الاضطرابات النفسية الجسدية: أسبابها، وأعراضها، وعلاجها

يمكن لمشاعر القلق والتوتر أن تؤثّر سلبًا في الصحة الجسدية لبعض الأشخاص، ما قد يتسبّب بانتكاسة صحية يشعر معها المريض بألم في الرأس مثلًا قد يتفاقم مع استمرار الضغط النفسي الذي يمرّ به، على الرغم من صعوبة تشخيص الاضطراب النفسي الجسدي إلّا أنّ بعض الأطبّاء النفسيين قد يتمكّنون من تخليص المريض من هذه المشكلة بواسطة العديد من الحلول العلاجية.

ينتمي الاضطراب النفسيّ الجسديّ (Psychosomatic disorder) إلى قائمة الأمراض النفسيّة التي يختصّ أطبّاء علم النفس بتحليل أسبابها ومحاولة إيجاد الحلول العلاجيّة المناسبة لها، إذ ينفي أطباء الدماغ والأعصاب علاقة هذه الاضطرابات بمشاكل الدماغ والأعصاب لتُحَال بذلك جميع الحالات إلى الأطباء النفسيين بغرض علاجها.

تنجُم الاضطرابات النفسيّة الجسديّة عن إحكام التوتر والقلق والضغوطات العاطفيّة النفسيّة قبضتها على العقل لتفرض نفسها آلامًا عضويّة يشعر بها المريض حقًا، فيشكو من أوجاعٍ جسديّة تبدو عصيّة على التشخيص الطبّي، الأمر الذي يتسبّب بحيرة لدى زيارة الاختصاصيين، إذ إنّ أسوأ أنواع الأمراض في عالم الطّب هي تلك التي يستعصي وصفها طبيًا وفقًا المعايير المُعتَمدة.

أسباب الاضطرابات النفسية الجسدية

تتسبّب الضغوطات النفسيّة المتراكمة التي قد يتعرّض لها الشخص خلال حياته بمشاكل وآلام جسديّة يشعر بها واضحة تزعجه وتُؤرّقه، وغالبًا ما تتزايد هذه الآلام في الأعضاء التي يغلُب أن تشهد انتكاسات وأوجاع متتالية، فمثلًا يشعر الأشخاص الذين اعتادوا على نوباتٍ من الصداع بألمٍ أكثر حدّة لدى وقوعهم تحت مظلة التوتر والضغط النفسي، وكذلك الأمر لمن يعانون من آلامٍ في الرقبة وغير ذلك من المشاكل الجسديّة التي يستغلّ العقل ضعفها ليفاقم آلامها أثناء القلق المفرِط ويسلب اهتمام المريض إليها كمرضٍ مستقّل يحتاج للرعاية والعلاج.

يشير الاختصاصيين والدراسين في الشأن النفسيّ إلى أنّ كيفيّة تطوُّر الأمراض الجسديّة ذات المنشأ النفسي لا زالت غير معروفة ومعقّدة بعض الشيء، إلّا أنّ مجموعة من العوامل سبق وأن أُشير إلى احتماليّة ارتباطها مع ارتفاع خطر الإصابة بالاضطراب النفسي الجسدي، منها:

  • المواد الكيميائيّة التي يستخدمها الجهاز المناعي في مهاجمة المُمرِضات المختلفة، إذ تتسبّب كثرة تعرُّض الجسم لها خلال فترات التوتر والضغط النفسي إلى نتائج عكسيّة تؤدّي إلى سهولة التقاط الجسم لأنواعٍ من العدوى المختلفة وغير ذلك من الانتكاسات الصحيّة.
  • التعرُّض لمشاكل نفسيّة ناجمة عن أحداث ذات تأثير سلبي، مثل فقدان عزيز، أو الاكتئاب، أو التعرُّض لاعتداء جسدي، أو التعرُّض المتكرّر لمشاعر الغضب أو الخوف وغيرها.
  • اختلالات جينيّة.
  • مشاكل في بعض العمليّات الحيويّة الداخليّة، مثل اختلال مستويات الأحماض الأمينيّة أو أيض الجلوكوز وغير ذلك.
  • إفراز هرمونات نتيجةً للتوتر والقلق الذي يتعرّض له الشخص.
  • إدمان المخدرات.
  • مشاكل حياتيّة كالبطالة، أو الضغوطات العائليّة، أو الاجتماعيّة المختلفة.
  • صعوبة التعبير عن المكنونات الداخليّة ما يتسبّب بالكبت العاطفي وتزاحم المشاعر لتنفجر لاحقًا في أضعف خط مناعي في الجسد مُسبّبةً آلامًا عضويّة ظاهرة.

أعراض الاضطرابات النفسية الجسدية

يشعر المريض بمجموعة من الأعراض الجسديّة التي ترافق حالته النفسيّة المُضطّربة كنتيجة للاضطراب النفسي الجسدي الذي يعاني منه، وفي حين يُشَار إلى التوتر المُفرِط على أنّه سبب بعض المشاكل الجسديّة كتسارع ضربات القلب، وتعرُّق اليدين والتشنجات العضليّة، إلّا أنّ ترجمة مشاعر التوتر والقلق تختلف بحسب العمر والجنس، فتختلف تلك التي تظهر على الإناث عن الأعراض الظاهرة على الذكور، وتتمثّل مشاعر القلق والتوتر لدى الأطفال بأعراضٍ مغايرة عن تلك التي يشكو منها كبار السّن مثلًا.

من أبرز الأعراض المصاحبة للاضطراب الجسدي النفسي:

  • الآلام الجسديّة التي تختلف من شخصٍ لآخر، أكثرها شيوعًا ألم الرأس، والتعب العام، وألم الظهر، وآلام العضلات، والطفح الجلدي، وعُسر الهضم، والضعف الجنسي لدى الرجال، وقرحة المعدة، وغير ذلك من المشاكل الجسديّة الأُخرى.
  • المَيل للشعور بالحزن والقلق.
  • مواجهة صعوبات عديدة على النطاق المهني والاجتماعي المحيط بالشخص ما يؤثّر على أداؤه وإنجازه عمومًا.
  • تكرار زيارة عيادات الأطبّاء بغيّة تشخيص الأعراض التي يشعر بها، مع عدم الرضا عن نتائج الفحوصات لأنّها غالبًا لا تتوافق مع توقعاته بوجود مشكلة جسديّة ما.

علاج الاضطرابات النفسية الجسدية

يختلف العلاج تبعًا للحالة بعد تشخيص الإصابة بالاضطراب النفسي الجسدي، وعلى الرغم من إمكانيّة استخدام أنواع من العلاجات التي تستهدف تخفيف الآلام الجسديّة كالأدوية أو حتى التداخلات الجراحيّة إذا لزِم الأمر، إلّا أنّ الاعتماد الأكبر غالبًا ما يكون على المزج بين العلاج الجسدي والنفسي لمساعدة المريض على تخطّي حالة القلق والتوتر التي تنتابه وتتمثّل بعواقب صحيّة لديه.

يساهم الطبيب النفسي بتحسين حالة المريض عبر تعليمه مهارات فكريّة تمكّنه من التغلُّب على مشاعر القلق والتوتر التي قد تسيطر عليه، ويُعد العلاج السلوكي المعرفي أبرز أنواع العلاج النفسي المُتّبعة في حالات الاضطراب النفسي الجسدي.

يستطيع العلاج النفسي مساعدة المريض بالتخلُّص من الأعراض الجسديّة التي غالبًا ما يكون مُستقرّها ومنشأها العقل فقط، بعض الحالات ونتيجة التفكير المُفرِط أثناء القلق والتوتر تتولّد لديه آلام جسديّة تستدعي تناول الأدوية أثناء فترة العلاج النفسي، فتكون مضادّات الالتهاب مثلًا هي السبيل للتخلُّص من الآلام في عضلات الرقبة الناجمة عن إطلاق مواد كيميائيّة يفرزها الجسم تحت وطأة التوتر والانفعال، أو ربمّا يقع الاختيار على مضادّات الاكتئاب، إذ يتحدّد ذلك بعد تشخيص الحالة واعتماد العلاج من الطبيب النفسي.

المراجع

  1. Morgan J. (2015). Your disease is not real, The Lancet Neurology, 14(10): 984. Retrieved from https://doi.org/10.1016/S1474-4422(15)00085-X
  2. Schimelpfening N. (2020). An overview of psychosomatic illness, retrieved from Verywell mind: https://www.verywellmind.com/depression-can-be-a-real-pain-1065455
  3. Khetrapal A. (2021). Psychosomatic disorders, retrieved from News Medical Life Sciences: https://www.news-medical.net/health/Psychosomatic-Disorders.aspx
  4. Willacy H. (2020). Psychosomatic disorders, retrieved from Patient: https://patient.info/mental-health/psychosomatic-disorders
  5. Psychosomatic disorder. (2021). Retrieved from Cleveland Clinic: https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/21521-psychosomatic-disorder#symptoms-and-causes

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري نفسي أونلاين عبر طبكان
احجز