يُعدّ التنظير الداخلي إحدى أهم الطرق التشخيصية والعلاجية التي تحُد من التدخل الجراحي، بالتالي تقليل نسبة الإصابة بالعدوى، وتقليل الصدمات، والكثير من الميّزات التي تعود بالنفع على المريض، إذ بات أكثر استخدامًا في الوقت الحالي.[1]
كان أول من اخترع التنظير الداخلي الجرّاح الألماني فيليب بوزيني عام 1806ميلادي، باستخدام أدوات بدائية لرؤية البلعوم، بعدها طُوِّر ضمن العديد من التجارب بهدف استخدامه لرؤية مجرى البول، وطوّر الطبيبان ماكسيمليان نيتز والطبيب جوزيف ليتر أول منظار المثانة (Cystoscope) الحقيقي عام 1878ميلادي،[2] فما هو تنظير المثانة؟ وكيف يُجرى؟
ما هو تنظير المثانة؟
تنظير المثانة (Cystoscopy) هو أحد الإجراءات الطبية التشخيصية والعلاجية التي تسمح للطبيب برؤية التجويف الداخلي للمثانة والإحليل بصورة مباشرة وحيّة، وهو الإجراء التنظيري البولي الأكثر شيوعًا، إذ غالبًا ما يكون تنظير المثانة متبوعًا بفحص الإحليل (Urethra)، ممّا يوفر تقييمًا أوسع ومعلومات أشمل للجهاز البولي السفلي، وهو يُعرف أيضًا بـتنظير الإحليل (Urethrocystoscopy).[3][4]
يُجري الطبيب تنظير المثانة باستخدام أداة مُعينة تسمّى المنظار (Endoscope)، يُمرّرها في كل من مجرى البول (الإحليل) والمثانة، للكشف عن الأجزاء الداخلية في مجرى البول، وتقاطع مجرى البول، والعضلة العاصرة الإحليلية، والبروستاتا، والجدران الداخلية للمثانة، وفتحات الحالب،[2][5] ما يُمكّن الطبيب من التشخيص الدقيق للمريض سواءً كان يُعاني من اضطرابات في المثانة أو الإحليل،[6] قد يُجرى تنظير المثانة في عيادة الطبيب أو في غرفة العمليات داخل المستشفى تحت تأثير التخدير الكلي.[2]
يبلغ قطر منظار المثانة تقريبًا قطر قلم الرصاص، مع إمكانية تمريره داخل المجرى البولي بمسافة تتراوح بين 15 إلى 30 سنتيمترًا، وغالبًا ما يُصنّع من الألياف الضوئية ويُزوّد بمصدر ضوئي، وكاميرا صغيرة، كما قد تحتوي بعض المناظير على أدواتٍ أُخرى تسمح للطبيب بأخذ أو استئصال خزعات من بطانة المثانة، على سبيل المثال،[6] والجدير بالذكر أن هُناك نوعان من منظار المثانة؛ الصلب (Rigid) والمرن (Flexible)، ويُستخدم كل منهما حسب الحاجة والهدف من التنظير.[2]
يُجرى تنظير المثانة عند الرجال غالبًا لفحص البروستاتا والمثانة والإحليل والحالب، يتضمن تنظير المثانة للرجال الكشف عن الأجزاء الداخلية لكل من عنق المثانة، والإحليل قبل البروستاتا، والإحليل البروستاتي، والإحليل الغشائي، والإحليل القضيبي.[2][7]
أما تنظير المثانة عند النساء يُستخدم فيه منظار خاص بالجهاز البولي الأنثوي، لتقييم مجرى البول لديهن والسماح برؤية أفضل، إذ يُعدّ مجرى البول لدى الإناث قصيرًا نسبيًا مقارنةً مع مجرى البول للذكور، ويُوصَف منظار المثانة الأنثوي المصمّم خصيصًا لهذا الغرض على أنّه مفيد في تقييم حالة مجرى البول الأنثوي.[8]
ما هي أسباب تنظير المثانة؟
يُجرى تنظير المثانة للكشف عن التشوهات الداخلية لمجرى البول والمثانة،[9] كما أنّه يُجرى في عيادة الطبيب للعديد من الأسباب التشخيصية،[2] لعلّ أبرزها:
- مُعاينة حالة المريض وأخذ الخزعات من المثانة أو الإحليل أو البروستاتا،[4] للمساعدة في تشخيص بعض اضطرابات المسالك البولية،[10] يُذكَر منها،
- جمع عينات البول لكل كلية على حِدة من خلال وضع قسطرة للحالبين.[9]
- قياس سعة المثانة، والكشف عن مشكلة ارتجاع البول إلى الحالب.[4]
- تقييم حالة ناسور المسالك البولية (Urologic fistulas).[11]
- تحديد سبب مشكلة البول الدموي (Hematuria).[11]
- تشخيص المشاكل التكوينيّة لدى الأطفال.[11]
- الكشف عن رتوج مجرى البول أو المثانة.[11]
- تقييم ضعف المسالك البولية.[7]
كما يُجرى تنظير المثانة للمرضى الذين يُعانون من التهاب المسالك البولية المستمر على الرغم من خضوعهم للعلاج، ويشعرون بالألم في المثانة عند لمسها وأثناء التبول، أو لوجود كتلة تحت الإحليل، أو لدى مرضى السلس البولي.[5][12]
أمّا تنظير المثانة العلاجي الذي يُجرى في غرف العمليات باستخدام تنظير المثانة الصلب، فيمكن أن يترافق مع العديد من التقنيات كالتنظير الفلوري (Fluoroscopy)، وإجراء تصوير الحويضة الرجعي (Retrograde pyelography) مع إمكانية حقن مادة التباين، أو استخدام بعض الأنواع الأُخرى من المناظير كمنظار القطع (Resectoscope) بُغية الاستئصال عند الحاجة كاستئصال البروستاتا عبر الإحليل، أو قطع الإحليل الداخلي،[2][9] بالإضافة إلى استخدامه في عدّة إجراءات أُخرى:
- حقن البوتكس في العضلة الدافعة للبول (Detrusor).[2]
- إزالة الحصوات، أو الأجسام الغريبة كالدعامات القديمة.[2][4]
- علاج تضيّقات مجرى البول.[10]
- وضع الدعامات لتصريف البول من الحوض، والكلى، والمثانة.[4][10]
- إيقاف النزيف.[4]
- زرع مادة الراديوم في الورم،[4] إذ يُستخدم كأحد خيارات العلاج المُوصى بها لسرطان البروستاتا الموضعي غير المنتشر.[13]
كما يُستخدم تنظير المثانة للنساء لإجراء قسطرة الحالب التي تتعلّق بوجود بعض المشاكل الخاصة بالأمراض النسائية.[11]
هل تنظير المثانة مؤلم؟
في الحقيقة قد يشعر المريض بالقليل من الانزعاج أثناء إجراء تنظير المثانة له وهو مستيقظ،[6] إلى جانب الشعور بعدم الراحة أثناء تمرير الأنبوب عبر مجرى البول إلى المثانة، وقد يسيطر على المريض الشعور بالحاجة المُلحّة للتبول أثناء الإجراء، كما أنّه يشعر بالوخز لدى استئصال خزعة نسيجية حال حاجة الطبيب لذلك، وبعد إزالة أُنبوب التنظير يشعر المريض بألم أيضًا في مجرى البول.[12]
والجدير بالذكر أن تنظير المثانة التشخيصي المرن أقل ألمًا من تنظير المثانة الصلب عند الرجال، وذلك وفقًا لدراسة أجراها الطبيب سيكلينر وآخرون.[11]
ما هي مخاطر تنظير المثانة؟
عامةً، تكون المضاعفات المُتعلقة بتنظير المثانة طفيفة،[11] وتتضمن:
تحضيرات ما قبل إجراء تنظير المثانة
يجب الحصول على موافقة خطية من المريض كاستعدادٍ روتيني للبدء في الإجراء، وتفقّد العلامات الحيوية لديه، وإجراء بعض الفحوصات المخبرية التحضيرية،[9] مثل فحص البول الروتيني (Urinalysis) وفحص زراعة البول المخبرية (Urine culture) قبل إجراء التنظير، بالإضافة إلى مراعاة بعض التعليمات:
- تناول العلاج الوقائي قبل أقل من 24 ساعة من التنظير عند وجود بعض عوامل الخطر التي تتطلّب ذلك؛ كالتقدّم في السن، والاستخدام المزمن لأدوية الكورتيزون، والعدوى، وسوء التغذية، والتدخين، ونقص المناعة، ويتمثل بالمضادات الحيوية، كالفلوروكينولون (Fluoroquinolone)،[2] في المقابل غالبًا لا يحتاج المرضى الذين تُظهر نتيجة زراعة البول لديهم نتائجًا سلبية وليسوا ضمن الفئات المُعرّضة للخطر إلى العلاج الوقائي بالمضادات الحيوية.[11]
- توجيه المريض لبعض الإرشادات حول نوع التخدير الذي سيخضع له، كالتنفّس الروتيني العميق أو غيره من الإجراءات التي يمكن اتباعها عند الاستفاقة من التخدير الكلي،[9] وضرورة امتناع المريض عن تناول أي شيء عن طريق الفم قبل منتصف الليلة السابقة للتنظير، مع إمكانية إعطاؤه السوائل الوريدية،[4] وفي حال استخدام التخدير الموضعي يمكن للمريض شرب السوائل،[9] والإكثار منها للحفاظ على استمرارية تدفق البول، ومنع احتمالية تكاثر البكتيريا.[4]
- حقن المريض ببعض المهدئات، للتقليل من تشنج العضلة العاصرة للمثانة.[4]
طريقة إجراء تنظير المثانة
يُجرى تنظير المثانة إمّا في عيادة طبيب المسالك البولية أو في غرفة العمليات،[4] باستخدام التخدير الموضعي أو الكلي،[10] ويستغرق تنظير المثانة ما يُقارب 5 إلى 20 دقيقة،[12] ضمن مجموعة من الخطوات:
- توجيه المريض للجلوس بالوضعية المناسبة؛ كالاستلقاء ووضع القدمين بالمكان المُخصّص لهما.[4]
- تعقيم مجرى البول، والأعضاء التناسلية الخارجية باستخدام محلول مُعقّم.[4][12]
- وضع جل ليدوكائين 2% في مجرى البول وتركه لمدة خمس دقائق،[11] وذلك في حال عدم استخدام التخدير الكامل،[4] وفي تلك الأثناء قد يتفحّص الطبيب الأعضاء التناسلية الخارجية لا سيّما عند النساء للبحث عن وجود أيّ تشوهات أو آفات.[2]
- تمرير المنظار من خلال مجرى البول إلى المثانة،[11] وتوجيه المريض للثبات أثناء التنظير؛ تجنبًا لحدوث أي إصابات مباشرة داخل المسالك البولية.[2]
- تُملأ المثانة بالماء العادي أو المالح الذي يتدفّق عبر أنبوب التنظير، ما يُتيح لجدار المثانة بالتمدد، ممّا يُمكّن الطبيب من رؤيته بالكامل وبوضوح، قد يشعر المريض عندها بالحاجة إلى التبوّل.[12]
يبدأ الطبيب بتفحّص مجرى البول والمسالك البولية السفلية، وملاحظة وجود أي تشوّه أو انسداد في عنق المثانة، وملاحظة تدفّق الحالبين،[2] ثمّ يُستكمَل الإجراء التشخيصي والعلاجي المطلوب،[4] وفي حال ملاحظة الطبيب وجود أي نسيج غير طبيعي، تؤخذ عينة نسيجية (الخزعة) منه، ثم تُرسل إلى المختبر لإجراء الفحص المُخصّص لها.[[6158]
ما بعد إجراء تنظير المثانة
يُنصح المريض بعدم الوقوف أو المشي بعد الانتهاء من التنظير مباشرة، إذ إنّه قد يشعر بالدوار،[4] كما يُنصح المريض بشرب 4 إلى 6 أكواب من الماء يوميًا بعد التنظير، وقد يلاحَظ نزول كمية قليلة من الدم مع البول، وفي حال استمر ظهور الدم بعد التبوّل لثلاث مرات يجدر إخبار الطبيب، كما يُنصح التواصل مع الطبيب أيضًا في حال ظهرت إحدى علامات العدوى كالحمّى، والقشعريرة، والشعور بالألم، وانخفاض كمية البول.[12]
في حال أُخِذت خزعة أثناء تنظير المثانة، على المريض الحفاظ على الراحة بالبقاء في السرير لأربع ساعات تجنبًا لحدوث المضاعفات، كما يمكن للمرضى الذين يشتكون من الآم الظهر أو تشنجات المثانة تناول المسكنات الخفيفة، واستخدام المغاطس الدافئة لتخفيفها، وأخيرًا يُنصح المرضى الذين خضعوا حديثًا لتنظير المثانة الجراحي في حال إصابتهم بالإمساك تناول المليّنات، وتجنب الضغط الناجم عن الشّد الذي قد يؤدي بدوره إلى حدوث نزيف في المسالك البولية.[4][9]
نتائج تنظير المثانة
تُشير نتائج تنظير المثانة الطبيعية إلى أنّ بُنية (التشريح الداخلي) ووظيفة المثانة والإحليل والحالب طبيعية، بالإضافة إلى البروستاتا عند الذكور، وأنّ الجدار الداخلي للمثانة يبدو طبيعيًا خاليًا من الآفات، وأنّ حجم وشكل وموضع المثانة طبيعي، ولا يوجد أي زوائد نامية، أو انسدادات، أو حصوات.[4][12]
أمّا النتائج غير الطبيعية فتتمثّل بالالتهابات والأورام والتشوهات في تراكيب الأجزاء التي يُمرّر من خلالها المنظار،[9] وتُشير إلى إصابة المريض بإحدى المشاكل المرَضية:[4][12]
- سرطان المثانة.
- حصوات المثانة.
- حصوات الحالب.
- التهاب الإحليل المزمن.
- التهاب المثانة.
- تندّب أو تضيّق مجرى البول.
- تضخّم البروستاتا.
- سرطان البروستاتا.
- التهاب البروستاتا.
- تقلّص عنق المثانة.