علاج الحروق بالأكسجين المضغوط

تُعد الحروق من الإصابات الشائعة التي يتعرض لها الكثير من الأشخاص، وتتطلّب الحروق علاجًا فعّالًا وسريعًا لتجنب حدوث مضاعفات خطيرة، وقد ثبت علميًا أنّ العلاج بالأكسجين المضغوط قد يُساعد على تسريع شفاء الحروق وتخفيف مضاعفاتها، ويتضمن علاج الحروق بالأكسجين المضغوط استخدام الأكسجين النقي (100%) تحت ضغطٍ عالٍ يتراوح بين 2.0- 2.5 أضعاف الضغط الجوي العادي، ويمكن استخدام هذه التقنية كعلاجٍ تكميلي لتعجيل شفاء الحروق وتقليل خطر العدوى.

يُشكّل علاج الحروق تحديًا للفريق الطبي الذي يتضمن مجموعة من الأطباء من مُختلف التخصصات، ولا تزال الحروق أحد أهم أسباب الوفيات وعاملًا رئيسيًا لزيارة غرف الطوارئ، وتشمل تداعيات الحروق الأضرار الموضعية، وقد تتطور لتُسبّب أضرارًا للجسم بأكمله في حال كانت نسبة الحروق تغطّي أكثر من 20% من جسم المريض، لذا فإنّ الحصول على العلاج المناسب في وقتٍ مبكّر يقلل من معدل الوفيات الناجمة عن الحروق،[1] فوفقًا لنتائج عدّة تجارب مخبرية وسريرية ظهرت فعالية العلاج بالأكسجين المضغوط لحالات الحروق، إذ يقلل من معدل الوفيات، ومدة الإقامة في المستشفى، وعدد العمليات الجراحية التي يحتاجها المريض، كما يقلل من تكلفة العلاج، لا سيّما إذا على يد اختصاصيين جرى تدريبهم جيدًا.[2]

ما هو العلاج بالأكسجين المضغوط؟

يتضمّن العلاج بالأكسجين المضغوط (Hyperbaric oxygen therapy) تعريض المريض للأكسجين النقي بنسبة 100% داخل حجرات مخصّصة لذلك مع زيادة الضغط الجوي المُحيط به (2-2.5 ضغط جوي)، مما يؤدي إلى زيادة تركيز الأكسجين في الدم وأنسجة الجسم، وتتراوح مدة الجلسة العلاجية 45-300 دقيقة تبعًا للحالة المرضية، ويحتاج المريض لجلسة أو اثنتين لعلاج الحالات الطارئة؛ كالتسمم بغاز أول أكسيد الكربون، أما الحالات المرضية المُزمنة فتتطلّب جلساتٍ علاجية قد تصل حتى 30 جلسة أو أكثر.[3][4]

لا يُعدّ العلاج بالأكسجين المضغوط حديث المنشأ، ففي عام 1662 ميلادي سُجلت أُولى حالات استخدامه، وعلى مر السنوات ازداد الاهتمام بدراسة تطبيقات العلاج بالأكسجين المضغوط ومدى فعاليته، وفي الوقت الحالي جرى اعتماد العلاج بالأكسجين المضغوط للتغلب على 14 مشكلة صحية منها علاج الحروق،[4] إذ إنّ قدرة العلاج بالأكسجين المضغوط على زيادة نسبة الأكسجين في الأنسجة، وإعادة تروية المناطق المتضررة، وبناء أوعية دموية جديدة، وتقليل التداعيات الالتهابية جعلته خيارًا جيدًا لعلاج الحروق.[5]

علاج التسمم بأول أكسيد الكربون الناجم عن الحريق

يستنشق العديد من الأشخاص الذين تعرضوا للحروق الدُخان، ويحتوي الدخان على غازات تُسبّب لدى استنشاقها بكمياتٍ كبيرة أو لفتراتٍ مُطوّلَة مشاكل خطيرة قد تكون قاتلة أحيانًا؛ كالتسمم بغاز أول أكسيد الكربون، إذ يمنع أول أكسيد الكربون الدم من حمل الأكسجين مما يؤدي إلى نقص تزويد أنسجة الجسم به.[6]

يساعد العلاج بالأكسجين المضغوط على استبدال أول أكسيد الكربون المرتبط بهيموغلوبين الدم بالأكسجين، وإمداد الأنسجة بالأكسجين، كما أنّه يُقلل من الأعراض العصبية-النفسية الناجمة عن التسمم بأول أكسيد الكربون؛ وذلك باستعادة قدرة الأعصاب على أداء وظائفها الطبيعية، وتقليل خطر تشكُل الوذمة في الدماغ.[7]

تشمل طريقة العلاج تزويد المريض بتركيز 100% من الأكسجين تحت ضغط جوي يعادل 2-3 ضعف الضغط الجويّ الطبيعي لمدة 60-90 دقيقة، بمعدل مرةً واحدةً للحالات الخفيفة إلى المتوسطة، أما في الحالات الشديدة فيُكرَر العلاج مرتين يوميًا بواقع جلستين إلى 3 جلسات علاجية.[7]

تقليل الوذمة الناجمة عن الحروق

تُعرّف الوذمة (Edema) على أنها تورُّم يسببه احتباس السؤال في الأنسجة أو في تجاويف الجسم، وتُشكل الوذمة الناجمة عن الحروق تهديدًا لحياة المريض، وينجم عنها مُضاعفات خطيرة؛ كنقص حجم الدم (Hypovolemia)، ونقص البروتينات في الدم (Hypoproteinemia)، ونقص الأكسجين الواصل للأنسجة (Tissue hypoxia).[8]

وتشير إحدى الدراسات الحديثة التي نُشرت في مجلة (Annals of Medicine and Surgery) عام 2021 ميلادي، إلى أنّ المرضى الذين تلقوا العلاج بتقنية الأكسجين المضغوط قلّت لديهم الوذمة نتيجة تثبيط إنتاج بعض البروتينات التي يُطلقها الجسم استجابةً للتغيُّرات الفيسيولوجية عند الإصابة بالحروق، إذ لُوحظ انخفاض نسبة بروتين الجزيء اللاصق بين الخلايا-1 (Intercellular Adhesion Molecule 1) الذي يُسهم في تكوين الوذمة.[9]

تعزيز التئام الجروح

ظهرت نتائج واعدة للعلاج بالأكسجين المضغوط في تعزيز التئام الجروح الناجمة عن الحروق بمختلف درجاتها،[10] إذ يُستخدم كعلاجٍ مُساعد لعلاج التئام الجروح المزمنة، وتتضمّن آلية عمله زيادة التروية الدموية للمناطق المُصابة بعملية تُسمى تولُّد الأوعية الدموية (Angiogenesis)؛ أي تشكيل أوعية دموية جديدة، وتقليل الالتهابات،[11] وتعجيل بناء الأنسجة الطلائية في المنطقة المُصابة (Epithelialization) لتقليل حجم الحرق والوقت اللازم للشفاء.[10]

الحد من العدوى الناجمة عن الحروق

تُعد العدوى أحد أسباب الوفاة جرّاء الحروق، ويرجع ذلك لفقدان خط الدفاع الأول ضد الجراثيم نتيجة حروق الجلد، وضعف التروية الدموية في المنطقة المُصابة، بالإضافة لضعف الجهاز المناعي الذي يُحارب ضد الجراثيم الغازية، ولا يقف الأمر عند الإصابة بالعدوى الموضعية، بل قد يتطور ليشمل مُختلف أجهزة الجسم؛ كالإصابة بالالتهاب الرئوي، أو الفشل التنفسي، أو التهاب النسيج الخلوي، أو عدوى المسالك البولية، أو تسمم الدم.[12]

نُشرت دراسة حديثة في مجلة (Annals of Medicine & Surgery) عام 2022 ميلادية بعنوان تأثير الأكسجين المضغوط في القضاء على البكتيريا في حالات الحروق أُجريت على الأرانب (Bactericidal effect of hyperbaric oxygen therapy in burn injuries)، وكانت النتائج مُبشرّة؛ إذ لُوحظ أنّ للعلاج بالأكسجين المضغوط تأثيرًا كبيرًا في تقليل نمو البكتيريا المُمرضة في الجروح الناجمة عن الحروق.[13]

زيادة نسبة نجاح عمليات ترقيع الجلد

عملية ترقيع الجلد (Skin graft) هي إجراءٌ جراحي يُجرَى باستئصال قطعة سليمة من الجلد من إحدى مناطق الجسم ووضعها على المنطقة المُصابة بالحروق مثلًا،[14] وقد تُسبّب المضاعفات الناجمة عن الحروق فشل عملية ترقيع الجلد، مثل نقص الأكسجين في الأنسجة المُصابة، وظهور الوذمة، والإصابة بالعدوى، وكما أُشير سابقًا فإنّ العلاج بالأكسجين المضغوط يُقلص من هذه المضاعفات، إذ يساعد على تزويد الأنسجة المُتضررة بالأكسجين، ويُقلّل من ظهور الوذمة، ويحارب نمو الجراثيم المُمرضة،[15] ولرفع نسبة نجاح عمليات ترقيع الجلد يُعرّض المريض للأكسجين المضغوط (2-2.5 ضغط جوي) لمدة 90-120 دقيقة تُكرّر مرتين في اليوم.[16]

تخفيف الألم الناتج عن الحروق

تُظهر دراسة حديثة نُشرت في مجلة (Foresman Journal of surgery) عام 2018 ميلادي بعنوان (زيادة رضى مرضى الحروق الذين يستخدمون العلاج بالأكسجين المضغوط كعلاجٍٍ مُساعد) أنّ العلاج بالأكسجين المضغوط استطاع تخفيض معدل الشعور بالألم، مما زاد من رضى مرضى الحروق عن العلاج المُستخدم.[17]

كتابة: الصيدلانية مرام غرايبة - الثلاثاء ، 16 أيار 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب
آخر تعديل - الخميس ، 18 أيار 2023

المراجع

1.
Villanueva E, Bennett MH, Wasiak J, Lehm JP. Hyperbaric oxygen therapy for thermal burns. Cochrane Database of Systematic Reviews 2004, Issue 2. Art. No.: CD004727. Retrieved from https://doi.org/10.1002/14651858.CD004727.pub2
2.
Cianci P, Sato RM, Faulkner J. Hyperbaric oxygen for thermal burns. Undersea & hyperbaric medicine : journal of the Undersea and Hyperbaric Medical Society, Inc, 48(4), 449–468. Retrieved from https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/34847309/
3.
Hajhosseini, Babak MD*,†; Kuehlmann, Britta A. MD*,‡; Bonham, Clark A. BS*; Kamperman, Kathryn J. DNP*; Gurtner, Geoffrey C. MD*,†. Hyperbaric Oxygen Therapy: Descriptive Review of the Technology and Current Application in Chronic Wounds. Plastic and Reconstructive Surgery - Global Open 8(9):p e3136, September 2020. Retrieved from https://doi.org/10.1097/gox.0000000000003136

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري العلاج بالأكسجين المضغوط أونلاين عبر طبكان
احجز