يُعد ارتفاع ضغط الدم من أكثر الأمراض فتكًا بالناس حول العالم، إذ يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والموت المُبكر، ونظرًا لمضاعفاته الخطيرة لا بُد من زيادة التوعية بمرض ارتفاع ضغط الدم وطرق السيطرة عليه، فمثلًا تناول كمياتٍ كبيرة من ملح الطعام، والإصابة بالسُمنة، وشرب الكحول، وقلة النشاط البدني، واتباع نظام غذائي غير صحي، جميعها تُشكل عوامل خطر تتسبّب بارتفاع ضغط الدم.[1]
ما هو مرض ارتفاع ضغط الدم؟
لتعريف مصطلح ارتفاع ضغط الدم لا بُدّ من معرفة المقصود بضغط الدم أولًا، يُعرّف ضغط الدم على أنه القوة التي يؤثر بها الدم على جدران الشرايين أثناء ضخه من القلب إلى سائر أنحاء الجسم، ويُعبّر عنه برقمين؛ يُشير الرقم الأول إلى ضغط الدم الانقباضي (Systolic Pressure) وهو مقدار ضغط الدم عند انقباض عضلة القلب، أما الرقم الثاني فيُمثّل ضغط الدم الانبساطي (Diastolic Pressure) وهو ضغط الدم عند انبساط عضلة القلب بين النبضتين، فإذا كانت قراءة ضغط الدم دون 120\80 مليميتر زئبق، عندئذٍ تُعد طبيعية.[2]
وفقًا لتوصيات التقرير السابع للجنة الوطنية المشتركة للوقاية من ارتفاع ضغط الدم والكشف عنه وتقييمه وعلاجه (JNC 7)، تُصنّف قراءة ضغط الدم (بوحدة مليليتر زئبق) للبالغين:[3]
تصنيف ضغط الدم | ضغط الدم الانقباضي (مم زئبق) | ضغط الدم الانبساطي (مم زئبق) |
طبيعي | أقل من 120 | أقل من 80 |
مقدمة ارتفاع ضغط الدم | 139-120 | 89-80 |
المرحلة الأُولى من ارتفاع ضغط الدم | 159-140 | 99-90 |
المرحلة الثانية من ارتفاع ضغط الدم | أكثر من 160 | أكثر من 100 |
يستند التصنيف المذكور أعلاه إلى متوسط قراءتين أو أكثر خلال اليوم مُسجّلتين في يومين مختلفين أو أكثر، كما يُشير التصنيف الجديد إلى ظهور فئة جديدة تُعرَف بمقدمة ارتفاع ضغط الدم، ويُقصد بها المرضى المُعرضون بنسبة عالية للإصابة بارتفاع ضغط الدم، ويُعد تغيير نمط حياتهم حجر الأساس للوقاية منه.[3]
ما أسباب ارتفاع ضغط الدم؟
يُصنّف ارتفاع ضغط الدم إلى نوعين:
- ارتفاع ضغط الدم الأساسي.
يُصيب ارتفاع ضغط الدم الأساسي (Essential (primary) hypertension) ما نسبته 95 بالمئة من مرضى ارتفاع ضغط الدم، ولا تزال أسباب الإصابة بارتفاع ضغط الدم الأساسي مجهولة السبب، ولكن يُعتقد أنّها قد تنتج عن مجموعة من العوامل الوراثية التي تساعد في ظهورها حزمة من الممارسات غير الصحيّة، كانخفاض معدل النشاط البدني، وزيادة التوتر، والإصابة بالسُمنة، والإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالصوديوم، وعوز النظام الغذائي لبعض العناصر الغذائية كالبوتاسيوم، والكالسيوم، والمغنيسيوم.[4]
- ارتفاع ضغط الدم الثانوي.
ينجم ارتفاع ضغط الدم الثانوي (Secondary hypertension) عن الإصابة بمشكلة مرضية تُسبب ارتفاع ضغط الدم،[5] ومن أهم المشكلات الصحيّة التي قد تكون سببًا له:[5]
- مرض تضيُق الشريان الكلوي (Renovascular disease).
- متلازمة كوشينغ (Cushing syndrome).
- ورم المستقتمات (Pheochromocytoma).
- فرط الألدوستيرونية الأولية (Primary aldosteronism).
- انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم (Obstructive Sleep Apnea).
ما أعراض الإصابة بارتفاع ضغط الدم؟
يُسمى ارتفاع ضغط الدم بالقاتل الصامت لأنّ المريض قد يُصاب به لعدة سنوات دون ظهور أيّ أعراضٍ مميزة تثير قلق المريض وتستدعي مراجعته للطبيب المُختص، وقد يُشاع أن الصداع، أو نزيف الأنف، أو الشعور بالدوار، أو احمرار الوجه، أو الإحساس بالتعب هي علامات تدل على ارتفاع ضغط الدم، ولكن في حقيقة الأمر أن هذه الأعراض قد تترافق مع ارتفاع ضغط الدم وقد تظهر لدى الأشخاص ذوي ضغط الدم الطبيعي أيضًا.[6][7]
يُسبّب ارتفاع ضغط الدم المُزمن غير المُعالج تلفًا في وظائف بعض أجهزة الجسم كالدماغ، والقلب، والكليتين، والعينين، فتظهر أعراضٌ مرافقة لذلك:[7]
- الصداع والتعب.
- الشعور بالغثيان والتقيؤ.
- صعوبة التنفس.
- الشعور بعدم الراحة والتململ.
كما يُسبّب ارتفاع ضغط الدم الشديد تورمًا في الدماغ، وهو ما يُعرف بالاعتلال الدماغي لارتفاع ضغط الدم (Hypertensive encephalopathy)، وتُعد حالة طبية طارئة، تتمثّل أعراضها بصداعٍ يزداد تدريجيًا مترافقًا مع الشعور بالغثيان والتقيؤ، يليه بعض الأعراض العصبية الأُخرى، مثل الشعور بعدم الراحة والاضطراب، والتشنجات العصبية، وأحيانًا الغيبوبة.[8]
ما هي طرق علاج ارتفاع ضغط الدم وطرق الوقاية منه؟
يلجأ الطبيب المختص لعلاج ارتفاع ضغط الدم عبر خيارين علاجيّين:
العلاج غير الدوائي
يُعرّف العلاج غير الدوائي (Nonpharmacological interventions) على أنه تغييرات في أسلوب حياة المريض لتشمل خياراتٍ صحية أكثر للوقاية من ارتفاع ضغط الدم وعلاجه، ويُعد العلاج غير الدوائي خيارًا علاجيًا فعّالًا للمرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم الأقل حدّة، كما يُلجأ إليه جنبًا إلى جنب مع العلاجات الدوائية التي يصفها الطبيب.[9]
من أهم طرق العلاج غير الدوائي اتباع نظام غذائي صحي كنظام داش الغذائي (DASH)، وهو نظام غذائي خاص بمرضى ارتفاع ضغط الدم،[10] ويرتكز نظام داش الغذائي على عدّة أُسس:[10][11]
- زيادة تناول الخضراوات، والفواكه، والحبوب الكاملة.
- استهلاك منتجات الألبان قليلة الدسم أو الخالية من الدسم، والدواجن، والأسماك، والمكسرات، والزيوت النباتية.
- تقليل تناول الأطعمة الغنية بالدهون المُشبعة، مثل اللحوم التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون، ومنتجات الألبان كاملة الدسم، وبعض أنواع الزيوت كزيت جوز الهند وزيت النخيل.
- الحد من تناول الحلويات والمشروبات المُحلاة.
- الامتناع عن شرب الكحول.
وتجدر الإشارة إلى ضرورة خفض استهلاك ملح الطعام، إذ إنّ كمية الملح التي يتناولها المريض تتناسب طرديًا مع ضغط الدم، وبحسب منظمة الصحة العالمية يجب أن لا يتجاوز الاستهلاك اليومي من ملح الطعام 5 غرامات.[12]
وبالتزامن مع تغيير النظام الغذائي يُوصَى بممارسة الأنشطة الرياضية لِما لها من أثرٍ في خفض ضغط الدم، فممارسة التمارين الهوائية أو تمارين المقاومة تُحسّن من صحة القلب والشرايين عمومًا، كما توصي جمعية القلب الأمريكية بممارسة التمارين الهوائية المتوسطة إلى الشديدة في مستواها لمدة 40 دقيقة تُكرر 3-4 مرات في الأسبوع.[11]
بالإضافة لذلك تُعد خسارة الوزن من أنجع الطرق لتقليل ضغط الدم، فوفقًا للدراسات السريرية تُسبب خسارة 1 كيلوغرام من الوزن نقصًا في ضغط الدم مقداره 1.1 مليليتر زئبق من ضغط الدم الانقباضي و0.9 مليليتر زئبق من ضغط الانبساطي.[13]
العلاج الدوائي
قد لا تكفي تغييرات نمط الحياة وحدها في السيطرة على ارتفاع ضغط الدم أو خفضه في بعض الحالات، لذا يلجأ الأطباء والاختصاصيين إلى استخدام الأدوية الخافضة لضغط الدم،[14] ومن أبرز المجموعات الدوائية التي تُستخدم لهذه الغاية:[14]
- مدرات البول.
- مثبط الإنزيم المُحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitor).
- حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2 (Angiotensin II receptor blockers)
- حاصرات مستقبلات بيتا (Beta blockers).
- حاصرات قنوات الكالسيوم (Calcium channel blocker).
يهدف العلاج الدوائي إلى الوصول لقراءاتٍ معينة من ضغط الدم تُسمى بالقيمة الهدف لضغط الدم (Goal blood pressure)، إذ تُحدَّد وفقًا لعدة عوامل، كعمر المريض والأمراض المزمنة التي يُعاني منها، ففي حال لم يُحقق الهدف المرجو من العلاج بعد شهرٍ من بدء استخدامه يلجأ الطبيب لإجراء تعديلاتٍ عديدة على الخطة العلاجية، فمثلًا قد يزيد من جرعة الدواء أو يُضيف دواءً آخرًا من ضمن نفس الفئة الدوائية أو من فئةٍ أُخرى.[11]
ما هي مضاعفات ارتفاع ضغط الدم؟
تشمل المضاعفات الناتجة عن عدم السيطرة على ارتفاع ضغط الدم: [15][16]
- مرض الشريان التاجي (Coronary Heart disease).
- احتشاء عضلة القلب (Myocardial infarction).
- السكتة الدماغية (Stroke).
- الاعتلال الدماغي بارتفاع ضغط الدم (Hypertensive encephalopathy).
- الفشل الكلوي بنوعيه الحاد والمزمن.
- مرض الشرايين المحيطية (Peripheral arterial disease).
- الرجفان الأذيني (Atrial fibrillation).
- تمدد الشريان الأورطي (Aortic aneurysm).
- الموت نتيجةً لمُضاعفات أمراض القلب والجلطات الدماغية.