اضطرابات الأكل: أنواعها وطرق علاجها

تتمثّل اضطرابات الأكل بفقدان السيطرة على كمية الطعام المُتناولَة سواءً بإفراط أو بإجحاف، يمكن أن تلعب الحالة النفسية دورًا في حالات اضطرابات الأكل المُتعدّدة التي تتراوح بين الشرَه أو فقدان الشهية العصبي، يمكن مساعدة المرضى بتخطّي مشكلات اضطرابات الأكل عبر العلاج النفسي بتغيير السلوك أو اتبّاع الحميات الغذائية وغيره ممّا قد يُجدي نفعًا.

يُشَار إلى اضطرابات الأكل (Eating disorders) على أنّها أحَد الأمراض النفسيّة التي قد يُصَاب بها البعض كردّة فعل لمواجهة حدَث ما أو مشكلة معيّنة، ما يؤثّر على الحالة النفسيّة والجسدية للمريض، تترافق اضطرابات الأكل غالبًا مع سَيلٍ من الأفكار والعواطف المؤلمة والسلبيّة التي تُفقِد الشخص زمام سيطرته على كميّات الطعام المُفترَض تناولها سواءً بفرط ذلك أو بإجحافه الشديد بحقّ حاجة جسده للطعام.

تصيب اضطرابات الأكل الفئات العمريّة المختلفة ذكورًا أو إناثًا، إلّا أنّ المراهقين واليافعين هُم الأكثر عُرضة لذلك، وتُقدَّر نسبة الإصابة باضطرابات الأكل إلى ما يصِل 5%، وتُعزَى أسباب اضطرابات الأكل إلى عديد العوامل التي تساهم في معاناة البعض دون غيرهم من مشاكل تناول الطعام المختلفة، فمثلًا قد تلعب العوامل الوراثيّة دورًا في رفع نسبة إصابة البعض باضطرابات الأكل لدى البعض في فترةٍ ما من حياتهم، بينما من الممكن أن يعاني البعض الآخر من أحَد اضطرابات الأكل نتيجة إصابتهم بواحدة من الاضطرابات النفسيّة الأُخرى مثل القلق، أو الاكتئاب، أو الوسواس القهري وغيرها.[1][2]

أنواع اضطرابات الأكل

يمكن أن تنقسم اضطرابات الأكل إلى أنواعٍ ثلاثة تُعدّ الأكثر شيوعًا:[3][4][5]

1- فقدان الشهيّة العصبي (Anorexia nervosa): يخشى الأشخاص الذين يُعانون من فقدان الشهيّة العصبي من أيّ زيادة متوقعّة في الوزن حتى لو كانت أجسادهم نحيلة جدًا، ما يجعلها حالة مرَضيّة تقودهم إلى تقنين شديد لكميّات الطعام والسعرات الحراريّة اليوميّة المأخوذة، ما يتسبّب بعديد المشكلات الصحيّة اللاحقة كترقّق العظام، أو العقم، أو هشاشة في الأظافر والشعر وغير ذلك.

تُعد النساء، إلى جانب المراهقين أو اليافعين من أكثر الفئات المُعرّضة لأن يتطوّر لديها اضطراب فقدان الشهيّة العصبي.

يترافق فقدان الشهيّة العصبي مع مجموعة من الأعراض، منها:

  • النحافة الشديدة مع السعيّ الدؤوب لها.
  • ترتبط مفاهيم الثقة بالنفس لدى المُصاب بفقدان الشهيّة العصبي مع شكل الجسم ووزنه، إذ يسعى حثيثًا لأن يخسر وزنه حتى يتقبّل جسمه، يترافق ذلك مع انعدام الإدراك بخطورة النحافة التي يسير إليها.
  • الخوف الشديد والدائم من زيادة الوزن على الرغم من النحافة.
  • تقليل كميّات الطعام للحدّ الذي لا يكفي إمداد الجسم بحاجته منه.

2- الشّرَه المرَضي (النُهام) (Bulimia): يُعاني الأشخاص تحت مظلّة الشّرَه العصبي من نوبات تتضمّن فقدان السيطرة على تناول كميّات الطعام، إذ يتناول المريض كميّات كبيرة من الطعام حتى يتخطّى الشبَع ويصِل حدّ الامتلاء المزعج، يشعر بعد ذلك بالخزِيّ والذّنب جرّاء ما فعل ليحاول استدراك ذلك بعقاب جسده وإراحة جوفه -حسب اعتقاده- بعدّة أفعال قاسية، كأن يحاول الاستفراغ عنوةً وإخراج الطعام من معدته، أو الصيام بالامتناع عن الطعام والشراب أو بممارسة تمارين رياضيّة قاسية، يُذكَر بأنّ هؤلاء الأشخاص قد لا يكونوا ذو أوزان ضمن الحدّ الطبيعي أو حتى أقل أحيانًا.

يترافق الشّرَه المرضي العصبي مع مجموعة من الأعراض، منها:

  • الخوف المستمر من أيّ زيادة في الوزن على الرغم من امتلاك قوام بوزن طبيعي.
  • نوبات متكرّرة من فقدان السيطرة على كميات الطعام المُتناوَلَة.
  • ربط الثقة بالنفس مع شكل الجسم، إلى جانب التفكير المستمر بوزن الجسم وكيفيّة السيطرة عليه على الرغم من وقوعه ضمن الحدّ الطبيعي!

لكن الشّرَه المرَضي العصبي قد يتمخّض عن مجموعة من الآثار الجانبيّة والمضاعفات المزعجة جرّاء ما يمارسه الشخص من ردود أفعال قاسية بغية وصوله للوزن المثالي المزعوم، من وجهة نظره، من الآثار الجانبيّة التي يعاني منها مرضى الشّرَه المرَضي أو النُهام:

  • التهاب الحلق وتقرُّحه.
  • تورُّم الغدد اللعابيّة في الفكّ والرقبة.
  • ارتجاع الحمض (الارتجاع المَعِدي المريئي).
  • الجفاف الشديد نتيجة فقد السوائل المقصود.
  • مشاكل في الأسنان بسبب تكرار تعرُّضها لأحماض المعدة نتيجة التقيُّؤ المستمر، كأن تصبح الأسنان أكثر عُرضة للحساسيّة أو تتعرّى من طبقة المينا التي تغلّفها، ما يزيد من فرص الإصابة بتسوُّس الأسنان.
  • اختلال في مستويات الكهارل (الإلكتروليتات)، وهي المعادن والأملاح الموجودة في الجسم.
  • اختلال في مستويات الهرمونات.

3- اضطراب الشراهة عند تناول الطعام (Binge-eating disorder): هو أحَد اضطرابات الأكل الأكثر شيوعًا، وهو عبارة عن نوبات من النّهَم المُفرِط التي تنتاب بعض الأشخاص في فتراتٍ معيّنة؛ إذ يُقبِل على تناول الطعام بشراهة ودون قيود، يختلف اضطراب الشراهة عند تناول الطعام عن الشرَه العصبي بأنّ المُصاب لا يشعر بالذَنب بعد نوبة الشَرَه، إنمّا يحتفظ بالطعام على الرغم من شعوره بعدم الراحة والامتلاء الشديد، لِذا فإنّ مرضى اضطراب الشراهة عند تناول الطعام غالبًا ما يشتكون من زيادة الوزن أو السُمنة.

يترافق اضطراب الشراهة عند تناول الطعام مع مجموعة من الأعراض، منها:

  • تناول كميّات كبيرة من الطعام بنهَمٍ ملحوظ.
  • سرعة في مضغ الطعام مع لقيماتٍ متتالية.
  • فقدان السيطرة على كميّات الطعام المُتناولَة وعدم القدرة على التوقُّف عن الأكل عند الشبَع.
  • الشعور بالخجَل والحرَج من طريقة تناول الطعام الشرهة، لِذا قد يلجأ الشخص لأن يتناول الطعام لوحده أو سرًا.
  • الإقبال على تناول الطعام حتى مع عدم الشعور بالجوع.
  • غالبًا لا تؤتي الحميات الغذائيّة أُكلَها في تخفيف الوزن لدى المرضى.

علاج اضطرابات الأكل النفسيّة

من الممكن التخلُّص الجذري والكامل من اضطرابات الأكل بأنواعها، لِذا غالبًا ما يُنصَح المرضى باستشارة الاختصاصي النفسي والالتزام بتعليماته قدر الإمكان؛ إذ إنّ الطب النفسي استطاع إيجاد الحلول المناسبة لأولئك الأشخاص ممّن يُعانون من اضطرابات الأكل، والتي غالبًا ما يُفضّل استدراكها مبكّرًا قبل أن يمتدّ تأثيرها على الصحّة النفسيّة وتتسبّب بعديد المضاعفات الأُخرى مثل الاكتئاب والقلق.

تشتمل الحلول العلاجيّة للتخلُّص من اضطرابات الأكل على جانب نفسي يشمل التحدُّث مع المريض في جلسة تجمعه مع الطبيب النفسي، قد يعتمد الطبيب مثلًا على العلاج السلوكي المعرفي وتوعية المريض بالأضرار المرافقه لاضطراب الأكل الذي يعاني منه ومساعدته على أن يتخطّى الحالة التي يمرّ بها.

أيضًا قد يشمل العلاج إصلاح الخلل الذي تسبّبت به كميّات الطعام غير الطبيعيّة التي دخلت جسم المريض خلال نوبات الشرَه وعلاج الاضطرابات المرافقة، وذلك باستخدام أدوية معيّنة تستهدف الأعضاء المُتضرّرة.

الحميات الغذائيّة بإشراف اختصاصيي التغذية يمكن أن تكون أيضًا ضمن الخطّة العلاجيّة المُعدّة للتخلُّص من اضطرابات الأكل، إلّا أنّ الاعتماد الأكبر يكون على نيّة المريض في أن يساعد نفسه بالتخلُّص ممّا يعاني منه، وهو ما يزيد من شعور المسؤوليّة المُلقَى على عاتقه ويُحتّم عليه التقيُّد بالخطّة العلاجيّة التي غالبًا ما تُعَد بإشراف طاقم طبّي مختّص.[1][4]

المراجع

  1. UK National Health Services. 2021. Overview-eating disorders. Retrieved from https://www.nhs.uk/mental-health/feelings-symptoms-behaviours/behaviours/eating-disorders/overview/
  2. Guarda A. 2021. Eating disorders: What are eating disorders? Retrieved from https://www.psychiatry.org/patients-families/eating-disorders/what-are-eating-disorders
  3. Mayo Clinic. 2018. Eating disorders. Retrieved from https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/eating-disorders/symptoms-causes/syc-20353603
  4. National Institute of Mental Health. 2016. Eating disorders. Retrieved from https://www.nimh.nih.gov/health/topics/eating-disorders
  5. Legg T. 2019. 6 common types of eating disorders (and their symptoms). Retrieved from https://www.healthline.com/nutrition/common-eating-disorders#bottom-line

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية