مرض التوحد: أعراضه وأسبابه وطرق علاجه

مرض التوحد من الاضطرابات النمائية التي تصيب الأطفال في مراحل عمرية مبكرة لترافقهم بقية حياتهم، يترك التوحد تأثيرًا مختلفًا ومتفاوتًا لدى المرضى ما دفع الاختصاصيين تسميته بطيف التوحد لتنضوي تحت هذا المسمى مختلف الحالات بتنوعها، لا علاج محدد لمرض التوحد لكن تتوافر برامج علاجية تساعد المرضى قدر المستطاع.

اضطراب طيف التوحد Autism spectrum disorder هو أحد الاختلالات الوظيفيّة العصبيّة والتطوريُّة التي تصيب الأطفال خلال مراحلهم العمرية المبكرة، إذ من الممكن أن يُشخّص بعض الأطفال بالتوحد لدى بلوغهم 18 شهرًا من العمر فقط!

ويستخدم مصطلح "طيف" في وصف مرض التوحد للتعبير عن اختلاف وتنوُّع الأعراض المرافقة لهذا الاضطراب والتي تختلف بشدّة أحيانًا من طفلٍ إلى آخر.[1][2]

ما هو مرض التوحد؟

يتبع مرض التوحد في تصنيفه للاضطرابات النفسية، وهو يصيب الأطفال أثناء نموّهم في مراحل عمرية مبكرة فيُصنّف بذلك أيضًا ضمن فئة فرعية تُعرَف بالاضطرابات النمائية، ليؤثّر على بعض سلوكيّاتهم وقدراتهم في التعلم والتفكير والتواصل.[3]

أكثر ما يتميّز به الأطفال المصابين بطيف التوحد هو الانعزاليّة وعدم القدرة على التواصل والتفاعل اجتماعيًّا مع من حولهم، إضافة إلى انتهاج سلوكيّات معينة وتكرارها لفترات طويلة، وانخفاض أو ربمّا انعدام الاستجابة السمعيّة لديهم ما ينعكس سلبًا على نواحي الحياة المختلفة لديهم في المدرسة وغيرها.[4]

أنواع اضطرابات التوحد

كانت تُصنّف اضطرابات التوحد فيما مضى لأنواع مختلفة لعلّ أبرزها: متلازمة أسبرجر Asperger’s syndrome وهو الدرجة الطفيفة تبعًا للأعراض المرافقة و الاضطراب الذاتوي Autistic disorder وهو الدرجة الأشد والأكثر حدّة، إلى جانب الاضطراب الارتقائي أو التطوري المنتشر الذي يمثّل غالبية حالات التوحد المتوسطة، وأقلها شيوعًا الاضطراب التحللي الطفولي.[5]

يُذكَر بأنّ متلازمة ريت Rett syndrome خرجت من مظلة اضطرابات طيف التوحد وتمّ إدراجه كاضطراب جيني عصبي منفصل، وهو يصيب الأطفال خصوصًا الإناث وينجُم عنه تكرار حركات معينة في اليدين إضافة إلى مجموعة من الاختلالات التي تؤثر على حياة المريض وقدرته على المشي وتناول الطعام والتنفس والتحدُّث.[5][6]

أعراض التوحد

يظهر على معظم المصابين بطيف التوحد مجموعة من الأعراض التي تُدلل على إصابتهم بهذا الاضطراب، وعلى الرغم من اختلاف الأعراض وتفاوتها بين مرضى التوحد، إلا أنهم مثلًا غالبًا ما يتشاركون مجموعة من الأعراض مثل صعوبة التواصل والتفاعل مع الآخرين وانحسار اهتماماتهم بمجموعة محددة جدًا، إضافة إلى أنهم يمتازون بتكرارهم المتواصل لسلوكيات معينة، يمكن أن تتحسّن حالة مريض التوحد بمرور الوقت لكن غالبًا ما يلازمه التوحد طيلة حياته.[4][7]

أكثر أعراض مرض التوحد شيوعًا:[4][8][9]

  • انخفاض أو ربما انعدام الاستجابة السمعية.
  • تجنب التواصل البصري مع الأشخاص المحيطين به.
  • تِكرار سلوكيات معينة، كأن يواصل تكرار بعض الكلمات أو الجُمَل.
  • الانغماس في اللعب بأدوات معينة مع عدم الملل أو الانزعاج من تكرارها مرارًا.
  • الاعتياد على نسَق يومي واحد والانزعاج في حال تغييره مع عدم القدرة على التكيف مع أي تغيير.
  • إظهار إيماءات أو تعبيرات وجهيّة لا تتناسب مع الموقف أو الحديث المُلقَى على مسامعه.
  • الحديث المتواصل عن الاهتمامات الشخصية، دون أن يُلقي بالًا لردة فعل الشخص المُقابل أو عدم رغبته في سماع رأي هذا الشخص.
  • امتلاك مواهب وقدرات فريدة في كل من: المسائل الحسابيّة، العلوم والفن، إضافة إلى ارتفاع كفاءة الذاكرة البصرية والسمعية بحيث تُمكّنهم من تَذكُّر الأحداث والمعلومات لفترات طويلة.
  • مشاكل وصعوبات في النوم.
  • عدم القدرة على استنباط بعض الاستنتاجات والتفسير الحرفي للأفكار المطروحة.
  • حساسيّة مرتفعة لكل من الضوضاء، اختلاف درجات الحرارة، الإضاءة وغيرها، في حالات أُخرى قد لا يُبدي المريض أي انزعاج لأي من هذه الأشياء حتى لو كانت تستدعي ذلك.
  • عدم القدرة على إيصال ما يريد تحقيقه من رغبات واحتياجات للأشخاص من حوله.

أسباب التوحد

لا يزال السبب الرئيسي الكامن وراء إصابة بعض الأطفال بطيف التوحد غير معروفًا بوضوح وهو قيد البحث والدراسة، لكن يُرجّح بعض الباحثين في هذا الشأن تدخُّل بعض العوامل الجينيّة والبيئيّة في رفع معدل الإصابة بطيف التوحد.[2]

وقد سبق وأن توصّل العلماء والباحثين إلى أن بعض الاختلالات الجينية قد تكون ذي صلة مع ارتفاع معدل الإصابة بالتوحد لدى الأطفال، من أكثر الأمراض الجينية التي أظهرت علاقتها مع التوحد: متلازمة الكروموسوم X الهش أو التصلُّب الحَدَبي (الدَرني).[8]

إضافة إلى أنّ إصابة أحد أفراد العائلة المقرّبين بالتوحد يرفع معدل الإصابة به لدى البقيّة، أيضًا من الممكن أن يلعب انخفاض وزن الطفل عند ولادته أو تقدُّم عمر الوالدين لدى إنجاب أطفالهم دورًا في رفع معدل إصابتهم بالتوحد.[4]

يمكن أيضًا أن تضم قائمة العوامل ذات الصلة برفع معدل الإصابة بطيف التوحد تناول الأم لبعض أنواع الأدوية أثناء الحمل، مثل: حمض الفالبرويك (Valproic acid) والثاليدومايد (Thalidomide).[8]

علاج التوحد

غالبًا ما يلجأ اختصاصي الطب النفسي لانتهاج خطة علاجية تختلف من مريضٍ لآخر حسب ما يراه ملائمًا للحالة بين يديه؛ إذ لا يوجد علاج محدد وتام لتخليص المرضى من حالة التوحد، إنمّا تعتمد الخيارات العلاجية على تحسين المهارات والسلوكيات للمرضى ورفع قدراتهم على التواصل والتعبير عن مكنوناتهم بالتزامن مع أنواع من الأدوية أحيانًا.[4]

يُنصَح بالبدء مبكرًا بعلاج مرض التوحد لِما له من انعكاسات إيجابية على المريض وقدرته على الاستجابة الفعّالة والانخراط مع محيطه،[10] غالبًا تتمحور طرق علاج حالات التوحد حول الآتية:

  • التركيز على تحسين السلوك وتوجيهه نحو طريق إيجابي يساعد المريض على التكيف مع مجتمعه ويخلّصه من بعض العادات غير اللائقة، يُطلِق الخبراء على هذا النوع من العلاجات مسمى التحليل السلوكي التطبيقي، الذي يضُم التدريب على اكتساب مهارات اجتماعية تساهم في زيادة القابلية والقدرة على التواصل، إضافة إلى أنواع العلاج التي قد تعتمد أيضًا على الوالدين والمدرسة في استكمال مراحل العلاج للطفل المصاب بالتوحد.[8]
  • تحفيز الطفل المصاب بالتوحد على أداء تمارين رياضية معينة يفضلها عن غيرها قد تساهم في تحسين الحالة النفسية له.[11]
  • العلاج النفسي لمساعدة المريض في تخطّي بعض العوائق النفسية التي قد تواجهه مثل القلق والاكتئاب، غالبًا ما يعتمد الطب النفسي على العلاج السلوكي المعرفي لبناء جسر يربط مريض التوحد بين أفكاره وواقعه ليترجمها بسلوكات طبيعية تتوافق مع ما يجري معه من أحداث ومواقف.[12]
  • تحسين المهارات اللغوية والنُطق ورفع سويّة الطفل لأداء المهام الوظيفية باستخدام الأطراف أو أعضاء الجسم الأُخرى كالكتابة اليدوية وغيرها، تندرج هذه العلاجات تحت ما يسمى بالعلاجات التطورية أو النمائية، يُضَاف لها نموذج دنفر للتدخل المبكر لدى الأطفال حتى عمر السنتين بدءًا من السنة الأُولى لتحسين مهاراتهم الاجتماعية أو ربما بنائها، من خلال الاعتماد على أداء النشاطات والألعاب المختلفة.[12]
  • العلاج الدوائي: يمكن في بعض الحالات أن يصِف المُعالج النفسي أنواعًا من الأدوية للسيطرة على بعض المشاكل الصحية المرافقة للتوحد، مثل نوبات الصرع، الاكتئاب واضطرابات النوم وغيرها.[12]

المراجع

  1. Autism speaks. (n.d.). What is autism? Retrieved May 9, 2022 from https://www.autismspeaks.org/what-autism
  2. National Institute of Child Health and Human Development. (2016). Autism spectrum disorder. Retrieved May 15, 2022 from https://medlineplus.gov/autismspectrumdisorder.html
  3. Rudy L. (2020). Is autism a mental illness? Very well Health. Retrieved May 15, 2022 from https://www.verywellhealth.com/is-autism-a-mental-illness-4427991
  4. National Institute of Mental Health. (2022). Autism spectrum disorder. Retrieved May 15, 2022 https://www.nimh.nih.gov/health/topics/autism-spectrum-disorders-asd
  5. Hoffman M. (2020). What are the types of autism spectrum disorders? WebMD. Retrieved May 16, 2022 https://www.webmd.com/brain/autism/autism-spectrum-disorders
  6. International Rett Syndrome Foundation. (n.d.). What is Rett syndrome? Retrieved May 16, 2022 https://www.rettsyndrome.org/about-rett-syndrome/what-is-rett-syndrome/
  7. Centers for Disease Control and Prevention. (n.d.-a). Autism Spectrum Disorder (ASD): What is ASD? Retrieved May 16, 2022 https://www.cdc.gov/ncbddd/autism/facts.html
  8. American Psychiatric Association. (2021). What is autism spectrum disorder? Retrieved May 16, 2022 https://www.psychiatry.org/patients-families/autism/what-is-autism-spectrum-disorder
  9. Centers for Disease Control and Prevention. (2022-b). Autism Spectrum Disorder (ASD): Signs and symptoms. Retrieved May 16, 2022 https://www.cdc.gov/ncbddd/autism/signs.html
  10. Nall R. (2021). What to know about autism? Medical News Today. Retrieved May 16, 2022 https://www.medicalnewstoday.com/articles/323758
  11. Cherney K. and Seladi-Schulman J. (2021). Everything you need to know about autism spectrum disorder (ASD). Retrieved May 16, 2022 https://www.healthline.com/health/autism#TOC_TITLE_HDR_1
  12. Centers for Disease Control and Prevention. (2022-c). Autism Spectrum Disorder (ASD): Treatment. Retrieved May 16, 2022 https://www.cdc.gov/ncbddd/autism/treatment.html
كتابة: . ليلى الجندي - الأحد ، 15 أيار 2022
آخر تعديل - الأربعاء ، 08 آذار 2023

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري نفسي أونلاين عبر طبكان
احجز