يُصنّف الشعير (Hordeum vulgare L) الذي ينتمي إلى العائلة النجيلية (Poaceae)، من الحبوب القيّمة، التي تُزرع في المناخات المعتدلة خلال فصل الصيف، والمناخ المعتدل وشبه الاستوائي في فصل الشتاء، وقد سبق أن اُستخدم الشعير أساسًا في الاستهلاك البشري، ولكن بعدما برز القمح في النظام الغذائي البشري وازداد انتشاره، أصبح الشعير محصولًا رئيسيًا لإنتاج العلف والشعير.[1]
الشعير عبارة عن نبتة عشبية سنوية يصل طولها إلى 2-4 أقدام، أمّا السيقان فمُجوفّة ومتصلة، وتكون حواف أسطح الأوراق ناعمة ومدببة، وتنمو على الساق فوق مستوى سطح الأرض، كما يُنتج النبات بذورًا تُحمل على الأزهار العنقودية الشائكة التي يبلغ طولها حوالي ¾ إلى 4 بوصات (2-10 سم)، مع مجموعات من الزهور في مجموعات من ثلاث شعيراتٍ طويلة تُعرف باسم المظلة، والتي يمكن أن يصل طولها إلى 6 بوصات.[2]
يُعد الشعير طعامًا ذا مؤشر جلايسيمي منخفض (Glycemic Index)، أقل من 55، وهذا الرقم يجعل الوجبات التي تحتوي على الشعير مقبولةً للأشخاص الذين يعانون من حساسية الغلوتين، وللأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني أو مقدمات السكري، بالإضافة إلى أنّ نبات الشعير يحتوي على العديد من الفيتامينات والمعادن الحيوية، التي تُعد مصدرًا جيدًا للألياف الغذائية القابلة للذوبان، وخاصةً بيتا جلوكان (β-glucan).[3]
فوائد الشعير
تتعدد فوائد الشعير نظرًا لمكوناته الغذائية المختلفة:
الشعير ومرض السكري: هل يخفض مستوى السكر المرتفع؟
يحتوي الشعير على العديد من المكونات التي تساعد في علاج الكثير من الأمراض، ووفقًا لدراسة نُشرت في مجلة (Clinical Nutrition Research) عام 2020 ميلادي أُجريت بهدف بحث الدور الذي قد يلعبه الشعير لدى مرضى السكري من النوع الثاني، فقد أظهرت النتائج أنّ استهلاك المشاركين لوجبة طعام تحتوي على ما نسبته 50% من الشعير الغني بمركب بيتا- جلوكان قد خفّض كلًا من مستوى سكر الدم المرتفع بعد تناول الطعام، والإفراز المفرط للإنسولين.[4]
تخفيف الوزن
تُعد السمنة متلازمة العصر الجديدة، فهي مصدر قلق صحي يرتبط بفرط شحميات الدم، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والأوعية الدموية، والسكري، وبعض الأورام السرطانية التي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، وقد أُجريت دراسة على جرذانٍ مخبرية ونُشرت في مجلة (Journal of Ethnopharmacology) عام 2019 ميلادي لمعرفة دور الشعير في محاربة السمنة، وأظهرت نتائجها أنّ استهلاك الجرذان لعصير الشعير بتركيز بلغ 200، و400 ملغ/كغ لمدة ستين يوميًا قد خفّض من وزن الجسم، ومؤشر كتلة الجسم، وحسّن من وظائف الكبد.[5]
تحسين صحة الأمعاء
تلعب الكائنات الحية الدقيقة (البكتيريا النافعة) الموجودة في الأمعاء دورًا حاسمًا في صحة الإنسان، مما دفع الباحثين إلى إجراء العديد من الدراسات حول هذا الموضوع، إذ تشير الأبحاث إلى أنّ نوع الغذاء يمكن أن يؤثر في ميكروبات الأمعاء، لذلك أُجريت دراسة في اليابان نُشرت في مجلة (BMC nutrition) عام 2022 ميلادي لمعرفة العلاقة بين استهلاك الشعير وصحة الأمعاء، وقد وُجد أنّ تناول الشعير غيّر من تنوع الكائنات الحية الدقيقة الموجودة فيها، بالإضافة إلى وجود علاقة إيجابية بين تناول الشعير ووفرة بكتيريا البيفيدو (Bifdobacterium)، وبكتيريا بوتيريسيكوكو (Butyricicoccus).[6]
فوائد الشعير للأعصاب
للتغذية دورٌ حيويٌ في علاج الأمراض النفسية، إذ يمكن أن تؤثر بعض الأغذية في شدة الاكتئاب ومدته مثلًا، وقد أظهرت دراسة أُجريت على جرذان مخبرية ونُشرت في مجلة (European Review for Medical and Pharmacological Sciences) عام 2022 ميلادي بهدف بحث تأثير استهلاك التلبينة النبوية (عصيدة الشعير) على الاكتئاب، أنّ لعصيدة الشعير قدرة على استعادة مستويات الناقلات العصبية في البول إلى طبيعتها، مما يعني تغيير مسارات التوتر، الذي بدوره يُفسر التأثيرات المضادة للاكتئاب الموجودة في التلبينة.[7]
فوائد الشعير للنساء
للشعير فوائد متنوعة لصحة النساء:
يخفف بعض الأعراض المصاحبة لقصور الغدة الدرقية
يُعد قصور الغدة الدرقية أحد الاضطرابات المنتشرة التي تؤثر سلبًا في القدرات الوظيفية التعلمية، فهو قد يُضعف الذاكرة، كما قد يسبب تأخرًا في نمو الهيكل العظمي، ومشكلات القلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم الثانوي، وتدهور الصحة الإنجابية البشرية، إلى جانب اضطرابات في وظائف الدماغ، وقد أُجريت دراسة نُشرت في مجلة (Cellular and Molecular Biology) عام 2019 ميلادي هدفت إلى معرفة دور مكملات الشعير في التغيرات العصبية المصاحبة لقصور الغدة الدرقية لدى إناث الجرذان، أظهرت النتائج المخبرية أنّ لمكملات الشعير تأثيرًا فعّالًا وآمنًا في تخفيف الأعراض الناجمة عن الاختلالات العصبية في حالات قصور الدرقية.[8]
يحُد من تكاثر خلايا سرطان الثدي
ازداد الاهتمام باستخدام المواد الكيميائية الطبيعية للحد من بعض الأمراض كالسرطان وغيره، وقد أُجريت دراسة مخبرية نُشرت في مجلة (Nutrition and Cancer) عام 2016 ميلادي هدفت إلى تقييم التأثيرات الوقائية لأوراق الشعير الصغيرة على سرطان الثدي تحديدًا في إناث الجرذان، وقد أظهرت النتائج أنّ لنبات الشعير تأثيرات مضادة لتكاثر الخلايا السرطانية في الثدي لدى الفئران.[9]
تأثير الشعير في مستويات الكولستيرول
أُجريت دراسة مخبرية نُشرت في مجلة (Food Chemistry) عام 2014 ميلادي على حيوانات الهامستر لمعرفة تأثير استهلاك الشعير المقشور على مستويات الكوليسترول، وقد وُجد أنّ تناول الشعير يخفض مستويات الكوليسترول السيء (LDL) في البلازما عن طريق زيادة إفراز البراز الدهني.[10]
فوائد الشعير المغلي والمطحون
أثبتت دراسة أُجريت في إيران ونُشرت في مجلة (European Review for Medical and Pharmacological Sciences) عام 2022 ميلادي لبحث دور ماء الشعير الفارسي في التحكم في الأعراض الناتجة عن مرض كوفيد-19 لدى المرضى الذي جرى إدخالهم للمستشفى، وقد وُجد أنّ استهلاك ماء الشعير المغلي بمقدار 250 ملليلتر يوميًا لفترة أسبوعين قد قلل من الحمى، ومن مؤشرات الالتهاب (ESR, CRP)، إضافة إلى مدة الإقامة في المستشفى لدى المرضى الذين يعانون من أعراض معتدلة الشدة.[11]
أمّا عن فوائد الشعير المطحون، فقد ورد في الدراسات أنّ الشعير المطحون يوفر العناصر الغذائية، ويزيل السموم من الخلايا لدى الإنسان، كما أنه يُحسّن من مستوى النوم، وله تأثير مضاد لمرض السكري، وينظم ضغط الدم، كذلك هو يعزز المناعة، ويحمي الكبد، ويُحسن من وظيفة الجهاز الهضمي، وله تأثيرات مضادة لحب الشباب، ويمتلك خواصًا مضادة للسرطان، ومضادة للالتهابات، ومضادة للأكسدة، ومضادة لمرض النقرس.[12]
كيف يؤكل الشعير
يمكن تناول الشعير بطرقٍ مختلفة؛ كالتلبينة النبوية أو ما يسمى بعصيدة الشعير، والتي تتكون من منقوع الشعير والحليب واللوز بالإضافة إلى العسل،[7] كما يُضاف الشعير إلى أنواع الحساء المختلفة،[1] ويمكن تناول الشعير على شكل عصير أو مسحوقٍ مُحضّر من أوراق النبات الصغيرة،[3] بالإضافة إلى استخدام الشعير في التخمير، فهو يُستخدم أيضًا في صنع حبوب الإفطار، والمعكرونة، والخبز، والحلويات، وكبديلٍ للقهوة، كما يمكن استبدال الطحين الأبيض بطحين الشعير في صناعة العديد من المخبوزات والحلويات نظرًا لقيمته الغذائية العالية.[13]
أضرار الشعير
يحتوي الشعير على مركب الغلوتين البروتيني (Gluten)، الذي يفضل تجنب استهلاكه من الأشخاص الذين شُخصوا بمرض الداء البطني/الزُّلاقي (Celiac disease)، إذ إنّه قد يسبب حساسية الغلوتين وهي مشكلة صحية تسبب أعراضًا معوية بعد تناول الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين لدى الأفراد الذين لا يعانون من الداء البطني، أو حساسية القمح، والتي قد تظهر بعد ساعات أو أيام من تناول الغلوتين، إذ غالبًا ما يعاني الأشخاص من أعراضٍ مشابهة لمتلازمة القولون العصبي، كالشعور بعدم الراحة في المعدة، والانتفاخ، وعدم انتظام حركة الأمعاء، وقد يعانون أيضًا من التعب، وآلام المفاصل، والعضلات، والتهاب الجلد كالإكزيما أو الطفح الجلدي، بالإضافة إلى فقر الدم، والأعراض العصبية.[14]