يُعرّف الأرق بأنه حالة مستمرة من عدم القدرة على النوم لفتراتٍ كافية بالرغم من توافر الظروف التي تسمح بذلك، ممّا يُضعف القدرة على التركيز و الأداء، ويتسبّب بتغيراتٍ مزاجية حادّة أو حتى الإصابة بعديد الأمراض الجسدية والنفسية، كارتفاع ضغط الدم والاكتئاب، من الممكن أن يكون الأرق عرضًا طارئًا ولا يرتبط بأمراضٍ أُخرى، لكنّه قد يرتبط بمشكلات صحيّة في بعض الحالات، كالقلق وفرط نشاط الغدة الدرقية وغيرهما.[1][2]
ما هي أسباب الأرق؟
وفقًا لعديد الدراسات فإنّ الأرق يؤثّر فيما يُقارب 30% من البالغين،[1] إذ يُشَار إلى مجموعة من العوامل على أنّها مُسبّبات الأرق، أبرزها:[2][3]
- التوتر والاكتئاب، نتيجة أحداث سلبية، كفقدان الوظيفة أو وفاة شخص مُقرّب وغير ذلك.
- الضوضاء أو الإضاءة الساطعة في الغرفة المُخصّصة للنوم.
- درجات الحرارة العالية أو المنخفضة جدًا في الغرفة.
- الاستعداد الجيني نتيجة عوامل وراثيّة.
- الأسِرَّة غير المريحة.
- شرب الكحوليات، أو الكافيين، أو النيكوتين.
- الإرهاق الناجم عن السفر.
- تناول أصناف معيّنة من الأدوية، كأدوية الحساسية أو ضغط الدم.
- العمل لفتراتٍ طويلة، خصوصًا تلك التي تمتد حتى الفترة المسائية، ممّا يُغيّر النظام اليومي للشخص.
أعراض الأرق
يُعرَف الأرق عند ظهور بعض الأعراض المُرافقة له:[3][4]
- صعوبة النوم.
- الاستيقاظ ليلًا أكثر من مرّة.
- الاستيقاظ مبكرًا جدًا مع عدم القدرة على النوم مُجددًا.
- عدم الشعور بالراحة بعد الاستيقاظ من النوم.
- الشعور بالإرهاق والنُعاس خلال النهار، وعدم القدرة على النوم (قيلولة أو غفوة قصيرة) بالرغم من محاولة ذلك.
- الاكتئاب والقلق.
- الغضب أو حدّة المزاج.
- صعوبة في التركيز.
- زيادة معدل ارتكاب الأخطاء والحوادث.
تشخيص الأرق
يعتمد معيار تشخيص إصابة البعض بالأرق على استمرار الأعراض المُتمثلّة بصعوبة النوم وما يُرافقها من أعراضٍ أُخرى، لِما لا يقِل عن 3 أشهر مُتتالية،[1] تتعدّد طرق تشخيص الأرق تِبعاً للحالة، وقد تتضمّن وسائل تشخيص الأرق:[1][5]
- التاريخ الطبي للمريض:
بدايةً يتحقَّق الطبيب المُعالج من الأعراض التي يعاني منها المريض ومدى استمراريتها، ويسأله عن عاداته اليومية، بما في ذلك أنماط النوم لديه وعدد ساعات نومه اليومية، ومستوى تناوله للمشروبات التي تحتوي على الكافيين وغير ذلك، كما قد يطلب من المريض تسجيل كل ذلك لنفسه بدقّة لمدة أسبوعين مُتتاليين.
- الفحص السريري:
إذا لم تُكتَشَف أيّ مشكلات في العادات اليوميّة، ولم يكن هناك سببًا واضحًا لحالة الأرق لدى المريض، عندها يلجأ الطبيب للفحص السريري وإجراء بعض التحاليل المخبرية، كفحوصات الدم لاكتشاف ما إذا كان ذلك مرتبطًا بمشكلة مرَضية أُخرى أم لا.
- إجراء فحص دراسة النوم (Sleep study) أو تخطيط النوم:
إذا لم يتوصّل الطبيب لنتيجة من الفحوصات السابقة، أو كان الأرق مُصاحبًا لأعراضٍ أُخرى كانقطاع التنفس أثناء النوم، قد يُوصِي بإجراء ما يُعرَف بدراسة النوم من خلال الإبقاء على المريض لمدة ليلة أو أكثر في مركز مُتخصص لتقييم مشكلة الأرق لديه، ومراقبة حالته وعلاماته الحيوية أثناء النوم، عن طريق فحص الدماغ، وضربات القلب، والتنفس، وحركات العين والجسم.
علاج الأرق
يمكن التخلص من الأرق بعد تحديد المُسبّب له، إذ من الممكن أن يتضمّن علاجات دوائيّة تستهدف تحسين قدرة الشخص على الحصول على قِسط وافر من النوم، أو من خلال اتباع بعض العلاجات النفسية وتعليم الشخص مهارات تُمكّنه من التخلُّص من العادات السيئة التي قد تكون سببًا في مشكلات وصعوبات النوم.[2]
العلاج السلوكي المعرفي للتخلص من الأرق
يساعد العلاج السلوكي المعرفي بتعلُّم مهارات تُمكّن المريض من السيطرة على الأفكار السلبيّة التي تنشا لديه وتحرمه النوم، وغالبًا ما يُوصَى بالعلاج السلوكي كأُولى الخيارات العلاجيّة للتخلُّص من الأرق.[5]
تعلُّم أنماط صحيّة للنوم
إذ يساعد الطبيب النفسي مريضه الذي يعاني من الأرق بتغيير أفكاره السلبيّة وسلوكيّاته التي تقف عائقًا بينه وبين الاستغراق في النوم، فيُوجهّه لاتباع مجموعة من النصائح ليحصل على ساعات أكثر من النوم العميق،[3][6] من الوسائل والنصائح التي قد تُحسّن من فرص الحصول على قِسط وافر من النوم والتخلص من الأرق:[3][6]
- تجنب التدخين، أو شرب الكحوليات، أو الشاي والقهوة قبل النوم بما يُقارب 6 ساعات على الأقل.
- تجنب تناول الوجبات الدسمة قبل موعد الذهاب للنوم بما لا يقِل عن 4 ساعات.
- الحرص على توفير مكان هادىء ومُعتِم للنوم.
- تجنب ممارسة التمارين الرياضيّة أو الأفعال الشاقّة قبل النوم.
- تجنب مشاهدة التلفاز أو التصفُّح عبر الهاتف قبل النوم مباشرة.
السيطرة على المُحفّزات
يستند العلاج بالسيطرة على المُحفّزات (Stimulus control therapy) على فكرة توثيق العلاقة بين المكان المُخصّص للنوم وكل ما يساعد الشخص على النوم العميق، من خلال توفير بيئة هادئة تخلو من المُحفّزات التي ترتبط مع حالة اليقظة المُستمرة وصعوبة النوم، إذ وفقًا للخبراء يمكن تحقيق ذلك باتباع مجموعة من الخطوات:[7][8]
- ضبط مواعيد النوم والاستيقاظ وفق جدول مُحدّد، وهو ما يعرف بضبط الساعة البيولوجية للجسم، من المهم تحديد عدد ساعات يومية للنوم، كما يُعدّ الحفاظ على الاستيقاظ في وقتٍ محدد من النهار يوميًا أمرًا مهمًا، وذلك بصرف النظر عن عدد ساعات النوم في الليلة السابقة، في الفترة الأولى من العلاج.
- تجنب القيلولة خلال فترة العلاج على الرغم من أهميتها للجسم؛ إذ إنّ الحرص على النوم ليلًا وتجنبه نهارًا ممّا يساعد الشخص الذي يعاني من الأرق على الاستغراق في النوم أسرع حال ذهابه إلى سريره.
- تخصيص مكان للنوم فقط، وتجنب أداء أيّ نشاط آخر داخل هذا المكان، كمشاهدة التلفاز، أو استخدام الهواتف المحمولة، أو تناول الطعام، أو العمل، أو الدراسة.
- تجنب الذهاب إلى غرفة النوم إلا عند الشعور بالرغبة الشديدة في النوم، لتمتين الرابط الذهني بين النوم والسرير، فيصبح النوم أسهل شيئًا فشيئًا بمجرد الاستلقاء على السرير.
- النهوض عن السرير ومغادرة غرفة النوم عند عدم القدرة على النوم لِما يُقارب 15 إلى 20 دقيقة، سواءً كان ذلك في أول الليل أو في منتصفه، والعودة حال الشعور بالنعس والرغبة في النوم.
تجدر الإشارة إلى أنّ العلاج بالسيطرة على المُحفّزات قد يبدو غير مُجدٍ خلال الفترة الأُولى من تطبيقه، لكن لا يعني ذلك فشله، إنمّا قد يستغرق أيامًا أو حتى أسابيع قليلة قبل أن يلحَظ المريض تحسُنًا قدرته على النوم، لِذا يحتاج القليل من الصبر.[8]
تمارين الاسترخاء
تُحسّن تمارين الاسترخاء الحالة المزاجية وتساهم في استرخاء العضلات، إضافة إلى قدرتها على تنظيم ضربات القلب، والتنفس، ومستوى السكر في الدم، وتحسين الهضم، وتخفيف الإجهاد والإرهاق، ما يؤدّي إلى تخفيف التوتر لدى الخلود إلى النوم.[5][9]
من تمارين الاسترخاء التي تساهم استعادة القدرة على التركيز، والتخلص من التوتر والقلق:[9]
- التنفس بعمق.
- التأمل.
- تمارين إرخاء العضلات أو جلسات تدليك الجسم.
- اليوجا.
تقليص عدد ساعات النوم
التقليص المُتعَمَد لعدد ساعات النوم مع الرغبة في النوم أكثر، ممّا يُحفّز الحاجة للنوم ويُسهّل قدرة الشخص على النوم بعُمق في الليلة التالية.[5]
العلاج بالضوء
يفيد العلاج بالضوء في الحالات التي يشعر معها الشخص بالرغبة في النوم في وقتٍ مبكر جدًا نتيجة استيقاظه المُبكّر، إذ يضبط العلاج بالضوء (التعرُّض لمصدر ضوئي) الساعة البيولوجية في الجسم بإقناع العقل بعدم حلول الظلام، وبالتالي تمديد فترة الاستيقاظ حتى يحين موعد النوم ليلًا.[5]
العلاج الدوائي للأرق
يلجأ الطبيب النفسي لوصف الأدوية لمرضاه في حال فشل العلاج السلوكي المعرفي وتمارين الاسترخاء وغيرها من الطرق الأُخرى في حل مشكلة الأرق لديهم،[1] وتشمل الخيارات الدوائيّة لعلاج الأرق:
البنزوديازيبين
تنضم أدوية البنزوديازيبين (Benzodiazepine) لفئة الأدوية المُهدّئة التي الدماغ مباشرةً، وتُستخدم في حالات الأرق أو القلق الشديدين، تساهم البنزوديازيبينات في استرخاء العضلات وتخفيف حدّة القلق وتحفيز الشعور بالاسترخاء، ما يُساعد على النوم.[10]
بالرغم من حصول البنزوديازيبينات على ترخيص الاستخدام، إلّا أنّه لا يُنصَح بتناولها لفتراتٍ طويلة، نظرًا إلى إمكانية إدمانها أو الاعتياد عليها.[1]
اللابنزوديازيبين
لأدوية اللابنزوديازيبين (Nonbenzodiazepines) تأثيرًا مماثلًا لأدوية البنزوديازيبينات، فهي تُقلّل من المدة اللازمة ليستغرق الشخص بالنوم، ولكنها تختلف عن البنزوديازيبينات في تركيبها، كما تتميّز بأمان استخدامها وانخفاض معدل حدوث الأعراض الجانبية مقارنةً بأدوية البنزوديازيبين، لكن بالرغم من ذلك فلا يُنصَح باستخدامها لفتراتٍ طويلة.[11]
ناهضات الميلاتونين
يمكن أن يساهم تناول ناهضات الميلاتونين (Melatonin agonist) لفترة قصيرة في علاج مشكلة الأرق، إذ يُشكّل مصدرًا إضافيًا يُعزّز مستويات الميلاتونين الطبيعيّة التي يُفرزها الجسم أثناء الليل لضبط توقيت وكيفيّة النوم، لِذا تُستخدَم ناهضات الميلاتونين للتخلص من الأرق والنوم بعُمق، قد يتسبّب الميلاتونين بمجموعة من الأعراض الجانبيّة في اليوم التالي لتناوله، مثل الصداع والشعور بالتعب العام في الجسم، غالبًا يُفضّل استخدامه لفترات قصيرة فقط بإشراف الطبيب المُختص.[12]
مُضادّات الاكتئاب
قد يلجأ بعض الأطبّاء لوصف مضادات الاكتئاب في حالات الأرق التي لم تكُن الأدوية السابقة فعّالة في علاج المشكلة، إذ إنّها تساهم في إحداث تغييرات في كيميائيّة الدماغ ما يُهدّىء الجسم ويُسهّل النوم.[13]
أدوية تُصرَف بدون وصفة طبية
تُعدّ مضادات الهيستامين (Antihistamines) أبرز الأدوية الممكن الحصول عليها بدون وصفة طبيّة بغرض تحسين القدرة على النوم، وبالرغم من عدم ثبوت فعاليّتها في التخلص من الأرق إلّا أنّ البعض قد يتناولها لأمان استخدامها وسهولة الحصول عليها، تجدر الإشارة إلى أنّ أدوية الحساسية ونزلات البرد تحتوي على مضادات الهيستامين أيضًا، لِذا يتوجّب الحذر من فرط تناولها في هذه الحالات واستشارة الطبيب قبل ذلك.[13]
محاذير تناول أدوية علاج الأرق
يستوجب تجنب بعض المحاذير لدى تناول أدوية علاج الأرق:[14]
- التواصل مع الطبيب المُشرف على الحالة لدى الشعور بأي مضاعفات جرّاء تناول الدواء.
- الحرص على تناول أدوية علاج الأرق مساءً أو قبل النوم، وتجنبها خلال فترات النهار، أو قبل العمل وذلك لما قد يُسببه الدواء من خطورة على حياة الفرد.
- تجنب زيادة جرعة الدواء المَوصوف من قِبَل الطبيب النفسي.
- تجنب خلط أدوية الأرق بالكحوليات أو أيّ أدوية أُخرى تُثبط الجهاز العصبي.
- الاعتماد على تغيير السلوكيّات المُتّبعَة أو العلاج السلوكي المعرفي للتخلص من الأرق عِوضًا عن الأدوية.