نزيف اللثة، أو ملاحظة تغيير لون البول للأحمر، أو البراز داكن اللون، أو تقيؤ الدم، ومن أخطر أنوع النزيف التي تستدعي مراجعة قسم الطوارئ النزيف الدماغي الذي تشمل أعراضه الصداع الشديد، ونزيف الجهاز الهضمي،[6] بالإضافة لذلك تشمل الأعراض الجانبية ارتفاع احتمالية الإصابة بتجلط الدم في حال كانت الجرعة العلاجية التي يتلقّاها المريض قليلة.[7]

كما قد يُسبّب دواء الوارفارين بعضًا من الأعراض الجانبية المُزعجة:[8]

  • الغازات.
  • ألم في البطن.
  • انتفاخ البطن.
  • تغيُر في مذاق الطعام.
  • تساقط الشعر.
  • الشعور بالبرد أو القُشعريرة.

وتجدر الإشارة لضرورة ملاحظة بعض الأعراض التي تستدعي تدخلًا طبيًا عاجلًا:[4][8]

  • الطفح الجلدي والحكة.
  • تورم الوجه، أو الحنجرة، أو اللسان، أو الشفتين، أو العيون.
  • بحة في الصوت.
  • الإحساس بألم أو ضغط في الصدر.
  • الحُمى.
  • الغثيان أو التقيؤ المُستمران، أو فقدان الرغبة بالأكل، أو الإصابة بالإسهال.
  • التعب الشديد.
  • اصفرار الجلد أو العيون.
  • ألم في الجهة اليُمنى العلوية من المعدة أو ألم شديد في البطن.
  • أعراض تشبه تلك المرافقة للإنفلونزا.

التداخلات الدوائية

يُعد الوارفارين من الأدوية ذات المؤشر العلاجي الضيق (Narrow Therapeutic Window)، بمعنى أن الفرق بين الجرعة العلاجية والجرعة السامة قليلٌ جدًا، ومن هنا تظهر خطورة ارتفاع مستويات الوارفارين في الدم سواءً بأخذ جرعة زائدة أو بسبب التداخلات الدوائية أو التداخلات الغذائية التي تُسبّب زيادة تركيز المادة الفعّالة في الجسم.[9]

وتجدر الإشارة لضرورة استشارة الطبيب أو الصيدلي قبل الشروع بأخذ أي دواء تزامنًا مع الوارفارين، إذ إنّ التداخلات الدوائية للوارفارين عديدة، ومن أشهر الأدوية التي تُسبّب أعراضًا جانبية خطيرة؛ كالنزيف مثلًا،[9] عند تناولها مع الوارفارين:[9]

  • مضادات تكدس الصفائح الدموية (Antiplatelet)، كالأسبرين، والكلوبيدوجريل (Clopidogrel).
  • بعض أنواع الأدوية الخافضة للكوليسترول، مثل الفايبرات (Fibrates).
  • مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (NSAID)، مثل البروفين.
  • بعض أنواع المُضادات الحيوية كمُضادات الفطريات، والبنسلين، ومجموعة أدوية السيفالوسبورينات (Cephalosporins) وغيرها.
  • بعض أنواع أدوية مضادات الاكتئاب، مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRI)، ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (Tricyclic Antidepressant).
  • الأدوية المُستخدمة لعلاج أمراض الغُدة الدرقية.

بالإضافة لذلك، قد يتعارض استخدام الوارفارين مع بعض الأعشاب المُستخدمة في الطب البديل:[10]

  • الشاي الأخضر.
  • البابونج.
  • عشبة سانت جون (St. John's wort).
  • التوت البريّ (Cranberry).
  • الجنكة بيلوبا (Ginkgo Bilbao).
  • فول الصويا وحليب الصويا.
  • الناردين الطبي (Valerian Officinalis).

ويُنصح عند البدء بتناول الوارفارين بعدم إجراء أي تغيير في النظام الغذائي الذي يتّبعه المريض قبل استشارة الطبيب، إذ إنّ بعض الأطعمة -خاصة التي تحتوي على فيتامين ك- تؤثر في فعاليّة الدواء؛ لِذ يجب تناول كميات مُعتدلة من بعض الأطعمة أو المُحافظة على الكمية التي يتناولها المريض خلال الأسبوع،[11] وتشمل الأطعمة التي قد تُغيّر من طريقة عمل الوارفرين:[11]

  • المايونيز وبعض الزيوت، مثل زيت الكانولا، وزيت الزيتون، وزيت الصويا.
  • البروكلي والملفوف الأخضر.
  • الخس، والسبانخ، والبقدونس، والجرجير، والثوم، والبصل الأخضر.
  • الكرنب الأجعد، وأوراق اللفت، وأوراق الخردل، وأوراق اللفت الأبيض.
  • مكملات زيت السمك.

موانع الاستخدام

من موانع استخدام الوارفارين:[4][5]

  • الحمل، باستثناء الحوامل اللاتي أجرين عملية تغيير صمامات القلب، أو حالات تسمُّم الحمل أو الحمل عالي الخطورة المُهدّد بالإجهاض.
  • الإصابة بأمراض الدم النزفية أو قابليّة الإصابة بالنزيف المُرافق لبعض المشكلات الصحيّة، مثل التهاب شغاف القلب البكتيري أو تمدُّد الأوعية الدمويّة في الدماغ.
  • الأمراض التي تُسبب النزيف، كتقرحات الجهاز الهضمي، أو النزيف من الجهاز التنفسي والجهاز البولي، أو الإصابة بتمدد الأوعية الدموية (Cerebral Aneurysm)، أو الأمراض والإصابات التي تؤدي إلى نزيف الدماغ أو النزيف داخل الجمجمة.
  • عدم الالتزام بجرعات ومواعيد الدواء المُحددة، وخاصة المرضى المُصابين بالخرف، أو الذُهان، أو مُدمني الكحول.
  • الإجراءات التشخيصية أو العلاجية، كالبزل القطني (Spinal puncture)، التي تزيد من احتمالية حدوث نزيف، أو إجراء جراحة تتضمّن أيّ من أجزاء الجهاز العصبي المركزي أو العين.
  • الحساسية من الوارفارين.
  • الإصابة بفرط ضغط الدم الخبيث (Malignant Hypertension).
كتابة: الصيدلانية مرام غرايبة - الثلاثاء ، 02 أيار 2023
آخر تعديل - الثلاثاء ، 02 أيار 2023

المراجع

1.
Wardrop, D. and Keeling, D. (2008). The story of the discovery of heparin and warfarin. British Journal of Haematology, 141: 757-763. Retrieved from https://doi.org/10.1111/j.1365-2141.2008.07119.x
2.
Bethesda (MD): National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases. (2012). LiverTox: Clinical and Research Information on Drug-Induced Liver Injury [Internet] . https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK548837/
3.
Dean L. In: Pratt VM, Scott SA, Pirmohamed M, et al., editors. Medical Genetics Summaries [Internet]. Bethesda (MD): National Center for Biotechnology Information (US). Warfarin Therapy and VKORC1 and CYP Genotype. 2012 Mar 8 [Updated 2018 Jun 11] . https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK84174/

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري قلب وشرايين أونلاين عبر طبكان
احجز