(كوفيد طويل الأمد) أعراضه تستمر لأسابيع أو أشهر، ومُضاعفاته تمتد لتُصيب أعضاءً غير الرئة، فما هو؟ وما تأثيره على المرضى؟

تناهَى إلى مسامع الكثيرين في الآونةِ الأخيرة مُصطلحٌ جديد ومُستحدَث بَرز على الساحة فيما يخُّص كوفيد-19، إذ بدأت الأبحاث تُشير إلى ما يُعرَف بكوفيد طويل الأمد Long COVID، ويُعرِّف الباحثون كوفيد-19 طويل

تناهَى إلى مسامع الكثيرين في الآونةِ الأخيرة مُصطلحٌ جديد ومُستحدَث بَرز على الساحة فيما يخُّص كوفيد-19، إذ بدأت الأبحاث تُشير إلى ما يُعرَف بكوفيد طويل الأمد Long COVID، ويُعرِّف الباحثون كوفيد-19 طويل الأمد على أنّه مجموعة الأعراض التي تستمر مع المرضى لأكثر من 12 أُسبوعًا، إذ لُوحِظ بأنّه في حِين يتعافى البعض من مرضى كوفيد-19 خلال أُسبوعين، إلّا أنّ البعض الآخر تستغرق فترة التعافي لديهم مُدّةً أطول، قد أطول تصِل لأسابيع أو أشهر أحيانًا.

وفي حِين يتساءل الكثيرون عن إمكانيّة نقل العدوى أثناء الفترة الطويلة التي يُعاني معها الشخص من أعراض كوفيد-19، إلّا أنّه وبحسب الباحثين والاختصاصيين لا يُعدّ مُعديًا، إنمّا يتعلّق باستجابة الجسم للفيروس ومقاومته له لفترة ليست بالقصيرة، ويكفي أن يخضع الشخص لفترة عزلٍ منزلي لعشرة أيام، يُصبح حال إتمامها غير مُعديًا، إلّا في الحالات التي تستمر معها درجة الحرارة أو العُطاس أو سيلان الأنف أو الإسهال والتعب العام، عندها يجب الحذر من مخالطة أيّ شخص واستشارة الطبيب.

على الرغم من أنّ فيروس كورونا المُستجَد SARS-CoV-2 يتسبّب في المقام الأول بمضاعفاتٍ في الجهاز التنفسي مُمَثلًا بالرئتين اللتينِ قد تُصابا بتلفٍ دائم، إلّا أنّ تأثير كوفيد-19 بات جليًّا بأنّه قد يمتدّ ليشمل أعضاء وأجهزة الجسم الأُخرى مثل القلب والكُلى والجهاز الهضمي، ما يُحدِث مجموعة من التغييرات الصحيّة ذات الانعكاس السلبي على طبيعة حياة المُصاب بشكلٍ عام.

أعراض كوفيد-19 قد تستمر لثلاثة أو أربعة أشهر، دراسات

في دراسةٍ أجراها المكتب الوطني للإحصائيّات في بريطانيا، استنفر بها كافّة جهود أعضاؤه وباحثيه لتقييم مدى تأثير كوفيد-19 على المُصابين، لُوحِظ بأنّ تأثير كوفيد-19 يختلف من شخصٍ لآخر، ففي حِين يبرأ البعض من مرض فيروس كورونا خلال فترةٍ قصيرة، إلّا أنّ البعض الآخر يُعاني من أعراض العدوى الفيروسيّة هذه لفترة أطول، وفي حِين يقول الباحثين بأنّه من المُبكّر الحديث عن النتائج، إلّا أنّ عَرض القراءات الأوليّة يستهدف توعية المُجتمعات إلى الخطر الذي قد يُولّده فيروس كورونا المُستجد لدى البعض وبأنّ آثاره قد تطُول ليأخذوا حذرهم، وقد اشتملت الدراسة على المرضى الذين ثبتت إصابتهم بنتيجة إيجابيّة بعد إجراء الفحص، وقد كانت النتائج كما يلي:

  • عانى 1 بين كُل 5 مُصابين من أعراض كوفيد-19 لفترة تُقارب 5 أسابيع أو أكثر.
  • بينما عانى 1 بين كُل 10 مُصابين من أعراض كوفيد-19 لمدّة 12 أُسبوعًا أو أكثر.

وتُشير دراسة أُخرى أعدّها فريقٌ بحثيّ من بريطانيا إلى أنّ لِكوفيد-19 القدرة على تَرك آثار صحيّة سلبيّة قد تظهر بعد 4 أربعة أشهر منذ تشخيص الإصابة بالعدوى، فقد ظهرت أعراض تُنبىء بإصابة المرضى الذين شملتهم الدراسة بتلف واحد أو أكثر من أعضاء الجسم بنسبة وصلت 70% من مجموع المُشتركين (201 شخص) في الدراسة، وممّا يُثير الاستغراب بأنّ جُّل هؤلاء المُتضرّرين من الأعراض طويلة الأمد لكوفيد-19 هُم من الشباب (متوسط أعمارهم 44 عامًا) الأقل عُرضة للإصابة بفيروس كورونا المُستجد، إذ كانوا من الأصحّاء ولم يُعانَوا من أيّ مرضٍ يُذكَر.

توصَّل الباحثون إلى أنّ كوفيد طويل الأمد قد يُعرَّف على أنّه استمراريّة الأعراض بعد الإصابة بعدوى كوفيد-19 لأكثر من 3 أشهر، وقد اعتمد الباحثون في تعريفهم على تقييم حالة المرضى الصحيّة بإجراء مجموعة من الفحوصات مثل: فحوصات الدم، الصور الإشعاعيّة بالرنين المغناطيسي MRI والاستعلام عن حالتهم ومتابعتها عبر استبيان إلكتروني، وقد كانت أكثر الأعراض التي سُجِّلت لدى المرضى كالتالي: الشعور بالإجهاد والتعب العام بنسبة 98%، ألم في العضلات بنسبة 88%، انقطاع النَفَس 87%، صداع 83%، إضافة إلى أنّ ثلثي المُشتركين عانَوا من ضعفٍ أو اختلال في وظيفة واحد أو أكثر من أعضاء الجسم، وقد توّزعت الاعتلالات الوظيفيّة العُضويّة بين المرضى كالتالي: 32% عانوا من ضعف في القلب، 33% ضعف في الرئتين، 12% ضعف في الكُلى، 10% ضعف في الكبد، 17% ضعف في البنكرياس و6% ضعف في الطحال.

هذه الدراسة وعلى الرغم من أنّها لم تخضع لمراجعة الأقران Peer-review بعد وربما تحتاج للكثير إلى حين إثبات رابط ما بين اختلال واعتلال بعض الأعضاء والإصابة بكوفيد-19، إلّا أنّ أهميّتها -بحسب القائمين على البحث- تكمن بتسليطها الضوء على فئة الشباب ممّن سبق وتمّ تِعدادهم من الفئة الأقلّ عُرضةً للإصابة بكوفيد-19، ممّا يُلقي مزيدًا من العبء الصحّي على القطاعات المَعنيّة بالأمر لاستحداث تدابير علاجيّة تفِي بالغرض، إضافة إلى ضرورة مُراقبة وتتبُّع الوضع الصحّي للمرضى لتقييم الأعراض مُتوسّطة وبعيدة الأمَد، خصوصًا تلك التي تشتمل على مُضاعفات تحدُث خارج الرئتين.

تأثير كوفيد طويل الأمد

على الرغم من شُحِّ الدراسات التي تُوّجِّه نِصالها نحو عواقب وتأثيرات كوفيد طويل الأمد -لِما يتطلّبه من دراسة بعيدة الأمد لتقييم تأثير كوفيد-19 خلال فتراتٍ طويلة- إلّا أنّ واحدة من الدراسات القليلة التي تمّ تدقيقها ومُراجعتها Peer-reviewed أعدّها باحثون من إيطاليا في يوليو من 2020 ونُشِرت في JAMA، وقد بيّنت نتائجها بأنّ أكثر الأعراض التي عانى منها المرضى كانت انقطاع في النَفَس، الشعور بالتعب والإجهاد، الصداع وألم في المفاصل والعضلات، بحيث سَجَّل 87.4% من المرضى إصابتهم بواحد -على الأقل- من الأعراض التي استمرَّت 60 يومًا بالمتوّسط، بدءًا من تشخيص إصابتهم بكوفيد-19، بينما عانى 55% من المرضى من 3 أو أكثر من الأعراض التي طالت فترة تأثيرها واستمرّت، وقد كانت مُعظم هذه القراءات لأشخاصٍ أصحّاء لم يُعانوا من أيّ مرَض قبل إصابتهم بعدوى كوفيد-19، وهو ما أثار دهشة واستغراب الفريق البحثي المُشرِف على الدراسة.

وبحسب إحصائيّة أُعِدَت بالتعاون مع عُلماء من كلية "كينجز" لندن، فإنّ 10% من الأشخاص في الفئة العُمريّة بين 18 إلى 49 عامًا قد يُعانَون من كوفيد طويل الأمد، بينما ترتفع النسبة لـــِ 22% لدى الأشخاص ذوو السبعين عامًا أو أكثر.

الأسباب المبدئيّة للتأثير طويل الأمد لكوفيد-19

يُعدّ تحديد سبب التأثير طويل الأمد لكوفيد-19 أمرًا مُبكّرًا يصعُب تفسيره في الوقت الحالي؛ نظرًا لتعددّ الاحتمالات والافتقار إلى المزيد من البحوث والدراسات التي تصُب في هذا الشأن لِما يحمله من تعقيد تجِب دراسته وتمحيصه من عدّة أوجُه، إلّا أنّ بعض الدراسات سبق وأن أشارت مُبكّرًا -من بدء الجائحة- إلى احتماليّة أن يملُك فيروس كورونا المُستجد تأثيرًا طويل الأمد يُصيب أعضاءً مُختلفة من الجسم، مثلًا وبحسب تقريرٍ صدَر عن المَجمع البريطاني للمناعة في أغسطس 2020، عزَى الباحثون استمرار أعراض كوفيد-19 لفترة أطول من المُعتاد لِما قد يُحدِثه فيروس كورونا المُستجد SARS-CoV-2 من أضرار تُصيب الأعضاء بتلف عبر طُرقٍ مختلفة، إضافة إلى:

  • تلف مُباشر للأنسجة نتيجة العدوى الفيروسيّة.
  • الالتهابات المُفرِطة التي يُسبّبها الفيروس وما يتبعها من أضرار.
  • حالة من المناعة الذاتيّة التي قد تتوَلَّد بعد العدوى.
  • المُضاعفات الناجمة عن تكوُّن جلطات دمويّة (كوفيد-19 قد يتسبّب بتكوُن جلطات دمويّة).

ممّا سبَق، تُبيّن عديد الدراسات التي بدأت تُوّجه أنظارها نحو الأثر طويل الأمد لكوفيد-19، إلى أنّ هذا الموضوع يستحق أن تُخصَّص له ميزانيّات بحثيّة تُمكّن من إعداد بُحوث تضع الكثير من مرضى كوفيد-19 تحت المِجهر وتُتابع حالاتهم لأشهر قادمة، وقد سبَق وأن شَرَعت العديد من الدول إلى إعداد خُطط لدراسات ستُراقب مرضى كوفيد-19 لــِ 12 شهرًا، ومنها ما يهدِف لأن يستمر لثلاث أو أربع سنين؛ إذ إنّ ذلك سينعكس إيجابًا على حالة المرضى والمجتمع ككُل التي ستُمكِّن الخبراء من معرفة طريقة التعامل مع حالات كوفيد طويل الأمد، حاليًا يعمل كُل من المعهد الوطني للصحة والعناية المُتميّزة NICE في بريطانيا وشبكة المبادىء التوجيهيّة المُشتركة بين الكليات الاسكتلنديّة SIGN مع مجموعة من الأطبّاء من الكلية الملكيّة لإعداد دليل إرشادي حول تأثيرات "كوفيد طويل الأمد" على المرضى.

وقد تَوافَق تعريف الاختصاصيين والأطبّاء -القائمين على هذا البحث- لكوفيد طويل الأمد Long COVID مع التعريفات المَنشورة سابقًا؛ إذ اتُفِّق على أنّه مجموعة الأعراض التي تظهر أثناء فترة الإصابة بعدوى كوفيد-19 وتستمر لِما يُقارب 12 أُسبوعًا أو أكثر، وبِحسب تحليلات الباحثين ومُشاهداتهم فإنّ كوفيد طويل الأمد يتميّز بظهور حُزمةٍ من الأعراض التي قد تتداخل في مُعظم الحالات، والتي من الممكن أن تتغيّر في أيّ وقت ويُمكن أن تفتِك بأيّ جهازٍ في الجسم، إضافةً لذلك فقد سبَق وأن دوّنوا مُشاهداتهم بشأن أكثر الأعراض التي ظهرت على مرضى كوفيد-19، والتي كان جُلُّها يتمحور حول الشعور بألَم، إجهاد عام، درجة حرارة مُرتفعة واضطراباتٍ نفسيّة.

اقرأ أيضًا

-----------------------------

كتابة: ليلى عدنان الجندي، بتاريخ: 27 ديسمبر 2020

-----------------------------

المراجع

  1. Office of National Statics. 2020. The prevalence of long COVID symptoms and COVID-19 complications. Retrieved from https://www.ons.gov.uk/news/statementsandletters/theprevalenceoflongcovidsymptomsandcovid19complications
  2. Dennis A. 2020. Multi-organ impairment in low-risk individuals with long COVID. medrxiv. Retrieved from https://www.medrxiv.org/content/10.1101/2020.10.14.20212555v1.full.pdf
  3. British Heart Foundation. 2020. Long COVID: what is it and what should you do if you have it. Retrieved from https://www.bhf.org.uk/informationsupport/heart-matters-magazine/news/coronavirus-and-your-health/long-covid
  4. Tatum M. 2020. “I could barely function”-the devasting effects of long COVID. The Pharmaceutical Journal. Retrieved from https://www.pharmaceutical-journal.com/news-and-analysis/features/i-could-barely-function-the-devastating-effects-of-long-covid/20208498.article

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022
آخر تعديل - الخميس ، 29 شباط 2024

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية