لقاحات كوفيد-19، ما بعد الإنتاج والتوزيع ----- (1) ----- (لقاح "أكسفورد/ أسترازينيكا)"

يعتمد لقاح أكسفورد/أسترازينيكا على تقنية الناقل الفيروسي في تصنيعه، ويمتاز بسهولة إنتاجه وإمكانية حفظه في الثلاجات العادية، ما يُعزّز من فرص حصول معظم دول العالم عليه، إلى جانب توافره بأسعار معقولة مقارنةً باللقاحات الأُخرى، مثل فايزر وبيونتيك، استطاع لقاح أكسفورد/أسترازينيكا تحقيق نسبة فعاليّة وصلت 70% ضد العدوى التي يُسبّبها فيروس كورونا المُستجد، وترافق مع آثار جانبيّة اقتصرت على تورم موضع الحقن وأعراض تُشابه المرافقة للإنفلونزا.

بدأت شركات الأدوية مع نهاية 2020 تُعلن تِباعًا بدء طرح لقاحاتها في الأسواق، وسط ترقُّب شديد من العالم في الوقت الذي تشتدُّ فيه جذوة الوباء ويُواصِل انتشاره بسُلالة جديدة، لقاح جامعة أكسفورد Oxford بالتعاون مع شركة أسترازنيكا AstraZeneca أعلنتا حُصولهما على الموافقة العاجلة بترخيص استخدام اللقاح الذي عكَفتا على تجربته منذ بداية العام المُنصرِم، فقد أعطَت وكالة تنظيم الأدوية والمنتجات الطبيّة في المملكة المتحدة (MHRA) في 30 ديسمبر من 2020 ترخيصًا ببدء توزيع اللقاح واستخدامه على الفئات الأكثر عُرضة للإصابة بكوفيد-19، وصرّحت شركة "أسترازينيكا" عزمها على إنتاج 100 مليون جُرعة أُسبوعيّة لرفع قدرتها على تغطية حاجة المُجتمع البريطاني من اللقاح بقدر الإمكان، على أن يحصُل المُشتركين على الجُرعة الثانية خلال 12 أُسبوعًا من الجرعة الأُولى، بهدف تأمين وقاية طويلة الأمد.

أكثر من 3 مليار جُرعة من لقاح "أكسفورد" بانتظار العالم!

يُنتَظَر من شركة "أسترازينيكا" أن يتسع نِطاق إنتاجها ليشمل دولًا أُخرى حول العالم، إذ إنّها سبَق وأن التزمت بعقود توريد مع عدّة دول وشركات بإجمالي ثلاثة مليار جُرعة من لقاحها، تجدُر الإشارة إلى أنّ ما رفع من نسبة الإقبال على لقاح أُكسفورد هو خصائصه التي تجعل منه الأكثر طلبًا، فهو يتميّز بسهولة تصنيعه وإنتاجه، إلى جانب إمكانيّة حفظه عند درجات حرارة تتراوح بين 2 إلى 8 مئويّة، ما يُسهِّل نقله وتخزينه في الثلاجات العادية التي تحويها جُّل القطاعات الصحيّة في دول العالم الغنيّة والفقيرة على حدٍ سواء، وفوق هذا وذاك يُعدّ لقاح "أكسفورد/أسترازينيكا" زهيد الثمن مقارنةً بلقاحات كُل من "فايزر/بيونتيك" و"موديرنا".

النتائج المبدئيّة للمرحلة الثالثة من لقاح "أكسفورد"

أعلن الباحثون المُشرفون على تجهيز لقاح "أكسفورد" نتائجهم الأوليّة للمرحلة الثالثة الجارية حتى اللحظة (سبق وأن بدأت في 23 ابريل من 2020) في كُل من بريطانيا، البرازيل وجنوب اِفريقيا من خلال بحثهم المَنشور في مجلة The Lancet، وقد أكّد الباحثون على أنّ النتائج الأوليّة تُشير إلى أنّ اللقاح ChAdOx1 nCoV-19 استطاع تحقيق نسبة فعاليّة بلغت 70.4%، في مواجهة كوفيد-19، وهي نسبة جيّدة في ظل أوضاع الوباء السائدة، إذ سبَق وأن أعلنت منظمة الصحة العالميّة WHO بأنّ الوصول لفعاليّة تساوي 50% -أو أكثر بالطبع- تكفي لاعتماد اللقاح وترخيص استخدامه على البشر، وقد اشتمل التحليل المبدئي لحالات المُشتركين في الدراسة على ما يُقارب 11636 من أصل 23848 ممّن ضمّتهم التجارب، من مختلف الفئات العُمريّة بمن فيهم العاملين في القطاع الصحّي والأشخاص المُصابين بأمراض ومشاكل صحيّة.

وقد توّزعت جُرعات لقاح ChAdOx1 nCoV-19 على جُرعتين يفصل بينهما 28 يومًا، تمّت تجربة نظامين من الجُرعات، في أحَدها تلقَّى المُشتركين جُرعة مُخفّضة من اللقاح (بمقدار النصف من الجرعة المعياريّة أو الكاملة والتي تمّ اعتمادها في المرحلة الأُولى والثانية بما يُعادل 5 × 1010) تلَتها بعد 28 يومًا جرعة ثانية مُدّعِمَة "المِعياريّة أو الكاملة"، ما زالت النتائج قيد التحليل بغرض توكيدها، بينما تلقَّى البعض الآخر جُرعتين معيارتين من اللقاح يفصل بينهما 28 يومًا أيضًا.

مبدأ عمل لقاح "أكسفورد"

يُذكَر بأنّ لقاح جامعة أكسفورد ChAdOx1 nCoV-19 يعتمد على تقنية "الناقل الفيروسي"، فتُحمَل الجينات الخاصّة بمُستضد البروتين الشّوكي Spike protein الموجود على سطح الفيروس SARS-CoV-2 عبر ناقل فيروسي -يُصيب قرود الشمبانزي بنزلات البرد والالتهابات التنفسيُّة- يُعدّل جينيًا ليُصبح غير قادر على التكاثر البتّة، وذلك بغرض خِداع الجهاز المناعي ليتوَهَّم بأنّه يُواجه عدوى ما، بالتالي مساعدة الجسم على تعلُّم كيفيّة مواجهة العدوى الفعليّة "كوفيد-19" عند الإصابة بها.

فعاليّة اللقاح وصلت 70.4%

أظهرت النتائج أمان استخدام اللقاح، إذ اقتصرت الآثار الجانبيّة التي ظهرت على المُشتركين على الشعور بألم عند الضغط على موقع التطعيم أعلى الذراع وأعراض مُشابهة للإنفلونزا كالصُداع والحمّى وألم في العضلات، بينما وصلت فعاليّة اللقاح نسبة إجماليّة قاربت 70.4%، توزعت كالآتي،

  • استطاع اللقاح بجرعة مُخفَّضة (نصف الجرعة الكاملة) تبِعها جُرعة معياريّة (كاملة) تحقيق الوقاية لدى 9 من كُل 10 مُشتركين تلقَّوه، وبنسبة فعاليّة بلغت 90%.
  • بينما تمكَّن اللقاح بجُرعتين مِعياريتين (كاملتين) من تحقيق الوقاية ضد كوفيد-19 لدى 6 من بين كُل 10 حالات، وبنسبة فعاليّة وصلت 62.1%.

يُضَاف للفعاليّة الجيّدة التي حقّقها لقاح ChAdOx1 nCoV-19، قدرته على تجنيب جميع المُشتركين الذين تلقَّوه من الدخول للمُستشفى لتلقِّي العلاج بعد الإصابة بكوفيد-19 وبِدون أيّ أعراض شديدة، بينما احتاج 10 مُشتركين ممّن تلقَّوا جُرعات وهميّة في المجموعة الضابطة Control group الدخول للمُستشفى لتلقِّي الرعاية اللازمة بعد توكيد إصابتهم بفيروس كورونا المُستجد SARS-CoV-2، صُنِّفَت حالتين منهم على أنّها شديدة.

خُطط مُستقبليّة واعدة للقاح أكسفورد

من المُزمَع استكمال تحليل النتائج على بقيّة المُشتركين، إذ إنّه وبحسب ما نُشِر على الموقع الرسمي الخاص بالشركة المُصنّعة لتركيبة اللقاح، اُستِكمَل تطعيم أكثر من 23000 مُشترك وتجري مُتابعتهم بإجراء فحوصات دوريّة وتدوين كافّة المُلاحظات الصحيّة، يُتوَقع أن تتسِّع دائرة التجربة لتشمل الأشخاص بفئات عُمريّة تتجاوز 55 عامًا، يطمح أيضًا الباحثون بأن يُساهم لقاحهم في الحدّ من انتشار الفيروس والتحقُّق من قدرة اللقاح على تأمين الوقاية ضدّ كوفيد-19 غير المُرتبط بأعراض ظاهرة (Asymptomatic COVID-19)، إذ يُعدّ لقاح "أكسفورد" -بحسب الباحثين المُشرفين على الدراسة بقيادة البروفيسور بولارد- نصرًا وتقدُّمًا علميًا استطاع الفريق تحقيقه على مدار سنة من العمل والبحث لإحاطة الوباء ومساعدة دولتهم -والعالم- في تخطّي الظَرف الصعب واستعادة الحياة الطبيعيّة في أقرب وقتٍ من هذه السنة.

المراجع

  1. University of Oxford. 2020. University of Oxford welcomes regulatory authorisation of coronavirus vaccine. Retrieved from https://www.research.ox.ac.uk/Article/2020-12-30-regulatory-approval-of-coronavirus-vaccine
  2. Voysey M, et al. 2020. Safety and efficacy of the ChAdOx1 nCoV-19 vaccine (AZD1222) against SARS-CoV-2: an interim analysis of four randomised controlled trials in Brazil, South Africa, and the UK. The Lancet. Retrieved from https://www.thelancet.com/journals/lancet/article/PIIS0140-6736(20)32661-1/fulltext
  3. Tatsis N. and Ertl, Hildegund C. J. 2004. Adenoviruses as vaccine vectors. Molecular Therapy. Retrieved from https://www.cell.com/molecular-therapy-family/molecular-therapy/fulltext/S1525-0016(04)01342-5#%20

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية