التهاب القولون بالمطثية العسيرة: ما هي أسبابه؟ وما الطرق العلاجية المُتاحة للتخلص منه؟

ينجم التهاب القولون بالمطثية العسيرة عن خللٍ في البكتيريا الطبيعية (النافعة) في القولون، إضافةً لذلك تلعب العديد من العوامل الأُخرى دورًا في زيادة احتماليّة الإصابة بالتهاب القولون بالمطثية العسيرة، وتعتمد الأعراض على شدة الإصابة ومناعة المريض، كما يُتاح عددًا من الخيارات العلاجيّة لهذه العدوى.

التهاب القولون بالمطثية العسيرة هو التهاب ينتج عن الإصابة ببكتيريا تُعرف باسم المطثية العسيرة، والتي تُعرف حاليًا بالإنجليزية باسم (Clostridioides difficile)، وهو الاسم الحديث لها، إذ تغير اسمها رسميًا عام 2016 من (Clostridium difficileوهو ما زال الاسم الأشهر لها حتى الآن، إذ يعكس الاسم الجديد الاختلافات التصنيفية بين هذا النوع والأنواع الأُخرى من فصيلة المطثية.[1][2]

بكتيريا المطثية العسيرة هي بكتيريا إيجابية الغرام (Gram Positive)، لا هوائية، وتتكاثر عن طريق الأبواغ (Spore Formation) وتتسبب هذه البكتيريا بالكثير من المشاكل للإنسان عن طريق السموم التي تفرزها.[2]

يتميز التهاب القولون بالمطثية العسيرة بحدوث التهاب في القولون وتكوين ما يُعرف بالأغشية الكاذبة (Pseudomembranes)، إذ تُصيب الأشخاص الذين يعانون من اختلال في اتزان البكتيريا الموجودة طبيعيًا في القولون (البكتيريا النافعة) (Bowel flora)، وذلك بسبب استخدام المضادات الحيوية، لذلك توجد تسميات أُخرى لهذا الالتهاب، مثل التهاب القولون الغشائي الكاذب (Pseudomembranous colitis).[1]

ما هي البكتيريا الطبيعية (النافعة) في جسم الإنسان؟

يوجد في جسم الإنسان ما يُعرف بالميكروبيوم (Microbial flora)، الذي يتكون من البكتيريا النافعة وبعض الفطريات، كما يوجد نوعان من البكتيريا النافعة الطبيعية (Resident flora) والتي تبقى دائمًا في الأمعاء والقولون، وتُعيد تجديد ذاتها عند حدوث اختلال في اتزانها، أما النوع الثاني فهو البكتيريا أو الكائنات الدقيقة الطارئة على المُستعمرات الطبيعية داخل الجسم (Transient flora) التي تتكاثر وتستعمر جسم المضيف لمدة ساعات إلى أيام لكنها لا تبقى مُطوّلًا فيه.[3]

عندما يحدث أي خلل في بكتيريا القولون والأمعاء، فإن الشخص يكون أكثر عُرضة للإصابة بالأمراض، لأن وظيفة البكتيريا النافعة الأساسية هي حماية الجسم من غزو مُسببات المرض من بكتيريا، وفيروسات، وفطريات.[3]

بالإضافة إلى ذلك، يلعب الميكروبيوم العديد من الأدوار الحيوية في جسم الإنسان:[4][5]

  • تعزيز آليات التمثيل الغذائي، وإنتاج الأحماض الأمينية قصيرة السلسلة.
  • تقلل من تفاعلات الالتهاب في الجسم، كما تسهم في دعم اتزان جهاز المناعة.
  • تُفرز بعض المواد المهمة للصحة العقلية، وتُحسّن المزاج.

أسباب الإصابة بالتهاب القولون بالمطثية العسيرة

يُشَار إلى السبب الرئيسي الذي يقف وراء الإصابة بالتهاب القولون بالمطثية العسيرة (C. difficile) على أنّه اضطرابٌ في البكتيريا النافعة في القولون، مما يسمح لبكتيريا المطثية العسيرة في التكاثر واستعماره، ومن ثم تبدأ هذه البكتيريا بإنتاج السموم التي تتسبب في التهاب الغشاء المخاطي للقولون، وينجم عن ذلك تدمير هذا الغشاء لتبدأ أعراض الالتهاب في الظهور.[6]

من الجدير بالذكر وجود العديد من عوامل الخطر التي تزيد من احتماليّة الإصابة ببكتيريا المطثية العسيرة:

  • تناول المضادات الحيوية

يتسبب تناول المضادات الحيوية خاصةً ذات الطيف الواسع في زيادة فرصة الإصابة بالالتهاب، مثل أمبسيللين (Ampicillin)، والسيفالوسبورينات (Cephalosporins)، وكلينداميسين (Clindamycin)، والكاربابينيمات (Carbapenems)، والفلوروكينولونات (Fluoroquinolones)، بالإضافة إلى المضادات الحيوية التي تُستخدم في علاج المطثية العسيرة، مثل فانكوميسين (Vancomycin)، إذ وجدت الدراسات أن فرصة الإصابة تتضاعف بمقدار 8 إلى 10 أضعاف بعد تناول هذه الأدوية بـ 4 أسابيع، وتتضاعف بمقدار 3 أضعاف خلال شهرين من الاستخدام.[1][2]

  • الإقامة في المستشفى

ترفع الإقامة في المستشفى للعلاج وتناول المضادات الحيوية من معدل خطر الإصابة بالتهاب القولون بالمطثية العسيرة، خاصةً خلال الستة أشهر الأولى بعد العلاج في المستشفى، كما أنّ استخدام أنابيب التغذية يزيد من خطر الإصابة بالعدوى.[1]

تنتقل العدوى من شخصٍ لآخر عبر الطريق الفموي البرازي (Faecal-oral route)، ويحدث ذلك من خلال تصافح المصابين العاملين في المستشفى مع المريض، واستخدام ملاءات الفراش، أو موازين الحرارة الشرجية التي لم تُعقّم جيدًا، أو الإقامة في بيئة مليئة بالعدوى.[1]

  • تناول مثبطات مضخة البروتون

يزيد تناول أدوية مثبطات مضخة البروتون (Proton pump inhibitors) التي تُستخدم في علاج حموضة المعدة من خطر الإصابة بعدوى المطثية، إذ أظهرت 23 دراسة أن نسبة الإصابة بالتهاب القولون بالمطثية العسيرة لدى الأشخاص الذين يتناولون مثبطات مضخة البروتون أعلى مقارنةً بالأشخاص الذين لا يتناولونها.[6]

  • مضادات الاكتئاب

أظهرت الدراسات أن نسبة الإصابة تزداد لدى الأشخاص الذين يتناولون مضادات الاكتئاب، مثل ميرتازابين (Mirtazapine) وفلوكستين (Fluoxetine)، وفي دراسة أُجريت على الأشخاص المقيمين في المستشفى، وجد العلماء أن نسبة الإصابة لدى الأشخاص الذين يتناولون الأدوية المضادة للاكتئاب كانت الضعف مقارنةً بمن لا يتناولونها.[6]

  • عوامل أُخرى

توجد بعض العوامل الأُخرى التي تزيد من فرصة الإصابة:[6][1]

  • التقدم في السن، خصوصًا لمن تجاوز الـ 60 عامًا.
  • الإصابة بأمراضٍ شديدة.
  • تناول الأدوية المثبطة للمناعة.
  • الإصابة بداء الأمعاء الالتهابي (Inflammatory bowel disease).
  • التدخلات الجراحية الطارئة.
  • إجراء جراحة استئصال جزء من القولون.
  • تناول بعض الأدوية، مثل الستيرويدات القشرية (Corticosteroids) ومثبطات مضخة البروتون.

كما توجد بعض العوامل النادرة التي ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالتهاب القولون بالمطثية العسيرة:[6][1]

  • تناول أدوية علاج الأورام، مثل ميثوتريكسات (Methotrexate).
  • السرطانات.
  • إقفار الأمعاء (Intestinal ischemia).
  • الإصابة بفشل كلوي مزمن.
  • الإصابة بالالتهاب المعوي القولوني النَّاخر (Necrotizing enterocolitis).
  • مرض هيرشسبرينج (Hirschsprung disease).

كيف يحدث التهاب القولون بالمطثية العسيرة؟

بعد حدوث خللٍ في ميكروبيوم الأمعاء، ودخول بكتيريا المطثية العسيرة إلى القولون، تبدأ البكتيريا في إفراز نوعين رئيسيين من السموم، سم (A)، وسم (B)، ومن الجدير بالذكر أنّ بعض الأنواع تفرز سمًا إضافيًا يُسمى السم الثنائي (Binary toxin) لكنّ تأثيره لم يُعرف حتى الآن.[7]

تكمن وظيفة سم (A) في تسهيل دخول السموم الأُخرى إلى داخل الخلية، وبمجرد دخول سم (B) إلى الخلية فإنه يُثبط المسارات المُستخدمة من قبل بروتينات (RHO)، مما يُسبب تلفًا في خلايا القولون، واضطراب المفاصل المُحكمّة بين الخلايا، وفي النهاية الإصابة بالتهاب القولون.[7]

يزيد التهاب القولون من نفاذية الأوعية الدموية وتكوين الأغشية الكاذبة، التي تبدو كصفائح صفراء وبيضاء بارزة عن الغشاء المُخاطي للقولون، ومُلتصقة بالغشاء المُصاب بالالتهاب، وتتكون من العدلات (Neutrophils)، والفيبرين (Fibrin)، والميوسين (Mucin)، وحطام الخلايا (Cellular debris).[1]

أعراض التهاب القولون بالمطثية العسيرة

تتراوح فترة حضانة البكتيريا بين 2 و 3 أيام، وقد تطول هذه الفترة لتصل إلى 7 أيام، وتجدر الإشارة إلى أنه قد لا تظهر أيّ أعراض على المريض في بعض الحالات، ويُسمى المريض في هذه الحالة باسم حامل المرض، و قد تظهر بعض الأعراض في عدّة الحالات:[6]

  • إسهال مائي تتراوح شدته بين خفيف إلى معتدل، لكنه نادرًا ما يكون دموي.
  • تقلصات وآلام البطن.
  • فقدان الشهية.
  • ارتفاع درجة الحرارة خاصةً في الحالات الشديدة.

ينبغي الإشارة إلى أنه في حالة التهاب القولون الحاد (Fulminant colitis) تزداد شدة الأعراض، فبجانب الأعراض السابقة يُصاب المريض بنقص حجم الدم (Hypovolemia) الذي قد يؤدي للإصابة بتعفن الدم (Sepsis)، أو تضخم القولون السام (Toxic megacolon)، وثقب القولون والتهاب الصفاق (Perforated bowel with peritonitis).[7]

علاج التهاب القولون بالمطثية العسيرة

يُعالج هذا الالتهاب عن طريق تناول المضادات الحيوية، مثل ميترونيدازول، أو فانكوميسين، أو فيداكسوميسين (Fidaxomicin)، ويمكن استخدام هذه المضادات معًا تبعًا لحالة المريض، كما يمكن استخدام البكتيريا النافعة (Probiotic) لإعادة تثبيتها في الأمعاء، بالإضافة إلى إمكانية إجراء زرع البراز (Fecal Microbiota Transplantation) من شخصٍ سليم لإعادة توازن البكتيريا في القولون،[8] كما يمكن اللجوء إلى التدخلات الجراحية في الحالات الخطيرة مثل تضخم القولون السام.[6]

كتابة: دكتور محمد نصار - الخميس ، 22 شباط 2024
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan

المراجع

1.
Ali Hassoun. (2023). Clostridioides difficile-associated disease. Retrieved from https://bestpractice.bmj.com/topics/en-gb/230?q=Clostridium%20difficile&c=suggested
2.
Czepiel J, Dróżdż M, Pituch H, Kuijper EJ, Perucki W, Mielimonka A, Goldman S, Wultańska D, Garlicki A, Biesiada G. (2019). Clostridium difficile infection: review. Eur J Clin Microbiol Infect Dis 38: 1211–1221. Retrieved from https://doi.org/10.1007/s10096-019-03539-6
3.

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري علاج أمراض القولون أونلاين عبر طبكان
احجز