تُعد عملية تغيير مفصل الركبة الحل الأمثل للمرضى الذين يعانون من تآكل غضاريف وأجزاء مفصل الركبة في المراحل المتقدمة التي لا تستجيب للعلاج التحفظي، فهي تخفف الألم، وتحسن جودة الحياة، ومن المتوقع زيادة عدد المرضى الذين تتطلب حالتهم إجراء عملية استبدال مفصل الركبة، ليصل تعدادها 3.48 مليون عملية سنويًا بحلول عام 2030.[1]
ما هي عملية تغيير مفصل الركبة؟ ومم يتكون المفصل الصناعي؟
تتلخص عملية تغيير مفصل الركبة باستبدال الأجزاء التالفة من المفصل بتراكيب صناعية لتؤدي وظيفتها بأقرب ما يكون للحالة الطبيعية، ويمكن أن يُستبدَل جزء واحد من تراكيب الركبة نظرًا لتلفه، فتكون عملية استبدال المفصل جزئية، لكن في حالاتٍ أًخرى يحدث التلف في جزأين أو ثلاثة من تراكيب الركبة، ما يستدعي استبدال المفصل بالكامل، خصوصًا في حالة عدم استجابة المريض للعلاجات التحفظية التي سبق وصفها له.[2]
يتكون المفصل الصناعي من ثلاثة أجزاء، الجزء الفخذي (Femoral segment)، وجزء الساق (Tibial segment)، والجزء الهلالي (Meniscus)، الجزء الفخذي يتكون من المعدن ويتصل بالطرف السفلي لعظمة الفخذ، أما جزء الساق فيُثبَت بداخل الطرف العلوي من عظمة الساق، وهو معدني مع أجزاء من البلاستيك، بينما يُشكل الجزء الهلالي غضروف الركبة الجديد.[3]
أسباب إجراء عملية تغيير مفصل الركبة
تُجرى عملية استبدال مفصل الركبة للمرضى الذين يعانون من ألم الركبة المستمر الناجم عن تآكل مفصل الركبة (الفصال العظمي Osteoarthritis)، وذلك بعد فشل العلاجات التحفظية في تخفيف آلامهم.[2]
لكن، قد تُجرى عملية تغيير مفصل الركبة في حالاتٍ أُخرى:[4]
- التهاب المفاصل الجهازي (Systematic arthritis) الذي يصيب أكثر من مفصل في الجسم، ويؤثر سلبًا في أداؤه لوظيفته.
- التهاب المفصل الرضفي الفخذي (Patellofemoral arthritis) الشديد، إذ يكون لاستبدال مفصل الركبة نتائج أفضل من استئصال الرضفة.
- التهاب مفصل الركبة من الدرجة المتوسطة إذا كان هناك اعوجاج بمفصل الركبة أو تقوسها إما للداخل أو للخارج.
مضاعفات عملية تغير مفصل الركبة
قد تتضمن عملية تغيير مفصل الركبة بعض المضاعفات الشائعة والنادرة:
- المضاعفات الناتجة عن التخدير.[5] فمثلًا قد يترافق التخدير النصفي مع ألم الظهر، الصداع، الغثيان والتقيؤ، انخفاض ضغط الدم، كدمات في العمود الفقري.[6]
- فقدان الدم (النزيف).[5]
- العدوى، تُسهم المضادات الحيوية التي تُعطى للمريض بعد العملية في تخفيض معدل الإصابة بها.[5]
- تفتق شق العملية.[5]
- حدوث كسور في أحد أجزاء المفصل أثناء العملية.[5]
- حدوث جلطات أوردة الساق العميقة (DVT) من أخطر المضاعفات خاصة إذا تحركت الجلطة إلى الأوعية الدموية الرئوية؛ لذا من المهم تجنبها عن طريق الحركة المبكرة بعد العملية، وارتداء الجورب الطبي الضاغط على أوردة الساق، وتناول الأدوية المضادة للتجلط وفقًا لتوصية الطبيب؛ حتى لا تؤثر سلبًا، وتزيد احتمالية حدوث النزيف بعد العملية.[6]
- نادرًا ما يحدث تفتت لأجزاء من معدن المفصل، وتراكمها في الأنسجة المجاورةخلال 6 أسابيع إلى 26 عام بعد العملية، والسبب الرئيسي هو فشل الجزء الرضفي المكون لمفصل الركبة الصناعي لدى 40% من الحالات، ولعلاج ذلك يُستبدَل الجزء التالف من مفصل الركبة جزئيًا أو كليًا حسب حالته (يعد الاستبدال الكامل الأكثر انتشارًا ونجاحًا بنسبة 89.4%).[7]
التحضيرات قبل عملية تغيير مفصل الركبة
تشمل الفحوصات والتحضيرات قبل عملية تغيير مفصل الركبة:[8]
- تخطيط كهربية القلب (Electrocardiogram ECG).
- تصوير الصدر بالأشعه السينية (X-ray).
- تعداد الدم الشامل/الكامل (Complete Blood Count CBC).
- تحليل البول.
- فحص عوامل التجلط بالإضافة إلى الفحوصات الروتينية الأخرى.
أثبتت بعض الدراسات أنّ الإقلاع عن التدخين قبل 4 أسابيع من عملية استبدال مفصل الركبة يقلل حدوث المضاعفات، تحديدًا تلك الخاصة بالتئام جرح العملية، كما يوصى بتشخيص وعلاج مرض فقر الدم/الأنيميا قبل العملية في حال تبيّن إصابة المريض، به فهو يؤدى إلى زيادة احتمالية الحاجة لنقل الدم خلال الجراحة، وزيادة مدة الإقامة بالمستشفى، وحدوث العدوى.[9]
كيفية إجراء عملية تغيير مفصل الركبة
تتضمن عملية تغيير مفصل الركبة استبدال أجزاء الركبة التالفة بأخرى اصطناعية لتخفيف الألم، وتحسين وظيفة المفصل، يُذكر بأنّ عملية تغيير مفصل الركبة شهدت تقدمًا مع تطور أساليب الجراحة، واستحداث تصاميم متطورة للمفصل الصناعي.[10]
تتلخص خطوات عملية تغيير مفصل الركبة:[10]
- يشق الجراح الجلد في مفصل الركبة لكشف المفصل ورؤيته بوضوح أثناء العملية، وذلك من خلال شق يتراوح طوله بين 10 سنتيمر إلى 15 سنتيمتر.
- يُزال الجزء التالف من المفصل.
- يثبت الجزء الأول من المفصل الجديد في عظمة الفخذ بعد ثقبها وتحديد زاوية المفصل الجديد بأداة محددة لهذا الغرض (Intramedullary jig)، ثم يضبطها اعتمادًا على المعطيات لديه من نتائج الفحوصات قبل العملية.
- يثبت الجزء الثاني من المفصل في عظمة الساق بعد قطع رأس العظمة عموديًا مع محورها.
- تحديد نطاق الحركة للركبة بدقة بالتحقق من ثني الركبة، وضبط توازنها.
- إغلاق الجرح بواسطة غرز جراحية قابلة للامتصاص.
- توضع ضمادة معقمة على الجرح لما يقارب 7 أيام، أو وفقًا لتوصية الجراح.
فترة التعافي بعد عملية مفصل الركبة
يُنصح المرضى خلال الأسبوع الأول بعد تغيير مفصل الركبة باتخاذ وضعية تكون فيها زاوية ثني الركبة بين 30 درجة و90 درجة أثناء الراحة، وذلك لتخفيف التورم،[11] وعادةً ما تتراوح مدة الإقامة في المستشفى بعد استبدال مفصل الركبة من يوم إلى 3 أيام،[12] وقد أثبتت الدراسات أنّ ما نسبته 70% إلى 80% من المرضى قادرين على العودة للعمل خلال 3 ل 6 شهور بعد العملية، وذلك وفقًا لطبيعة العمل، ومدى تحسُّن حالتهم الصحية.[13]
أمّا عن أداء المفصل الجديد بعد عملية تغيير مفصل الركبة، فقد أكدت دراسة نُشرت عام 2019 ظهور تحسن ملحوظ في أداء المرضى خلال 6 إلى 12 شهرًا بعد تركيب المفصل.[14]
يوصى المرضى قبل خروجهم من المستشفى بمراجعة اختصاصي العلاج الطبيعي لإعداد خطة تتضمن إعادة تأهيل مفصل الركبة الجديد، بما يعزز قدرة المريض على استخدامه والتحرك باستقلالية دون مساعدة الآخرين خلال فترة أقصر،[11] يمكن أن تشمل التمارين العلاجية خلال فترة التعافي أداء بعض الأنشطة المتخصصة:[11]
- العلاج بالتبريد (Cryotherapy): فقد أثبتت ست دراسات ذات جودة عالية، وأربع دراسات ذات جودة معتدلة أهمية العلاج بالتبريد في تخفيف الألم بعد عملية تغيير مفصل الركبة.
- الأنشطة البدنية: أكدت الدراسات أهمية مشاركة المرضى بعد عملية تغيير مفصل الركبة في الأنشطة البدنية وذلك لمدة 4 سنوات بعد عملية استبدال مفصل الركبة لدورها في زيادة القوة وسرعة الحركة وتحسين الحالة الوظيفية للمفصل الجديد، وتشمل تمارين حمل الأثقال، وتمارين التوازن والمرونة، وتمارين المقاومة (Resistance exercise).
- التمارين المائية: تحسّن التمارين المائية بعد عملية تغيير مفصل الركبة من مستوى التوازن، وترفع معدل القدرة على الحركة، بالتالي تحسن جودة الحياة عمومًا.
نصائح وتوصيات بعد إجراء عملية تغيير مفصل الركبة
أكدت دراسة نُشرت عام 2022 أنّ مرحلة إعادة التأهيل بعد عملية تغيير مفصل الركبة له أهمية قصوى في تعافي المريض، فهو يخفف الألم، ويحسن جودة حياة المريض،[15] من أبرز التوصيات بعد إجراء عملية تغيير مفصل الركبة:[15][16]
- تناول المسكنات لتخفيف الألم والسيطرة عليه وفقًا لتوصيات مباشرة من الطبيب.
- استشارة الطبيب حال ملاحظة أي أعراض، إذ قد تكون مؤشرًا على حدوث عدوى في المفصل مما يستدعي اتخاذ تدابير علاجية لتجنب تفاقهما.
- تناول الملينات (قد توصَف على هيئة حقن شرجية أحيانًا) بعد استشارة الطبيب، وذلك للتغلب على الإمساك الذي يُعد أحد أكثر الأعراض شيوعًا بعد عملية تغيير مفصل الركبة.
- الالتزام بالجرعات الموصاة من الأدوية المانعة لتجلط الدم (الهيبارين (Heparin)، والوارفارين (Warfarin)؛ تجنبًا للجلطات الدموية في الأوردة العميقة في الساق أو الانصمام الرئوي، إذ إنهما من المضاعفات المحتملة بعد عملية استبدال مفصل الركبة، أما الحالات التي يتعذّر معها استخدام الأدوية من هذه الفئة فيمكن اللجوء لتركيب أجهزة معينة تؤدي ذات المهمة، مثل جهاز ضاغط يلتف حول الساق (Intermittent pneumatic stockings)، كما يمكن تركيب تركيب أداة ترشيح/فلتر على الوريد الأجوف السفلي (Inferior Vena Cava (IVC) filter) للمرضى الأكثر عُرضة للإصابة بالتجلطات بعد العملية.
- استخدام الضمادة من نوع الهيدروجل (ضمادة ترطيب) (Hydro polymer dressing)، إذ أثبتت الدراسات أنها أفضل من الضمادات العادية، فهي يمكن أن تبقى على الجرح 14 يومًا دون الحاجة لاستبدالها، كما تسمح بمدى حركي أفضل أثناء استخدامها.
أسئلة شائعة حول عملية تغيير مفصل الركبة
- كم يستغرق الشفاء من عملية تبديل مفصل الركبة؟
غالبًا يستغرق التعافي الكامل من 6 شهور إلى سنة بعد استبدال مفصل الركبة.[14]
- هل عملية تبديل مفصل الركبة خطيرة؟
تزيد خطورة العملية مع التقدم في السن، ووجود تاريخ مرضي سابق، إذ ترتفع حينها نسبة حدوث أمراض القلب والأمراض ذات الصلة بتجلط الدم.[6]
- متى يبدأ المشي بعد تركيب مفصل الركبة؟
تشير دراسة نُشرت عام 2019 إلى أنَّ المريض يبدأ بالمشي مباشرة في ذات اليوم بعد استكمال العملية، ما يُسهم في تقليل فترة إقامته في المستشفى.[17]
- ما هي نسبة نجاح عملية تغيير مفصل الركبة؟
وفقًا لمراجعة منهجية نُشرت عام 2019 في مجلة (The Lancet) تبلغ نسبة نجاح عملية تغيير مفصل الركبة 82% إذا كان استبدال المفصل كاملًا، أما التغيير الجزئي فتبلغ نسبة نجاح العملية حينها 70% خلال 25 عامًا بعد العملية.[18]