القلق: الأسباب، الأعراض، وكيفيّة العلاج

قد يعاني البعض من القلق الدائم ما يتسبّب بالعديد من المشكلات التي تُعيق أداء الشخص لمهامه وأنشطته المُعتادَة، وقد يتمثّل بأنواع مختلفة كالرُهاب وقلق الانفصال والهلع نتيجة عوامل متعدّدة منها ما هو جيني ومنها ما هو ناجم عن أحداث سلبية، يمكن التخلص من القلق بمواجهة المخاوف أو اتباع علاجات نفسية أُخرى وفقًا لتوصيات الاختصاصي النفسي.

تعتري مشاعر القلق الكثير من الأشخاص في مراحل أو مواقف حياتيّة مختلفة، وفي حين يُعدّ القلق ردّ فعلٍ طبيعيّ قد يعايشه الكثير منّا في مواجهة مشكلةٍ ما في العمل أو مع العائلة والأصدقاء وغيره، إلّا أنّه سبق وأن تمّ تصنيف القلق كاضطرابٍ نفسي يستدعي المتابعة من اختصاصيي الطبّ النفسي حينما يتحوّل إلى شعورٍ دائم من التفكير والخوف والتوتر، فيؤثّر عندها سلبًا في مسير حياته اليومي ويتسبّب بتعطيل قدرته على إتمام المهام والأنشطة المُعتادة.

أنواع اضطرابات القلق والأعراض المرافقة لكُل منها

يمكن تصنيف اضطرابات القلق إلى أنواعٍ متعدّدة سبق واُتفق عليها اعتمادًا على مجموعة من المعايير، أكثرها شُيوعًا:

  • اضطراب القلق العام:

وهو عبارة عن مشكلة نفسيّة تتضمّن شعور الشخص الدائم بالقلق والخوف حِيال صحّته مثلًا أو عمله أو دراسته وما إلى ذلك من متعلّقات حياتيّة، يُوصَف شعور القلق لدى مَن يعانون من اضطراب القلق العام على أنّه دائم وشديد فيصرف التفكير عن الواقع المُعَاش لينصبّ على أشياء قد تكون أو لا تكون، وغالبًا ما تستمر هذه الحالة لِما لا يقِل عن 6 أشهر، ما يستدعي بعدها التدخُّل الطبّي لتخليص المريض من حالة القلق التي يحياها.

يترافق اضطراب القلق العام مع مجموعة من الأعراض أبرزها:

  1. صعوبة التركيز في معظم الأوقات.
  2. الشعور الدائم بعدم الراحة والتوتر، ما قد يتسبّب بمشاكل وصعوبات في النوم.
  3. سيلٌ عرِم من مشاعر القلق والتوتر الخارجة عن السيطرة.
  4. أعراض جسديّة، مثل الشد عضلي أو الشعور بالإرهاق.

  • الرُهاب "الفوبيا" (Phobia):

هو اضطراب ناجم عن حالة شديدة من الخوف تجاه مواقف أو أشياء لا تتطلّب هذا القَدَر من مشاعر الارتباك، من الممكن أن تؤثّر الفوبيا سلبًا في الشخص الذي يعاني منها، إذ قد ينصبّ تفكيره في كيفيّة تجنُّب مصدر الخوف الكامن خلف ما يرهبه.

يختلف نوع الرُهاب اعتمادًا على مصدر الخوف، قد يعاني البعض من رهاب الأماكن المرتفعة أو رهاب الحقن أو الدم، بينما تتملّك البعض فوبيا الحيوانات لتسيطر عليهم بردود فعلٍ مُبالَغ بها، فيبذل الشخص مجهودًا مضاعفًا في سبيل تجنُّب ما يُسبّب له الرهاب فتتملكّه مشاعر عارمة من الخوف والقلق الدائمين.

من أنواع الرُهاب الشائعة:

  1. رهاب الخلاء: يتمثَّل بنوبة من مشاعر الخوف العارم التي تنتاب الشخص لدى تعرُّضه لمواقف معيّنة، فيبدو وكأنّه عالق ولا يستطيع تخطّي الموقف، مثل الرهاب من الأماكن المغلقة، والرهاب من الزحام، والأماكن المكتظّة، والخوف من الخروج وحيدًا من المنزل، والرهاب من الأماكن المفتوحة.
  2. الرهاب الاجتماعي: اضطراب يتخلّله شعورٌ مستمر بالقلق حيال العلاقات الاجتماعيّة والتواصل مع الآخرين في العمل أو في المدرسة، والخوف المستمر من أن تتمخّض عن تقييم سلبي من الآخرين، أو من أن يكونوا موضع سخرية نتيجة تصرفات أو ردود فعل قد تأسرهم في دائرةٍ من الحرَج مع مَن حولهم، وذلك بحسب ما تتوارد إلى عقولهم من هواجس دائمة.

  • اضطراب الهلَع:

هي نوبات مفاجئة وشديدة من الهلَع الذي قد يعتري بعض الأشخاص في مواجهتهم لمواقف معيّنة، ما قد يتسبّب بمجموعة من الأعراض، منها:

  1. خفقَان في القلب.
  2. الرجفة.
  3. صعوبة في التنفُّس.
  4. ألم في الصدر.
  5. حالة من الصدمة يعتقد معها المريض كما لو أنّه سيُصاب بنوبة قلبيّة.
  6. فقدان السيطرة على ردود الفعل.
  7. التعرُّق.
  8. الشعور بالموت الوشيك.

  • اضطراب قلق الانفصال:

وهي حالة من التوتر والخوف الدائم من الانفصال عن الأشخاص المقرّبين، غالبًا ما تتركّز حالات قلق الانفصال لدى الأطفال، إذ تتولّد لديهم مشاعر مستمرّة باحتماليّة خسارة أحَد والديهم، تحتل مشاعر القلق من الانفصال حيّزًا من التفكير لتتسبّب ببعض الأعراض منها ما يتمثّل جسديًّا ومنها ما يكون نفسيًّا فيعاني البعض من كوابيس تؤرّقه وتسرق النوم من عينيه خشية فراق الأحبّة وما قد يحدث لهم بعد الانفصال.

أسباب اضطرابات القلق

يمكن أن تتسبّب مجموعة من العوامل والمسبّبات إمّا لوحدها أو مُجتمعة بأحَد اضطرابات القلق المعروفة، منها:

  • التعرُّض لمواقف حياتيّة سلبيّة إمّا أثناء مرحلة الطفولة أو ما بعدها.
  • عوامل وراثيّة، إذ يرتفع معدل الإصابة بأحَد اضطرابات القلق في حال وأن سبَق إصابة أحَد أفراد العائلة المقرّبين بحالات من القلق المستمر.
  • الاعتلالات الجسديّة يمكن أن ينجم عنها بعض أعراض اضطرابات القلق، مثل مشاكل الغدّة الدرقيّة، أو مشاكل عدم انتظام ضربات القلب، أو مشاكل الرئة وغيرها.
  • الآثار الانسحابيّة التي تترافق مع علاج إدمان المخدرات يمكن أن تلعب دورًا هي الأُخرى بحالاتٍ من القلق والتوتر.
  • اختلال في كيميائيّة الدماغ، ما يؤثّر في قدرته على التحكُّم بالمشاعر والانفعالات والسيطرة عليها.
  • إساءة استخدام أنواع معيّنة من الأدوية.

علاج اضطرابات القلق

يبدأ الطبيب النفسي العلاج مع مريضه بعدما يتحقّق من أنّ حالة القلق لديه هي مشكلة مرَضيّة وتحتاج لمتابعة وحلول علاجيّة؛ ويكون ذلك عبر معرفة التاريخ المرَضي وتقييم المريض بناءً على شدّة الأعراض ومدى استمراريّتها لديه، بالطبع لا يوجد أيّ فحص مخبري قد يكشف المرض النفسي، إلّا أنّ بعض الفحوصات قد تُجرَى بغرض استثناء أيّ مشاكل صحيّة أُخرى وحصر الأسباب والتحقًّق من أنّها ذات مصادر نفسيّة.

تشمل الخيارات العلاجيّة لاضطرابات القلق:

  • العلاج النفسي: يلجأ الاختصاصي النفسي إلى عقد جلسات تتضمّن استماعه لأفكار ومعتقدات المريض، ومحاولة حلّ المشكلة والتخفيف من حالة القلق، قد يشمل العلاج النفسي أنواع مختلفة أبرزها العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive behavioral therapy) الذي يستهدف تغيير الأفكار السلبيّة التي تحتل عقل المريض وتحويلها إلى أفكار إيجابيّة متبوعة بسُلوكات بنّاءة تُخلّصه من مشاعر القلق والتوتر التي تؤثّر في حياته وتسرق لحظات السعادة والانخراط الاجتماعي منهم.

أيضًا يمكن أن يكون العلاج بالتعرُّض (Exposure therapy) أحَد الحلول العلاجيّة للقلق؛ وهو عبارة عن نوع من العلاجات النفسيّة التي تتضمّن تعريض المريض لمواقف أو مؤثرّات تثير القلق والتوتر أو الخوف والهلع في نفسه، ومن ثمّ تعليمه السلوكيّات الأمثل لمواجهة مثل هذه الضغوطات والتغلُّب عليها.

  • العلاج بالأدوية: قد يُوصي الاختصاصي النفسي باستخدام أدوية معيّنة برفقة العلاج النفسي أو بدونه، مثل مضادّات الاكتئاب، أو مضادّات الذُهان، أو مثبّطات بيتا التي تستهدف تخفيض ضغط الدم، أو مضادّات التشنجات، أو مضادات القلق في الحالات المزمنة.

نصائح للتخفيف من أعراض اضطرابات القلق

يمكن لمجموعة من العادات اليوميّة أن تخفِّف من القلق والتوتر حتى لا يتحوَّل لحالة مرَضيّة، منها:

  • الحِرص على تناول الأطعمة الصحيّة عبر وجبات متوازنة.
  • تجنُّب الإفراط في المشروبات التي تحتوي على الكافيين، مثل القهوة والشاي.
  • ممارسة التمارين الرياضيّة بانتظام.
  • الحِرص على أَخذ قِسطٍ وافر من النوم.
  • الامتناع عن التدخين.
  • ممارسة التأمُّل، إذ أشارت بعض الدراسات إلى أنّ اليوغا أيضًا قد تلعب دورًا في تخفيف حدّة التوتر والقلق لدى البعض.

المراجع

  1. Felman A. 2020. What to know about anxiety? Retrieved from https://www.medicalnewstoday.com/articles/323454
  2. Cleveland Clinic. 2020. Anxiety disorders. Retrieved from https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/9536-anxiety-disorders
  3. National Institute of Mental Health. 2018. Anxiety disorders. Retrieved from https://www.nimh.nih.gov/health/topics/anxiety-disorders
  4. Bhargava H. 2020. Anxiety disorders. Retrieved from https://www.webmd.com/anxiety-panic/guide/anxiety-disorders#2-5
  5. Julson E. 2021. Signs and symptoms of anxiety disorders. Retrieved from https://www.healthline.com/health/anxiety-disorder-symptoms

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية