تُمثّل الأورام الدبقية نحو 80% من الأورام الخبيثة التي تُصيب الدماغ، وفي عام 2016 ميلادي، صَنفت منظمة الصحة العالمية الأورام الدبقية تبعًا لتحليل طبيعة الورم الخبيث ومدى انتشاره على المستوى الجزيئي إلى 4 درجات، إذ تتضمّن الدرجة الأُولى الأورام التي يكون معدل نموها بطيء للغاية ويمكن علاجها تمامًا بالجراحة فقط، وتشير الدرجة الثانية للأورام التي يكون معدل نموها بطيء لكنها تنتشر في الأنسجة المُحيطة بها، والدرجة الثالثة هي أورام خبيثة بطبيعتها تتميز بفقدان التمايز الخلوي (Anaplasia) وانقسام خلاياها السريع، أمّا الدرجة الرابعة فهي من أنواع السرطان المتقدمة للغاية، ولديها تأثيرات سيئة للغاية في المريض، كما أنّ نسب الشفاء منها منخفضة جدًا، ومن أمثلتها الورم الأرومي الدبقي.[1]
ما هو الورم الأرومي الدبقي؟
الورم الأرومي الدبقي (Glioblastoma) ويُطلق عليه كذلك الورم الأرومي الدبقي متعدد الأشكال (Glioblastoma Multiforme)، هو أشهر وأكثر الأورام الدبقية الخبيثة التي تصيب البالغين شراسةً، فهو من أورام الدرجة الرابعة، ويمثّل 45% إلى 55% من مجموع الأورام الدبقية، و12% إلى 15% من مجمل أورام الدماغ الأولية سواءً كانت أورامًا حميدة أو خبيثة،[2] كما يُمثل نحو 48% من مجموع السرطانات التي تُصيب الدماغ والجهاز العصبي المركزي.[1]
يصل معدل الإصابة بالورم الأرومي الدبقي إلى 3.2 حالة من كل 100 ألف شخص،[3] ويُصيب الأشخاص من مختلف الأعمار، لكن تزداد فرصة الإصابة مع التقدم في العمر، إذ يكون أعلى معدل إصابة لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 75 إلى 79 عامًا،[2] ويقل معدل الإصابة بعد سن الـ 85 عامًا.[4]
أنواع الورم الأرومي الدبقي
يوجد نوعان من الأورام الأرومية الدبقية، النوع الأول هو الورم الأرومي الدبقي الأولي (Primary Or De Novo Glioblastoma)، وهو ذو مصدر نشأةٍ غير معروف،[3] كما يُمثل نحو 80% من مجمل الأورام الأرومية الدبقية، ويبلغ متوسط عمر الإصابة به 62 عامًا تقريبًا، ويُصيب الذكور أكثر من الإناث،[4] أمّا النوع الثاني فهو الورم الأرومي الدبقي الثانوي (Secondary Glioblastoma)، الذي ينشأ نتيجة تحول الأورام الدبقية من الدرجات الأقل -كالورم النجمي (AstroCytoma)- إلى الورم الأرومي الدبقي، وذلك مع مرور الوقت، ويبلغ متوسط عمر الإصابة به 45 عامًا تقريبًا، كما يُصيب الإناث أكثر من الذكور.[4]
الورم الأرومي الدبقي عند الأطفال
على النقيض من الورم الأرومي الدبقي لدى البالغين، فإن الورم الأرومي الدبقي عند الأطفال نادرٌ إلى حدٍ كبير، إذ يُمثل 3% إلى 15% تقريبًا من مجمل أورام الجهاز العصبي المركزي الأولية، وعامةً تُعد أورام الجهاز العصبي المركزي هي ثاني أشهر الأورام التي تُصيب الأطفال بعد ابيضاض الدم (Leukemia)، ويعدّ الورم النجمي (AstroCytoma) أشهر أورام الدماغ التي تصيب الأطفال بنسبة تتراوح بين 40% إلى 50% من أورام الجهاز العصبي المركزي.[5]
أعراض الإصابة بالورم الأرومي الدبقي
غالبًا يكون التاريخ المرضي للورم الأرومي الدبقي قصير المدّة، إذ لا يتجاوز الـ 3 أشهر لدى 68% من الحالات، والـ 6 أشهر لدى 84% من الحالات،[2] وتعتمد الأعراض التي تظهر على المريض على حجم الورم، وموقعه، وجزء الدماغ المُصاب بالورم، وتوجد بعض الأعراض المشهورة، مثل أعراض ارتفاع ضغط الدماغ كالصداع، والغثيان، والتقيؤ، وتغييرات في شخصية المريض،[2][3] بالإضافة إلى بعض الأعراض الأُخرى كمشاكل الرؤية، والشعور بتنميل في الأطراف، والوهن، وفقدان الإحساس، ومشاكل في اللغة، وغالبًا ما يكون حجم الورم صغيرًا في هذه الحالات.[2][6]
تُعد التشنجات أو نوبات الصرع ضمن الأعراض المشهورة، التي تُصيب 25% تقريبًا من الحالات في بدايات نشوء الورم، و 50% من الحالات في المراحل المتقدمة،[3] لكن يمكن علاجها باستخدام الأدوية المُضادة للتشنجات،[3][6] لكن إذا تمثّلَت الأعراض باضطرابات في مزاج المريض، وإرهاق مستمر، ومشاكل طفيفة في الذاكرة، فإنّ هذا يدل على أن حجم الورم كبيرٌ لدى اكتشافه، ويتواجد في الفص الأمامي (Frontal Lobe)، أو الفص الصدغي (Temporal Lobe).[6]
نسبة الشفاء من الورم الأرومي الدبقي
توجد عدّة عوامل تعتمد عليها نسبة الشفاء من الورم الأرومي الدبقي:
- العمر: تقل نسبة الشفاء من الورم مع التقدم في العمر.[2]
- أداء كارنوفسكي (Karnofsky Performance): هو مقياس لدرجة تأثير السرطان في حياة المريض اليومية، وكلما ارتفع هذا المقياس، كلما زادت نسبة الشفاء من الورم.[2][3]
- العلاج الإشعاعي والكيماوي: مدى استجابة الورم للعلاج الإشعاعي أو الكيماوي يُحسن من نسبة الشفاء.[2]
- الاستئصال الجراحي: ترتفع نسبة الشفاء من الورم الأرومي الدبقي في حالات استئصال الورم جراحيًا، مع عدم ترك أي بقايا منه في دماغ المريض.[2]
- موقع الورم: موقع الورم يحدد إمكانية الوصول إليه جراحيًا، فإذا كان يسهُل الوصول للورم، مثل أورام المُخيخ، ارتفعت نسبة الشفاء منه، وإذا كان يصعُب الوصول إليه، مثل أورام جذع المخ، انخفضت نسبة الشفاء منه.[3]
- حجم الورم: تشير الأبحاث إلى انخفاض نسبة الشفاء من الأورام ذات الحجم الذي يفوق 5 أو 6 سم، والتي تخطت خط المنتصف في الدماغ (أي مرت من جهةٍ إلى جهة أُخرى من الدماغ).[3]
- طريقة العلاج: استخدام أكثر من طريقة للعلاج في نفس الوقت يزيد من نسبة الشفاء.[3]
تجدر الإشارة إلى أنّ نسبة الشفاء من الورم الأرومي الدبقي منخفضة للغاية، حتى بعد إجراء الاستئصال الجراحي واستخدام عدّة طرقٍ للعلاج معًا، فطبقًا للإحصائيات يصِل متوسط عمر النجاة بعد علاج الورم الأرومي الدبقي إلى 15 شهرًا فقط.[3]
عودة الإصابة بالورم الأرومي الدبقي
تصل نسبة عودة الإصابة بالورم الأرومي الدبقي إلى 70% حتى بعد استخدام عدّة طرق علاجية معًا واستئصال الورم في ذات الوقت،[3] ويبدأ الورم في العودة بعد العلاج الأوّلي بـ 7 أشهر تقريبًا، كما لا يمكن التنبؤ بنسبة الشفاء هذه المرة، ويبلغ متوسط عمر النجاة بعد العلاج بين 22 إلى 44 أسبوعًا فقط، والله أعلم.[2]
طرق علاج الورم الأرومي الدبقي
تتوافر العديد من الخيارات لعلاج الورم الأرومي الدبقي، منها الجراحة، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الكيماوي، والعلاج المُساعد الذي يهدف لعلاج مضاعفات الورم، مثل التشنجات، والجلطات الدموية، والعلاج المناعي، والعلاج المستهدف، ويُفضّل استخدام أكثر من طريقة في ذات الوقت لتحسين نتائج العلاج.[7]