تحدب العمود الفقري: ما هي أسبابه؟ ما أنواع تحدب الظهر؟ هل يمكن التخلص من حدبة الظهر؟

تدقيق طبي: دكتور محمد زكي حمدان - عظام
الأحد ، 23 حزيران 2024 | (الأردن)

يصيب تحدب الظهر (انحناء العمود الفقري) الذكور والإناث من مختلف المراحل العمرية، إذ تزداد حدّته عند التقدم في السن، ويصاحبه الشعور بآلام مستمرة في الظهر، بالإضافة إلى الإرهاق، وصعوبة أداء نشاطات الحياة اليومية، ويمكن السيطرة على التحدب من خلال بعض التمارين الرياضية، وجلسات العلاج الطبيعي، بالإضافة إلى استخدام بعض الأدوية، أو اللجوء للجراحة.

يتأثر العمود الفقري بالعديد من الاعتلالات التي تصيب عظامه، كالالتهابات، أو الأورام السرطانية، أو الإصابات المباشرة بأنواعها، إلّا أنّ التشوهات المتعلقة بوضعية الجسم (Postural deformities) من أشهر الأمثلة على هذه الاعتلالات، والتي تحدث خلال مرحلة النمو،[1] وهي ذات أهمية كبيرة بسبب ارتباط وضعية الجسم السليمة بقدرته على أداء وظائفه الحيوية على أكمل وجه كما أشار العالم أبيلتون (Appleton) عام 1950 ميلادي، وقد سبق وصف وضعية الجسم المثلى على أنها الوضعية التي يكون فيها الرأس منتصبًا والأكتاف مشدودة للخلف، مع إبقاء البطن مشدودًا والصدر بارزًا للأمام، ولعلّ مرض الحُداب (Kyphosis) أو ما يُعرف بحدبة الظهر أو تحدب العمود الفقري من أشهر الأمثلة على المشاكل التي تؤثر في وضعية الجسم.[2]

ما هو تحدب العمود الفقري (تحدب الظهر)؟

يمكن تعريف تحدب الظهر على أنّه انحناء يصيب العمود الفقري ويؤدي إلى تقوس الظهر نحو الأمام فيظهر شكل تحدب العمود الفقري مستديرًا،[3] تجدر الإشارة إلى أنّ الأقراص الفقرية الصدرية قد تبدو بدرجة ضئيلة من التحدب تتراوح بين 10 – 40 درجة في الحالة الطبيعية عند النظر إلى العمود الفقري من الأعلى، ويصبح التحدب مشكلة مرَضية تُعرف بفرط الحداب (Hyperkyphosis) عندما يتجاوز انحناء العمود الفقري حاجز 40 درجة.[4][5]


تزداد شدة تحدب الظهر مع تقدم العمر خصوصًا بعد تجاوز سن الأربعين، إذ تبلغ نسبة انتشاره بين الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا فأكثر ما يقدر بِـــ 20%- 40%، أمّا صغار السن فتبلغ نسبة إصابة الذكور بينهم حوالي 21.4% مقابل 15% بين الإناث، ولكن تجدر الإشارة إلى أنّ النسبة تزداد بين الإناث لدى بلوغهن سن انقطاع الطمث.[4][6]

أسباب تحدب العمود الفقري

قد يحدث تحدب العمود الفقري في أي مرحلة عمرية، لكن يندر حدوثه لدى حديثي الولادة،[3] وتُقسم أسباب تحدب الظهر إلى نوعين؛ إمّا أن يكون ناجمًا عن اختلالات تكوينية خلال عملية النمو، وإمّا أن يكون نتيجة لمجموعة من الأمراض التي قد تصيب العمود الفقري،[7] من أهم الأمثلة على الاعتلالات والأمراض التي قد تُسبّب تحدب العمود الفقري:

  • الإصابة بالاعتلالات العضلية والعصبية، أو التعرّض لكسور في العمود الفقري لم تُعالج بطريقة صحيحة.[7][8]
  • التعرض للأمراض العدوائية مثل السل، أو الاعتلالات الهرمونية.[3]
  • هشاشة العظام والكساح (Rickets)، إذ تنجم عن عدم قدرة الجسم على تنظيم استخدام المعادن الهامة لبناء عظام صلبة وقوية كالكالسيوم، والمغنيسيوم، والفسفور.[8]
  • الشلل الدماغي، أو شلل الأطفال، أو ضمور عضلات العمود الفقري، أو الأورام الليفية العصبية (Neurofibramatosis)، أو مرض باجيت (Paget disease).[3][5]
  • الخضوع لعملية جراحية، إذ قد يكون التحدب أحد مضاعفاتها.[5]
  • الحثل العضلي (Muscular dystrophy)، هو مجموعة من الأمراض الوراثية التي تُضعف العضلات وتؤدي إلى تلف أنسجتها.[3]
  • الأمراض التنكسية في العمود الفقري، مثل التهاب المفاصل، أو داء القرص التنكسي (Degenerative Disc Disease)، أو الانزلاق الفقاري (Spondylolisthesis).[3][9]
  • الاستعداد الوراثي للمريض نتيجة الإصابة بأمراض ضمن هذه الفئة، مثل مرض شويرمان (Scheuermann's)، إذ يؤدي إلى الإصابة بالتحدب في مرحلة عمرية مبكرة.[9]
  • اعتلالات النسيج الضام.[5]
  • انخفاض نسبة حمض الفوليك لدى الحامل، مما يؤدي إلى إصابة رضيعها بتشوهات في العمود الفقري.[8]

تجدر الإشارة إلى أنّ تحدب الرقبة قد ينجم عن أسباب مرَضية، مثل التهاب الفقار المقسط (Ankylosing spondylitis) أو التعرض لإصابة مباشرة، أو قد يكون أحد مضاعفات الإجراءات الجراحية، مثل عملية استئصال الصفيحة الفقرية (Laminectomy).[10]

ما هي أنواع تحدب الظهر؟

تتعمق درجات تحدب الظهر مع التقدم في السن، إذ لا تتجاوز 25 درجة في المتوسط خلال مرحلة المراهقة والشباب، إلا أنّها قد تصل إلى ما يُقارب 38.5 درجة عند كبار السن ممن تجاوزوا سن 65 عامًا.[11]


من أنواع تقوس الظهر:

تحدب العمود الفقري الناجم عن داء شويرمان (Scheuermann’s Kyphosis)

يُعرف أيضًا بتحدب ظهر اليافعين (Juvenile kyphosis)،[7] وهو اعتلال هيكلي يؤثر في العظام والأنسجة الرخوة للأطفال، ويُعد أحد أكثر مسببات التحدب الذي ينجم عن مشاكل هيكلية خلال مرحلة المراهقة، إذ يُصبح شكل الأقراص الفقرية العلوية مَعينًا بدلًا من شكلها الطبيعي المستطيل، مما يجعلها أقل مرونة فتحُد من قدرة المريض على مدّ ظهره باستقامة، وهو يُصنّف على أنه تحدب ثابت.[12][13]

تحدب العمود الفقري الناجم عن وضعية الجسم (Postural kyphosis)

يظهر هذا النوع من تحدب الظهر خلال مرحلة المراهقة، وبدرجة أكبر لدى الإناث مقارنةً بالذكور، إذ تزيد وضعية الجسم غير السليمة التي تتمثل بتدلّي الكتفين المستمر للأمام (Slouching posture) من تقوس الظهر نحو الأعلى، فتتسبّب بتمدد عضلات وأربطة العمود الفقري مطولًا مما يضعفها على المدى البعيد، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأقراص الفقرية في هذا النوع من التحدب تكون سليمة لذا يمكن تخفيف حدّته من خلال تمارين تقوية العضلات، وهو يُصنف على أنه تحدب مرن.[4][13]

تحدب العمود الفقري التكويني (Congenital Kyphosis)

يُصنّف على أنه تحدب ثابت،[14] وينجم عن اختلال نمو أقراص العمود الفقري للطفل، والتمدد الطولي للعمود الفقري، إذ يتسبب بإعاقة شديدة ويرتبط بمضاعفات عصبية، كما ينتشر أكثر بين الإناث مقارنةً بالذكور،[7][8] ويمكن تصنيفه إلى ثلاثة أنواع رئيسية تبعًا لطبيعة الخلل الذي يصيب فقرات العمود الفقري:[4][7]

  1. النوع الأول: غياب فقرة واحدة أو فقرتين من العمود الفقري، مما يؤدي إلى إصابة الطفل بتحدب يزداد سوءًا مع نمو الطفل.
  2. النوع الثاني: يُدعى بخلل تنسج الحلقة الليفية (Annulus Fibrosus Osseous Metaplasia)، إذ يمنع انفصال الأقراص الفقرية خلال عملية النمو فتبقى مُدمجة، لذا يظهر التحدب واضحًا في مرحلة تعظّم الأقراص الفقرية لدى بدء الطفل بالمشي.
  3. النوع الثالث: يجمع كلا النوعين الأول والثاني.

ما هي أعراض تحدب الظهر؟

لا يُسبب تحدب الظهر عادةً أي أعراض خصوصًا عندما يكون التقوس طفيفًا، إذ يُكشف عنه فقط خلال الفحص الجسدي الذي يجريه الطبيب، ويمكن توكيد التشخيص من خلال التقاط صور الأشعة السينية،[13] من أبرز أعراض تحدب العمود الفقري:

  • الشعور بألم في منتصف وأسفل الظهر، تزداد شدته عند الحركة.[3]
  • استدارة الظهر.[3]
  • تيبس الظهر.[3]
  • صعوبات في التنفس، يظهر هذا العرَض في الحالات الأكثر شدّة.[3]
  • الإرهاق.[4]
  • سلس البول أو البراز.[4]
  • اختلال تناسق الكتفين.[4]
  • ألم في الصدر.[4]
  • صعوبات حركية.[15]

من الجدير بالذكر أنّ تحدب الظهر لا يتسبب باعتلال توازن الجسم، وذلك بعكس ما هو متوقع.[16]

كيف يمكن علاج تحدب العمود الفقري؟

تبدأ رحلة علاج تقوس الظهر باللجوء للخيار التحفظي لتصحيح تحدب الظهر، مع إبقاء جراحة تحدب العمود الفقري الخيار الجراحي الأخير عند عدم تحسن أعراض المريض، كاستمرارية الشعور بالألم لدى استخدام طرق العلاج الأُخرى، أو تفاقم حالة تقوس العمود الفقري ليتخطّى حاجز 80 درجة.[5][8]

العلاج التحفظي لمشكلة تحدب الظهر

يشمل العلاج التحفظي (Conservative treatment) استعمال بعض الأدوية للتخلص من الألم المرافق لتقوس الظهر، مثل المسكنات غير الستيرويدية المضادة للالتهاب (Nonsteroidal anti-inflammatory drugs)، والمرخيات العضلية، كما يمكن استخدام الأدوية المخدرة (Narcotics) للسيطرة على الألم ولكن لفتراتٍ محدودة فقط، وتجدر الإشارة إلى ضرورة استخدام المضادات الحيوية في حال معاناة المريض من التهاب في الأقراص الفقرية.[16]

يمكن اللجوء للعلاج الطبيعي لتقوية عضلات البطن والظهر السفلية وبالتالي تقليل الضغط الواقع على العمود الفقري، مما يُحسّن وضعية الجسم ويخفف من الشعور بالألم، كما يمكن لتمارين تحدب الظهر مثل التمارين الهوائية وتمارين الاستطالة من تخفيف معدل الشعور بالإرهاق وتخفيف آلام الظهر السفلية.[8]

تجدر الإشارة إلى أن حزام تحدب الظهر (Brace) يُستخدم كعلاج ناجح لدى المراهقين الذين تزداد لديهم درجة تحدب العمود الفقري عن 50 درجة، إذ يُقوّم الظهر عن طريق توجيه نمو العمود الفقري بطريقة صحيحة، أمّا البالغين فيقتصر استخدامه على توفير الدعم للعمود الفقري وتخفيف الألم وذلك بسبب اكتمال نمو ونضوج الهيكل العظمي لديهم.[4][8][16]

العلاج الجراحي لتحدب الظهر

يلجأ الاختصاصيون لعلاج الحدبة في الظهر عن طريق الجراحة في حال ازدياد تقوس الظهر على الرغم من التزام المريض بارتداء حزام تقويم العمود الفقري، بالإضافة إلى الإصابة بالاعتلالات العصبية، واستمرار الشعور بالألم، إذ يمكن أن تُجرى العملية من الجهة الأمامية، أو الخلفية، أو الخلفية والأمامية معًا لتصحيح التقوس.[16][17]

يتوقف اختيار عملية تحدب الظهر المناسبة على نوع تقوس الظهر لدى المصاب وعمره، فمثلًا تُجرى عملية رأب الحدبة (Kyphoplasty) أو رأب الأقراص الفقرية (Vertebroplasty) لدى الأشخاص البالغين المصابين بالتحدب الناجم عن كسور العمود الفقري المرافقة لهشاشة العظام.[4][16]

أمّا صغار السن المصابين بالتحدب التكويني، فيُعد الخيار الجراحي ذو أهمية كبرى، وذلك بسبب طبيعة التقوس التي تزداد سوءًا مع مرور الوقت، إذ تُجرى عملية إيثاق المفصل الخلفي (Posterior arthrodesis) التي تُدمج خلالها عدّة أجزاء من العمود الفقري لدى الأطفال الذين لم يبلغوا سن الخامسة بعد، أما إيثاق المفصل الخلفي والأمامي فيُجرى للأطفال الذين تجاوزوا سن الخمس سنوات ممن تزيد لديهم درجة التحدب عن 60 درجة.[4][16]

تجدر الإشارة إلى ظهور جراحات جديدة رائدة لعلاج التحدب الثابت كالذي ينجم عن داء شويرمان، مثل الإجراء الجراحي الذي يجمع بين استخدام المسامير (Pedicle screw instrumentation) لتثبيت عنيقات أقراص العمود الفقري الصدري، وذلك بالتزامن مع استئصال جزء من عظام الفقرات (Osteotomies) لتصحيح التحدب.[18]

هل يُعد تحدب الظهر إعاقة؟

ترتبط الإصابة بتحدب العمود الفقري مع مجموعة من المضاعفات التي قد تعيق المصاب من ممارسة نشاطات الحياة الاعتيادية، خصوصًا لدى كبار السن من النساء، إذ قد يؤثر التحدب سلبًا في وظائف الرئة ويزيد من احتمالية الإصابة بالتهاب الرئة وانسداد الرئة المزمن وغيرهما من الأمراض، كما تشير عدّة دراسات إلى انخفاض قدرة المريض المُصاب بتحدب الظهر على أداء الأعمال المنزلية، خصوصًا الشاقة منها.[19]

كتابة: الصيدلانية أسيل الخطيب - الأحد ، 23 حزيران 2024
تدقيق طبي: دكتور محمد زكي حمدان
آخر تعديل - الإثنين ، 08 تموز 2024

المراجع

1.
Fabry G. (2009). Clinical practice: the spine from birth to adolescence. European journal of pediatrics, 168(12), 1415–1420. Retrieved from https://doi.org/10.1007/s00431-009-0998-9
2.
KIERNANDER B. (1956). Discussion on postural re-education; a critical examination of methods. Proceedings of the Royal Society of Medicine, 49(9), 667–670. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1889165/
3.
MedlinePlus [Internet]. Bethesda (MD): National Library of Medicine (US); [updated Jun 24; cited 2020 Jul 1]. (2022). Kyphosis. Retrieved from https://medlineplus.gov/ency/article/001240.htm

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

احجز مع محمد زكي حمدان , أخصائي عظام
احجز