العلاج بالأكسجين المضغوط: كيف يُجرَى؟ وما استخداماته؟ وهل له آثار جانبية؟

يتضمّن العلاج بالأكسجين المضغوط استنشاق الأكسجين بتركيز 100% تحت ضغط عالِ في حجرة مُخصّصة لذلك، يُستخدَم الأكسجين المضغوط كعلاج مُساعِد وأحيانًا أساسي في بعض الحالات الطارئة، مثل علاج التسمم بأول أكسيد الكربون، وعلاج تقرحات القدم السكرية، كما قد يُستفَاد منه في تحسين أعراض الشيخوخة وعلامات التقدم في السن ونضارة البشرة.

يُعرّف العلاج بالأكسجين المضغوط (Hyperbaric Oxygen Therapy (HBOT)) على أنّه أحَد أنواع العلاج التي تعتمد على تعريض المريض للأكسجين النقيّ (بتركيز 100%) داخل حُجرة مُخصّصة لهذا الغرض، وفي حين يُعدّ علاجًا مُساعدًا في بعض الحالات كتعزيز التئام الجروح، إلّا أنّه يُعد الخيار الأول بغرض السيطرة على بعض الحالات الخطيرة والطارئة، كالتسمم بأول أكسيد الكربون والانصمام الرئوي وغير ذلك.[1][2]

العلاج بالأكسجين المضغوط

يعود استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط للقرن السابع عشر، تحديدًا للعام 1662، إذ تمكّن حينئذ الطبيب البريطاني “هينشو” Henshaw من علاج أول مريض بعد وضعه داخل صندوق يحتوي على الهواء المضغوط،[2] سُميّت الحجرة التي بناها خصيصًا للعلاج بالأكسجين المضغوط بــِ (Domicilium) وقد اُستخدِمَت لعلاج عددٍ من الأمراض آنذاك،[3] استمرّ الاعتماد على العلاج بالأكسجين المضغوط وظلّ مُعترفًا به حتى العام 1789، إذ أوصَى المُتخصّصون وقتها بضرورة إيقافه لِمَا تمخّض عن استخدام الأكسجين بتركيز 100% من آثارٍ جانبيّة ضارّة لالمرضى، ليخضع بعد ذلك لمزيدٍ من البحث والتجربة، وبين مدٍ وجزر على مدار عقود، أثبت في النهاية نجاعته في علاج بعض الحالات لتغزو العالم مطلع القرن الواحد والعشرين عديد المُنشآت الصحيّة التي تتخّذ من العلاج بالأكسجين المضغوط أساسًا لها.[1]

دواعي استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط

يُعدّ العلاج بالأكسجين المضغوط ذي فائدة صحيّة لدى استخدامه في حالاتٍ معيّنة، فهو يُمكّن من إحداث تغييراتٍ وظيفيّة وخلويّة لِمَا يلعبه الأكسجين من دورٍ رئيسيّ في العديد من العمليات الحيويّة لدى وصوله للخلايا والأنسجة عبر الدورة الدمويّة.[4]

وبالرغم من تتابع الأبحاث والدراسات حول استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط، إلّا أنّ ما يدعم استخدامه كعلاجٍ أساسيّ ليس بذات القوة التي تُشير إلى نجاعة استخدامه كعلاجٍ مُساعِد في المشكلات ذات الصِلة بالأعصاب، أو الجهاز الهضمي (المعدة والأمعاء)، أو العظام، أو القلب والأوعية الدموية، أو السرطان وغير ذلك.[2]

سبقت الموافقة على ترخيص استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط لمجموعة من المشكلات الصحيّة، كان أبرزها تعزيز التئام الجروح، وعلاج فقر الدم الشديد، والتسمّم بأول أكسيد الكربون، وعلاج تقرحات القدم السكريّة، بالإضافة إلى مجموعة أُخرى من الحالات التي لا زالت تخضع للبحث والتجريب في المراحل السريريّة أو ما قبل السريريّة بغية اعتمادها أو رفضها.[5][6]

تتراوح دواعي اللجوء للعلاج بالأكسجين المضغوط بين ما هو قديمٌ ومُستخدَم منذ سنين، وبين ما هو مُستحدَث خلال الآونة الأخيرة،[4] من أبرز دواعي إجراء العلاج بالأكسجين المضغوط:

  • الانصمام (Embolism) الهوائي أو الغازي.[2]
  • التسمم بأول أكسيد الكربون أو التسمم بالسيانيد (Cyanide).[2]
  • نقص التروية (نقص تزويد الأكسجين) الحاد لبعض أجزاء الجسم نتيجة التعرُّض لإصابة مباشرة، بسبب حادث تصادم أو غير ذلك.[2]
  • الجروح والتقرحات في الأطراف لدى مرضى السكري من النوع الأول والثاني.[2]
  • النخر العضلي أو الالتهاب العضلي الناجم عن بكتيريا المطثية (Clostridium perfringens)، ما يُسمّى بالغرغرينة الغازيّة (Gas gangrene):[2][7]

تُوصَف البكتيريا المطثية على أنّها لاهوائية، إذ تتسبّب بإتلاف الأنسجة العميقة لإيجاد بيئة خالية من الأكسجين لتنمو وتتكاثر بها، تتطلب هذه الحالة التدخُّل السريع لتجنيب المريض المضاعفات الخطيرة التي قد تُودِي بحياته، ويُعد الأكسجين المضغوط ضروريًا للتغلب على الغرغرينة الغازيّة، إذ تشير الدراسات إلى أنّه يُقلّل من معدل الوفاة في هذه الحالة بنسبة 50%.

  • لتخفيف الضغط الذي قد يعاني منه الغواصين (Decompression sickness).[2]
  • قصور بعض الشرايين عن أداء مهامها، مثل انسداد شريان الشبكية الرئيسي أو نقص التروية للجروح ما يُقلّل فرص شفاءها.[2]
  • الحفاظ على الرُقع الجلدية الضعيفة بعد عمليات التجميل أو الترميم.[2]
  • فقر الدم الشديد.[2]
  • الخرّاج داخل الجمجمة.[2]
  • عدوى الأنسجة الرخوة المُتنخرة أو نخر العظام والأنسجة الرخوة الناجم عن العلاج الإشعاعي.[2]
  • التهاب العظم والنقّي (Osteomyelitis) المُستعصي المزمن.[2]
  • الحروق الحادّة.[2]
  • فقدان السمع المفاجىء غير معروف الأسباب.[2]
  • مرض الشعيّات (Actinomycosis).[2]
  • مرض كوفيد-19 (COVID-19):[1][8]

سبق استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط أثناء جائحة كورونا كعلاجٍ مُساعِد في الحالات الشديدة للمرضى، إذ أوصَت الدراسات السريريّة بإمكانيّة استخدام الأكسجين المضغوط أثناء الإصابة بفيروس كورونا (SARS-CoV-2) وخلال فترة التعافي منه، فهو يُعزّز انتشار الأكسجين في الجسم بعد حالة نقص الأكسجة (Hypoxemia) التي تُصيب المريض، كما أنّه يُحسّن من حالة المرضى الذين يُعانون من مشكلات ما بعد كوفيد-19، إذ أشارت دراسة نُشِرت في مجلة (nature) عام 2022 إلى قدرة العلاج بالأكسجين المضغوط في تحسين الأعراض الإدراكية والنفسية، وتخفيف مشكلات النوم والألم والتعب العام في الجسم لمجموعة من المرضى عانَوا من استمراريّة أعراض كوفيد لثلاثة أشهر من توكيد إصابتهم.

  • لتحسين أعراض الشيخوخة وعلامات التقدم في العمر:

يُعدّ الأكسجين المضغوط أحد الخيارات العلاجية للسيطرة على المشكلات المرافقة لمرحلة الشيخوخة وعلامات التقدم في السن، إذ يعكف الباحثون على توكيد اعتماديّة العلاج بالأكسجين المضغوط لِمَا يمتاز به من خصائص تُمكّنه أن يتصدّر القائمة، فهو سهل الاستخدام ولا يتطلّب إجراءً جراحيًا، كما أنّه فعّال في إبطاء ظهور علامات التقدم في السن وفقًا للنتائج المنشورة في المجلات العلمية.[4][9]

يُستخدَم الأكسجين المضغوط في حالات الشيخوخة وتخفيف أعراض التقدم في العمر نظرًا لقدرته على أداء مجموعة من المهام:[4]

  1. تعزيز تكوين الأوعية الدمويّة الجديدة.
  2. تخفيض معدل الالتهابات في الجسم.
  3. تعزيز دفاعات الجسم المُضادّة للأكسدة بالحِفاظ على التوازن بين الجذور الحرة (Free radicals) والخلايا الكانسة (Scavengers).
  4. يُسهم في السيطرة على الآثار الضارّة لشيخوخة الخلايا، كما أنّه يُثبّط عمليّة قِصَر الجزء الطرفي للكروموسوم، ما يُعرَف باسم Telomere shortening، (يرتبط قِصَر "التيلومير" مع عديد الأمراض (السكري، السُمنة، الربو)، والتعرُّض للتوتر، والشيخوخة[10]).
  5. زيادة تِعداد الخلايا الجذعيّة بتحفيز خروجها من نخاع العظم لمجرى الدم، إضافة إلى إمكانيّة إحداث تغييرات على خصائص الخلايا الجذعية ما يُعزّز تكاثرها وتمايزها.

استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط لتحسين أعراض الشيخوخة وعلامات التقدم في العمر

,,,

طريقة إجراء العلاج بالأكسجين المضغوط

يعتمد مبدأ عمل حُجرات الأكسجين المضغوط على العلاقة بين تركيز الغاز وحجمه وضغطه والقوانين الفيزيائيّة التي تضبط العلاقة بين هذه المُتغيّرات، إذ إنّ كمية الغاز المُذاب داخل المحلول تتناسب طرديًا مع الضغط الجزئي للغاز، ما يعني بأنّ ارتفاع مستوى الأكسجين المُذاب في البلازما مع الضغط الجزئي للأكسجين المحمول عبر كريات الدم المُتدفّقة خلال الشرايين سيرفع من معدل تزويد الخلايا بالأكسجين لدى تعريض المريض لظروفٍ مضبوطة ضمن حجرةٍ مُحكمَة الإغلاق مُشبعَة بالأكسجين تحت ضغطٍ عالِ.[2][4]

بعد إقرار حاجة وقدرة المريض على تلقّي العلاج بالأكسجين المضغوط، تبدأ جلسة العلاج باستلقاء المريض مع ارتفاع مستوى الظهر والرأس قليلًا عن بقيّة الجسد،[3] داخل حجرة مضغوطة لأكثر من 1 ضغط جوي قياسي (atm) مع الاستخدام المُتقطّع للأكسجين بتركيز 100%،[6] يمكن أن تكون الحجرات إمّا أُحادية تتضمّن استلقاء المريض وحده، أو قد تكون مُتعدّدة تتسع لمجموعة من الأَسرّة،[3] وتستغرق جلسة العلاج الواحدة ساعتين تقريبًا يتخللهما فترة انقطاع عن الأكسجين مدتها 10 دقائق بواقع مرتين، لتجنيب المرضى الآثار الجانبية بحدوث نوبات الأكسجين،[11] يخضع المرضى للمراقبة بإشراف اختصاصي لتوكيد سلامتهم أثناء العلاج بالأكسجين المضغوط.[3]

الآثار الجانبيّة والمضاعفات للعلاج بالأكسجين المضغوط

تُسهم البيئة عالية الضغط مع التركيز المرتفع للأكسجين الذي يتعرّض له المريض داخل الحجرة أثناء العلاج، إلى شعوره ببعض الآثار الجانبيّة خلال الجلسة العلاجية،[1] أبرز الآثار الجانبية والمضاعفات التي قد تُصاحب العلاج بالأكسجين المضغوط أو تنجُم عنه:[1][11]

  • الرضح الضغطي (Barotrauma)

يحدث نتيجة تمدُّد الغاز في مكانٍ محصور وعدم القدرة على معادلة الضغط الناجم عن الحيّز الذي يحتوي على الهواء والبيئة المُحيطة، يُعدّ الرضح الأُذني أكثر أنواع الرضح الضغطي شيوعًا، فتتأثّر الأذن الوسطى تحديدًا، إضافة إلى قنوات الأذن الخارجية والداخلية، كما من الممكن أن يتهيّج غشاء طبلة الأذن أو يتمزّق لدى استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط.

  • رضح الجيوب الأنفية.
  • تمزُّق الشعيرات الدموية.
  • الرضح الرئوي، الذي يتضمّن استرواح الصدر (Pneumothorax).
  • رضح الأسنان.
  • بعض المشكلات البصرية، إذ سُجّلَت حالة من قصر النظر العابر الناجم عن الضغط العالي أثناء جلسة العلاج، إلى جانب بعض المشكلات الأقل شيوعًا، مثل الماء الأبيض في العين (الساد)، القرنية المخروطية، اعتلال الشبكية لدى الأطفال المولودين قبل أوانهم في حال تعرُّض أمهاتهم للأكسجين المضغوط أثناء الحمل.
  • تشنجات عضلية.
  • الوذمة الرئوية.
  • النزيف.
كتابة: . ليلى الجندي - الخميس ، 20 نيسان 2023
آخر تعديل - الخميس ، 03 آب 2023

المراجع

1.
Ortega MA, Fraile-Martinez O, García-Montero C, Callejón-Peláez E, Sáez MA, Álvarez-Mon MA, García-Honduvilla N, Monserrat J, Álvarez-Mon M, Bujan J, Canals ML. A General Overview on the Hyperbaric Oxygen Therapy: Applications, Mechanisms and Translational Opportunities. Medicina (Kaunas). 2021 Aug 24;57(9):864. Retrieved from https://doi.org/10.3390%2Fmedicina57090864
2.
Hajhosseini B, Kuehlmann BA, Bonham CA, Kamperman KJ, Gurtner GC. Hyperbaric Oxygen Therapy: Descriptive Review of the Technology and Current Application in Chronic Wounds. Plast Reconstr Surg Glob Open. 2020 Sep 25;8(9):e3136. Retrieved from https://doi.org/10.1097%2FGOX.0000000000003136
3.
Latham E. (2020, November 16). Hyperbaric Oxygen Therapy. Retrieved from https://emedicine.medscape.com/article/1464149-overview#a1

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري العلاج بالأكسجين المضغوط أونلاين عبر طبكان
احجز