الغدد الصماء: هرموناتها وظائفها واختلالاتها

تتمثل وظيفة الغدد الصماء في إنتاج هرمونات متنوّعة تسيطر على وظائف عديدة في الجسم، إذْ يضمّ الجسم أنواعًا مختلفة من الغدد الصماء، كالغدة النخاميّة، والغدّة الدرقيّة، والغدة الكظرية، وغيرها، وقد يسفر عن حدوث خلل في الهرمونات التي تفرزها أي من هذه الغدد ظهور اضطرابات مختلفة، كالسكري، ومرض أديسون، وأمراض أُخرى قد يصعب تجنّب الإصابة بها، ولكنّ اتباع نظام حياة صحّي يفيد أحيانًا في تقليل خطورة حدوثها. 

يحتوي جسم الإنسان على عددٍ من الغدد متفاوتة الحجم وتتوزّع في أجزائه المختلفة، مهمّتها إنتاج مواد تساهم في تحقيق وظائف معيّنة، إذ يُفرز نوع من الغدد سوائل بتراكيب مختلفة (عرق، أو لعاب، أو دمع، أو حليب) تنتقل إلى خارج الجسم عبر قنوات مُخصّصة لذلك، ويُطلَق على هذه الغدد اسم الغدد خارجية الإفراز (Exocrine glands)، بينما تمثّل الغدد الصمّاء النوع الآخر من الغدد، لإذ تطرح مواد كيميائيّة (الهرمونات) داخل الجسم خلال مجرى الدم.[1][2]

ما هي الغدد الصماء؟

تُعرَف الغدد الصماء (Endocrine glands) بأنها الغدد المسؤولة عن إنتاج الهرمونات وتحريرها في مجرى الدم مباشرةً، أي إنّ وظيفة الغدد الصماء تكمُن في إنتاج أنواع مختلفة من الهرمونات التي تساهم في السيطرة على عددٍ من المهام الأساسيّة في داخل الجسم، كالأيض، والنمو، والتطوّر، والتكاثر، والحركة، والمزاج وغيرها، لهذا السبب قد يتسبّب حدوث خلل في إحدى الغدد الصمّاء بزيادة أو نقص إنتاج هرموناتها عن المستوى الطبيعي بظهور أعراض ومضاعفات مختلفة.[1][3]

الغدد الصماء والهرمونات التي تفرزها

يضمّ الجسم أنواعًا مختلفة من الغدد الصماء التي تنتج كلًّ منها هرمونات معيّنة تؤدي وظائف أساسيّة في الجسم،[4] من أنواع الغدد الصماء:

الغدة النخامية‏

تقع الغدة النخاميّة (Pituitary gland) أسفل الدماغ مباشرة،[3] وهي الغدّة التي تفرز هرمونات تؤثر في نموّ الجسم والقدرة على التكاثر، بالإضافة إلى دورها في تحفيز الغدد الأُخرى وحثّها على إنتاج هرمونات معيّنة بناءً على التعليمات التي تصِلها من الدماغ، لذا يُطلَق عليها اسم الغدة الصماء الرئيسية،[5][6] ومن هرمونات الغدة النخامية هرمون النمو (Growth hormone)، الذي يحفّز نموّ الأنسجة المختلفة في الجسم، بما في ذلك أنسجة العظام،[7] إلى جانب هرمونات أُخرى:[5][6]

  • هرمون البرولاكتين (Prolactin)، الذي يحفّز إنتاج الحليب في الثدي لدى الأم المُرضع.
  • الهرمون المانع لإدرار البول (Antidiuretic hormone)، أو ما يُعرَف باسم الفازوبريسين (Vasopressin)، فهو يؤثر في عمل الكليتين ليساهم في السيطرة على توازن السوائل في الجسم، إلى جانب دوره في التحكّم بضغط الدم.
  • الهرمون المُوجّه لقشر الكظرية (Adrenocorticotropic hormone)، إذ يحفّز الغدة الكظريّة على إنتاج هرمونات معيّنة.
  • هرمون منبّه الدرقية (Thyroid-stimulating hormone)، وهو الهرمون الذي يُحفّز إنتاج وإفراز هرمونات الغدّة الدرقيّة.
  • الأوكسيتوسين (Oxytocin)، يحفّز ضخ الحليب في الثدي أثناء الرضاعة، وتسهيل الولادة الطبيعيّة، بالإضافة إلى دوره في تكوين الرابطة النفسيّة بين الأم وطفلها.
  • الهرمون المُنشط للجسم الأصفر (Luteinizing hormone)، يسيطر هذا الهرمون على مستويات الإستروجين والتستوستيرون في الجسم، وعلى عمليّة الإباضة.
  • الهرمون المُنشّط للحوصلة (Follicle-stimulating hormone)‏، وهو الهرمون الذي يسيطر على إنتاج البويضات لدى الإناث، والحيوانات المنويّة لدى الذكور.

الغدة تحت المهاد

توجد الغدّة تحت المهاد (Hypothalamus) في قاعدة الدماغ أعلى الغدة النخامية، وهي الغدّة التي تربط جهاز الغدد الصماء بالجهاز العصبي، فهي تستقبل الإشارات من مختلف أنحاء الجسم عبر الدماغ، ثم تفرز هرمونات للتحكم في عمل الغدة النخامية، التي بدورها تفرز هرمونات للسيطرة على عمل الغدد الصماء الأُخرى، بالإضافة إلى ذلك تساهم الهرمونات التي تفرزها تحت المهاد في تنظيم الرغبة في تناول الطعام، ودرجة حرارة الجسم، والمزاج، والعطش، والنوم، والرغبة الجنسيّة، ومن هرمونات الغدة تحت المهاد: هرمون مطلق لهرمون النمو (Growth hormone releasing hormone)، وهرمون مطلق لموجهة الغدد التناسلية (Gonadotropin-releasing hormone)، والهرمون المطلِق لمنشط الدرقية (Thyrotrophin-releasing hormone)‏، والهرمون المُطلق لموجهة القشرة (Corticotrophin releasing hormone).[3][4]

الغدة الدرقية

الغدة الدرقية (Thyroid gland)، هي الغدة صغيرة الحجم الواقعة في الجزء الأمامي من العنق، تحيط بالقصبة الهوائيّة، ومهمّتها إفراز هرمون الثيروكسين (Thyroxine)، وثلاثي يود الثيرونين (Tri-iodothyronine)، والكالسيتونين (Calcitonin)، وتساهم هرمونات الدرقيّة في السيطرة على العديد من وظائف الجسم، من أهمها التحكّم في عمليات الأيض، بالإضافة إلى دورها في نموّ العظام، وتطوّر الدماغ لدى الأطفال والرضّع، وتدفق الدم في الجسم، وسرعة نبضات القلب، وكيفيّة استخدام الخلايا للأكسجين، ومستويات الطاقة.[4][6]

الغدد جارات الدرقية

تقع الغدد جارات الدرقية (Parathyroid gland) الأربعة في الجزء الخلفي من الغدة الدرقية الموجودة في منطقة العنق، وتكمن مَهمّة هذه الغدد في إنتاج الهرمون جار الدرقي (Parathyroid hormone) الذي يُحوّل فيتامين د إلى الشكل النّشِط في الكليتين، والتحكّم بمستويات الكالسيوم والفسفور في الجسم.[3]

الغدة الكظرية أو الغدة فوق الكلوية

تتكوّن الغدد الكظريّة (Adrenal gland) الواقعة فوق الكليتين من جزء داخلي يُعرف باسم لُب الغدة الكظريّة (Adrenal medulla)، وهو الجزء الذي ينتج الأدرينالين (Adrenaline)، الذي يساهم في زيادة سرعة نبضات القلب ورفع ضغط الدم في حالة التعرّض للتوتر، أمّا الجزء الخارجي، فهو قشرة الكظريّة (Adrenal cortex)، ومهمّتها إنتاج الكورتيكوستيرويدات (Corticosteroids) التي تساهم في السيطرة على توازن الماء والأملاح في الجسم، واستجابة الجسم للتوتر، بالإضافة إلى دور هذه الهرمونات في التحكّم بالأيض، وعمل الجهاز المناعي، وتطور الخصائص الجنسيّة.[8]

الغدة الصنوبرية

توجد الغدّة الصنوبرية (Pineal gland)‏ في الدماغ، ومهمتها إنتاج هرمون الميلاتونين (Melatonin) الذي يلعب دورًا مهمًا في دورة النوم والاستيقاظ الطبيعيّة لدى الإنسان.[3]

الخصيتين

تُعد الخصيتين (Testes) من الغدد التناسليّة الموجودة في أجسام الذكور، وهي المسؤولة عن إنتاج الأندروجينات (Androgens) كالتستوستيرون (Testosterone) التي تساهم في ظهور تغيرات مرحلة البلوغ لدى الذكور، مثل زيادة خشونة الصوت، ونموّ الشعر في منطقة العانة والوجه، وزيادة الطول، بالإضافة إلى دورها في تحفيز إنتاج الحيوانات المنوية من الخصيتين.[8]

المبايض

تمثّل المبايض (Ovaries) الغدد التناسليّة التي تنتج هرموني البروجستيرون والإستروجين في جسم الأنثى، إذ تساعد هذه الهرمونات على ظهور تغيرات البلوغ لدى الإناث، مثل: تراكم الدهون في منطقة الأرداف والوركين، ونموّ الثدي، وتنظيم الدورة الشهريّة، كما وتلعب دورًا هامًّا في حدوث الحمل.[8]

البنكرياس

ينتج البنكرياس (Pancreas) الموجود خلف المعدة هرموني الإنسولين (Insulin) والغلوكاغون (Glucagon) اللذان يساهمان في تنظيم مستويات سكر الدم، إلى جانب أنّه العضو الذي يلعب دورًا مهمًّا في هضم الطعام.[9]

الغدة الزعترية

تقع الغدّة الزعتريّة (Thymus) في الجزء العلوي من الصدر، وتُنتِج هرمونات ضرورية لتطوّر نوع من خلايا الدم البيضاء التي تحارب العدوى وتدمّر الخلايا غير الطبيعيّة في الجسم، والتي يُطلَق عليها الخلايا التائية (T cell)‏، وفي الحقيقة، تُعدّ الغدة الزعترية من غدد الجسم الضرورية لتطوّر الجهاز المناعي لدى الأطفال، بينما تبدأ بعد البلوغ بالانكماش.[5][9]

مشكلات وأمراض الغدد الصماء

يُصاحب اختلال مستوى الهرمونات التي تفرزها الغدد الصماء ظهور عدد من المشكلات الصحيّة في الجسم، والتي تظهر أعراضها مختلفة بحسب نوع الهرمون المُتأثّر:[3][6]

  • مرض السكري (Diabetes): يتطوّر مرض السكري بسبب زيادة مقاومة الخلايا لهرمون الإنسولين، أو بسبب عدم إنتاج البنكرياس لكميات كافية من الإنسولين، والذي يُسفر عنه اضطراب في السيطرة على مستويات السكر في الدم.
  • فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism): يصاحب فرط نشاط الغدة الدرقيّة إنتاج كميّة كبيرة من هرمونات الغدة الدرقية لتتجاوز الحدود الطبيعية في الجسم، وهذا ما يُسفر عن ظهور أعراضٍ مختلفة على المصاب، كالشعور بالعصبيّة والإرهاق، وكثرة التعرّق، وفرط الشهيّة لتناول الطعام، وخسارة الوزن، وخفقان القلب، وغيرها.
  • متلازمة كوشينغ (Cushing syndrome): تظهر أعراض متلازمة كوشينغ على صورة استدارة في الوجه، ونحافة في الساقين والذراعين، وزيادة في وزن الجسم، وضعف في العضلات، وسهولة الإصابة بالكدمات، وغيرها من الأعراض المرتبطة بإنتاج كميّات كبيرة من هرمون الكورتيزول في الجسم، وهو الهرمون الذي تفرزه الغدّة الكظريّة استجابةً للتوتر.
  • مرض أديسون (Addison's disease)‏: يظهر على المصاب بمرض أديسون أعراض تختلف من شخصٍ لآخر، كخسارة الوزن، والشعور بالإرهاق، وانخفاض سكر الدم، والشعور بالغثيان أو الرغبة التقيؤ، وغيرها، ويعود سبب الإصابة بهذا المرض إلى عدم إنتاج كميات كافية من هرمون الكورتيزول أو الألدوستيرون (Aldosterone) من الغدة الكظرية.
  • اضطرابات أُخرى مرتبطة بجهاز الغدد الصماء: يصعُب حصر كافة الاضطرابات المتعلقة بجهاز الغدد الصماء، ولكن إلى جانب ما ذُكر سابقًا، توجد اضطرابات أُخرى قد ترتبط بهذا الجهاز، مثل: متلازمة تكيس المبايض (PCOS)، وقصور الغدد التناسلية (Hypogonadism)‏، وضخامة الأطراف (Acromegaly)، والعملقة (Gigantism)، والبلوغ المبكر (Precocious puberty)‏.

كيفية الحفاظ على سلامة الغدد الصماء

يمكن المحافظة على سلامة الغدد الصماء في الجسم بتغيير بعض العادات واتباع السلوكيات السليمة:[8][10]

  • الحرص على تناول الغذاء الصحّي والمتوازن.
  • ممارسة التمارين الرياضيّة بانتظام.
  • المحافظة على رشاقة الجسم، وبقاء الوزن ضمن المعدّل الطبيعي.
  • التأكد من احتواء وجبات الطعام على كميات كافية من عنصر اليود، والحصول على الاحتياج اليوميّ منه، فمن الممكن أن يساعد ذلك على تقليل احتمالية الإصابة بمشكلات الغدّة الدرقيّة.
  • تجنّب تناول بدائل الهرمونات دون استشارة الطبيب، ويشمل ذلك: الإنسولين، وأدوية منع الحمل، والهرمونات البديلة، بالإضافة إلى بعض العلاجات المُستخدَمة بعد انقطاع الطمث.
  • الحرص على أخذ المشورة الطبيّة قبل تناول المكمّلات الغذائيّة.
  • زيارة الطبيب بانتظام لإجراء فحوصات شاملة، وإخباره عن التاريخ العائلي المرضي للإصابة بمشكلات الغدد الصماء؛ كالسكري، واضطراب نشاط الغدة الدرقية.

أعراض ذات صلة بالغدد الصماء تستدعي مراجعة الطبيب

يجب الانتباه لأيّة تغيرات وأعراض تظهر على الجسم وعدم إهمالها، والمسارعة للتواصل مع الطبيب وحجز موعد لزيارته في أقرب فرصة ممكنة لمناقشة الأعراض والمشكلات الصحيّة،[1] ومن هذه الأعراض:[1][8]

  • ظهور أعراض خفقان القلب.
  • تغيّر في وزن الجسم دون مبرّر.
  • استمرار الشعور بالإرهاق والضعف الجسدي وتغيرات الشهيّة لتناول الطعام لمدّة أسبوعين على الأقل.
  • كثرة التبول.
  • تكرار ألم البطن، أو الشعور بالغثيان.
  • شرب كميات كبيرة من الماء مع الشعور بعدم الارتواء.
  • الإمساك.
  • كثرة التعرّق أو الرجفة.
  • اختلال في نموّ أو تطوّر جسم الطفل.
كتابة: الصيدلانية بيان ربيع - الأحد ، 27 تشرين الثاني 2022

المراجع

1.
Adrienne Santos-Longhurst . (2022). What Are Glands in the Body?. Retrieved 2019, January 3, from https://www.healthline.com/health/what-are-glands#when-to-see-a-doctor
2.
. What Are Glands?. (2022). Retrieved from https://kidshealth.org/en/kids/glands.html
3.
Adam Rowden . (2022). Endocrine system: How it functions and potential conditions. Retrieved 2021,December 20, from https://www.medicalnewstoday.com/articles/endocrine-system-function

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية