أعراض غريبة وغير اعتياديّة قد تُرافق كوفيد-19: الذُهان، الحازوقة وطنين الأُذن

لاحظ الأطباء ظهور أعراضٍ غريبة وغير مُعتادَة على مرضى كوفيد-19، وذلك بخلاف الحمّى والسعال التي شاعَت كأبرز الأعراض الظاهرة، إذ تَسبّب فيروس كورونا المُستجد ببعض المضاعفات التي نجَم عنها معاناة المرضى من طنين الأذن أو الحازوقة أو اللعثمة أو الذُهان، لِذا يُوصي الباحثون بمراقبة المرضى وعدم الاكتفاء بالكشف عن حالة الجهاز التنفسي فقط حال الإصابة بالعدوى.

ارتبط كوفيد-19 منذ ظهوره أواخر 2019 بمجموعة من الأعراض التي باتت صِفَة مُميِّزة للعدوى التي احتلَّت العالم شرقًا وغربًا، إذ يكفي بأن يشعر أيّ شخصٍ بالحمّى والسُعال متبوعَين بضيقٍ في النَفَس حتّى يقفز كوفيد-19 في مُقدّمة الاحتمالات التي تُوَجَّه لها أصابع الاتهام، توالَت بعد ذلك الأعراض غير الاعتياديّة التي استطاع الكادر الطبّي رصدَها أثناء مُتابعتهم لمَرضاهم من كُل أقطاب العالم، إذ ضجَّت المجلات العلميّة الإلكترونيّة والمواقع ذات الصِلة بالبحوث والدراسات التي تُؤكِّد ظهور أعراضٍ لم يسبق أن شُخِّصت من قبل لدى مرضى كورونا، على سبيل المثال لا الحصر أصبح فقدان حاسّة الشّم والتذوُّق أحَد المؤشرات الشائعة التي تنجُم عن الإصابة بفيروس كورونا المُستجد SARS-CoV-2.

الآن، وقد مضى على ظهور فيروس كورونا المُستجد ما يُقارب العام ونيِّف، استقبلت قواعد البيانات الطبيّة لدى العُلماء والباحثين والاختصاصيين قائمة بأعراضٍ غير اعتياديّة ظهرت على مرضى كوفيد-19، وسبق توكيدها بالفحوصات التشخيصيّة، أدناه بعض أعراض كوفيد-19 الغريبة التي رُصِدَت في الأشهر الماضية:

الحازوقة

عرَضَت دراسة نُشِرَت في مجلة American Journal of Emergency Medicine تشخيص حالة غريبة لرجلٍ عانى من الحازوقة لِأربعة أيامٍ مُتتالية بعد إصابته بكوفيد-19، وبعد تصوير رئتيه بواسطة الأشعة السينيّة X-rays والأشعة المقطعيّة المُحوسبة CT Scan، كشف تحليل الصور عن وجود ما يُشبه البُقَع البيضاء التي تبدو كما شظايا الزُجاج مُعتِمة البُؤر، كانت قد بدَت مُتناثرة حول الرئتين، ليتبيَّن بعد الدراسة والتحليل بأنّ الحازوقة المُستمرة التي لازمت المريض قد تكون نتيجة سلسلة من المُضاعفات التي أثّرت في عضلة الحجاب الحاجز مُسبّبةً تشنجات أدّت للحازوقة، يُذكَر بأنّ الحجاب الحاجز يقبع أسفل القفص الصدري فاصلًا الصدر عن البطن، وهو المسؤول عن السيطرة على عمليّة التنفُّس.

تلقَّى المريض بعض العلاجات التي سبَق وأن اعتمدتها بعض الدول في سبيل التخفيف من أعراض كوفيد-19، مثل هيدروكسي كلوروكوين وأدوية أُخرى، لاحقًا، استطاع المريض الخروج من المُستشفى بعدما تقلَّصت حدّة الحازوقة لديه بنسبة جيدة.[1][2]

التأتأة أو اللعثمة

فُوجِىء الكادر الطبّي الذي يُشرِف على حالة مريضة خمسينيّة سبَق وأن شُخِّصَت بكوفيد-19، بفقدانها القدرة على إخراج الكلمات والعبارات بطريقة طبيعيّة، حالة تُعرَف باسم Aphasia، إذ بدأت باللعثمة والتأتأة بعدما عانَت من الحمّى وضيق النَفَس، فسّر الاختصاصييون سبب هذا الخلل بتمكُّن الفيروس من اقتحام جزءٍ من الدماغ، أو ما يُعرَف بالعُقد القاعديّة Basal ganglia، ما أحدث خللًا بالمركز المسؤول عن السيطرة على الكلام، استمرَّت التأتأة لأسبوع تقريبًا من بدء تشخيص الإصابة بكوفيد-19.[3]

طنين الأذن وضعف السمع

في دراسةٍ أُخرى قادها أطبّاء من قسم جراحة الرأس والعنق في مستشفى الوكرة في قطر، عُرِضت حالة امرأة تبلغ من العُمر 35 عامًا سبق إدخالها للمستشفى بعدما اشتكَت من ضعفٍ في السَمع وطنينٍ في أحد أُذنيها، يُذكَر بأنّ هذه المرأة سبَق وأن شُخِّصَت بكوفيد-19، إلّا أنّ هذه الأعراض استمرَّت حتى بعد تعافيها من عدوى فيروس كورونا المُستجد SARS-CoV-2، وبعد إجراء الفحوصات السمعيّة لها والتحقُّق من حالتها خَلُص الاختصاصييون إلى أنّ تأثير فيروس كورونا قد يمتّد ليشمل الجهاز العصبي أُسوةً بالفيروسات التي سبق وأن أثبتت الدراسات قدرتها على التسبُّب بمُضاعفات ذات منشأ عصبي، يُذكَر بأنّ طنين الأُذن يمكن أن يزداد سُوءًا لدى المُصابين به قُبيل انتقال عدوى كوفيد-19 إليهم، أو قد يكون ناجمًا عن العدوى ذاتها أحيانًا، وذلك وفقًا لدراسةٍ أُخرى أعدّها مجموعة من الباحثين.

تستطيع الفيروسات التسبُّب بأضرارٍ ثانويّة قد تظهر لاحقًا، وينجم ذلك -في غالب الحالات- إمّا عن التهابات بكتيريّة ثانويّة في الأُذن، مثل فيروس نقص المناعة البشري والفيروس المُسبّب للحصبة، أو نتيجة مُهاجمة الجهاز المناعي لخلايا أحد أجزاء الجهاز السمعي أثناء مُحاربته للفيروس، كما يحدث عند الإصابة بالفيروس المُضخِّم للخلايا Cytomegalovirus، ويُعزَى ذلك إلى القدرة التي تملكها الفيروسات على التأثير السلبي في أجزاء عصبيّة مهمّة، مثل جذع الدماغ السمعي، أيضًا قد تتعرَّض بعض الأعضاء الحِسيّة للتلف المُباشر بسبب الاجتياح الفيروسي في الجهاز السمعي الطَرَفي، وهي تشمل كُل من خلايا كورتي في القوقعة السمعيّة Corti، والأشرطة الوعائيّة Stria vascularis في قناة القوقعة والعُقدة الحلزونيّة في القوقعة Spiral ganglion.

على الرغم من أنّ هذه الدراسة لم تشمل عددًا كافيًا من المُشتركين وتحتاج لمزيدٍ من البحث والتقصِّي -خصوصًا وأنّ جائحة كورونا حديثة العهد ولم تُكشَف أسبارها على الوجه المُراد بعد- إلّا أنّ الباحثين أوصَوا بضرورة تسليط الضوء على الآثار الخفيّة التي يتسبّب بها فيروس كورونا المُستجد، والاهتمام بالفحوصات السَمعيّة لمرضى كوفيد-19، بُغية السيطرة على المضاعفات المرافقة لهذه العدوى وتخفيف الأضرار التي قد تنجُم عن ذلك.[4][5]

أعراض ذُهانيّة

يُضَاف إلى قائمة الأعراض العُضويّة والجسديّة المُرافقة لكوفيد-19، بعضًا من الأعراض النفسيّة التي رُصِدَت لدى مرضى كورونا، إذ إنّ إجراءات العزل والتباعد الجسدي التي باتت مفروضة على معظم سكان دول العالم كانت ذي عواقب نفسيّة وعصبيّة أسفرت عن مجموعة من الأعراض ذات الصِلة، فقد احتلّ الخوف من الموت جرّاء الإصابة بكوفيد-19 أو حتى من الإصابة به تفكير الكثيرين وأحالَهم أسرى أفكارهم السلبيّة هذه، ما تمخَّض عن أمراضٍ نفسيّة وعصبيّة، مثل الاكتئاب والقلق، يُصاحبها أعراض ذُهانيّة مَتبوعة بنزعاتٍ انتحاريّة في بعض الحالات.

سُجِّلَت لدى مُصابي كوفيد-19 أعراضًا ذُهانيّة أثارت حفيظة الاختصاصيين حال مُعاينتهم للحالات، إذ لم تظهر على المرضى أيّ من الأعراض الشائعة المُرافقة لفيروس كورونا المُستجد كالحمّى والسُعال وضيق النَفَس، إنمّا اقتصر تأثير عدوى كوفيد-19 في مجموعة هلوسات أو أعراض ذُهانيّة يُرافقها الارتياب أو التشوُّش، أو القلق وهلوساتٍ يسمعها المريض في أُذنيه على الرغم من عدم وجودها في الواقع، استدَعَت هذه الحالات استخدام أدويّةٍ مُضادّة للذُهان لمُساعدة المرضى في تخطِّي هذه الأعراض المُزعجة، يُذكَر بأنّ مُعظم الحالات التي عانَت من الذُهان لم يسبق لها وأن عانَت من أيّ أمراضٍ نفسيّة سابقة.

أَوعزَ الباحثون والاختصاصيون أسباب تطوُّر الأعراض الذُهانيّة لدى مرضى كوفيد-19 إلى قدرة فيروسات كورونا على اقتحام الجهاز العصبي المركزي (Central Nervous System CNS)، وذلك من خلال طريقتين، إمّا نتيجة ارتحالها من المجاري التنفسيُّة لتِصَل الدماغ من البَصلة الشميّة (Olfactory bulb) عبر نظام النقل المحوري التراجعي (Retrograde axonal transport)، أو ربمّا نتيجة تغلغل خلايا الدم البيضاء المُصابة داخل أجزاء الجهاز العصبي المركزي، ما يؤدّي في النهاية إلى ظهور أعراضٍ نفسيّة وعصبيّة.

تجدُر الإشارة إلى أنّ الأعراض الذُهانيّة المُرافقة لفيروس كورونا المُستجد، سَبَق وأن رافقت عددًا من الفيروسات التي استطاعت التفشِّي في فترةٍ زمنيّة ما وتسبّبت بأوبئة كانت ذات عواقب صحيّة ملحوظة على الناس في حِينها، مثل إيبولا Ebola، الإنفلونزا H1N1، "السارس" SARS، "ميرس" MERS، إلى جانب كوفيد-19 وفقًا لدراسة أُجريت مؤخرًا ، وذلك بعد مُراجعة وتحليل المعلومات التي أوردتها دراسات فاضت بها المواقع والمجلات العلميّة التي أظهرت بأنّ ما نسبته 0.9% إلى 4% من الأشخاص الذين يُصابون بعدوى فيروسيّة أثناء تفشِّيها في موقعٍ ما -أو ربمّا على مستوى العالم- يُعانون من أعراضٍ ذُهانيّة، إلّا أنّ مزيدًا من الدراسات واستمرارية مُتابعة مرضى كوفيد-19 تُعدّ ضروريّة لتقييم الأضرار العصبيّة والنفسيّة طويلة الأمد، لاحتواء العواقب السلبيّة لجائحة كورونا قبل أن تغرز مخالبها أكثر في المُجتمعات التي سبَق وأنهكتها الظروف الاقتصاديّة المُترديّة.[6][7][8]

يتضِّح من كل ذلك بأنّ فيروس كورنا المُستجد استطاع استباحة العديد من أجهزة الجسم مُتخطِيًّا الجهاز التنفُّسي، مُسبِّبًا بذلك مضاعفات عدّة، ويُفسِّر بعض الأطبّاء والاختصاصين مثل هذه الأعراض غير الاعتياديّة نتيجة وَفرة الإنزيم المُحوِّل للأنجيوتنسين ACE2 -مُستقبِلات موجودة على أسطح خلايا المُضيف، وهي مسؤولة جوهريًا عن دخول فيروس كورونا للخلايا عبر ارتباطه مع البروتين الشوكي Spike protein الموجود على سطح الفيروس- في أنسجة معظم أعضاء الجسم، ما قد يكون سببًا رئيسيًا في الأعراض غير التنفسيّة التي ظهرت على المرضى، فهو موجود في كُل من الدماغ، الكُلى، نخاع العظم، الجلد، المعدة، تُضَاف إليهم الرئتين بالطبع، لِذا ترافَقَت الحالات مع أعراضٍ عديدة منها ما انتشر على نِطاقٍ واسع ومنها ما زال مدى انتشاره محدودًا ببضعٍ من الحالات، يُذكَر منها:[9][10][11]

  • أعراض هضميّة: الإسهال، الاستفراغ والغثيان، إلى جانب انخفاض الشهيّة للطعام.
  • أعراض جلديّة: بُقع حمراء أو بنفسجيّة على أصابع القدمين.
  • أعراض عصبيّة: الصداع، الدُوار، تشوُّش التفكير.
  • تجلُطات دمويّة.
  • ارتفاع مستوى السكر.

المراجع

  1. Bakeet N. et al. 2020. Persistent hiccup: A rare presentation of COVID-19. Respiratory Investigation. Retrieved from https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S2212534520301647?via%3Dihub
  2. Prince G. and Sergel M. 2020. Persistent hiccups as an atypical presenting complaint of COVID-19. The American Journal of Emergency Medicine. 38(7): P1546.E5-1546-E6. Retrieved from https://www.ajemjournal.com/article/S0735-6757(20)30274-6/fulltext
  3. Morrison N, Levy J, Shoshany T, et al. (November 29, 2020) Stuttering and Word-Finding Difficulties in a Patient With COVID-19 Presenting to the Emergency Department. Cureus. 12(11): e11774. Retrieved from https://www.cureus.com/articles/46063-stuttering-and-word-finding-difficulties-in-a-patient-with-covid-19-presenting-to-the-emergency-department
  4. Chirakkal P, et al. 2020. COVID-19 and Tinnitus. Ear, Nose & Throat Journal. P: 1-3. Retrieved from https://journals.sagepub.com/doi/pdf/10.1177/0145561320974849
  5. Beukes et al. 2020. Changes in tinnitus experiences during the COVID-19 pandemic. Front. Public. Health. 8: 592878. Retrieved from https://www.frontiersin.org/articles/10.3389/fpubh.2020.592878/full
  6. Paterson R, et al. 2020. The emerging spectrum of COVID-19 neurology: clinical, radiological and laboratory findings. Brain, 143(10): 3104-3120. Retrieved from https://academic.oup.com/brain/article/143/10/3104/5868408
  7. Chacko M, et al. 2020. COVID-19-Induced psychosis and suicidal behavior: Case report. SN Compr Clin Med. P: 1-5. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7519695/
  8. Taquet M, et al. 2020. Bidirectional associations between COVID-19 and psychiatric disorder: retrospective cohort studies of 62354 COVID-19 cases in the USA. The Lancet Psychiatry. Retrieved from https://www.thelancet.com/journals/lanpsy/article/PIIS2215-0366(20)30462-4/fulltext
  9. Nania R. 2020. Unusual symptoms of Covid-19 you need to know about. Retrieved from https://www.aarp.org/health/conditions-treatments/info-2020/unusual-coronavirus-symptoms.html
  10. Yang J, et al. 2020. Molecular interaction and inhibition of SARS-CoV-2 binding to the ACE2 receptor. Nature Communications. Retrieved from https://www.nature.com/articles/s41467-020-18319-6
  11. Hagan P. (2020, January 16). Hiccups, tinnitus and stammering are bizarre signs of Covid too, say doctors. Daily Mail. Retrieved from https://www.dailymail.co.uk/health/article-9154783/Hiccups-tinnitus-stammering-bizarre-signs-Covid-say-doctors.html

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية