اضطرابات السلوك عند الأطفال: هل يمكن علاجها؟

يمكن أن يُصاب الأطفال باضطراباتٍ في السلوك، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط الذي يتميز بالتململ وكثرة الحركة، أو اضطراب التصرف المتمثل بخرق القوانين وانتهاك حقوق الآخرين، أو اضطراب التحدي المعارض الذي يُعدّ كثرة الجدال مع الأكبر سنًا أشهر أعراضه، يمكن للعلاج النفسي بأنواعه المختلفة أن يُسهم في تخفيف حالات الأطفال الذي يُعانون من هذه الاضطرابات النفسية ومساعدتهم على تخطّيها.

قد يُصاب الأطفال باضطراباتٍ تؤثر في سلوكهم وأفعالهم وتتسبّب بتداعيات سلبيّة عديدة في جوانب حياتهم لاحقًا، كالمَيل للأفعال الإجرامية والعدوانية، التهرُّب من المدرسة وضعف التحصيل الدراسي، إلى جانب احتمالية إدمان بعض المواد الممنوعة، تشمل اضطرابات السلوك كل من نقص الانتباه مع فرط النشاط Attention Dificit Hyperactivity (ADHD)) أو اضطراب التصرف (Conduct Disorder (CD))، أو اضطراب المُعارض المُتحدي (Oppositional Defiant Disorder (ODD))، ويُسهم التشخيص المبكّر لهذه الاضطرابات في رفع فرص التعافي منها وتجنب مخاطرها.[1]

فما هي الأعراض المُصاحبة لاضطرابات السلوك عند الأطفال؟ وما هو نمط العلاج المُتبع للتعامل معها؟

اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط

يُعد اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) من الاضطرابات السلوكية الشائعة في مرحلة الطفولة، لكنها قد تستمر لترافق المريض بعد بلغه أيضًا في كثيرٍ من الحالات، وهي تنجُم عن اختلالات في النواقل العصبية تؤثر في مجموعة من الوظائف العصبية، وبحسب الدليل التشخيصي الإحصائي لاضطرابات الصحة العقلية (Diagnostic And Statical Manual Of Mental Health Disorders) فقد قُسِّم اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط إلى ثلاث أنواع اعتمادًا على السلوك السائد لدى الطفل، فكانت إما نقص الانتباه أو فرط النشاط أو كليهما معًا.[2][3]

أعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط

غالبًا تبدأ أعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة بالظهور في سنٍ مُبكرة وقبل أن يُتم الطفل الثانية عشرة من عمره، أبرزها التشتت الذهني، وقلة الانتباه، وفرط الحركة، والسلوك الاندفاعي، على أن تظهر هذه الأعراض على الطفل أثناء تواجده في مكانين أو أكثر، كالمنزل، أو المدرسة، أو في الأماكن المُخصّصة لممارسة النشاطات ما بعد المدرسة مثلًا، ممّا يسبب ضعفًا في المهارات الاجتماعية والأكاديمية.[2][3]

يمكن التمييز بين أعراض نقص الانتباه وأعراض فرط النشاط،

  • أعراض نقص الانتباه:

يُشخّص الطفل باضطراب نقص الانتباه إذا كان يُعاني من ستة أعراض على الأقل من أعراض نقص الانتباه المُدرجَة أدناه، على أن تستمر أيضًا لمدة لا تقل عن 6 أشهر،[3] تشمل هذه الأعراض:[3][4]

  • النسيان.
  • صعوبة الحفاظ على الانتباه أثناء أداء المهام أو اللعب.
  • صعوبة في تنظيم المهام والأنشطة.
  • عدم الإصغاء للكلام الذي يُوجّه إليه.
  • عدم الانتباه للتفاصيل الصغيرة.
  • سهولة تشتييت انتباهه.
  • محاولة تجنّب المهام التي تحتاج جهد عقلي أو عدم القدرة على إتمامها، مثل الواجبات المدرسية أو الأعمال المنزلية.
  • فقدان الأدوات المهمة لأداء المهام مثل الكتب، أو أقلام الرصاص، أو الألعاب.

يُشخّص الطفل باضطراب فرط النشاط إذا كان يُعاني من ستة أعراض على الأقل من أعراض فرط النشاط، ولمدة لا تقل عن 6 أشهر،[3] تشمل هذه الأعراض:[3][4]

  • التململ واللعب باليدين، والقدمين.
  • عدم القدرة على الثبات على المقعد أثناء الجلوس في الصف الدراسي.
  • الركض المفرط في أماكن لا يُحبّذ فيها هذا الفعل.
  • تسلق الأشياء.
  • صعوبة الالتزام بالهدوء عند المشاركة بالأنشطة الترفيهية.
  • صعوبة الانتظام بالدور في حالات الانتظار في الألعاب مثلًا.
  • التكلم كثيرًا ومقاطعة الآخرين أثناء التكلم.
  • التسرع في الإجابة على السؤال قبل الانتهاء من طرحه.
  • شعور الطفل بوجود محرك داخلي دائمًا يدفعه لمثل هذه التصرفات.

علاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط

يُفضِل الأطباء الالتزام بالعلاج النفسي الاجتماعي بالتزامن مع العلاج الدوائي، إذ أثبتت البحوث فعالية المزج بينهما في علاج الأطفال من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.[4]

تتضمن علاجات اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط:

  • العلاج النفسي الاجتماعي:

يرتكز هذا العلاج على التثقيف النفسي للطفل وأسرته، وأيضًا على برنامج التدريب المعرفي السلوكي المُصمّم خصيصًا للطفل المُصاب بغية تحقيق أهداف علاجية قصيرة وطويلة الأمد.[4]

  • العلاج الدوائي:

يتضمن العلاج الدوائي نوعين من الأدوية، الأدوية المُنشّطة، مثل الأمفيتامينات (Amphetamines) والميثيلفينيديت (Methylphenidate)، والأدوية غير المُنشطة، مثل أتوموكسيتين (Atomoxetine)، وكلونيدين (Clonidine)، وجوانفاسين (Guanfacine).[5]

أثبتت الدراسات فعالية الأدوية المُنشطة لدى 85% من المرضى الذين يُعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، وذلك على عكس الأدوية غير المُنشطة التي تُعدّ أقل فاعليّة في العلاج، ولكن وجب التنويه إلى آثار الأدوية المنشطة على القلب والأوعية الدموية، فلا بُدّ من مراقبة الأطفال المُصابين بأمراض القلب بعناية من الطبيب المختص لتجنب أي مضاعفات مُحتملَة.[2]

  • النظام الغذائي:

يُنصَح بتوجيه الطفل لتخفيف تناول كل ما يحتوي على الكافيين، وهذا يشمل الشوكولاتة ومشروبات الطاقة وغيرهما، كما أشارت إحدى الدراسات إلى احتماليّة وجود علاقة بين الأطعمة المصبوغة (المُلونّة) وبين أعراض فرط الحركة ونقص الانتباه، لكن حتى الآن لا يوجد معلومات مؤكّدة حول ضرورة اتباع نظام غذائي خاص بالأطفال المُصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.[4]

اضطراب التصرف

يُعد اضطراب التصرف (CD) إحدى اضطرابات السلوك التي تتضمّن استمرارية المشكلات العاطفية والسلوكيّة لتؤثّر سلبًا في الشخص، إذ يتضمن تبنّي المريض لسلوكات اندفاعيّة وعدوانيّة يخرق من خلالها العادات والتقاليد المجتمعية، وينتهك حقوق الآخرين، كما قد يترافق مع نشاطات إجرامية، وقد يحدث اضطراب التصرف خلال الطفولة المُتأخرة أو المراهقة المبكرة، كما لُوحظ شيوعه بين الأطفال الذكور بمعدل أعلى ممّا هو بين الإناث.[6][7]

أعراض اضطراب التصرف

يفتقر الأطفال المُصابون باضطراب التصرف (CD) للمشاعر، ويغلب عليهم التصرف الاندفاعي،[6] بالإضافة إلى العديد من الأعراض الأُخرى التي تتمثّل بسلوكيات مختلفة:[6][7]

  • خرق القوانين دون سبب.
  • السلوك العداوني تجاه الأشخاص والحيوانات أيضًا.
  • تخريب ممتلكات الغير.
  • عدم التقيُّد بتعليمات الوالدين وانتهاكها بعنف.
  • التهرب من أداء المهام، أو التهرُّب من الذهاب للمدرسة.
  • التحايل والكذب للحصول على خدمات معيّنة.
  • إساءة فهم كلام الآخرين واعتباره تهديدًا.

علاج اضطراب التصرف

قد يحتاج بعض الأطفال المُصابين باضطراب التصرف الشديد لإبعادهم عن البيئة التي تسبب سلوكهم المُعادي، وذلك من خلال نقلهم من منازلهم إلى مراكز سكنية مُتخصصة لإدارة سلوكهم،[7] بالإضافة إلى مجموعة من العلاجات الأُخرى التي تستهدف مرضى اضطراب التصرف:

  • العلاج النفسي:

يُعد الآباء جزءًا من العلاج النفسي، إذ بإمكانهم تعلم مهارات منالطبيب المختص تُساعد في السيطرة على سلوك أطفالهم، ولا بُدّ من تجنب توجيه التنبيهات الشديدة والمخيفة فهي غير مجدية في علاج اضطراب التصرف لدى الأطفال، ويمكن أن كل من العلاج السلوكي المعرفي ومحاولة التركيز على تعديل سلوك الطفل مُجديَة في تخفيف حالته.[6][7]

  • العلاج الدوائي:

تُسهم الأدوية بالتزامن مع العلاج النفسي في السيطرة على اضطراب التصرف:[6]

  • مُثبتات المزاج النفسي (Mood Stabilizer).
  • المُنشطات (Stimulant Drug).
  • مُضادات الذهان (Antipsychotics): مثل دواء الريسبيريدون (Risperidone) الذي يُستخدَم لفترة قصيرة.

اضطراب المُعارض المُتحدي

يُعد اضطراب المُعارض المُتحدي (ODD) من اضطرابات السلوك التي تتضمن الغضب أو الانفعال المتكرر والمستمر لدى الطفل، إلى جانب حُب التحدي تجاه الشخصيات المسؤولة عنه، والسلوك العدواني، والجدال المتكرر،[8][9] في غالب الحالات يبدأ هذا الاضطراب لدى الأطفال في مرحلة عمرية مُبكرة ويستمر لفترة المراهقة والبلوغ.[10]

أعراض اضطراب المُعارض المُتحدي

يكون سلوك الطفل المصاب باضطراب المُعارض المُتحدي مُختلفًا عن سلوك باقي الأطفال في سنِّه، وحتى يُشخص الطفل باضطراب التحدي المعارض يجب أن تستمر الأعراض لمدة لا تقل عن 6 أشهر،[9] إذ تشمل الأعراض المرافقة لاضطراب المُعارض المُتحدي:[9][11]

  • عدم الالتزام بتعليمات وطلبات مَن هُم أكبرمنه سنًا.
  • الغضب المتكرر والمستمر لدرجة فقدان الأعصاب.
  • لوم الآخرين على أخطاء ارتكبها الطفل نفسه.
  • قلة عدد الأصدقاء أو خسارتهم.
  • الشعور بالحقد والسعي للانتقام.
  • الحساسية المُفرطة والانزعاج من الأشياء والمواقف بسهولة.
  • محاولة إزعاج الآخرين مُتعمدًا.

علاج اضطراب المُعارض المُتحدي

يُعد العلاج النفسي الاجتماعي الخيار الأول في علاج اضطراب المُعارض المُتحدي، ويمكن دمجه مع العلاج الدوائي للحصول على نتائج أفضل، خصوصًا في الحالات التي يعاني فيها الطفل من اضطراباتٍ أُخرى، مثل الاكتئاب أو الذهان أو اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.[8][9]

تشمل علاجات اضطراب المُتحدّي المُعارض:

  • العلاج النفسي الاجتماعي لاضطراب المعارض المتحدي:

يُوصي اختصاصيو الصحة النفسية الوالدين باتباع التعليمات اللازمة لتدريب الطفل على كيفية التحكم بحالات الغضب وتعلُّم مهارات حل المشكلات،[8][9] إذ يُفضل التزام الأباء ببعض التعليمات لتحقيق أفضل النتائج:[11]

  • إعطاء الأوامر بوضوح.
  • مكافأة الطفل على السلوكيات الإيجابية.
  • تجاهل السلوكيات السلبية.
  • محاولة زيادة ثقة الطفل بذاته.

  • العلاج الدوائي لاضطراب المعارض المتحدي:

تُستخدم الأدوية في علاج المشكلات المُصاحبة لاضطراب المتحدي المُعارض، إذ تشمل الأدوية:[8]

  • مُضادات الذهان غير النمطية (Atypical Antipsychotic)، مثل الريسبيريدون (Risperidone)، والأريبيبرازول (Aripiprazole)، إذ تُستخدم هذه الأدوية بعد مُعايرتها للحصول على الجرعة المُناسبة للطفل المُصاب باضطراب المتحدي المُعارض.
  • مُثبتات المزاج (Mood Stabilizer)، مثل الفالبروات (Valproate) والليثيوم (Lithium)، تُوصف هذه الأدوية في حال الحصول على استجابة جزئية فقط من مضادات الذهان غير النمطية، إذ لا يوُصي الأطباء باستخدام أكثر من مضاد ذهان في نفس الوقت.
  • الأدوية المُنشطة، مثل الميثيلفينيديت (Methylphenidate)، والأدوية غير المُنشطة، مثل الأتوموكسيتين (Atomoxetine)، والجوانفاسين (Guanfacine)، والكلونيدين (Clonidine)، تُوصف هذه الأدوية في حال كان الطفل مُصابًا باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط أيضًا.
كتابة: الصيدلانية هدى زينو - الثلاثاء ، 25 تموز 2023
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan

المراجع

1.
Karam Radwan, Emil F. Coccaro. 28 May 2020. Comorbidity of disruptive behavior disorders and intermittent explosive disorder. reference.JournalTitle . . Retrieved from https://capmh.biomedcentral.com/articles/10.1186/s13034-020-00330-w
2.
Mark Wolraich, . 14 Jul 2022. Attention deficit hyperactivity disorder in children. reference.JournalTitle . . Retrieved from https://bestpractice.bmj.com/topics/en-us/142
3.
Maggie A Wilkes. 31 Mar 2022. Pediatric Attention Deficit Hyperactivity Disorder (ADHD). Retrieved from https://emedicine.medscape.com/article/912633-overview

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري نفسي اطفال أونلاين عبر طبكان
احجز