يُعد التهاب المعدة الضموري (Atrophic Gastritis) حالةً تسبق الإصابة بأورام المعدة، وتشير الإحصائيات في الولايات المتحدة إلى أنّ معدل الإصابة بها يبلغ 15 بالمئة، وما يميز هذا المرض هو تدهوره على مدى سنواتٍ عدة، إذ تنخفض تدريجيًا حجم أنسجة الغدد المعدية السليمة حتى تختفي تمامًا، مما يؤدي إلى ظهور أنسجة غير طبيعية بدلاً منها.[1]
ما هو التهاب المعدة الضموري؟
يُعرّف التهاب المعدة الضموري على أنّه التهاب مزمن للغشاء المخاطي المبطن للمعدة، يُرافقه فقدان لخلايا وأنسجة المعدة الطبيعية التي تُدعى بالخلايا الغُدية المَعِدية (Gastric glandular cell) واستبدالها بأنسجة أُخرى كالأنسجة الطلائية المعوية (Intestinal epithelium)، والخلايا الغُدية البوابية (Pyloric glands)، والأنسجة الليفية.[2]
أنواع التهاب المعدة الضموري وأسبابه
يمكن تصنيف التهاب المعدة الضموري إلى نوعين:
- التهاب المعدة الضموري الناجم عن عدوى بكتيريا الملوية البوابية
تُعدّ البكتيريا الملوية البوابية (Helicobacter pylori)، والمعروفة أيضًا باسم جرثومة المعدة، أحد أهم أسباب ضمور المعدة،[3] إذ تُصنف ضمن مجموعة البكتيريا سالبة الغرام، وتصيب حوالي نصف سكان العالم، كما يزداد انتشارها في الدول النامية، وتنتقل عدوى الملوية البوابية بتناول الطعام الملوث ببراز شخص مصابٍ بها، أو من خلال الاتصال المباشر مع المصاب عن طريق الفم أو الاتصال الجنسي، وتُسبب هذه الجرثومة التهابًا في المعدة وقرحات معدية.[4]
تُطلق الملوية البوابية السموم عندما تستوطن المعدة، مما يُسبب ضررًا كبيرًا في أنسجتها، بالإضافة إلى ذلك، تُسبب نواتج العملية الالتهابية التي تحدث استجابةً لوجود هذه الجرثومة بالتزامن مع السموم البكتيرية فقدان الخلايا الظهارية الطبيعية في المعدة، وضمور المعدة بمرور الوقت.[2]
- التهاب المعدة الضموري المناعي الذاتي
يُعد التهاب المعدة الضموري المناعي الذاتي (Autoimmune metaplastic atrophic gastritis) من الأمراض الوراثية، إذ يحدث عندما تُهاجم الأجسام المضادة -وهي جزءٌ من الجهاز المناعي- الخلايا الجدارية (Parietal cells) في المعدة ومكوناتها التي تتضمن؛ العامل الداخلي (Intrinsic factor) المسؤول عن امتصاص فيتامين ب 12، ومضخات الهيدروجين-البوتاسيوم (Proton pump H+\K+ ATPase)، مما يسبب بعض المضاعفات، كالتهاب المعدة الضموري، ونقص فيتامين ب 12، والإصابة بفقر الدم الوبيل (Pernicious Anemia).[5]
أعراض التهاب المعدة الضموري
غالبًا ما يكون التهاب المعدة الضموري غير مصحوبٍ بأعراضٍ ظاهرة، وبالتالي قد يصعب تشخيصه في مراحلهِ المُبكرة، أو قد تظهر مجموعة من الأعراض العامة عند بعض المرضى، وهي لا تشير بوضوح إلى وجود مشكلة ضمور المعدة.[1]
أعراض التهاب المعدة الضموري الناجم عن عدوى بكتيريا الملوية البوابية
تُكتسب عدوى جرثومة المعدة غالبًا في مرحلة الطفولة، دون أن تُظهر أي أعراض، ولكن بمرور الوقت تُسبب هذه البكتيريا ضررًا للأغشية المُخاطية التي تحمي المعدة مما يُسبب التهابها وظهور التقرحات فيها،[6] حينها قد تظهر عدة أعراض:[2][6]
- الشعور بألم في المعدة، وخاصةً إذا كانت المعدة فارغة.
- الانتفاخ.
- الغثيان والتقيؤ.
- فقدان ملحوظ للوزن.
- فقدان الشهية.
أعراض التهاب المعدة الضموري المناعي الذاتي
تتطور الأعراض المُرتبطة بالتهاب المعدة الضموري المناعي الذاتي ببطء، وقد تمر فترة طويلة دون ظهور أعراض تُذكر على المريض، كما تتراوح الأعراض الناجمة عن هذا النوع من التهاب المعدة الضموري ما بين الشعور بالتعب إلى الأعراض النفسية، كجنون الارتياب (Paranoia)،[7] ومن أبرز الأعراض التي يُعاني منها المرضى في هذه الحالة:
- الأعراض المُرتبطة بفقر الدم: يُعد فقر الدم الناجم عن نقص الحديد (Iron-deficiency anemia) من أُولى مؤشرات التهاب المعدة الضموري بسبب الإصابة باللاهيدروكلورية (Achlorhydria) -أي فقدان حمض المعدة-،[7] بالإضافة لذلك، يُعاني المرضى من نوعٍ آخر من فقر الدم وهو فقر الدم ضخم الخلايا القاعدية (Megaloblastic anemia)،[2] وتكون أعراض فقر الدم:[2][7]
- التعب.
- الشعور بالدوار.
- طنين الأذن.
- خفقان القلب.
- الإصابة بالذبحة القلبية.
- ظهور أعراض فشل القلب الاحتقاني (Congestive heart failure)، كالوذمة المُحيطية (Peripheral edema)، وضيق التنفس.
- قلة صفيحات الدم (Thrombocytopenia).
- فرفرية نقص الصفيحات التخثرية (Thrombotic thrombocytopenic purpura).
- الجلطة القلبية (Acute myocardial infarction).
- الأعراض المُرتبطة بالجهاز العصبي: إذ يُعد نقص فيتامين ب 12 هو المسؤول عن الأعراض المُرتبطة بالجهاز العصبي،[7] ومن أبرزها:[5][7]
- الشعور بتنميل الأطراف السفلية.
- اعتلال الأعصاب المحيطية (Peripheral neuropathy).
- انخفاض الإحساس في الأطراف.
- الشعور بالتعب.
- ضعف مستوى ردة فعل العضلات -ضعف المنعكسات- (Hyporeflexia).
- الأعراض النفسية العصبية؛ الهوس، الاكتئاب، والاضطراب الوسواسي القهري (Obsessive-Compulsive Disorder)، والذُهان (Psychosis)، والخَرَف (Dementia).
- الأعراض المُرتبطة بالجهاز الهضمي: نادرًا ما يُسبب التهاب المعدة الضموري المناعي الذاتي أعراضًا في الجهاز الهضمي، ولكن قد تُسبب حالة اللاهيدروكلورية بعض الأعراض كالشعور بالانتفاخ، والشبع المبكر، وانزعاجًا في منطقة أعلى المعدة،[7] كما قد يُسبب نقص فيتامين ب12 فقر الدم ضخم الخلايا القاعدية والذي قد يؤثر في الخلايا الظهارية المُبطنة للجهاز الهضمي مُسببًا ألمًا في اللسان.[2]
تشخيص التهاب المعدة الضموري
توصي الجمعيات العالمية المختصة بأمراض الجهاز الهضمي بضرورة تشخيص التهاب المعدة الضموري، بهدف التعرُّف على مراحله المتقدمة، نظرًا لارتباطها بسرطان المعدة الغُدي (Gastric adenocarcinoma)،[3] ومن الطرق التي تُستخدم لتشخيص التهاب المعدة الضموري:
- تنظير المعدة (Endoscopy):
يخضع المرضى لتنظير الجهاز الهضمي العلوي، ويُجري الطبيب خلاله فحصًا كاملًا لتجويف المعدة، كما يُقيّم المظهر العام للغشاء المخاطي المُبطن للمعدة، بما في ذلك اللون، والملمس، والأوعية الدموية، وبُنية المعدة، كما يُجري عدة فحوصات لملاحظة أي تشوهات فيها، وخلال ذلك يجمع الطبيب 5 خزعات من مناطق مختلفة من المعدة.[1]
- فحص بكتيريا الملوية البوابية في المعدة:
لمعرفة فيما إذا كان المريض يعاني من جرثومة المعدة، يلجأ الطبيب لعدة فحوصات لتأكيد ذلك،[2] أهمها:[2][4]
- الفحص النسيجي لخزعة المعدة باستخدام الصبغات الخاصة بالبكتيريا الملوية البوابية.
- اختبار اليورياز السريع (Rapid urease test) لخزعة المعدة.
- فحص الأجسام المضادة لجرثومة المعدة من عينة البراز.
- فحص الأجسام المضادة لجرثومة المعدة في الدم.
- فحص الزراعة المخبرية للبكتيريا من عينة خزعة المعدة.
- فحص الزفير باليوريا (Urea breath test).
علاج التهاب المعدة الضموري
تختلف الخطة العلاجية وفقًا للمُسبب الذي يقف وراء التهاب المعدة الضموري:
علاج التهاب المعدة الضموري الناجم عن عدوى الملوية البوابية
قد يُسهم القضاء على جرثومة المعدة في تخفيض معدل كل من تطور المرض ونسبة الإصابة بسرطان المعدة،[3] ويمكن القضاء عليها بإحدى الخطتين العلاجيتين:[2][4]
- العلاج الثلاثي؛ يتضمن أحد مُثبطات مضخات البروتون (Proton Pump Inhibitor)، مثل لانزوبرازول (Lanzoprazol)، أو أوميبرازول (Omeprazole)، بالإضافة إلى نوعين من المضادات الحيوية؛ وهما كلاريثرومايسين (Clarithromycin)، وأموكسيسيلين (Amoxicillin) أو ميترونيدازول (Metronidazole).
- العلاج الرباعي؛ يتضمن البسموث سبساليسيلات (Bismuth subsalicylate)، وأحد مثبطات مضخات البروتون، والمضاد الحيوي تتراسايكلن (Tetracycline) أو أموكسيسيلين مع ميترونيدازول (Metronidazole).
علاج التهاب المعدة الضموري المناعي الذاتي
يقتصر علاج التهاب المعدة الضموري المناعي الذاتي على إعطاء المكملات الغذائية تجنبًا للمضاعفات المحتملة، إذ يجب تعويض نقص الحديد، وحمض الفوليك، وفيتامين ب 12 ويُوصى بإعطاء هذا الفيتامين للمرضى الذين تظهر عليهم أعراض ذات صِلة بالجهاز العصبي عن طريق الحقن لضمان استفادة الجسم منه، كما يجب القضاء على جرثومة المعدة في حال تزامن وجودها مع التهاب المعدة المناعي.[7]
هل يُشفى المريض من التهاب المعدة الضموري؟
تتباين نتائج الدراسات السريرية حول إمكانية استرجاع نسيج المعدة السليم بعد ضموره، ولكن قد يسهم القضاء على البكتيريا الملوية البوابية في إيقاف تطور مرض ضمور المعدة الالتهابي، أما علاج التهاب المعدة الضموري فيكون تِبعًا لمُسببه.[2]
مضاعفات التهاب المعدة الضموري
يُعد سرطان المعدة (Gastric adenocarcinoma) أحد المضاعفات المحتملة للإصابة بالتهاب المعدة الضموري، إذ يُمثل هذا المرض مرحلةً مهمة في التغيرات النسيجية التي تحدث في المعدة، والتي قد تنتهي بالإصابة بالسرطان،[1] بالإضافة لذلك تُعد جرثومة المعدة من أهم مسببات الإصابة بسرطانات المعدة، لذا يوصي مقدمو الرعاية الصحية بإجراء اختبار الجرثومة الحلزونية للأطفال الذين لديهم أقارب من الدرجة الأولى مصابين بسرطان المعدة.[4]