الإجهاض المتكرر المبكر: ما هي أسبابه؟ وما هي الطرق العلاجية المُتّبعة لتخطّي حالات الإجهاض المتكرر؟

يحدث الإجهاض المتكرر المبكر لأسباب عديدة، كالإصابة باختلالات كروموسوميّة، وحدوث تشوهات تكوينيّة في الرحم، أو اضطراباتٍ في تخثّر الدم، ويُحدّد العلاج في هذه الحالة بالاعتماد على المشكلة التي قد يكون لها دور في زيادة احتماليّة حدوث الإجهاض المتكرّر المبكّر.

تُشير التوقعات إلى أنّ حوالي 23 مليون حالة إجهاض تحدث سنويًّا في جميع أنحاء العالم، بمعنى أنّ 44 حالة إجهاض تحدث في الدقيقة الواحدة، ويؤثر الإجهاض المتكرّر لدى حوالي 2.5% من النساء اللواتي يرغبن بالإنجاب، في الحقيقة يُعدّ الإجهاض إحدى مشكلات الحمل التي قد يصاحبها تداعيات صحيّة ونفسيّة تتمثّل بارتفاع خطورة الإصابة بالقلق، أو الاكتئاب، أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، عدا عن التكاليف الماديّة التي تتكبّدها المؤسسات الطبيّة وفئات عديدة في المجتمع بسبب حدوث الإجهاض.[1][2]

ما هو الإجهاض المتكرر المبكر؟

عرّفت الجمعية الأمريكيّة للطب التناسلي (American Society for Reproductive Medicine) الإجهاض المتكرّر (Recurrent pregnancy loss) على أنّه تكرار خسارة الحمل التلقائي مرتين أو أكثر،[3] وقد يزيد الإجهاض على وجه العموم والإجهاض المتكرّر على وجه الخصوص من احتمالية حدوث مشكلاتٍ معيّنة في الحمل القادم، كالولادة المبكرة (Preterm birth)‏، وانفصال المشيمة المبكر (Placental abruption)، وولادة جنين ميت (Stillbirth)،[1] ومن جانبٍ آخر، يُعدّ الإجهاض المبكّر (Early miscarriages) واحدًا من مضاعفات الحمل المُتمثلة بموت الجنين وخسارة الحمل قبل إتمام إثني عشر أسبوعًا من الحمل، ويُشار إلى أنّ ما يتجاوز 80% من حالات الإجهاض تحدث خلال الثلث الأول من الحمل، بينما تقل خطورة حدوث الإجهاض بعد إتمام الأسبوع 12 من الحمل.[4][5]

أعراض الإجهاض المتكرر المبكر

غالبًا ما يصاحب الإجهاض المبكّر نزول كمية قليلة من الدم عبر المهبل،[4] وقد يُرافق هذه الحالة أيضًا عدّة أعراض:[6]

  • ألم في البطن.
  • نزول نسيج من المهبل.
  • حمى.
  • قشعريرة.

أسباب الاجهاض المتكرر المبكر

قد يحدث الإجهاض المتكرّر المبكر لأسبابٍ عِدة:[7][8]

  • أسباب جينيّة، تعدّ الاختلالات الكروموسوميّة واحدةً من أكثر أسباب الإجهاض المبكر شيوعًا، ويمثّل الانتقال الكروموسومي المتوازن (Balanced translocation) اختلالًا كروموسوميًّا يظهر لدى الوالدين في بعض الحالات، وقد يكون سببًا في حدوث الإجهاض.
  • أسباب تتعلق بالغدد الصمّاء (Endocrine)، إذ قد تتسبّب اضطرابات الغدد الصمّاء لدى الأم في معاناتها من الإجهاض المتكرّر، وتتضمّن هذه الاضطرابات أنواعًا مختلفة، كمرض السكري، واختلالات الغدّة الدرقيّة، ومتلازمة المبيض المتعدد الكيسات (Polycystic ovary syndrome or PCOS)، وعجز الطور الأصفري (Luteal phase deficiency).
  • مشكلات في التركيب التشريحي، مثل التشوّهات التكوينيّة في قناة مولير (Mullerian tract)، والتشوهات التكوينية في الرحم، أو نتيجة مشكلاتٍ مُكتسبة كظهور السلائل في الرحم (Polyps)، أو الأورام الليفية الرحمية (Fibroids)، أو الإصابة بمتلازمة أشرمان (Asherman syndrome).
  • متلازمة أضداد الفوسفوليبيد (Antiphospholipid syndrome or APS)، والتي تتميّز بوجود أجسام مضادة للفوسفولبيد (Antiphospholipid antibodies) في الجسم التي تزيد من تجلّط الدم أو الإصابة بقصور المشيمة، وقد تكون هذه المتلازمة سببًا أو عاملًا مهمًا لحدوث الاجهاض المتكرر والمبكر، ومن المحتمل أن تزيد أيضًا من خطورة ظهور عدد من المضاعفات الأُخرى، كتقييد النمو داخل الرحم (Intrauterine growth restriction)، ومشكلة ما قبل تسمم الحمل (Preeclampsia)، والولادة المبكرة (Prematurity).
  • فرط الخثورية الموروث (Inherited Thrombophilias)‏، إذ قد يُسهم فرط الخثوريّة الموروث في حدوث تغيّر جينيّ في بعض البروتينات المشاركة في عمليّة التخثر وزيادة خطورة حدوث الانصمام الخثاري الوريدي (Venous thromboembolism)، وعلى الرغم من الجدل المُثَار حول الرابط بين فرط الخثوريّة الموروث وحدوث الإجهاض المتكرّر، فإن عددًا من التوصيات تؤيّد محاولة الكشف عن الإصابة بفرط الخثورية الموروث لدى النساء الحوامل ممّن لديهنّ تاريخ سابق للإصابة بالانصمام الخثاري الوريدي.
  • مشكلات بيئيّة، كالسمنة، والتدخين، وفرط استهلاك الكافيين (Caffeine)، والإفراط في استهلاك الكحول، وتعاطي الكوكايين (Cocaine)، كذلك قد تؤثر العوامل النفسيّة في احتماليّة حدوث الإجهاض المتكرّر.

قد يحدث الإجهاض المتكرر المبكر في حالاتٍ نادرة جرّاء إصابة الجسم بعدوى معيّنة، كالتهاب بطانة الرحم (Endometritis)‏، والتهاب المهبل البكتيري (Bacterial vaginosis)، والزهري (Syphilis)‏، وفيروس العوز المناعي البشري (Human immunodeficiency virus)، والملاريا (Malaria)، والحصبة الألمانية (Rubella)، وعدوى الفيروس المُضخم للخلايا (Cytomegalovirus infection).[3][8]

تجدر الإشارة إلى أنّ معظم حالات الإجهاض التي تحدث بين الأسبوع 10-11 من الحمل قد يكون سببها خللٌ كروموسوميّ، وقد تُسهم اضطرابات التجلط في حدوث الإجهاض المبكّر قبل الأسبوع العاشر من الحمل، بينما لم تُحدّد أسباب الإجهاض المتأخر الذي يحدث في الفترة بين الأسبوع 13-20 من الحمل.[4]

تشخيص الإجهاض المتكرر المبكر

يُنصح بمراجعة طبيب النسائية قبل حدوث الحمل في حالات التعرّض للإجهاض المتكرّر، إذ قد يعمد الطبيب إلى اتباع خطوات معيّنة وإجراء مجموعة من الفحوصات للكشف عن الاضطرابات والاختلالات التي قد تزيد من احتماليّة حدوث الإجهاض،[4] من هذه الفحوصات:[4][7]

  • الحصول على التاريخ الطبي كاملًا، ومعرفة الأمراض التي تعانيها المرأة، كأمراض الغدة الدرقيّة، ومرض السكري.
  • التأكد من وجود تاريخ عائلي أو شخصي للإصابة بتخثر الدم في الأوردة أو في الشرايين.
  • توثيق وجود تاريخ سابق من التدخين، أو شرب الكحول، أو تعاطي المخدرات، أو تناول أنواع معيّنة من الأدوية، أو التعرض للعوامل البيئيّة السامة.
  • إجراء فحص جسدي دقيق وشامل خصوصًا فحص الحوض.
  • معرفة تفاصيل حدوث الإجهاض السابق، ويشمل ذلك عدّة أمور:
    • مرحلة الحمل التي حدث فيها الإجهاض السابق، إذ قد يتكرّر حدوث الإجهاض في الفترة ذاتها التي حدث فيها الإجهاض سابقًا.
    • الاطلاع على طريقة علاج الإجهاض السابق، إذ إنّ توسيع وكحت الرحم (Dilation and curettage) قد يزيد من خطورة حدوث متلازمة أشرمان (Asherman syndrome)، وتُعدّ متلازمة أشرمان من المشكلات التي قد تسهم في حدوث الإجهاض المتكرّر.
  • طلب إجراء تحاليل الدم للكشف عن اضطرابات معيّنة، مثل مرض السكري، واضطرابات الغدة الدرقيّة، والاختلالات الهرمونيّة، ومتلازمة أضداد الفوسفوليبيد.
  • فحوصات التصوير الإشعاعي التي تساعد على كشف التشوهات التي تظهر في التراكيب التشريحيّة، مثل تصوير الرحم والسونار.
  • اختبارات جينيّة للكشف عن الاختلالات الكروموسوميّة.

تُجرى فحوصات معيّنة للكشف عن حدوث الإجهاض عند الاشتباه باحتماليّة حدوثه:[4]

  • فحص الحوض.
  • التصوير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasonography).
  • فحوصات الدم للكشف عن مستوى الهرمون الذي تُفرزه المشيمة في الفترة الأُولى من الحمل، المعروف باسم هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمائية (hCG) (Human chorionic gonadotropin).

علاج الاجهاض المتكرر المبكر

يُحدّد علاج الاجهاض المتكرر المبكر بالاعتماد على العوامل أو الأسباب التي يُحتمَل إسهامها في حدوث الإجهاض،[2] من الطرق العلاجية المُقترحَة لتجنب الإجهاض المتكرر:

  • العلاج عند وجود مشكلات جينيّة:

يُوصى بالحصول على استشارة جينيّة (Genetic counseling) في حالة وجود شكوك حول احتماليّة حدوث الإجهاض المتكرّر المبكّر المرتبط بمشكلات جينيّة معيّنة، وقد تُفيد عمليّة أطفال الأنابيب وإجراءات التشخيص الوراثيّ للأجنة قبل زراعتها في الرحم (Preimplantation genetic diagnosis) في حالات الإصابة بطفرة الانتقال الكروموسوميّ المتوازن (Balanced translocation).[3][9]

  • علاج متلازمة الأجسام المضادة للفوسفولبيد (APS):

تتضمن الخيارات العلاجيّة المتاحة في حالات علاج متلازمة الأجسام المضادة للفوسفولبيد استخدام نوع أو أكثر من علاجات معيّنة:[3]

  • جرعة منخفضة من الأسبرين.
  • حقن تحت الجلد من الهيبارين (Heparin).
  • الغلوبولينات المناعيّة (Immunoglobulins).
  • البريدنيزون -أحد مشتقات الكورتيزون- (Prednisone).

  • علاج مشكلات الغدد الصماء:

يُحدّد العلاج في حالة الاعتقاد بأنّ مشكلات الغدد الصمّاء قد تكون سببًا في حدوث الإجهاض المتكرّر بحسب نوع المشكلة، كأن يُستخدم:[3][9]

  • العلاج البديل لهرمونات الدرقيّة في حالات الإصابة بمشكلة قصور الغدّة الدرقيّة.
  • دواء الميتفورمين (Metformin) لعلاج تكيّس المبايض.
  • البروجستيرون عند الإصابة بعيب الطور الأصفري (LPD)، ومع ذلك لا يوجد علاج نهائيّ يحقّق نتائج إيجابيّة قطعيّة تضمن سلامة الحمل في حالات الإصابة بعيب الطور الأصفري (LPD).
  • وضع خطّة علاجيّة ملائمة في حالات الإصابة بمرض السكري.

  • علاج اضطرابات التخثر:

قد يُعطى الأسبرين (Aspirin) والهيبارين‏ (Heparin) في حالات تشخيص الإصابة باضطرابات التخثّر.[3]

  • علاج المشكلات التشريحيّة:

قد يلجأ الطبيب لاستخدام أنواع معيّنة من الجراحات للسيطرة على المشكلات التي تتعلّق باختلال التركيب التشريحي التي يُصاحبها حدوث الإجهاض المتكرّر، كاعتماد جراحة الاستئصال خلال تنظير الرحم (Hysteroscopic resection) بهدف علاج اضطرابات القناة المولارية (Müllerian anomalies)، أو استخدام طريقة استئصال الورم الليفي (Myomectomy) في حالات الإصابة بمتلازمة أشرمان.[9]

  • علاج العدوى:

تُستخدم المضادات الحيويّة لعلاج التهاب بطانة الرحم (Endometritis) أو أنواعٍ أُخرى من العدوى التي قد تزيد من احتماليّة حدوث الإجهاض.[9]

  • العلاج في حالات الإجهاض المتكرر مجهولة السّبب:

قد يُفيد البروجستيرون في تقليل خطورة حدوث الإجهاض لدى النساء اللواتي واجهن ما لا يقلّ عن ثلاث حالات إجهاض، ومن المحتمل أن تتحقّق الفائدة المرجوّة باستخدام جرعات منخفضة من الأسبرين عند وجود تاريخ سابق للإصابة بالإجهاض بعد الأسبوع 13 من الحمل.[9]

  • السيطرة على بعض العوامل الخارجية التي قد تؤثر في سلامة الحمل:

يقدّم الأطباء المشورة في الحالات التي تؤثر فيها بعض العادات السيئة على خطورة الإصابة بالإجهاض بهدف تقليل احتماليّة حدوث هذه المشكلة خلال الحمل،[3] وقد يتضمّن ذلك تقديم النصح بشأن تغيير نمط الحياة، كالمحافظة على بقاء مؤشر كتلة الجسم (BMI) ضمن معدله الطبيعيّ، وتجنّب تناول المشروبات الكحوليّة، وتجنب التدخين، والحرص على استخدام حمض الفوليك (Folic acid) قبل الحمل.[10]

ومن الجدير بالذكر ضرورة تقديم المشورة والدعم النفسي اللّازم للأزواج الذين يواجهون مشكلة تكرار الإجهاض، وذلك للدور الذي يلعبه الدعم النفسي في زيادة احتماليّة نجاح الحمل.[9]

كتابة: الصيدلانية بيان ربيع - الإثنين ، 16 تشرين الأول 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب

المراجع

1.
Quenby S, Gallos ID, Dhillon-Smith RK, Podesek M, Stephenson MD, Fisher J, Brosens JJ, Brewin J, Ramhorst R, Lucas ES, McCoy RC, Anderson R, Daher S, Regan L, Al-Memar M, Bourne T, MacIntyre DA, Rai R, Christiansen OB, Sugiura-Ogasawara M, Odendaal J, Devall AJ, Bennett PR, Petrou S, Coomarasamy A. (2021). Miscarriage matters: the epidemiological, physical, psychological, and economic costs of early pregnancy loss. Lancet. 2021 May 1;397(10285):1658-1667. Retrieved from https://doi.org/10.1016/s0140-6736(21)00682-6
2.
Dimitriadis E, Menkhorst E, Saito S, Kutteh WH, Brosens JJ. (2020). Recurrent pregnancy loss. Nat Rev Dis Primers. 2020 Dec 10;6(1):98. Retrieved from https://doi.org/10.1038/s41572-020-00228-z
3.
John C Petrozza. (2022). Recurrent Early Pregnancy Loss. Retrieved from https://emedicine.medscape.com/article/260495-overview

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري نسائية وتوليد أونلاين عبر طبكان
احجز