الطب النفسي: فروعه والفرق بينه وبين علم النفس

الطب النفسي يصنّف كأحد فروع الطب التي تركّز على المشكلات النفسية والسلوكية، ويُمارِس هذا الاختصاص الطبيب النفسيّ الذي يصِف العلاج بناءً على ما يراه مناسبًا، وقد يتضمّن العلاج وصف الأدوية، كما ويندرج تحت هذا الفرع الطِّبي تخصصات مختلفة، كالطب النفسي للأطفال أو لكبار السنّ، ويختلف الطب النفسي عن علم النفس في عدّة أوجه.

كثيرًا ما يخلط الناس بين مجاليّ الطب النفسي وعلم النفس، وعند مواجهة مشكلة معينة تتعلّق بالصحة النفسيّة، يقعون في حيرةٍ من أمرهم لدى الاختيار بين زيارة الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسيّ، والحقيقة هي أنّ لكلٍّ من هذه التخصّصات خلفية تعليميّة ووسائل دعم مختلفة لمُتلقّي الرعاية، هدفها مساعدته وتوجيهه للخطّة العلاجية الأنسب.[1]

ما هو الطب النفسي؟

الطب النفسي (Psychiatry)، هو أحد فروع الطبّ التي تُعنَى بالتعامل مع أسباب مشكلات الصحّة العقليّة والاضطرابات السلوكيّة، والوقاية منها وتشخيصها وعلاجها، وتستلزم ممارسة الطب النفسي بأن يتمتع الاختصاصي بدرجة عالية من الإخلاص والحذر الشديد أثناء التعامل مع الحالة، ويُطلَق على الطبيب المؤهل والمُتخصّص في مجال الطب النفسي بالطبيب النفسي (Psychiatrist)، ويكون قادرًا على التوصية باستخدام الأدوية وتحديد طرق العلاج المختلفة.[2][3]

ويُشار إلى أنّ أوّل من استخدم مصطلح الطب النفسي كان عالم التشريح الألماني يوهان كريستيان ريل (Johann Christian Reil)،[2] فقد كان يُنظَر قديمًا للأمراض والاضطرابات النفسية على أنها استحواذٌ شيطانيّ، وتدريجيًّا، بدأ التعامل معها كاضطرابات ومشكلات تحتاج العلاج المُتخصِّص.[4]

إضافةً لما سبق، يرتكز مجال الطب النفسي على فكرة تَسبُّب العوامل البيولوجية في تطوّر أعراض الاضطرابات العقلية والعاطفية، حتى وإنْ لعِبت العوامل البيئية والاجتماعية دورًا في تفاقم هذه الأعراض أيضًا.[1]

مَن ابتكر الطب النفسي؟

يؤيد الكثيرون بأنّ تطوُّر الطب النفسي الحديث كان بفضل جهود الطبيب الفرنسي فيليب بينيل (Philippe Pinel) في أواخر القرن الثامن عشر، بينما بدأ التطوّر في هذا المجال يزداد أكثر في أواخر القرن التاسع عشر، بمساهمات كلٍّ من المحلِّل النفسي سيغموند فرويد (Sigmund Freud)، الذي طوّر التحليل النفسي (Psychoanalysis) كطريقة بحث وعلاج، وكان على دراية ومعرفة واسعة بعلم الأمراض العصبيَّة، إلى جانب الطبيب النفسي إميل كريبيلن (Emil Kraepelin)، الذي ركّز على الطريقة المنهجيَّة لتشخيص الأمراض والحالات النفسية وتصنيفها.[4]

فروع الطب النفسي

قد ينقسم مجال الطب النّفسي إلى مجموعةٍ من التخصصات الفرعيّة،[2] أهمّها:

  • الطب النفسي للبالغين (Adult psychiatry): وهو ما يُشَار إليه بالطب النفسي العام أو الطب النفسي، والذي يشمل تعليم الطبيب النفسي التدريب الأساسي في هذا المجال.[2]
  • طب نفس المسنّين أو الطب النفسي للمسنين أو الطب النفسي للشيخوخة (Geriatric psychiatry): إذ تختلف احتياجات كبار السن في المجال النفسي عن غيرهم، سواءً كان بسبب اختلاف أعراض وعلامات الاضطرابات الظاهرة عليهم، أو لاختلاف استجابة أجسادهم للأدوية المختلفة، أو اختلاف نوع الاضطرابات التي تظهر عليهم، أو غير ذلك، وهذا يتطلّب اتباع طريقة مُتخصّصة أكثر للتعامل مع حالات كبار السن.[2]
  • الطب النفسي للأطفال والمراهقين (Child and adolescent psychiatry): انبثقت الحاجة لفرعٍ متخصّص في حالات الأطفال والمراهقين بسبب اختلاف الحالة النفسيّة لدى الأطفال والمراهقين مقارنةً بالأشخاص البالغين، كذلك لاختلاف طبيعة أعراض المرض النفسي لديهم أو سلوكهم ومتطلباتهم، أيضًا جاءت الحاجة للطب النفسي للأطفال والمراهقين لارتباط بعض الاضطرابات النفسية بهذه الفئة العُمريّة فقط.[2]
  • طب نفس الإدمان أو الطب النفسي للإدمان (Addiction psychiatry)‏: هو أحد أنواع الطب النفسي الذي يُركّز على التعامل مع المشكلات النفسية المتعلقة بالإدمان.[2]
  • الطب النفسي للحالات الطارئة (Emergency psychiatry): يُطبَّق هذا الفرع من الطب النفسي في الظروف الطارئة، كمحاولة الانتحار، والتغير السريع والعنيف للسلوك، والإصابة بالذهان أو الاكتئاب، وأيّ حالاتٍ أُخرى ينعكس أثرها على عائلة المريض أو المجتمع أو المُمتلكات العامة، إلى جانب أثرها السلبي على المريض.[2][5]
  • الطب النفسي الشرعي (Forensic Psychiatry): يركّز هذا التخصص على علاج المشكلات والاضطرابات النفسيّة لدى نزلاء السجون أو المستشفيات التابعة لها، أو غيرها، وعلى الطبيب المتخصِّص في هذا المجال فهم الروابط بين نصوص القانون والصحة العقلية، وما يترتب عليه.[6]
  • الطب النفسي العصبي (Neuropsychiatry):وهو الفرع الذي يهتم بالاضطرابات النفسية المرتبطة بالأمراض والإصابات المؤثِّرة بالجهاز العصبي.[7]
  • الطب النفسي الوظيفي (Occupational psychiatry): وفيه يُطبّق الطب النفسي في أماكن العمل، خاصةً في ما يتعلق بالمهن والأعمال التي قد يشيع تعرُّض أصحابها للخطر أو الحزن لما تقتضيه طبيعة المهنة.[7]

الفرق بين الطب النفسي وعلم النفس

علم النفس (Psychology)، هو العلم الذي يركّز على دراسة كيفيّة عمل العقل وتأثيره على السلوك، ويُعرَف من يهتمّ بدراسة علم النفس بالاختصاصي النفسي أو عالم النفس أو النفساني (Psychologist)، فهو يساعد على تقييم المشكلات والاضطرابات النفسية، ويقدّم العلاج أو التوصيات من خلال الاستشارات النفسيّة والعلاج النفسي، وقد يتضمن عمل الاختصاصي النفسي إجراء دراسات لتقييم الحالة النفسية للأطفال الذين يواجهون صعوبات التعلم في المدرسة، وإعطاء ورشات عمل حول كيفية الحدّ من التنمر، وتقديم المشورة والنصيحة للجهات التي تُعنى بالصحة، وغيره، وقد يتخصّص الأخصائي النفسي في واحدة أو أكثر من مجالات وفروع علم النفس، مثل: علم النفس التنموي (Developmental psychology)، و علم النفس التطوري (Evolutionary psychology)، وعلم النفس الشرعي (Forensic psychology)، وعلم النفس الصحي (Health psychology)، وعلم النفس الاجتماعي (Social psychology).[8]

بينما يدرس الطب النفسي مشكلات الصحة النفسية وتشخيصها وعلاجها وكيفية الوقاية منها، ويمارسه الطبيب النفسي، الذي يكون مخوَّلًا بوصف الأدوية أو اعتماد الطرق الأمثل لعلاج الاضطرابات والأمراض النفسية أو العقلية، وهو الشخص الذي أنهى دراسة الطب وفترة الإقامة إلى جانب التدريب الخاص في مجال الطب النفسي.[1][9]

كيفية الحصول على شهادة في الطب النفسي

لممارسة الطب النفسي والاختصاص به، يتوجَّب على الأشخاص الراغبين بذلك استكمال المراحل الآتية:[9]

  • إكمال دراسة الطب في مؤسَّسة تعليميّة مُعتمدة.
  • إتمام 4 سنوات إقامة في الطب النفسي، وفي السنة الأولى من برنامج الإقامة -سنة الامتياز- يتدرب الطبيب في المستشفى ويتعامل مع عددٍ كبير من الاضطرابات والأمراض، وبعدها يتعلم تشخيص وعلاج الأمراض النفسية خلال 3 سنوات المُتبقية على الأقل، وذلك بتعلُّم طرق العلاج النفسي المختلفة باستخدام الأدوية النفسية والعلاجات الأُخرى مُتنقلًا بين أقسام المستشفى بحالاتها المتعدّدة.
  • الخضوع لامتحان البورد، يُعقَد شفهيًّا وكتابيًّا وباعتماد أنظمة وقوانين الدولة، ليحصل بعدها المُتقدّم على شهادة البورد (Board certification) في التخصص.
  • إكمال التدريب المتخصص بعد سنوات الإقامة والتدريب، وهي مرحلة اختيارية، يُصبح الطبيب بعدها مُعتَمدًا في مجال الطب النفسي بأحد التخصصات الفرعية التي تندرج تحت الطب النفسي، مثل الطب النفسي لكبار السن، أو الطب النفسي للأطفال والمراهقين، أو غيره من فروع الطب النفسي التي قد يختارها.

الاختيار بين زيارة الطبيب النفسي أو الاختصاصي النفسي

يمكن للمريض تحديد اختياره في الذهاب إلى الطبيب النفسي أو المُعالِج النفسي بالاعتماد على الحالة والأعراض التي يعانيها، فاختيار الذهاب للطبيب النفسي قد يكون بدافع المخاوف المتولِّدة حول الإصابة بمشكلاتٍ نفسية أكثر تعقيدًا قد تحتاج للعلاج الدوائي: كالفُصام العقلي، واضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب الشديد، ومن المُحتمَل أنْ يُوصي الطبيب النفسي بمراجعة أخصائي نفسي أيضًا في الوقت ذاته.[1]

لكن يختار البعض الآخر مراجعة الاختصاصي النفسي لمساعدتهم على تخطّي ظرف عصيب يؤثر سلبًا على حياتهم، مثل: ضغوطات العمل، ومشكلات العلاقات الاجتماعية، أو لمساعدتهم على فهم أسباب المشكلات التي تحيط بهم، أيضًا قد يكون الغرض من مراجعة الأخصائي النفسي لمعرفة أفضل الطرق التي تساعد على تحسين ظروف الحياة، أو للحاجة لأخذ المشورة من شخصٍ متخصّص في المجال النفسي من خارج نطاق العائلة والأصدقاء.[10]

كتابة: الصيدلانية بيان ربيع - الأحد ، 25 أيلول 2022
آخر تعديل - الخميس ، 06 نيسان 2023

المراجع

1.
Watson S. and Raypole C. (2021, November 8). What Is a Psychiatrist? And How Are They Different from Psychologists? . Retrieved from https://www.healthline.com/health/mental-health/what-is-the-difference-between-a-psychologist-and-a-psychiatrist#takeaway
2.
Trivedi JK, Goel D. What Psychiatry Means To Us. Mens Sana Monogr. 2006 Jan;4(1):166-83. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3190449/
3.
UK National Health Services. (2022, June 17). Psychiatry. Retrieved from https://www.nhs.uk/mental-health/talking-therapies-medicine-treatments/medicines-and-psychiatry/psychiatry/

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري نفسي أونلاين عبر طبكان
احجز