الاضطرابات الانشقاقية: أسبابها، وأعراضها، وطرق العلاج المتاحة

الاضطرابات الانشقاقية هي شعور الشخص بانفصاله عن الواقع الذي يعيشه باغترابه عن مشاعره وأفكاره فيكون كالمراقب لِما يجري حوله، قد تسبُّب الاضطرابات الانشقاقية بمشكلات مستمرة للمريض يمكن للطبيب النفسي أن يساعده بتخطي المشكلة باستخدام بعض أنواع العلاج النفسي.

تتسع مظلّة الأمراض النفسية لتشمل عديد الاضطرابات والمشكلات التي قد يعاني منها الأشخاص خلال مرحلةٍ ما من حياتهم، تُوصَف الاضطرابات الانشقاقيّة (Dissociative disorders) على أنّها واحدة من الاضطرابات النفسيّة التي يعاني معها الشخص من انشقاقه عن أفكاره ومشاعره، ليبدو وكأنّه يراقب ما يحدث حوله ومعه، منفصلًا عن واقعه بعقله مُدركًا لِما يدور في محيطه مغتربًا عنه ذهنيًّا.

يمكن لأيّ شخصٍ أن يمرّ بمثل هذه الأعراض الانشقاقيّة في مرحلة ما كنتيجة لحدَث أو صدمة، لكن يغلُب أن لا تستمر هذه الحالة لأكثر من ساعاتٍ وأيام أو حتى أسابيع، يتعافى بعدها الشخص ممّا تولّد لديه من مشاعر سلبيّة ليعود ويتّصل بواقعه كما في السابق.

بعض الحالات يعلَق أصحابها في دوّامة من الضبابيّة والاغتراب عن الواقع والمكنونات الداخليّة بما تحوي من أفكار ومشاعر وذكريات، لتستمر لشهورٍ عدّة، عندها يُوصَى المريض بالبحث عن الطبيب النفسي المناسب لتشخيص الحالة والبدء بخطّة علاجيّة تساعده في التخلُّص من الاضطراب الانشقاقي والعودة للحياة الطبيعيّة.

أسباب الاضطرابات الانشقاقية

يميل الاختصاصيون إلى تسمية المشاكل والضغوطات التي قد يتعرّض لها البعض أثناء مرحلة الطفولة على أنّها المُسبّب الرئيس وراء الاضطرابات الانشقاقيّة، إذ إنّ القدرة على تحمُّل القلق والتوتر أثناء الطفولة تكون في أدنى مستوياتها، ما قد يُفاقم المشكلة لتخرج الحالة عن السيطرة في ظل استمرار تأثير الحدَث السلبي على الشخص.

يُشَار غالبًا إلى مجموعة من المواقف والأحداث السلبيّة على أنّها ممّا يساهم في حالةٍ من الانشقاق الذاتي والغربة عن الواقع التي قد يعايشها الطفل لاحقًا، لعلّ أبرزها الاعتداء الجسدي أو الجنسي الذي قد يتعرّض له الأطفال أو الكوارث الطبيعيّة كالزلازل وغيرها من الأحداث، مثل الحروب والصراعات، أو ربمّا يكون التجاهل والاضطهاد سببًا كذلك في الاضطرابات الانشقاقية، وغالبًا ما تظهر الأعراض مبكرًا في سّن السادسة عشرة تقريبًا.

أعراض الاضطرابات الانشقاقية

تختلف الأعراض المرافقة للاضطرابات الانشقاقيّة تبعًا لنوع وشدّة الاضطراب، إلّا أنّ مجموعة من الأعراض الشائعة اصطفّت لتكون القاسم المشترك بين غالبيّة مرضى الاضطرابات الانشقاقيّة، من أبرزها:

  • الشعور بانشقاق الشخص عن ذاته والمحيط الذي يعيش فيه وكأنّه يراقب حياته دون أن ينخرط بأحداثها.
  • تقمُّص لا إرادي لشخصيات بمميّزات منفصلة لكل حالة شخصيّة بينهم، فتتمثّل الحالات الانتقاليّة بتغييرٍ واضح على سلوك وتفكير الشخص.
  • تقلُّب مزاجي حاد ومفاجىء.
  • مشاكل نفسيّة مرافقة تتمثّل بالاكتئاب، والقلق.
  • سلوكيات تتسبّب بإيذاء الشخص لنفسه ونزعات انتحاريّة قد تتبعها محاولات جادّة بذلك.
  • فقدان الذاكرة المؤقّت تجاه أحداث أو تفاصيل معيّنة حدثت في الماضي، قد تتراوح هذه الحالة بين دقائق عدّة وتختفي بعدها وربما تستمر حتى أشهر أو سنوات.
  • عدم القدرة على التجاوب العاطفي مع المواقف التي قد تحدث حول المريض، وكأنّه في غربة عن نفسه ومشاعره.

علاج الاضطرابات الانشقاقية

يخضع المريض لتشخيصٍ دقيق تُستبعَد من خلاله الأمراض الجسديّة التي يُحتَمَل أن تكون سببًا في الأعراض التي يشكو منها المريض، مثل أورام الدماغ وغيرها، وفي حال توكيد السلامة الجسديّة يُحَال المريض للطبيب النفسي لاتّخاذ التدابير العلاجيّة اللازمة.

العلاج النفسي هو أحد العلاجات الأساسيّة المتّبعة لتحسين حالات مرضى الاضطرابات الانشقاقيّة، إذ يرتكز العلاج النفسي على اتباع أساليب مختلفة تهدف إلى مساعدة المريض على استعادة ارتباطه مع ذاته وهويته بما تتضمّن من أفكار ومعتقدات، إلى جانب تمكين المريض من اندماجه مع واقعه ومحيطه من جديد وتخطّي ما يختزنه عقله من أحداث وذكريات مؤلمة تتسبّب في تجديد المعاناة كلمّا تجسّدت بحضورها في ذهن المريض.

العلاج السلوكي المعرفي أحَد العلاجات النفسيّة التي قد يعتمد عليها الطبيب النفسي في خطّته العلاجيّة لتخطّي مشكلة الاضطراب الانشقاقي لدى المريض، يرتكز العلاج السلوكي المعرفي على بناء قدرات معرفيّة تساعد المريض في تنمية سلوكيّات إيجابيّة يتخطّى بها حالة الاغتراب عن الواقع التي يعيشها تحت وطأة حفنة من العوامل التي تؤثّر فيه.

عادةً ما يقع اختيار اختصاصيي الطب النفسي على العلاج السلوكي الجدَلي أيضًا لعلاج الاضطرابات الانشقاقيّة، وهو علاجٌ قائم على تعليم المريض أنماط سلوكيّة إيجابيّة تساعده في اجتياز حالات إيذاء الذات أو النزعات الانتحاريّة التي قد تنجُم عن الاضطرابات الانشقاقيّة لدى البعض.

يُضَاف للعلاجات السابقة كل من التنويم المغناطيسي وعلاج "إزالة الحساسيّة وإعادة المعالجة عن طريق حركة العين (Eye movement desensitisation and reprocessing)، يركّز هذا الأخير على تخفيض شدّة الذكريات المؤلمة وكبحها من أن تقفز فجأة وتخلخل الاستقرار النفسيّ الذي قد يحقّقه المريض بمساعدة الاختصاصي، قد تستغرق مدّة العلاج فترة طويلة وفقًا لاستجابة المريض ومدى تحسُّن حالته.

المراجع

  1. Dissociation and dissociative disorders. (2019). Retrieved from Mind: https://www.mind.org.uk/information-support/types-of-mental-health-problems/dissociation-and-dissociative-disorders/treatments/
  2. Dissociation and dissociative disorders. (2012). Retrieved from Better Health: https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/conditionsandtreatments/dissociation-and-dissociative-disorders#symptoms
  3. Dissociative disorders. (2020). Retrieved from NHS: https://www.nhs.uk/mental-health/conditions/dissociative-disorders/
  4. Dissociative disorders. (2018). Retrieved from Cleveland Clinic: https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/17749-dissociative-disorders-
  5. Dissociative disorders. (n.d.). Retrieved from Nami: https://www.nami.org/About-Mental-Illness/Mental-Health-Conditions/Dissociative-Disorders
  6. What are dissociative disorders? (2018). Retrieved from American Psychiatry Association: https://www.psychiatry.org/patients-families/dissociative-disorders/what-are-dissociative-disorders
  7. Buffum R. (2020). Dialectical behavioral therapy, retrieved from WebMD: https://www.webmd.com/mental-health/dialectical-behavioral-therapy

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية