الناسور المثاني المهبلي: ما أبرز أسبابه؟ وكيف يمكن التخلص منه؟ وما أهم النصائح والتعليمات خلال فترة التعافي منه؟

يظهر الناسور المثاني المهبلي لدى بعض النساء لأسبابٍ مختلفة، كالخضوع لجراحة معيّنة في منطقة الحوض، أو المعاناة من عسر الولادة، وغالبًا ما يُصاحب هذه المشكلة تسريب البول من خلال المهبل، وعمومًا يعتمد الطبيب في تحديده للخطّة العلاجيّة الملائمة لحالات الناسور المثاني المهبلي على عوامل عِدة، أهمّها موقع الناسور، وحجمه، والمضاعفات المُصاحبة له.

تُقدّر الإحصائيات أنّ حوالي 50- 100 ألف امرأة حول العالم تعاني من مشكلة الناسور المهبلي في كل سنة، وفي الحقيقة يُعدّ الناسور المهبلي واحدًا من المشكلات الشائعة في الدول النامية، بالأخص في الدول التي تقع في النصف الشمالي من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى،[1] وفي هذا السياق يُذكر بأنّ الناسور المهبلي يضمّ أنواعًا مختلفة من المشكلات، أبرزها الناسور المستقيمي المهبليّ (Rectovaginal fistula)، والناسور المثاني المهبليّ (Vesicovaginal fistula).[2]

ما هو الناسور المثاني المهبلي؟

الناسور المثاني المهبلي، هو عبارة عن فتحة أو قناة غير طبيعيّة تظهر بين المثانة والمهبل، والتي تُسفر عن حدوث تسريب متواصل للبول إلى المهبل لا إراديًّا، ويُعدّ الناسور المثاني المهبلي أحد مضاعفات الإجراءات الطبيّة المتعلقة بطب النسائيّة والتوليد، والتي ينعكس أثرها سلبًا على الصحة النفسيّة والجسديّة للمرأة، وتجدر الإشارة إلى كون مشكلة الناسور المثاني المهبليّ من المشكلات التي لم ينحصر ظهورها في العصر الحديث فحسب، إذ تُشير التوقّعات إلى أنّها عُرفت منذ آلاف السنين بين أطباء مصر القديمة.[3][4]

أعراض الناسور المثاني المهبلي

تختلف شِدة أعراض الناسور المهبلي وموعد ظهورها من حالةٍ لأُخرى، وذلك بعد الخضوع لجراحة أو إجراءٍ طبي في منطقة الحوض،[5] و تتضمّن أعراض الناسور المهبلي المُتكوّن بين المهبل والمثانة:[4][5]

  • السلس البولي (Urinary incontinence)‏ المتواصل.
  • تسرّب البول من خلال المهبل.
  • زيادة كمية الإفرازات المهبليّة.
  • تكرار حدوث التهاب المثانة (Cystitis)، أو التهاب الحويضة والكلية (Pyelonephritis)‏.
  • اضطراب في تدفق البول أثناء التبوّل.
  • ظهور مشكلة البول الدموي (Hematuria).
  • زيادة شِدّة ألم الخاصرة أو الحوض أو البطن بعد العمليّة.
  • الإصابة بالحمى.
  • عدم قدرة الأمعاء على أدائها لوظيفتها بعد الخضوع للجراحة فترةً أطول، وعادةً ما تكون هذه الجراحة في منطقة البطن.

تجدر الإشارة إلى أنّ ظهور مشكلة الناسور المهبلي خلال الولادة قد يجعل المرأة عُرضةً للإصابة باضطرابات في الصحة العقلية، والاكتئاب، وتدني احترام الذات، وتراجع جودة الحياة، ويعود ذلك غالبًا لما قد تواجهه النساء اللواتي يعانين من أعراض الناسور المهبلي من عُزلةٍ ونفور من قِبل الآخرين بسبب ما يعانينه من مشكلة تسرب البول أو البراز من المهبل.[6]

أسباب الناسور المثاني المهبلي

تُصنّف أسباب الناسور المهبلي المتكوّن بين المهبل والمثانة إلى نوعين، إذ يتعلق النوع الأول بالأسباب التكوينية التي تظهر منذ الولادة، بينما يتعلّق النوع الثاني بالعوامل المُكتسبة من البيئة المحيطة:[3][7]

  • الأسباب التكوينية (Congenital)، وهي من أسباب حدوث الناسور المثاني المهبلي النادرة جدًّا، والتي عادةً ما يُصاحبها وجود تشوّهاتٍ أُخرى في الجهاز البولي التناسلي.
  • الأسباب المُكتسبة (Acquired)، والتي تتضمّن مجموعة من الأسباب المختلفة:
  • عسر الولادة (Obstructed labor)، والذي يمثّل أحد أكثر أسباب حدوث الناسور المثاني المهبلي شيوعًا.
  • إصابات المثانة التي تحدث أثناء الخضوع لجراحات في منطقة الحوض، كجراحة استئصال الرحم (Hysterectomy) عن طريق البطن.
  • الأورام الخبيثة المتقدّمة، مثل سرطان بطانة الرحم (Endometrial carcinoma)، وسرطان عنق الرحم، وسرطان المهبل.
  • العلاج الإشعاعي، وغالبًا ما يظهر الناسور بعد سنواتٍ عِدة من التعرّض للإشعاع، ويُعدّ علاج الناسور المثاني المهبلي الناجم عن الإشعاع تحديًا كبيرًا بالنسبة للأطباء، وقد يعود ذلك إلى ارتفاع معدلات فشل إصلاح الناسور بعد الجراحة لعدم توفر أوعية دمويّة كافية في النسيج الذي تعرّض سابقًا للعلاج الإشعاعي.
  • الإجراءات الطبيّة المُتّبعة في حالات الإصابة بمشكلات المسالك البوليّة أو الاضطرابات النسائية.
  • الخضوع لجراحة خلف الصفاق (Retroperitoneal)، أو جراحة الأوعية (Vascular surgery).
  • الأمراض المُعدية والالتهابات.
  • وجود أجسام غريبة، كإهمال وجود الفرزجة المهبلية (Pessaries) في داخل المهبل.
  • الإصابات التي تحدث أثناء الجماع، أو تِلك الإصابات الخارجيّة الناجمة عن العنف.
  • تعرّض منطقة المهبل للعلاج بالليزر.
  • إصابات المثانة أثناء الولادة القيصرية.

عوامل خطورة الإصابة بالناسور المثاني المهبلي

تزداد خطورة الإصابة بالناسور المثاني المهبلي بتأثير عوامل معيّنة:[5][6]

  • الفقر والعيش في المناطق الريفيّة، وتراجع مستوى الحالة الاجتماعيّة.
  • سوء التغذية.
  • قصر القامة.
  • تدنّي المستوى التعليميّ.
  • التمييز بين الجنسين في الحقوق ما يؤثّر في حق المرأة في الحصول على الرعاية الطبيّة اللازمة.
  • عدم التمكّن من الوصول إلى وسائل تنظيم الحمل.
  • الزواج والإنجاب المبكر، إذ غالبًا ما يؤثر الناسور المثاني المهبلي في النساء الأصغر سنًّا.
  • عدم توفّر الرعاية الكافية أثناء الحمل والولادة.

ثمّة مجموعة من العوامل التي قد تزيد من احتماليّة حدوث الناسور المهبلي بعد الخضوع للجراحة:[3]

  • العدوى.
  • نقص التروية (Ischemia).
  • تصلب الشرايين (Arteriosclerosis)‏.
  • الخضوع لجراحة الرحم سابقًا.
  • الأورام العضلية في الرحم (Uterine myomata).
  • تلقّي علاجات السرطان.
  • مرض السكري.

تصنيف الناسور المثاني المهبلي

يُعرف الناسور صغير الحجم الذي لا يتجاوز قطره 0.5 سم باسم الناسور البسيط (Simple fistulas)، أمّا الناسور المعقّد (Complex fistulas)، فهو ذلك الناسور المهبليّ كبير الحجم الذي يتجاوز قطره 2.5 سم، وغالبًا ما ينجم عن الإصابة بأمراض مزمنة أو التعرّض للعلاج الإشعاعيّ، وقد يُطلق على الناسور الذي فشلت محاولات إصلاحه أيضًا اسم الناسور المُعقّد.[3]

كما يمكن تصنيف الناسور المثاني المهبلي بالاعتماد على عوامل عدّة:[8]

  • موقع الناسور أثناء تنظير المثانة (Cystoscopy)، فيُصنّف إلى ناسور علوي، وناسور سُفلي، وناسور ثلاثي الزوايا.
  • سبب ظهور الناسور، فيُصنّف إلى ناسور مثاني مهبليّ مكتسب، وناسور مثاني مهبلي تكويني، كما قد يكون الناسور المثاني المهبلي المكتسب حميدًا، أو خبيثًا، أو التهابيّ، أو رضّي، أو ناجم عن عدوى، أو ناجم عن أسبابٍ أُخرى.
  • نتيجة الفحص الطبي السريري، فيُصنّف إلى ناسور متعلق بالمثانة وعنق الرحم (Vesicocervical)، وناسور مجاور لعنق الرحم (Juxtacervical)، وناسور في منتصف المهبل، وناسور تحت الإحليل (Suburethral)، وناسور إحليلي مهبلي (Urethro-vaginal).

علاج الناسور المثاني المهبلي

تستدعي الغالبيّة العظمى من حالات الناسور المثاني المهبليّ الخضوع للعلاج الجراحي، غير أنّ بعض الحالات يمكن السيطرة عليها بنجاح بواسطة العلاج التحفظي (Conservative management).[9]

العلاج التحفظي لحالات الناسور المثاني المهبلي

قد تُفيد المعالجة التحفظيّة في حالات ظهور الناسور المثاني المهبلي صغير الحجم الذي يُكشف عن وجوده في مراحل مبكّرة، ولا يكون مصحوبًا بظهور أيّة مضاعفات،[7][9] وقد تتضمّن المعالجة التحفظيّة استخدام وسائل مختلفة:[7][9]

  • تركيب القسطرة الإحليليّة (Urethral catheter) لمدّة تتراوح بين 14 يومًا إلى شهرين، بالإضافة إلى إعطاء المريضة مضادات الكولين (Anticholinergic) والمضادات الحيويّة الفمويّة، إذ قد تساعد هذه الطريقة في بعض الأحيان على سدّ الناسور المثاني المهبليّ تلقائيًّا دون تدخّلٍ جراحي.
  • استخدام التخثير الكهربي (Electrocoagulation) للطبقة المخاطيّة مع تركيب القسطرة الإحليليّة لمدة تتراوح بين 2-4 أسابيع في حالات تشخيص الناسور المثاني المهبليّ صغير الحجم في مرحلة متأخرة.
  • استخدام لاصق الفبرين (Fibrin sealant) – مادة ذات قوام هلامي شبيه بالجل- كوسيلة إضافيّة لعلاج الناسور المثاني المهبليّ بعد اعتماد التخثير الكهربيّ وتركيب القسطرة ضمن خطّة العلاج التحفظي.

العلاج الجراحي لحالات الناسور المثاني المهبلي

قد تفشل طُرق العلاج التحفظي في علاج الناسور المثاني المهبليّ، لتستدعي الحالة عنئذٍ اللجوء للجراحة، وفي هذا السياق يُذكر بأنّ اختيار طريقة إصلاح الناسور المثاني المهبليّ جراحيًّا يعتمد كليًّا على خبرة الجرّاح، وموقع الناسور، وحجمه، كذلك فهو يعتمد على تفضيل المريض لطبيعة الجراحة المُعتمدة، وفي جميع الأحوال يمثّل الإصلاح الجراحي الطريقة الأساسيّة المُتّبعة لإصلاح الناسور المثاني المهبليّ، والتي قد تُحقّق نتائج جيّدة بصرف النظر عن تقنية الجراحة المُستخدمة في إصلاح الناسور.[7][9]

في الحقيقة غالبًا ما يعتمد وقت إجراء الجراحة بعد تشخيص الإصابة بالناسور المثاني المهبلي على حالة النسيج المحيط بالناسور، فقد يتخذ الطبيب قراره بشأن إجراء العمليّة على النسيج السليم مبكرًا ودون تأخير في حالة غياب العدوى أو النواسير التي لم يتسبب بظهورها الخضوع للعلاج الإشعاعي، بينما يؤجل الطبيب الجراحة في معظم الحالات لمدّة تتراوح بين 2-3 أشهر مع تركيب القسطرة بانتظار تعافي الالتهاب، أو العدوى، أو الوذمة، أو التنخر (Necrosis)، وهو الأسلوب المُتّبع في الوقت الراهن.[7][9]

عمومًا قد يُجري الطبيب الجراحة بإحدى طريقتين:[9]

  • الجراحة عبر المهبل (Transvaginally)، إذ يعتمد مُعظم أطباء النسائية هذه الطريقة كونها مريحة أكثر مقارنةً بالطرق الجراحيّة الأُخرى، وغالبًا ما تُستخدم لعلاج الناسور المثاني المهبليّ البسيط، ولكنّها قد تكون خيارًا مطروحًا أيضًا لعلاج بعض حالات الناسور المثاني المهبلي المعقّد.
  • الجراحة عبر البطن (Transabdominal)، والتي يعتمدها معظم أطباء المسالك البوليّة، وقد تُستخدم هذه الطريقة لإصلاح الناسور المعقّد.

مضاعفات جراحة الناسور المثاني المهبلي

قد يترتّب على جراحة الناسور المثاني المهبلي ظهور مضاعفاتٍ مختلفة:[3][5]

  • الحاجة المُلحّة للتبول وتكراره خلال فترة الجراحة وما بعدها.
  • تكرار ظهور الناسور المهبليّ، والذي قد يُمثّل مشكلة فعليّة لدى 30% من حالات الناسور المثاني المهبلي بعد الإصلاح الجراحي، وتزداد احتماليّة تكرار ظهور الناسور المهبلي بعد العلاج في حالاتٍ مختلفة، كحالات علاج نواسير متعدّدة، أو ناسور كبير الحجم، أو ناسور معقّد يؤثر في عنق المثانة أو في الإحليل، أو في حالات الإصابة بعدوى المسالك البوليّة.
  • سلس البول الإجهادي (Stress urinary incontinence)، وهو من المضاعفات طويلة الأمد لإصلاح الناسور المثاني المهبليّ، وغالبًا ما يحدث في حال تضرّر العضلة العاصرة (Sphincter)، ويُشار إلى أنّ استخدام "الترقيع الدهني العضلي الشفوي" (Labial musculo-fat graft) أثناء الإصلاح الأَولي للمهبل قد يُفيد في تقليل احتماليّة ظهور هذه المشكلة كإحدى المضاعفات.

فترة التعافي والرعاية بعد جراحة الناسور المثاني المهبلي

تتّبع المرأة ومسؤولي الرعاية الصحيّة مجموعة من الطرق للعناية بموضع العملية بعد الجراحة لضمان تحقيق النتائج المُثلى من العلاج:[3][7]

  • الاستمرار باستخدام قسطرة الإحليل لتصريف المثانة لمدة لا تقل عن 2-3 أسابيع بعد الإصلاح الجراحي، مع ضرورة التأكد من عدم انسداد القسطرة.
  • وضع سدادة قطنية معقمة (Antiseptic tampon) في المهبل لمدّة يوم بعد الجراحة.
  • الحِفاظ على تزويد الجسم بكمياتٍ جيّدة من السوائل وضمان تخلّصه منها إلى حين الوصول لمرحلة عدم ظهور الدم مع البول.
  • تصوير المثانة (Cystography) قبل إزالة القسطرة في حالة وجود أي شكوك تتعلق بسلامة الإصلاح الجراحي، ويُوصى بمواصلة استخدام القسطرة لمدّة أطول عند استمرار التسريب عبر الناسور، ولكن غالبًا ما يعني استمرار التسريب بعد مضيّ 6 أسابيع على الجراحة وفق تصوير المثانة ضرورة إعادة العمليّة وإصلاح الناسور.
  • استخدام الأدوية المضادة للكولين (Anticholinergic drugs) في حالات تشنّج المثانة، إذ قد يؤثر تشنّج المثانة في الالتئام والتعافي.
  • استخدام المضادات الحيويّة بعد الجراحة.
  • استخدام الإستروجين (Oestrogen) الموضعيّ للمساعدة على الالتئام، بالأخص في حال كانت المرأة في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث.
  • تجنب الجماع لمدّة 3 أشهر تقريبًا بعد الجراحة.
  • الحرص على تجفيف مكان العمليّة والحرص على عدم تعرّضه للعدوى.
كتابة: الصيدلانية بيان ربيع - الخميس ، 07 كانون الأول 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب

المراجع

1.
Rundasa, D.N., Wolde, T.F., Ayana, K.B. et al. (2021). Awareness of obstetric fistula and associated factors among women in reproductive age group attending public hospitals in southwest Ethiopia, 2021. Reprod Health 18, 183. Retrieved from https://doi.org/10.1186/s12978-021-01228-2
2.
Tsega Dejen M, Assebe Yadeta T, Gedefaw Azeze G, Demis Bizuneh A, Tiruye G, Semahegn A. (2022). Knowledge of obstetric fistula and its associated factors among women of reproductive age in Northwestern Ethiopia: a community-based cross-sectional study. BMC Womens Health. 2022 Nov 23;22(1):467. Retrieved from https://doi.org/10.1186%2Fs12905-022-02001-8
3.
Stamatakos M, Sargedi C, Stasinou T, Kontzoglou K. (2014). Vesicovaginal fistula: diagnosis and management. Indian J Surg. 2014 Apr;76(2):131-6. Retrieved from https://doi.org/10.1007%2Fs12262-012-0787-y

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري الجراحة النسائية أونلاين عبر طبكان
احجز