فوائد اليانسون وخواصه الطبية

يُعدّ اليانسون من النباتات العشبية المميزة بنكهته اللذيذة ورائحته الفواحة، الأمر الذي جعل الكثيرين يستعملونه كمُكوّن في عديد الأطباق والصناعات الغذائية، كما أنّه يمتلك بعض الخواص الطبيّة الذي مكّن استخدامه لأغراضٍ علاجيّة.

ينتمي اليانسون (Pimpinella anisum) إلى فصيلة النباتات الخيمية، وهو أحد أقدم الأعشاب الطبية التي عرفها الإنسان، ويتميز اليانسون باحتوائه على العديد من المركبات الكيميائية التي تُسهم في إعطائه مجموعة من الخواص يمكن الاستفادة منها في بعض من المجالات الطبية.[1]

اليانسون

يُعدّ اليانسون من النباتات العشبية الموسمية التي تعود أصولها إلى منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى كلٍ من إيران، والهند، وتركيا، وعادةً ما يُزرع اليانسون للاستفادة من ثماره وبذوره، وتحتل ألمانيا حاليًا المرتبة الأولى في تصدير توابل اليانسون بين الدول الأوروبية الأُخرى،[2] وقد استُخدم اليانسون منذ آلاف السنين في الطهي ولأغراضٍ علاجية، كالتخلص من الكوابيس، والتفكير السوداوي، والتشنجات، ونوبات الصرع، كما استفاد سكان منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط من بذور اليانسون في إضفاء نكهة لذيذة للأطعمة والحلويات المختلفة، إذ تحتوي بذور اليانسون -وأوراقه كذلك- على أحد المركبات القوية المُعززة للنكهة، وهو مركب الأنيثول (Anethole) الذي يُعتقد بوجود دورٍ فعّال له في الحدّ من تفاقم بعض الأمراض المزمنة.[3]

ينتشر اليانسون في العديد من البلدان، وتختلف تسميته من بلدٍ إلى آخر، ففي فرنسا يسمى بِــ (Anis vert) ،وفي اليابان يُدعى بِــ (Anise seed)، أمّا في الولايات المتحدة الأمريكية فيسمى بِــ (Anise and Star anise)، ويُطلق عليه في ايطاليا اسم (Anneslla).[2]

زراعة اليانسون

اليانسون من النباتات التي تنمو ببطء، فهو يحتاج إلى أجواءٍ خريفيةٍ دافئة وجافة في سبيل الحصول على محصولٍ وافرٍ وذي نوعية جيدة لاستخلاص الزيوت الأساسية منه،[3] وقد لاحظ بعض الباحثون أنّ اليانسون ينمو في المناطق الصخرية الجافة، وفي الشقوق الصخرية، وفي الحقول، والجبال، والمراعي، والمروج.[2]

بدأت محاولات زراعة اليانسون الأُولى في القرن التاسع عشر، وتكون الخطوة الأُولى في زراعة اليانسون بتجهيز الحقل للزراعة في فصل الخريف، إذ تُحرث الأرض وتُسمّد باستخدام السماد التقليدي أو المُصنّع من روث الحيوانات، وتمتد المدة المسموحة لزراعة اليانسون بين شهري آذار ونيسان، ولا بُدّ من الحرص على أن تكون عملية البذر ضمن ظروفٍ جويةٍ دافئة، لأن بذور اليانسون حساسةٌ للصقيع، وتستغرق مرحلة إنبات البذور قرابة الشهر، إذ سرعان ما يبدأ النمو الخُضري عندما تبدأ الأوراق بالظهور، ولا بدّ من الحرص في هذه المرحلة على ريّ نبات اليانسون بوفرةٍ إلى حين الإزهار الذي عادةً ما يمتد بين شهري حزيران وتموز، بالإضافة إلى ضرورة التخلص من الكائنات الحية الأُخرى التي قد تنافس أزهار اليانسون على الغذاء وذلك خلال جميع مراحل نموه.[3]

يُذكَر بأنّ طول نبتة اليانسون العشبية يتراوح بين 30-50 سم، وأزهار اليانسون بيضاء وبذوره صغيرة ذات لون أخضر مائل إلى الصُفرة، وعادةً ما تُحصد بذور اليانسون في شهر آب وأيلول،[1]

مكونات اليانسون

تتميز ثمار اليانسون بحجمها الصغير، ولونها الأخضر، إضافة إلى صعوبة شطرها لأقسامٍ عِدّة،[4] ومن المكونات التي تحتوي عليها ثمار اليانسون:[1][2]

  • الزيوت الطيارة (Volatile oils): تحتوي بذور اليانسون على 1.5-6 كتلة مئوية من الزيوت الطيارة والتي تتشكل من مركب ترانز أنيثول (Trans-anethole) وهو من أبرز المكونات التي تدخل في الصناعات الغذائية، والدوائية، وفي تصنيع المواد المُنكّهة للطعام، ويتأثّر محتوى اليانسون من مركب الأنيثول بنوعية البذور، والظروف البيئية لا سيما الممارسات الزراعية كالرّي، وموعد الزراعة، والتسميد.
  • الدهون: يحتوي اليانسون على 8-11 كتلة مئوية من الدهون الغنية بالأحماض الدهنية، كحمض النخيل (Palmitic acid)، وحمض الأوليك (Oleic acid)، ومركب بيتا أرميرين (Beta-armyrin)، ومركب ستيجماستيرول (Stigmasterol) وأملاحه .
  • الكربوهيدرات: يحتوي اليانسون على 4 كتلة مئوية من الكربوهيدرات.
  • البروتينات: يحتوي اليانسون على 18 كتلة مئوية من البروتينات.
  • مركبات الفلافونويد (Flavonoids)، ومنها مركبات فلافونول (Flavonol)، وفلافون (Flavone)، وجليكوسيدات (Glycosides)، وروتين (Rutin)، وآيزواوريانتين (Isoorientin)، وآيزوفيتكسين (Isovitexin).

خصائص اليانسون الطبية

تُسهم المركبات الكيميائية التي يحتوي عليها اليانسون في منحه بعض الخواص الدوائية،[4] من أبرز هذه الخصائص:[1][4]

  • تأثيره المضاد للبكتيريا:

بحث العلماء في تأثير مُستخلص اليانسون في الماء وبعض المركبات الأُخرى، مثل ميثانول (Methanol)، وأسيتون (Acetone)، وإيثر البترول (Petroleum ether)، على4 أربعِ أنواعٍ من البكتيريا المُمرضة، العقدية المُقيحة ((Streptococcus pyogenes)، والإشريكية القولونية (Escherichia coli)، والكلبسيلة الرئوية (Klebsiella pneumonia)،و المكورة العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus), ولوحظ وجود فعالية مضادة للبكتيريا فقط لدى المُستخلصات المائية ومستخلصات الميثانول تجاه الأربعة أنواع التي خضعت للدراسة، وقد تفوقت فعالية المُستخلص المائي على فعالية المُستخلص الميثانولي.

  • تأثيره المضاد للفطريات:

أشار بعض الباحثون إلى أنّ الزيوت الأساسية الموجودة في اليانسون تتمتع بخواصٍ مضادة للفطريات إلى جانب فعاليتها ضد البكتيريا، ويُعزى ذلك إلى وجود مركب أنيثول الموجود في زيت اليانسون، وفي دراسة أُجريت على أربعة أنواع من الفطريات الجلدية وسبعة أنواع من الخمائر، لُوحظ بأن المحلول المائي لمُستخلص اليانسون يمتلك خواصًا مضادة لنمو الفطريات المعروفة بالمبيضات (Candida)، لا سيما المبيضات البيضاء (Candida albicans).

  • تأثيره المُخدّر والمضاد للالتهاب:

أشارت بعض الدراسات المخبرية التي أُجريت على الفئران إلى أن لتناول زيوت اليانسون الأساسية ذات الأثر المُسكّن للألم الذي يحصل بعد 30 دقيقة من تناول 10 مغ/كيلو غرام من وزن الجسم من المورفين و100 مغ/كيلو غرام من وزن الجسم من الأسبرين، كما أنه يتمتع بقوة مضادة للالتهاب تُماثل تلك التي يمتلكها دواء أندوميثاسين (Indomethacin) المضاد للالتهاب.

  • تأثيره في الجهاز الهضمي:

أظهرت بعض الدراسات المخبرية على الجرذان أنّ مُستخلص اليانسون المائي قد يثبط من تدمير بطانة المعدة المخاطية الناجم عن تعرض تلك الفئران لعوامل نخرية (Necrotizing agents)، بينما أظهرت دراسة أُخرى إلى أن العلاج باليانسون قلل من الشعور بالغثيان لدى معظم المرضى الذين خضعوا للدراسة، مع ملاحظة أن جميع هؤلاء المرضى كانوا يتناولون أدويةً أُخرى.

  • تأثيره المضاد للأكسدة:

أظهرت بعض الدراسات التي قارنت بين كل من محلول اليانسون المائي، والإيثانولي، وبعض مضادات الأكسدة الصناعية، إلى تمتع كل من محلولي اليانسون بخواصٍ قوية مضادة للأكسدة.

فوائد اليانسون

أشارت العديد من الدراسات العرقية -النباتية (Ethnobotanical studies) إلى أن بذور، وجذور، وأوراق اليانسون استُخدمت قديمًا في تحضير الأطعمة المختلفة، بينما استُخدمت الزيوت المستخلصة منه لإضفاء رائحة زكية لوصفات الطعام المختلفة،[3] ومن الفوائد المُقترحة لليانسون:[5][6]

  • فوائد اليانسون للنساء بعد انقطاع الطمث:

يُعد التعرض لما يُعرف بالهبات الساخنة (Hot flashes) إحدى أبرز المشكلات التي تتعرض لها النساء بعد انقطاع الطمث، إذ إنها تُسبب ارتفاع في درجة حرارة الجزء العلوي من الجسم لمدة تستمر لحوالي 3 دقائق، يسبقها تسارع في نبضات القلب، والشعور بالضغط في الرأس، وقد أظهرت دراسة أُجريت على 72 امرأة في سن انقطاع الطمث أن النساء اللواتي تناولن كبسولات تحتوي على 330 مغ من اليانسون ثلاث مرات يوميًا انخفضت لديهن عدد مرات الهبات الساخنة من 4.21% إلى 1.06%، بينما انخفضت شدتها التي بلغت 56.21% قبل تناول الكبسولات لتصبح 14.44%، وذلك بعد 4 أسابيع من تناولها.

  • اليانسون للمُرضع:

أظهرت دراسة أن تناول مجموعة من المُرضعات لِما يُقارب 2 غرام من اليانسون المُجفّف مع 1 غرام من الشاي الأسود 3 مرات يوميًا لمدة أسبوع قد زاد من إنتاج الحليب لدى النساء اللواتي أنجبن قبل انتهاء المدة الطبيعية للحمل.[6]

ولا بُدّ من الإشارة أيضًا إلى أن بعض الدراسات التي بحثت مدى سلامة اليانسون للحامل، والذي عادةً ما تستخدمه للمساعدة في النوم وتخفيف أعراض نزلات البرد، قد أظهرت بأنه آمن نسبيًا.[7]

كتابة: اختصاصية التغذية وعلوم الغذاء أروى الخطيب - الأحد ، 10 كانون الأول 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب

المراجع

1.
Shojaii A, Abdollahi Fard M. (2012). Review of Pharmacological Properties and Chemical Constituents of Pimpinella anisum. ISRN Pharm. 2012;2012:510795. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3405664/
2.
Sun W, Shahrajabian MH, Cheng Q. (2019). Anise (Pimpinella anisum L.), a dominant spice and traditional medicinal herb for both food and medicinal purposes. Cogent Biology 5: 1673688. Retrieved from https://doi.org/10.1080/23312025.2019.1673688
3.
Soussi, M., El Yaagoubi, W., Nekhla, H. et al. (2023). A Multidimensional Review of Pimpinella anisum and Recommendation for Future Research to Face Adverse Climatic Conditions. Chemistry Africa 6, 1727–1746 . Retrieved from https://doi.org/10.1007/s42250-023-00633-3

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري تغذية وحمية أونلاين عبر طبكان
احجز