التشتت الذهني: ما هي أسبابه؟ وهل يمكن استعادة القدرة على التركيز؟

التشتت الذهني هو حالة من عدم القدرة على التركيز لإنجاز مَهمّة ما، قد يكون ناجمًا عن عوامل مختلفة، منها ما يرتبط مع التقدُّم في السن ومنها ماله صِلة بالتوتر والقلق، أو استخدام أدوية معيّنة، يمكن التخلُّص من التشتت الذهني باتباع نصائح تساهم في رفع قدرة الفرد على التركيز وتحسين مستوى أداؤه لأعماله.

بالرغم من كون التشتُّت الذهني (Distraction) أمرًا قد لا يُعيره الناس اهتمامًا بالغًا، إلا أنّ له تأثيرًا لا يمكن إغفاله في حياة الإنسان، وطبقًا لما أقرّه مركز مكافحة الأمراض والوقاية (CDC) فإن التشتُّت الذهني بانشغال السائق بكتابة رسالة نصيّة أو استغراقه بالتفكير بأمرٍ ما مثلًا يُعدّ أبرز العوامل المُسبّبة لحوادث الطرق، التي قد تُودِي بحياة الأفراد.[1][2]

ما هو التشتت الذهني؟

التشتت الذهني هو عدم قدرة الشخص على التركيز لإتمام مَهمّة مُعيّنة يتوجب عليه إنجازها، فينشغل بأداء نشاطات أُخرى أو ينشغل فكريًا بموضوعٍ آخر يُعيق قدرته على إتمام عمله،[3] وتختلف أنواع المُشتتات من شخصٍ لآخر، فقد تُقسَم إلى:[1][3]

  • مُشتتات داخلية: تسيطر على البعض في هذه الحالة مجموعة من الأفكار الناجمة عن القلق حِيال أمرٍ ما، ما يسلبهم قدرتهم على التركيز فيما يستوجب عليهم فعله.
  • مُشتتات خارجية: يُواجع البعض الآخر صعوبة في تجنُّب مصادر التشتيت المُحيطة بهم، مثل الضوضاء وغيرها، ما يُعيق قدرتهم على التركيز في أعمالهم.

أعراض التشتت الذهني

قد يؤثر التشتت الذهني سلبًا في إنتاجيّة الأشخاص الذين يُعانون منه، سواءً في الدراسة أو العمل، وغالبًا ما يواجه الشخص الذي يعاني من التشتت الذهني مجموعة من الأعراض:[4][5]

  • مواجهة صعوبة في أداء المهام اليومية.
  • صعوبة التفكير بوضوح، ومن ثم عدم القدرة على اتخاذ القرارات.
  • عدم القدرة على تَذكُّرِ أماكن الأشياء، ومن ثم تكرار فقدان الكثير من المتعلقات.
  • ضباب الدماغ (عدم صفاء الذهن، ومشاكل في الذاكرة والتركيز [6]).
  • فقدان القدرة على التركيز لدى التواجد في أماكن بعينها، أو خلال أوقات معينة من اليوم.
  • فقدان الطاقة البدنية والعقلية على التركيز.
  • عدم القدرة على تذكُّرِ أحداث تمّت مؤخرًا.
  • مواجهة صعوبة عند أداء المهام المعقّدة.
  • تكرار الأخطاء.
  • صعوبة الالتزام بالمواعيد الهامة، مثل مواعيد الاجتماعات في العمل، أو المواعيد المُقرّرة لإنجاز مهام معينة.
  • التَّملمُل وعدم القدرة على الجلوس ساكنًا.

أعراض تستدعي استشارة الطبيب النفسي

بالرغم من كون التشتت الذهني لا يُمثّل مشكلة صحية طارئة، إلا أنّه يجب استشارة الطبيب النفسي، في حال كان التشتت الذهني يحُول دون قدرة الشخص على ممارسة حياته الطبيعية،[4] أو لدى الشعور بمجموعة من الأعراض:[5][4]

  • تدهور مشاكل الذاكرة.
  • تراجع الأداء والإنتاجية في العمل أو الدراسة.
  • اضطرابات النوم، مثل الأرق.
  • الشعور بالتعب والإرهاق، دون وجود مبرر له وبنمط غير مُعتَاد.

كما يجب الخضوع العاجل للرعاية الطبية في حال التشتت الذهني بالتزامن مع بعض الأعراض التي قد تُعد تكون مؤشرًا لمشكلة صحية خطيرة مثل السكتة الدماغية أو النوبة القلبية:[4]

  • فقدان الوعي.
  • الشعور بالخدر في أحد جانبي الجسم.
  • آلام شديدة في الرأس أو الصدر.
  • فقدان الذاكرة المُفاجىء وعدم قدرة الشخص على التعرُّف على المكان من حوله.
  • مشاكل في القدرة على التحدث.

أسباب التشتت الذهني

يُعد الفص الأمامي من الدماغ المسؤول عن أداء الوظائف التنفيذية التي تُمكّن الإنسان من التركيز، والانتباه، وإدارة الوقت، وأداء المهام، والتنظيم، والتخطيط، وتَذكَّر التفاصيل، بالإضافة إلى تجنُّب تكرار الأخطاء، وتُمثِّل السنوات الأُولى من العشرينيات أكثر المراحل العمرية التي تزدهر فيها قدرة الدماغ على أداء مختلف وظائفه، ولكن مع التقدُّم في السن تتراجع تدريجيًا قدرته على أداء الوظائف التنفيذية، ما يتسبّب ببدء ظهور أعراض ذهنيّة منها تشتُّت التركيز وانخفاض مستواه،[7][8] ولكن قد يكون التشتت الذهني ناجمًا عن أسباب أُخرى:

  • اضطرابات النوم: قد تتسبّب مشاكل النوم بزيادة شعور الشخص بالتوتر، إذ يؤدّي الأرق إلى ارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول (Cortisol) في الدم، كما أنه قد يؤثر سلبًا في الذاكرة والقدرة على التركيز واتخاذ القرارات.[5]
  • نقص فيتامين ب.[5]
  • القلق والتوتر: قد يكون استمرار الشعور بالقلق لِما لا يقِل عن 6 أشهر مؤشرًا للإصابة باضطراب القلق العام (Generalized Anxiety Disorder)، الذي يجعل الشخص المصاب به غارقًا في التفكير والتوتر والخوف، ممّا يعيقه عن التركيز في ما يفعله في الوقت الحاضر.[5]
  • الخلل الهرموني: فقد تتأثّر قدرة الإنسان على التركيز والتذكُّر نتيجة اختلال مستويات بعض الهرمونات في الجسم، مثل الإستروجين (Estrogen)، أو البروجيستيرون (Progesterone)، أو التستستيرون (Testosterone)، أو هرمونات الغدة الدرقية.[5]
  • اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (attention deficit hyperactivity disorder) (ADHD): أحد اضطرابات النمو العصبي، التي يعاني فيها المريض من فرط الحركة، والاندفاعية، ونقص الانتباه، ويكمن الفارق بين التشتت الذهني الناجم عن اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط والتشتت الذهني بفعل عوامل أُخرى، في أنّ اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط قد يعيق المصاب به عن العمل أو الدراسة أو الحفاظ على علاقات اجتماعية سويّة.[1]
  • إدمان الكحوليات.[4]
  • الإصابة بمرض التصلب المتعدد (Multiple Sclerosis).[4]
  • الإصابة باضطراب ثنائي القطب (Bipolar Disorder).[4]
  • الفُصام (Schizophrenia).[4]
  • الصرع.[4]
  • الإصابة بالاكتئاب أو اضطراب الاكتئاب الرئيس.[4]
  • الخرف (Dementia).[4]
  • الإصابة بمتلازمة كوشينغ (Cushing Syndrome) (اضطراب ينجُم عن زيادة إفراز الجسم لهرمون الكورتيزول نتيجة الإفراط بتناول العلاجات التي تحتوي على الكورتيكوستيرويدات [9]).[4]
  • ارتجاج الدماغ.[4]
  • متلازمة الإرهاق المزمن (Chronic Fatigue Syndrome)، وهي حالة صحية يعاني فيها المريض من استمرار الشعور بالتعب والإرهاق، لمدة تتجاوز الستة أشهر، دون وجود أسباب صحية معروفة.[10]
  • اتّباع أنماط حياتيّة معيّنة، كانخفاض معدل النشاط البدني الذي يُمارسه الشخص أو الشعور بالجوع.[4]
  • الآثار الجانبية لبعض العلاجات، مثل مضادات الصرع، ومضادات الاكتئاب، والمواد الأفيونية المسكنة، ومضادات مُستقبلات الهيستامين المُستخدمة لعلاج اضطرابات المعدة الناجمة عن ارتفاع مستوى الحمض فيها، والبنزوديازيبينات (Benzodiazepines) (فئة من المواد الفعالة التي قد يصفها الطبيب لعلاج القلق، أو الأرق، أو نوبات الصرع[11])، وبعض أنواع مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، والكورتيكوستيرويدات، فضلًا عن بعض أنواع علاجات أمراض القلب، وبعض أنواع العلاج الكيميائي.[4]
  • تربية أكثر من طفل.[1]
  • العمل من المنزل، فقد يجد البعض صعوبة في التركيز على إنجاز مهام العمل من المنزل، خاصةً في ظل تواجد باقي أفراد الأسرة.[1]
  • الضَعف الإدراكي المعتدل (Mild Cognitive Impairment) (المراحل الأولى من فقدان الذاكرة، أو بعض القدرات الإدراكية الأُخرى[12]).[8]
  • اتباع نظام غذائي غير صحّي وعدم الحصول على معدل كافِ من الماء.[8]

علاج التشتت الذهني

تختلف سبل العلاج المُتبعَة لعلاج التشتت الذهني، باختلاف العامل المسبب لتشتُّت التركيز، وتشمل بعض طرق العلاج المُستخدمة:[4][8]

  • الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم وتوفير مُحيط هادىء معزول عن الأضواء والأضواء.
  • الحد من تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين، فقد تساعد الكميات القليلة من الكافيين على زيادة مؤقتة في القدرة على التركيز والانتباه، ولكن يسبب الإفراط في تناولها الشعور بالقلق والتوتر.
  • التقليل من تناول السكريات، واستبدالها بالفاكهة، إذ تتسبّب السكريات في ارتفاع مستوى الجلوكوز يتبعه انخفاض مستواه في الدم، ما ينجم عنه الشعور بالخمول.
  • ممارسة الرياضة بانتظام.
  • التخلص من المشتتات، عن طريق ترتيت المكتب، وإغلاق إشعارات الهاتف الجوال مثلًا.
  • إدارة الوقت وتنظيمه، مثلًا عن طريق العمل لساعة ثم اتباعها بخمس دقائق راحة.
  • التقليل من التوتر، عن طريق كتابة اليوميات أو ممارسة تمارين التأمُّل أو القراءة.
  • تطوير مهارات التفكير، فضلًا عن تعلم مهارات جديدة، مثل الرسم، والطبخ، أو تعلم لغات جديدة، لِما لها من أثر في زيادة التركيز والتقليل من التوتر.
  • التيقُّظ المُستمر وتجنب الغفلة والتشتُّت باستعادة التركيز حال الشعور بغيابه.
  • الحرص على كتابة مُخطّط لأداء الأعمال المُزمَع إنجازها لترتيب الأولويات وتجنب التشتُت وإرهاق التفكير.
  • التحقُّق من الآثار الجانبية للعلاجات أو المكملات الغذائية المُستخدمة، وفي حال ملاحظة ارتباط أحد المشاكل النفسية بأيّ من الأدوية استشارة الطبيب بشأنها.
  • تناول أغذية صحية، مثل الأسماك الدهنية وبذور الكتان، وأسماك السالمون، والخضراوات الليفية، والبيض، والحليب، ومنتجات الحليب والكبد، لاحتوائها على عناصر هامة، مثل الأوميغا 3، وفيتامين ب، وفيتامين د، والحديد، والكولين (Choline)، واليود (Iodine)، إذ تفترض بعض الأبحاث فاعلية هذه العناصر في حماية الجهاز العصبي والدماغ، فضلًا عن تحسين المهارات الفكرية.
  • الحفاظ على العلاقات الاجتماعية: إذ إنها تساعد على التركيز أثناء تبادل أطراف الحديث مع الآخرين، كما أنها تحمي من الوحدة والاكتئاب والقلق والتوتر.

أمّا في حال وجود مشاكل صحية مسببة للتشتت الذهني، مثل اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، عندئذ ينصح باتباع سبل العلاج التي يوصي بها الطبيب النفسي المشرف على الحالة.[5]

كتابة: الصيدلانية نجلاء خطاب - الخميس ، 09 آذار 2023
آخر تعديل - الخميس ، 06 نيسان 2023

المراجع

1.
Pugle M. (2022, March 11). Are You Simply Easily Distracted or Do You Have ADHD?. Retrieved from https://www.everydayhealth.com/adhd/are-you-simply-easily-distracted-or-do-you-have-adhd/
2.
Centers for Disease Control and Prevention. (2022, April 26). Distracted Driving. Retrieved from https://www.cdc.gov/transportationsafety/distracted_driving/index.html
3.
Stöppler M. (2019, September 10). Distractibility: Symptoms & Signs. Retrieved from https://www.medicinenet.com/distractibility/symptoms.htm

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري نفسي أونلاين عبر طبكان
احجز