تعزيز التئام الجروح بعد عمليات التجميل وترقيع الأنسجة بالأكسجين المضغوط

يُستخدم الأكسجين المضغوط لتعزيز التئام الجروح بعد عمليات التجميل وترقيع الأنسجة وفق العديد من الدراسات الحديثة كونه يساعد على وصول الأكسجين لموضع الجراحة، وتعزيز التروية الدمويّة فيها، وتقليل خطورة حدوث العدوى، ويُعدّ الطبيب هو الشخص المسؤول عن اتّخاذ القرار بشأن إمكانيّة استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط كعلاجٍ مساعد لتعزيز التئام الجروح بعد الجراحات الترميميّة من عدمه.

استُخدم الأكسجين المضغوط في المجال العلاجي قبل اكتشاف الأكسجين، بل وقبل صياغة قانون بويل الذي وصَف العلاقة بين ضغط الغاز وحجمه، وذلك حين وثَّق الطبيب البريطاني هينشو استخدامه للأكسجين المضغوط في العلاج خلال القرن السابع عشر بوضع المرضى في صندوقٍ يحتوي على الهواء المضغوط، ومنذ ذلك الحين اهتمّ العلماء بدراسة تأثير العلاج بالأكسجين المضغوط وتحديد آثاره الجانبيّة،[1] وفي الوقت الراهن، يُستخدَم العلاج بالأكسجين المضغوط للسيطرة على عددٍ من الأمراض والمشكلات الصحيّة، كحالات التسمّم بأول أكسيد الكربون، وفقر الدم الشديد، كما أنّه قد يُفيد في تعزيز التئام الجروح بعد عمليات التجميل وترقيع الأنسجة.[2]

ما هو العلاج بالأكسجين المضغوط؟

يُعدّ العلاج بالأكسجين المضغوط أو العلاج بالأكسجين عالي الضغط (Hyperbaric oxygen therapy or HBOT) واحدًا من طرق العلاج التي تُستخدم فيها حجرة خاصّة يتجاوز مستوى ضغط الهواء فيها حوالي 2.5 ضعف الضغط العادي، الأمر الذي يُساعد على زيادة كميّة الأكسجين في الدم، وتعزيز وصول كميات أكبر من الأكسجين إلى الأعضاء والأنسجة المختلفة في الجسم.[3]

فوائد الأكسجين المضغوط لتعزيز التئام الجروح بعد عمليات التجميل وترقيع الأنسجة

وفق الدراسة التي نُشرَت في مجلة (Surgical techniques development) في عام 2023 ميلادي، لُوحظ زيادة استخدام الأطباء للعلاج بالأكسجين المضغوط في مجال الجراحة الترميميّة والتجميليّة، وقد يُعزى ذلك إلى فوائده المُحتملة في تعزيز التئام الجروح، وتقليل خطورة حدوث العدوى، وتحسين ثبات الأنسجة المُستخدمة في الإجراءات الترميميّة، وقد أشارت مُعظم الدراسات التي حُلّلت في هذه المراجعة المنهجيّة إلى فوائد استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط في مجال الجراحة الترميميّة والتجميليّة، ومع ذلك، يجب إجراء المزيد من التجارب السريريّة لفهم آلية الاستخدام الأمثل للعلاج بالأكسجين المضغوط، وتحديد فعاليّته في هذا المجال.[4]

إضافةً لِما سبق، فقد ذُكر في دراسة نُشرت في مجلة (Eplasty) عام 2022 ميلادي بأنّ الأكسجين المضغوط قد يُستخدم كنوعٍ من العلاجات المساعدة في حالات وجود الأنسجة المُصابة بنقص التروية الدموية، وأنّه قد يُسهم في إنقاذ الرُّقع (Grafts) والسدائل (Flaps) المُستخدَمة خلال الجراحات الترميميّة،[5] إذ توصَّلت هذه المراجعة إلى أنّ العلاج بالأكسجين المضغوط قد يساعد على:[5]

  • تحسين وصول الأكسجين للأنسجة والخلايا، إذ تزداد كمية الأكسجين الذائبة في بلازما الدم مع زيادة الضغط، وهو ما يساعد على إيصاله لأماكن نقص التروية في الجسم، لذلك أوصَت الجمعيّة الطبيّة للتطبيب بالضغط العالي وعلاج الحالات الناجمة عن الغوص (Undersea and Hyperbaric Medical Society) باستخدام العلاج بالأكسجين المضغوط عند ضغط جوي يعادل 1.4 أو أكثر.
  • تعزيز التئام الجروح في حالة نقص التأكسج الناجم عن نقص التروية، وموت الخلايا، والالتهاب، وزيادة حموضة الدم.
  • دعم تكوُّن الأوعية الدمويّة وبناء الكولاجين.

يُسهم العلاج بالأكسجين المضغوط أيضًا في تقليل تجمّع السوائل في الأنسجة المُصاحب لعمليات الترقيع الترميميّة، أي أنّه يلعب دورًا في تخفيف ضغط النسيج وتأثيره في تدفّق الدم إلى المنطقة، ممّا يُعزِّز من التئام الجروح بعد عمليات التجميل وترقيع الأنسجة، كذلك فهو يقلّل من خطورة تعرّض الإصابات الناجمة عن الحروق للعدوى.[6]

أشارت دراسة نُشرت في مجلة (Diving and Hyperbaric Medicine) عام 2021 ميلادي إلى أنّ استخدام الأكسجين المضغوط في الفترة المحيطة بموعد الجراحة الثانوية الترميميّة للثدي بعد الخضوع للعلاج بالأشعة قد يحسّن طبيعة المضاعفات التي يعانيها المصاب بعد الجراحة، ومع ذلك لا يمكن التوصل إلى نتائج حاسمة ونهائيّة من هذه الدراسة بسبب صغر حجم عيّنة البحث.[7]

متى يُستخدم الأكسجين المضغوط لتعزيز التئام الجروح بعد الجراحات الترميميّة؟

لا يُعدّ استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط ضروريًّا في حالات الخضوع للجراحات الترميميّة الطبيعيّة التي تنطوي على استخدام الرُّقع أو السدائل مع عدم وجود أي عوامل تزيد من خطر حدوث نقص التروية الدموية، ولا يوجد توصيات معيّنة بشأن إلزامية استخدامه في مثل هذه الحالات، ولكنه قد يُفيد كعلاجٍ مساعد يُسهم في إنقاذ الأنسجة المتضرّرة بسبب انخفاض التروية الدمويّة، أو نقص وصول الأكسجين لمكان الإصابة، أو تعرُّضها للإشعاع، إذ تنخفض كمية الأوعية الدموية الدقيقة في الأجزاء التي تعرّضت للإشعاع مسبقًا، وتُصبح حالة النسيج في هذه الأجزاء سيئة، ممّا يؤثّر في تعافي الجروح، لذلك يساعد العلاج بالأكسجين المضغوط في هذه الحالات على تقليل احتمالية الحاجة لإعادة جراحة الترقيع أو تكرار جراحة السديلة (Flap).[6]

يعتمد الطبيب على الأعراض والعلامات السريريّة التي يُلاحظها على المُصاب ليتمكّن من تمييز الرقع أو السدائل المُصابة بنقص التروية، والتي تستدعي استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط، كأن يلاحظ تغيّر لون النسيج المُتضرّر، أو ظهور النخر أو الانحلال أو الجفاف في هذه الأنسجة، أو تغيّر درجة حرارة الجلد بوضوح، أو عندما يلاحظ استمرار مشكلة نقص التروية الدموية لنسيج السديلة أو الرقع دون تحسُّن، وقبل اتخاذ القرار بشأن استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط، يُوصَى بضرورة اللجوء لعلاج المشكلات المُسبِّبة لنقص التروية التي يمكن حلها بواسطة الجراحة، مثل التواء الأوعية الدموية للسديلة، وبعد ذلك قد يكون العلاج بالأكسجين خيارًا مطروحًا لتحسين النتائج العلاجيّة في حالة عدم وجود مشكلة معينة يمكن التعامل معها جراحيًّا.[8]

يؤثر في اتخاذ القرار بشأن استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط في هذه الحالة مجموعة من العوامل:[5]

  • الجنس.
  • العمر.
  • الأمراض المصاحبة، كالسكري.
  • التدخين.
  • الخضوع لجراحات سابقة.
  • وجود مشكلات في التقنية الجراحية المُستخدمة في تصميم السديلة.
  • درجة احتمالية حدوث انسداد الأوعية الدموية.
  • الإصابة بنقص التروية الدمويّة المُقاوم للعلاجات الأُخرى.

كيفية استخدام الأكسجين المضغوط لتعزيز التئام الجروح بعد عمليات ترميم الأنسجة

يُوصَى في حالات الخضوع لجراحات ترقيع الأنسجة وجراحة السديلة المُصابة بنقص التروية الدموية باستخدام العلاج بالأكسجين تحت تأثير ضغط يتراوح بين 2-2.5 ضغط جوي مطلق لمدّة تتراوح بين 90-120 دقيقة، ويُكرّر العلاج مرتين يوميًّا في البداية، وبعد ذلك يُطبَّق مرّة واحدة في اليوم مع بدء التحسن بناءً على تقييم الطبيب.[8]

موانع الاستطباب بالأكسجين المضغوط

يُمنَع استخدام العلاج بالأكسجين المضغوط في حالات الإصابة بالاسترواح الصدري (Pneumothorax)‏، كما أنّ مجموعةً من المشكلات الصحيّة والأدوية تُعدّ من العوامل التي تستدعي توخّي الحذر عند اللجوء للعلاج بالأكسجين المضغوط،[6][9] منها:[9]

  • وجود الفقاعات الرئوية والنفاخ الرئوي (Emphysema)‏، مع احتباس ثاني أكسيد الكربون.
  • استخدام أنواع معيّنة من الأدوية، مثل ديسلفيرام (Disulfiram)، وسيسبلاتين (Cisplatin).
  • التهاب الجيوب الأنفيّة.
  • الصرع (Epilepsy).
  • وجود الأجهزة المزروعة، مثل مضخّات فوق الجافية (Epidural pumps)، ومنظّم ضربات القلب (Pacemakers).
  • رهاب الأماكن المغلقة (Claustrophobia)‏.
  • الحمى الشديدة.
  • جراحات العين.
  • وجود آفات (Lesions) في الرئة ظاهرة عند التصوير بالأشعة السينية وغير مصحوبة بظهور أيّة أعراض.
  • وجود تاريخ سابق للإصابة بالعمى المفاجئ أو التهاب العصب البصري.
  • مرض السكري الذي يعتمد على العلاج بالإنسولين.
  • كثرة الكريات الحمر الكروية الخلقيّة ( Congenital spherocytosis).
  • الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن.
كتابة: الصيدلانية بيان ربيع - الأحد ، 21 أيار 2023
آخر تعديل - الأحد ، 21 أيار 2023

المراجع

1.
Ortega MA, Fraile-Martinez O, García-Montero C, Callejón-Peláez E, Sáez MA, Álvarez-Mon MA, García-Honduvilla N, Monserrat J, Álvarez-Mon M, Bujan J, Canals ML. A General Overview on the Hyperbaric Oxygen Therapy: Applications, Mechanisms and Translational Opportunities. Medicina. 2021; 57(9):864. Retrieved from https://doi.org/10.3390/medicina57090864
2.
Latham E. (2020, November 16). Hyperbaric Oxygen Therapy. Retrieved from https://emedicine.medscape.com/article/1464149-overview#showall
3.
Hadjiliadis D. (2022, July 31). Hyperbaric oxygen therapy. Retrieved from https://medlineplus.gov/ency/article/002375.htm

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري العلاج بالأكسجين المضغوط أونلاين عبر طبكان
احجز