القضاء على الخلايا السرطانيّة بالعلاج الكيميائي الكهرومغناطيسي الحراري بمُساعدة الجُسيمات النانويّة، دراسة جديدة

اختبر باحثون قدرة العلاج الكيميائي مُحمّلًا بواسطة جسيمات نانوية ممغنطة لتخلق مجالًا كهرومغناطيسيًا يرفع درجة حرارة الخلايا السرطانية في الثدي والدماغ (الالأورام الدبقية تحديدًا) مُسبّبًا إتلافها كليًا، على الرغم من العوائق العديدة التي واجهت الباحثين إلّا أنهم يطمحون في نقلها للمرحلة السريرية بعد التوصُّل لنتائج إيجابيّة ومبشّرة.

في خطوة جديدة دشّنها مجموعة باحثين من كلية لندن الجامعيّة لتطوير علاجٍ واعد يستهدف الخلايا السرطانيّة، إذ دمج الباحثون العلاج الكيميائي مع الحراري من خلال استخدام جُسيمات نانويّة مُمغنطة مُحمّلة بدواء دوكسوروبيسين (Doxorubicin) -أحَد أكثر أنواع الأدوية التي تُستخدَم في العلاجات الكيميائيّة للسرطان- تحت تأثير المجال المغناطيسي بعد وصولها للخلايا السرطانيّة، وذلك في 3 أنواع مختلفة: خط خلايا من سرطان الثدي، خط خلايا من الورم الأرومي الدبقي (Glioblastoma) (أحد الأورام الخبيثة في الدماغ)، وخط خلايا من سرطان البروستات.

أظهرت الأورام السرطانيّة استجابة بفعاليّة عالية في مختلف خطوط الخلايا السرطانيّة التي خضعت للتجربة، خصوصًا ما يختصّ بسرطان الثدي والورم الأرومي الدبقي، إذ قيّم الباحثون فاعليّة هذا العلاج بعد 24 ساعة ثمّ بعد 48 ساعة باستخدام التصوير الإشعاعي الدقيق الذي بيّن كفاءة العلاج باستخدام الأجسام النانويّة المُمغنطة التي تحمل جزيئات دواء (Doxorubicin) بنِسَبٍ أعلى ممّا هي عليه عند استخدام (Doxorubicin) وحده، وعلى الرغم من أنّ هذه الدراسة اقتصر إجراؤها على أنابيب مِخبريّة فقط، إلّا أنّ نتائجها كانت مُشجّعة وحفّزت الباحثين ليخرجوا بتوصية تقضي بإمكانيّة الانتقال للمراحل السريريّة وتجربتها على البشر في قادم التجارب.

تكمُن مِيزة هذه الدراسة باستهداف مرض السرطان بواسطة الدمج بين العلاج الكيميائي والحراري بتأثير المجال المغناطيسي بالتناوب من خارج الجسم، وذلك بغرض تسخين الخلايا السرطانيّة بعد إيصال الجُسيمات النانويّة ذات النواة المُمغنَطة والمُحمّلة بدواء (Doxorubicin) لها، لترفع درجة الحرارة لِما يُقارب 42 درجة مئويّة -كانت الأكفأ- خلال الأنسجة والخلايا المُكوّنة للورم السرطاني وتقتله.

العلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الحراري، والسرطان

سبَق وأن اُستخدِم العلاج الكيميائي برفقة العلاج الحراري لعلاج أنواعٍ مختلفة من الأورام السرطانيّة، إذ تضمّن تعريض الأورام السرطانيّة بخلاياها وأنسجتها للحرارة عبر أقطابٍ كهربائيّة ذات ترددات عالية تُكوِّن مجالات كهربائيّة حول الورم نفسه لتحُد من انتشاره وتكاثر خلاياه، أمّا الجُسيمات النانويّة المُمغنطة فقد اُستخدمت أول مرة في علاج الأورام السرطانيّة في العام 1957 على الكلاب، إلّا أنّه وبعد جهودٍ مُضنية من البحث والتجربة حصلت على الترخيص لاستخدامها سريريًا على البشر عام 2010، واستهدفت رئيسيًا المراحل المُتقدّمة من الأورام الأروميّة الدبقيّة في حالات سرطان الدماغ، بينما عَمِدت نسبة أُخرى من الدراسات السريريّة إلى الخروج بمُقتَرَحٍ يقضي بإمكانيّة استخدام مُختلف العلاجات الحراريّة كخِيارٍ مُساعد فقط برفقة أنواع العلاجات السرطانيّة الأُخرى المُعتَمدة.

العلاج الكيميائي والسرطان

تخضع العلاجات الكيميائيّة ذات العلاقة بالسرطان لكثيرٍ من البحث والتجريب باستمرار لعدّة أسباب وعوامل، أبرزها الاعتماد على العلاج الكيماوي كخط الدفاع الأول بوجه الخلايا السرطانيّة في كثيرٍ من الحالات، بالتالي فهو ملاذ العديد من المَرضى الذين شُخِّصوا بإصابتهم بالسرطان، إلى جانب فشل العلاج الكيماوي في كثيرٍ من الحالات بالقضاء على الخلايا السرطانيّة، إذ إنّه وبحسب الخبراء فإنّ قدرة الخلايا السرطانيّة على التكيُّف والتطوُّر لتُصبح مُقاومة للأدوية الكيميائيّة يُعدّ أبرز المُعوِّقات التي تحُول دون نجاح العلاج الكيميائي لدى عديدٍ من مرضى السرطان، ما يُبيحه كمُعترَك بحثٍ دائم لكافّة الباحثين من شتّى الأقطاب لعلّ أحدهم يُوفَّق بإيجاد مَكمَن الخلل في الأدوية الكيميائيّة المُستخدَمة وما يُرافقها من انتكاسات تُهوي بالمرضى في سراديب الألَم والحسابات الصعبة.

يُعزَى فشل العلاج الكيميائي في القضاء على مرض السرطان إلى أسبابٍ عدّة، لعلّ في مُقدّمتها:

  • حدوث طفرات جينيّة في الخلايا السرطانيّة التي لم يستطِع العلاج الكيميائي القضاء عليها؛ ما يُغيِّر من استجابتها للجرعات الكيميائيّة المُتبقيّة ويرفع من قدرتها على مقاومته.
  • قد تُطوِّر الخلايا السرطانيّة آليّات جديدة في مقاومة الدواء الكيماوي ما يجعله غير ناجع ولا فعّال.
  • قدرة الخلايا في بعض الحالات على إصلاح المادّة الوراثيّة (DNA) التي استطاع الدواء الكيميائي إتلافها.

العلاج الكيميائي برفقة العلاج الحراري في مواجهة السرطان

ما فائدة الدمج بين الحرارة والعلاج الكيميائي لقتل الخلايا السرطانيّة:

  • تتسبّب الحرارة بزيادة حجم الفتحات المُنوفَذة بين الخلايا؛ ما يرفع من معدل اختراق جزيئات الدواء (Doxorubicin) للخلايا نتيجة زيادة معدل نفاذيّة الغشاء الطلائي (Epithelial membrane).
  • رفع معدل التروية الدمويّة التي تصِل للأورام السرطانيّة؛ ما يُقلّص من الحاجز الفسيولوجي (الوظيفي) في الخلايا السرطانيّة الناجم عن ضغط السائل الخِلالي (Interstitial fluid).

لماذا يُستعان بالجُسيمات النانويّة في العلاجات الكيميائيّة والحراريّة للسرطان؟

مُميّزات استخدام الجُسيمات النانويّة في علاج الأورام السرطانيّة:

  • ارتفاع معدل حمل الجُسيمات النانويّة لجزيئات الدواء (Doxorubicin)، لارتفاع معدل مساحتها السطحيّة نسبةً للحجم.
  • تستهدف الخلايا السرطانيّة فقط دون أنسجة الجسم الأُخرى كما يحدث مع العلاج الكيماوي التقليدي؛ ما يُقلّل من الأضرار والمُضاعفات الناجمة عن ذلك.

ماذا عن الحرارة والاتكّاء عليها في العلاجات السرطانيّة؟

تستطيع الحرارة القضاء على الخلايا السرطانيّة من خلال:

  • قدرتها على حلّ الروابط الجُزيئيّة للبروتينات المُكوّنة لأغشية الخلايا.
  • تسبُّبها بتلفٍ كامل للخلايا السرطانيّة بسبب انتفاخ السيتوبلازم، ما يتسبّب بالقضاء عليها مع انعدام فُرص تصحيح تلفها، تُدعَى هذه العمليّة (Irreversible cytoplasmic).

إلّا أنّ الاعتماد على الخواصّ الحراريّة وحساسيّة بعض المواد والأدوية الكيميائيّة للحرارة تعرَّض للكثير من المُعوّقات، ما حدّ من تطوير هذ التقنية والاستعانة بها في نطاق العلاجات التي تحتّل ساحة الأورام السرطانيّة، من هذه المُعوِّقات:

  • تتبِّع الأدوية المُضادّة للسرطان آليّات مختلفة أثناء تثبيطها لانتشار الخلايا السرطانيّة بسبب اختلاف طُرق استجابتها للتأثير الحراري.
  • اختلاف نوع الأورام السرطانيّة.
  • كميّة الجُرعات الحراريّة.
  • الطريقة المُتبّعة لاستخدام العلاج الحراري.

ماذا عن الدمج بين العلاج الكيميائي والإشعاعي لمجابهة السرطان؟

سبَق وأن تمّ الدمج بين العلاج الكيماوي والعلاج الإشعاعي في محاربة الأورام السرطانيّة، إلّا أنّه لم يُبدِ نفعًا وباءَت معظم المحاولات بالفشل لعديدٍ من الأسباب، أبرزها:

  • البيئة الدقيقة والمُعقّدة لخلايا الأورام السرطانيّة.
  • عوائق عدّة تُرافِق الأورام السرطانيّة الصلبة (Solid tumors) في مراحلها المُتقدّمة، منها:
  • الحِمضيّة (pH) العالية لبيئة خلايا الورم السرطاني.
  • تدفُّق غير فعّال للدم باتجاه الأنسجة السرطانيّة.
  • ارتفاع ضغط السائل الخِلالي نتيجة انعدام كفاءة الأوعية الدمويّة في موقع الورم بسبب تكوُّن الأوعية السرطانيّة.

نتائج مُحفّزة وتوصيات بالمُتابعة

قال الباحثون في خلاصة دراستهم بأنّ تجربتهم أبدَت نتائج إيجابيّة فيما توّصلّوا إليه؛ إذ إنّ تعريض الخلايا السرطانيّة (خطوط الخلايا السرطانيّة من الثدي والدماغ (تحديدًا الورم الأرومي الدبقي)) لمجال مغناطيسي ليرفع درجة حرارتها بعد إيصال دواء Doxorubicin بواسطة الجُسيمات النانويّة المُمغنطة كان ذو تأثير قاتل كليًا لها، إلّا أنّ الباحثين أكّدوا بأنّ اختلاف سُلوك واستجابة الخلايا للجرعات الحراريّة والعلاج المُتّبع في التجربة ككُل يحتاج لأن يُختَبر على كُل خط من الخلايا -من الثدي أو الدماغ أو غيره- بتجربة مُنفردة.

أوصَى الباحثون اعتمادًا على نتائجهم الفعّالة التي خلُصوا إليها بأنّ المِضيّ بالتجارب التي تستند على تطوير أنظمة نانويّة تُساهم في إعادة تشكيل العلاجات السرطانيّة الموجودة سيكون أمرًا ذي قيمة، وله من الانعكاسات الإيجابيّة على حالات المرضى ما يدفع بقوّة نحو نقل التجارب من هذا النوع إلى خلايا الجسم ليُصَار بعدها لإجراء الدراسات السريريّة تمهيدًا للاستفادة منه فعليًّا خلال فترة ليست بالطويلة.

المراجع

  1. Wang L, et al. 2020. In vitro exploration of the synergistic effect of alternating magnetic field mediated thermo– chemotherapy with doxorubicin loaded dual pH- and thermo-responsive magnetic nanocomposite carriers. Journal of Materials Chemistry B. 8(46): 10453-10672. Retrieved from https://pubs.rsc.org/en/content/articlepdf/2020/TB/D0TB01983F?page=search
  2. Pinkstone J. 2020.Chemotherapy technique that uses magnetic nanoparticles to heat cancerous cells to more than 104°F while delivering drugs is a THIRD more effective, study shows. Daily Mail Online. Retrieved from https://www.dailymail.co.uk/sciencetech/article-9080085/Chemotherapy-effective-magnetic-nanoparticles.html
  3. Fausto N. 2006. Cell injury, Cell death [PDF document]. Retrieved from https://www.kau.edu.sa/Files/0016676/Subjects/syllabus_cellinjurydeath.pdf

مصدر الصورة: https://www1.racgp.org.au/newsgp/clinical/cancer-develops-resistance-to-our-most-lethal-drug

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري أورام أونلاين عبر طبكان
احجز