تؤثر بعض المشكلات الصحيّة في نموّ شعر الجسم، لذلك يعاني البعض من كثرة الشعر وظهوره كثيفًا في أجزاءٍ معيّنة من الجسم، وتجدر الإشارة إلى أنّ كثرة الشعر تنتشر بين حوالي 4-11% من النساء، بينما تُقدّر نسبة انتشار هذه المشكلة لدى النساء اللواتي يعانين من متلازمة تكيّس المبايض بين حوالي 65-75% تقريبًا.[1]
ما هي مشكلة كثرة الشعر؟
كثرة الشعر أو الشعرانيّة (Hirsutism)، هي ظهور الشَّعر الداكن والمجعّد – الشعر الانتهائي (Terminal hair)- لدى النساء بتوزيعٍ يتبع النمط الذكوريّ، أو يمكن القول بأنّ كثرة الشعر تُعبّر عن إحدى المشكلات المزعجة التي يظهر فيها الشعر الخشِن في أجزاء معيّنة من جسم المرأة، كالذقن، وما فوق الشفاه، والصدر، والبطن، والظهر، وتُمثّل كثرة الشعر واحدةً من السّمات الأساسيّة المُميّزة لحالة فرط الأندروجين (Hyperandrogenism) المُصاحبة لمتلازمة تكيس المبايض (Polycystic ovary syndrome)، ولاشكّ في أنّ ظهور مشكلة كثرة الشعر ينعكس سلبًا على الحالة النفسيّة والاجتماعيّة لدى المرأة ويُسبّب لها الإحراج.[2][3]
هل تظهر مشكلة كثرة الشعر لدى الرجال؟
قد تظهر مشكلة كثرة الشعر لدى الرجال أيضًا، ومع ذلك قد يكون تمييز ظهور هذه المشكلة لديهم أكثر صعوبة مقارنةً بالنساء، وذلك بسبب التباين الكبير في نموّ الشعر السميك والمُجعّد على أجسام الرجال وصعوبة ملاحظة تغيّر نموّ الشعر لديهم، وعمومًا، يمكن القول بأنّ كثرة الشعر تُعدّ من المشكلات الطبيّة السائدة أكثر بين النساء.[4]
أسباب كثرة الشعر في الجسم
تظهر مشكلة كثرة الشعر لأسبابٍ كثيرة ومتنوّعة:
- متلازمة كوشينغ (Cushing syndrome)؛ قد يُطلق على متلازمة كوشينغ أيضًا فرط كورتيزول الدم (Hypercortisolism)؛ كوْنها من المشكلات الناجمة عن ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول في الدم لفترةٍ طويلة.[5][6]
- أورام تُفرِز الأندروجين (Androgen-Secreting Tumors)؛ إذ ترتفع مستويات هرمون الأندروجين في حالاتٍ نادرة بسبب نموّ أورام الغدّة الكظريّة، وقد تكون مصحوبةً بظهور مشكلة كثرة الشعر في الجسم وظهور علامات الذكورة.[7]
- نموّ أورام تنتج هرمونات معيّنة، كأورام الرئة والأورام السرطاويّة (Carcinoid tumors) التي تُفرز الهرمون المُوجّه لقشر الكظرية (Adrenocorticotropic hormone or ACTH).[8]
- فرط تنسج الكظرية التكويني (Congenital adrenal hyperplasia)، إذ يُعدّ فرط تنسّج الكظرية التكويني من الأمراض الوراثيّة التي تنتقل كصفةٍ متنحيّة ناجمة عن حدوث طفرة جينيّة في الإنزيمات التي تُسهم في إنتاج هرمونات معيّنة من الغدّة الكظريّة، كالهرمونات القشريّة المعدنيّة (Mineralocorticoids)، والهرمونات القشريّة السكريّة (Glucocorticoids)، والستيرويدات الجنسية (Sex steroids).[9]
- استخدام الستيرويدات البنائيّة (Anabolic steroids)،[8] وهي من المُشتقّات المُصنَّعة لهرمون التستوستيرون (Testosterone) المُصَّرح باستخدامها لعلاج تأخر البلوغ عند الذكور، وقصور الغُدد التناسلية الأولي (Primary hypogonadism)، وغيرها من المشكلات الصحيّة التي تستدعي تعويض هرمون التستوستيرون في الجسم، ولكن قد تُستخدم الستيرويدات البنائيّة أيضًا من قِبل الرياضيين دون تصريح من منظمة الغذاء والدواء الأمريكية بهدف تعزيز الأداء الرياضي.[10]
- استخدام أنواعٍ مختلفة من الأدوية، مثل مينوكسيديل (Minoxidil)، وسيكلوسبورين (Cyclosporine)، ودانازول (Danazol)، وفينيتوين (Phenytoin)، وبنيسيلامين (D-penicillamine)، والإنترفيرون (Interferon).[7]
- أسباب أُخرى نادرة أو غير شائعة، مثل ضخامة الأطراف (Acromegaly)، وفرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism) أو قصور الدرقية (Hypothyroidism).[7]
أسباب كثرة الشعر في الجسم عند النساء
تُنتج أجسام الإناث في الحالة الطبيعيّة كمياتٍ قليلة من الهرمون الذكريّ، ولكن قد ترتفع مستويات الهرمون الذكري في جسم المرأة أحيانًا لسببٍ أو لآخر ممّا يؤدي إلى ظهور مشكلة كثرة الشعر في الجسم،[3] ومن أسباب كثرة الشعر في الجسم عند النساء:
- متلازمة تكيس المبايض (PCOS)، وهي من المشكلات المعقّدة التي تتميّز بارتفاع مستويات الأندروجين في الجسم، والتي قد تُسفر عن حدوث بعض المشكلات في جسم المرأة، كاضطراب الدورة الشهريّة، ونموّ أكياسٍ صغيرة في أحد المبيضين أو في كليهما، وفرط نموّ الشعر في الجسم، وانتشار حب الشباب في أجزاءٍ معيّنة، واكتساب الوزن الزائد دون مبرّر، والإصابة بالعقم،[11] وفي الحقيقة تًعدّ متلازمة تكيس المبايض واحدةً من أكثر أسباب كثرة الشعر في الجسم عند النساء شيوعًا.[7]
- أورام المبيض التي تُفرز الأندروجين (Androgen-Secreting Ovarian Tumors)، إذ قد تتسبّب 1% تقريبًا من أورام المبيض في ظهور مشكلة فرط الأندروجين في جسم المرأة، وتطوُّر بعض السمات الذكوريّة لديها - الذكورة (Virilization)-.[12]
- استخدام أنواعٍ معيّنة من الأدوية التي قد تُسبب كثرة الشعر في جسم المرأة، مثل موانع الحمل التي تحتوي على مستوى مرتفع من هرمون البروجستيرون (Progesterone)، والأدوية التي تسبّب فرط هرمون البرولاكتين في الدم (Hyperprolactinemia).[8]
- ظهور أورام مُنتجة للهرمونات، مثل السرطانة المشيمائية (Choriocarcinoma) التي تنتج هرمون مُوجهة الغدد التناسلية المشيمائية بيتا (Beta-human chorionic gonadotropin).[8]
- فرط تنسّج القراب (المبيضي) (Hyperthecosis)،[8] وهي من المشكلات التي تظهر غالبًا لدى النساء بعد سنّ انقطاع الطمث، وفيها تتمايز خلايا المبيض إلى مجموعات من الخلايا القرابية اللُّوتينيّة (Luteinized thecal cells) في سَدى المبيض (Ovarian stroma)، وتبدأ في إنتاج كمياتٍ كبيرة من هرمون التستوستيرون، وتُصاحب هذه المشكلة أعراض شبيهة بتلك التي تظهر في حالات تكيّس المبايض.[13]
- فرط برولاكتين الدم، والتي قد يُصاحبها ظهور بعض الأعراض المختلفة، مثل تدفّق الحليب من الثدي - ثر اللبن (Galactorrhea)-، وحدوث العقم، وانقطاع الحيض، وفي حالاتٍ نادرة قد تظهر مشكلة كثرة الشعر بسبب ارتفاع هرمون البرولاكتين في الدم.[7]
- أسباب أُخرى لظهور مشكلة كثرة الشعر المعتدلة لدى النساء، كالحمل الذي يُصاحبه زيادة إفراز هرمون البرولاكتين في الدم، أو بدء مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، إذ يتوقّف إنتاج هرمون الإستروجين من المبايض في هذه المرحلة.[7]
قد تكون كثرة الشعر في بعض الحالات مجهولة السبب، أي تظهر أعراض كثرة الشعر لدى المرأة حتى وإن كانت مستويات الأندروجين في بلازما الدم غير مرتفعة، إلى جانب انتظام الدورة الشهريّة لديها، وعدم وجود أي خلل في المبايض.[7]
علاج كثرة الشعر
يحرص الطبيب بدايةً على تشخيص أسباب كثرة الشعر في الجسم، وبعد ذلك ينتقل إلى مرحلة تحديد العلاج الملائم للسيطرة على أسباب كثرة الشعر،[14] وعمومًا، تتوفر مجموعة من الخيارات الطبيّة وغير الطبيّة التي قد تساعد على إيجاد الحلول المناسبة لمشكلة كثرة الشعر:[3][7]
- العلاج بالأدوية، كاستخدام موانع الحمل الفمويّة، أو السبيرونولاكتون (Spironolactone)، أو فيناسترايد (Finasteride)، أو فلوتاميد (Flutamide)، أو إفلورنيثين (Eflornithine) الموضعيّ.
- التحليل الكهربائي (Electrolysis)، الذي يُستخدم فيه التيار الكهربائي لإتلاف بصيلات الشعر ومنع نموّ الشعر مرّةً أُخرى.
- طرق تجميلية لإزالة الشعر مؤقتًا، كالحلاقة، ونتف الشعر، وتشقير الشعر، وإزالة الشعر بالشمع، واستخدام المواد الكيماويّة لإزالة الشعر الزائد.
- الليزر لإزالة الشعر الداكن، ويُعرف بأنّ استخدام الليزر لا يُفيد في حالات الشعر الأشقر أو الأحمر.
- العلاج الجراحي في حالات كثرة الشعر الناجمة عن نموّ الأورام، كاللجوء لعمليّة استئصال المبيض للنساء اللواتي يعانين من فرط هرمون الأندرجين الشديد في مرحلة انقطاع الطمث أو الفترة السابقة لها.