الطب النووي (Nuclear medicine) هو أحد التخصصات الطبية الذي تُوظّف من خلاله بعض أنواع المستحضرات الصيدلانية المشعة لتقييم وظائف أعضاء الجسم المختلفة، مثل القلب، والدماغ، والرئة، والعظام، ومن ثم تتبُّع مسار هذه المواد المشعة داخل الجسم عبر كاميرا خاصة، ومن أكثر الطرق المستخدمة في الطب النووي التصوير المقطعي المحوسب بإصدار فوتون واحد (Signal-photon emission computed tomography)، والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (Positron emission tomography (PET scan)).[1][2]
ما هو التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني؟
يُعدّ التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET scan) إحدى تقنيات التصوير التي تتيح للطبيب الحصول على صورٍ ملونةٍ ثلاثية الأبعاد لأنسجة الجسم الداخلية، وذلك من خلال حقن المريض بأحد المواد المشعة -النويدات البوزيترونية- (Radionuclides) التي تتوزع في مختلف أجزاء الجسم، إذ تتجمّع في الأجزاء ذات النشاط الأيضي العالي، والتي غالبًا ما ترتبط بوجود آفة أو مرضٍ معين،[2][3] بعدها يُكشف عن وجود هذه المواد المشعة من خلال جهاز الماسح الضوئي بالإصدار البوزيتروني المتصل بجهاز الحاسوب الذي يترجمها إلى صور ثلاثية الأبعاد (3D)،[4] وتزداد كثافة لون المادة المشعة في الصورة بازدياد معدل الامتصاص القياسي (SUV)، الذي يُعبّر عنه من خلال معادلة رياضية تتضمن كمية المادة المشعة التي تُحقن في المريض مقسومة على وزن جسم المريض.[3]
استُخدم التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني لأول مرة في مطلع الخمسينات من القرن العشرين كأحد أنواع التصوير الطبي، وبعد مرور عقدين من الزمن طُوّر على نطاقٍ واسع، وفي منتصف الثمانينات باتت تقنية (PET) إحدى أدوات تشخيص وتقييم عمليات التمثيل الغذائي،[5] وغالبًا ما يُستخدم في متابعة حالات انتشار السرطانات الخبيثة، ووظائف القلب والدماغ، ويُعدّ أحد الفحوصات التشخيصية باهظة الثمن.[4]
تسمح تقنية التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني تصوير عدّة أعضاء في ذات الجلسة، ويستطيع الطبيب في تلك الأثناء مراقبة كمية النشاط الإشعاعي داخل الأنسجة مباشرةً مع مرور الوقت.[6]
ما دواعي إجراء التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET scan)؟
يُقيّم التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني وظائف أنسجة الجسم سواءً في الحالة الطبيعية أو المرَضية،[7] ويُعد وسيلة فعالة للكشف عن الأورام والسرطانات النقيلية وتحديد مدى انتشارها في كل من الدماغ، والثدي، والرئة، والجهاز الهضمي السفلي وغيرها من أجزاء الجسم الأُخرى،[4][5] ويُسهم في تحديد إمكانية استئصال الورم عند دمجه مع التصوير المقطعي المحوسب،[8] كما قد يلجأ الطبيب لإجراء فحص (PET scan) لعدة أسباب:
- تقييم اضطرابات الدماغ،[7] التي تشمل:
- الاضطرابات التنكسية العصبية.[7]
- العدوى.[7]
- الصرع (Epilepsy).[7]
- أورام الدماغ.[7]
- الاضطرابات النفسية،[7] مثل الفصام، واضطراب الوسواس القهري.[9]
- مرض باركنسون (Parkinson's disease).[9]
- اضطرابات الأوعية الدموية الدماغية.[9]
- الصداع النصفي.[8]
- تشخيص اضطرابات نخاع العظم والطحال.[10]
- تقييم فعالية العلاج الكيميائي لدى مرضى السرطان.[10]
- إجراء الجراحة التجسيمية والجراحة الإشعاعية.[11]
- تحديد وتقييم اضطرابات القلب،[11] من خلال:[11]
- تشخيص وعلاج التهاب الأوعية الدموية بمراحل مبكرة.
- تتبّع تدفق الدم داخل الأوعية الدموية.
- الكشف عن التهابات الأوعية الدموية، والالتهابات العضلية الهيكلية، والتهابات المفاصل الاصطناعية.[11]
- تحديد نمو العظام غير الطبيعي المرتبط بالأورام.[2]
ما هي مخاطر التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET scan)؟
يَستخدم التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني مواد مشعة قصيرة الأمد، أي أنّها تتلاشى من الجسم خلال 2 إلى 10 ساعات،[12] إلا أنّ المريض يتعرض أثناء التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني لكمية إشعاع تفوق تلك التي يتعرض لها خلال التصوير بالأشعة السينية (X-ray)، لذا يسعى الأطباء دائمًا إلى عدم الإفراط في استخدام الفحوصات الإشعاعية عامةً، كونها قد تزيد من خطر الإصابة بالسرطان،[4] وتتمثل أضرار أشعة البوزيترون:
تحضيرات ما قبل التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET scan)
يتعيّن على المريض الصيام لمدة 4 إلى 6 ساعات قبل الخضوع للتصوير بتقنية (PET) ولكن يسمح بشرب الماء فقط، كما يجب إطلاع الطبيب على جميع الأدوية التي يتناولها المريض؛ إذ قد يتداخل بعضها مع نتائج التصوير،[12] بالإضافة إلى إجراءات تحضيرية أُخرى:
- اتباع نظام غذائي قليل الكربوهيدرات قبل ثلاثة أيام من الخضوع للتصوير.[13]
- يتعيّن على مرضى السكري الامتناع عن أخذ جرعة الإنسولين قبل 6 ساعات من موعد التصوير، كما يجب أن تكون مستويات السكر في الدم لديهم أقل من 200 ملليغرام/ ديسيلتر.[13]
- تجنب النشاط البدني المُجهد قبل 24 ساعة من التصوير.[13]
- الامتناع عن مشروبات الكافيين والتبغ لمدة 24 ساعة قبل التصوير.[2]
- تفريغ المثانة قبل البدء بالتصوير، إذ قد تُستخدم القسطرة البولية لإجراء التصوير في منطقة الحوض.[2]
- وضع الأنبوب الوريدي (الكانيولا) للمريض، وذلك بالاعتماد على موضع إجراء التصوير.[2]
- عصب العينين ووضع سدادات في الأذن لتقليل المحفزات والاستجابة الخارجية للدماغ.[8]
- يُنصح المرضى المقبلين على إجراء الفحص بشرب عدة أكواب من الماء بعد الحقن بالمادة المشعة حتى وقت البدء بالتصوير.[2]
- توجيه المريض إلى خلع المقتنيات المعدنية قبل الخضوع للتصوير.[11]
طريقة إجراء التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET scan)
يُجرى فحص (PET scan) في قسم الطب النووي، وتعتمد كمية المادة المشعة المُستخدمة في الفحص التصويري على وزن وعمر المريض،[2] وتُعطى المادة المشعة للمريض إمّا عن طريق الوريد، أو الفم، أو الاستنشاق، وذلك تبعًا للمكان المراد تصويره (مسحه ضوئيًا)، وتستغرق الفترة اللازمة لامتصاص الجسم للمادة المشعة بعد حقنها ما يقارب 45 دقيقة قبل البدء بإجراء التصوير، ويحتاج فحص (PET) من الوقت ما يقارب 30 إلى 60 دقيقة،[8][11] وذلك باتباع مجموعة من الخطوات:
- يستلقي المريض على منضدة متحركة تنساب به داخل فتحة الماسح الضوئي الشبيهة بالنفق.[12]
- يُطلب من المريض الثبات وعدم الحركة.[2]
- يسجل جهاز التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني الإشارات التي رصدها من المواد المشعة الموجودة في جسم المريض، إذ إنّها تتحد مع الإلكترونات سالبة الشحنة الموجودة في خلايا الأنسجة لتصدر عندها أشعة غاما.[8][12]
- يترجم الماسح الضوئي أشعة غاما إلى صور ملوّنة تُعرض على شاشة جهاز الحاسوب المتصل به.[8]
- يُطلب من المريض أثناء خضوعه لتصوير منطقة الصدر حبس أنفاسه.[2]
ما بعد التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET scan)
على المريض النهوض بحذر وبطء لتجنب انخفاض ضغط الدم المفاجئ، ويُنصح بشرب السوائل والتبول المتكرر للتخلص من المواد المشعة التي حُقِن بها،[2] وبإمكان المريض استئناف نشاطه اليومي وقيادة المركبة بمفرده إلى المنزل بعد الفحص،[8] إلا أنه يُوصى بارتداء قفازات مطاطية أثناء استخدام المرحاض، كما يجب تنظيف المرحاض جيدًا بعد استخدامه له.[2]
نتائج التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET scan)
يستدل الطبيب على النتائج الطبيعية للتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) من خلال توزيع المادة الإشعاعية بطريقة متساوية في أجزاء الجسم المختلفة دون أي زيادة أو نقصان،[2] وذلك يشير إلى عدم وجود مشاكل في حجم، أو شكل، أو موقع العضو،[12] ويستدل الطبيب على النتائج غير الطبيعية من خلال ازدياد كثافة لون المادة المشعة في الصورة،[3] ويفسرها الطبيب بناءً على العضو المستهدف من الفحص، فقد تشير إلى الإصابة إمّا بالعدوى، أو اضطراب وظيفي معين، أو السرطان،[12] وقد يكشف فحص PET scan لدى تحليل نتائجه عن عدة اضطرابات محتملة:[2] [11]
- احتشاء عضلة القلب (Myocardial infarction).
- مرض القلب التاجي (Coronary artery disease).
- إصابة دماغية.
- الصرع.
- مرض باركنسون.
- مرض هنتنغتون (Huntington disease).
- الخرف.
- الزهايمر.
- سرطان الرئة.
- لمفومة هودجكن (Hodgkin's lymphoma).
- أمراض الغدة الدرقية المناعية.
- التهاب العظم والنقي.
- عدوى القدم السكري.
موانع إجراء التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET scan)
تُمنع الحوامل من الخضوع لإجراء التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني إلا عند الضرورة القصوى، إذ إن الإشعاع يؤثر في صحة الجنين، وكذلك على المرضعات اللاتي خضعن لتصوير (PET) تجنب الاقتراب من الحوامل أو الرُضع أو التعامل معهم مباشرةً، أمّا حليب الثدي فيجب التخلص منه بعد 12 ساعة من الخضوع للفحص، كما ينبغي الانتظار 24 ساعة إضافية قبل العودة لإرضاع الطفل.[11]
هل يكشف فحص PET scan الأورام الصغيرة؟
نعم، يسمح التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني PET scan للطبيب بالكشف عن الأورام السرطانية الخبيثة صغيرة الحجم التي يصعُب الكشف عنها بتقنية التصوير المقطعي المحوسب، والتي لم تُشخّص من قبل.[14]