تحليل دم قد يكشف السرطان في مرحلة مبكّرة جدًا

ما زال مرض السرطان ينتمي لقائمة أكثر الأمراض فتكًا بالبشر، إذ إنّه يُشكّل هاجسًا يؤرّق الكثيرين بفتراتٍ عمريّة مختلفة، ولعلّ أبرز ما يرفع من خطورته هو قدرته على أن يغزو الجسم دون أي أعراضٍ تُذكَر في جُلِّ

ما زال مرض السرطان ينتمي لقائمة أكثر الأمراض فتكًا بالبشر، إذ إنّه يُشكّل هاجسًا يؤرّق الكثيرين بفتراتٍ عمريّة مختلفة، ولعلّ أبرز ما يرفع من خطورته هو قدرته على أن يغزو الجسم دون أي أعراضٍ تُذكَر في جُلِّ الحالات ومن ثمّ اكتشاف المرض مُتأخرًّا، بالتالي فإنّ التحدّي الأكبر يكمن باكتشاف الورم السرطانيّ بمراحله الأُولى؛ ما قد يُعزّز من فرص الشفاء ويساعد إلى حدٍ كبير بعودة المريض لممارسة حياته بشكلٍ طبيعيّ.

تتميّز الفحوصات المبكّرة للكشف عن السرطان بكَونها مُكلِفة وتحتاج لمزيدٍ من الاستعداد من المرضى، ما يجعل عملية إخضاع جميع الناس لفحوصاتٍ روتينيّة بغرض الكشف المبكّر عن السرطان أمرًا يصعُب تطبيقه، على الأقل في الوقت الحاليّ.

ومع استمرار البحوث والدراسات التي تجعل من مرض السرطان وعلاجه وتشخيصه مُرتكزًا لها، قام مؤخرًا مجموعة من الباحثين بنشر دراسة تُشير إلى إمكانيّة الاعتماد على فحص الدم للكشف عن عددٍ لا بأس به من أنواع السرطانات الصامتة والتي لا تظهر أعراضها إلّا بعد تقدُّم المرض واجتياحه للجسم بشكلٍ خطير، وعلى رأسها سرطان المبيض والرئة؛ إذ إنّ كلًّا منهما يتّصف بقدرته على النمو والتضاعف وصولًا لمراحل متقدّمة دون أعراضٍ ظاهرة وملموسة على الشخص المُصاب، ما يجعل توقيت اكتشافه متأخرًا، بالتالي انخفاض فرص الشفاء إلى نِسَب ضئيلة جدًا خصوصًا فيما إذا تمّ اكتشافه في المرحلة الرابعة (إذ غالبًا ما يُقسّم الاختصاصيين المراحل التي تمر بها الأروام السرطانيّة إلى أربعة، أقلُّها خطورة الأُولى حيث يبدأ بالنمو وأشدّها الرابعة بحيث يكون الورم قد وصل لمرحلة يصعب تخليص المريض منه في أغلب الحالات).

المؤشرات الحيويّة Biomarkers

ويعتمد فحص الدم الذي اعتمد عليه الباحثون القائمون على الدراسة بشكلٍ أساسيّ على الكشف عن مستوى ما يُعرَف بالمؤشرات الحيويّة Biomarkers إذ يُدلّل وجودها في الدم على أورام سرطانيّة في الجسم. وتُعرّف المؤشرات الحيويّة على أنّها أي جزيء يمكن فحص مستواه في الدم أو في أي سوائل الجسم الأُخرى أو حتى الأنسجة، وقد أصبح استخدام المؤشرات الحيوية واسعًا مؤخرًا؛ نظرًا لأهميّة إشراكها في معظم التجارب السريريّة لتحقيق فهمٍ أفضل لطبيعة المرض وكيفيّة حدوثه في الجسم وتشخيصه والوقاية منه في كثيرٍ من الأحيان عبر إتاحة فرصة التشخيص المبكّر، إذ إنّ الكشف عنها يُشير إلى حالة غير طبيعيّة في الجسم نتيجة مرضٍ ما، إضافة إلى أنّها تُساعد في التعرُّف على طريقة استجابة المرض للأدوية المُستخدمة وفعاليّتها في كبحه.

يمكن أن تشتمل المؤشرات أو العلامات الحيويّة على مجموعة من الأنواع المختلفة منها:

  • الجزيئية: وهي ذي خواص فيزيائية حيويّة، مثل: البلازما والسائل الدماغي النخاعي وغيرها، وقد تكشف مستويات الجلوكوز في الدم.
  • الإشعاعيّة: يتّم الحصول عليها من فحوصات الأشعة، وهي قد تُشير مثلًا إلى كثافة المعادن في العظم.
  • النسيجيّة: وهي تدُل على التغيُّرات الكيميائيّة الحيويّة التي تحدث على مستوى الخلايا، الأنسجة أو السوائل في الجسم، وهي تدُل على مرحلة الإصابة بمرض السرطان في الجسم.
  • الفسيولوجيّة: وهي تدُل على العمليّات التي يقوم بها الجسم، كأن تُشير متلًا إلى ضغط الدم.

نتائج مبشّرة،،، ولكن!

وقد بلغ عدد المتطوّعين المُشاركين في الدراسة 10.006 من النساء اللاتي تراوحت أعمارهن بين 65 إلى 75 عامًا ممّن لم يسبق لهُنّ الإصابة بالسرطان (يُذكَر بأنّ الدراسة استهدفت هؤلاء النساء بهذه المرحلة العمريّة تحديدًا بغرض تسليط الضوء على سرطان المبيض الذي قد يفتِك بهُن دون ظهور أي علامات تُدلّل على ذلك إلّا بمراحل مُتاخرة)، وقد جاءت النتائج مبشّرة إلى حدٍ ما، فقد أثبت الفحص نجاعته بما نسبته 98%، وارتفعت لتصِل 99.6% عند الاستعانة بالتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني مع التصوير المُحوسب (PET-CT)بعدما ظهرت إيجابيّة نتائج فحوصات الدم، فقد تمّ كشف 26 حالة إصابة بالسرطان (من بينها 17 حالة مبكّرة جدًا، بحيث كان الورم موضعيًا ولم ينتقل لأي منطقة أُخرى بعد) و24 حالة أُخرى بعد الاستعانة بوسائل التشخيص التقليديّة للتحقُّق من الإصابة بالسرطان (مثل التصوير الإشعاعي والتنظير وغير ذلك)، واستطاع فحص الدم هذا الكشف عن 10 أنواع من السرطان في سبعة أعضاء مختلفة من الجسم ممّن لا تتوافر لها أي فحوصات اعتياديّة بغرض الكشف عنها، وهو ما يُعتبَر إنجازًا على هذا الصعيد.

وعلى الرغم ممّا تحمله هذه الدراسة من بشائر ترفع من فرص الشفاء التامّة من مرض السرطان، عبر تسهيل عملية الكشف المبكّر عن الأورام السرطانيّة بدقّة عالية، إلّا أنّ هذا الفحص ما يزال يفتقد لبعض الجوانب، فمثلًا ما زال بحاجة لأن تتسّع شريحة البحث لتشمل الذكور؛ ليصبح أكثر شموليّة إذ من الممكن أن تختلف درجة الاستجابة بين كِلا الجنسين، إضافة إلى أنّ النتائج تضمنّت ما نسبته 0.22% من النتائج الخاطئة؛ بحيث كشف فحص الدم عمّا يُشير إلى وجود أورام سرطانيّة في الجسم، لتُثبِت بعدها فحوصات الأشعة بأنّه لا وجود لأي ورم غير طبيعي، بالتالي تمّ إخضاع المُتطوّعين لسلسلة من الإجراءات غير الضروريّة والتي بلا شكّ شكّلت حملًا نفسيًا على المُشاركين، ناهيك عن الوقت والجهد المبذولين بناءً على إنذارات خاطئة من الفحص.

وقد أوصَى القائمون على الدراسة بضرورة استكمال الأبحاث والدراسات على عدّة جوانب أُخرى تُفيد في معرفة قابليّة اعتماد الفحص في المستقبل من عدمها، مثل: تقييم تكاليف الفحص، أيضًا معرفة نسبة المخاطر إلى الفوائد المُترتّبة على إجراء مثل هذا الفحص وغيرها من الأُمور التي لم تُحِط بها الدراسة.

المراجع

  1. Robin Haskell, MSN, RN, CRNP. 2019. What is a Biomarker? Retrieved from https://www.nursingcenter.com/ncblog/november-2019/biomarker
  2. Biomarker testing. 2017. [PDF document]. Retrieved fromhttps://lungevity.org/sites/default/files/request-materials/LUNGevity-biomarker-testing-booklet-112817.pdf
  3. Lennon AM, et al. 2020. Feasibility of blood testing combined with PET-CT to screen for cancer and guide intervention. Science. Vol. 369, Issue 6499. Retrieved from https://science.sciencemag.org/content/369/6499/eabb9601

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري أورام أونلاين عبر طبكان
احجز