أكياس على المبيض: ما أسباب ظهورها؟ هل يرافقها أعراض معينة؟ هل تكيس المبايض خطير؟ هل تؤثر كيسات المبيض في الحمل؟

تدقيق طبي: دكتور عمر الصلاحات - نسائية وتوليد
الإثنين ، 27 أيار 2024 | (الأردن)

تُصيب تكيسات المبايض شريحة واسعة من الإناث في الوقت الحالي، وتتنوع بين كيسات مبيضية ناجمة عن اعتلالات هرمونية وأخرى ناجمة عن أورام قد تكون خبيثة أو حميدة، كما لا يُرافق معظمها الشعور بأي أعراض، ولكنها تشتمل عادةً على الشعور بألم في منطقة البطن قد يمتد إلى الحوض في بعض الأحيان، أمّا علاج تكيس المبايض فقد يقتصر على انتظار اختفاء كيسات المبيض من تلقاء ذاتها أو اللجوء لاسئصالها بالمنظار.

يتكوّن الجهاز الأنثوي التناسلي من أعضاء عدّة أهمها المبيض (Ovary)، إذ تمتلك الإناث مبيضًا على كل جانب من الرحم يشبه في حجمه وشكله حبة اللوز تقريبًا، وهو المسؤول عن إنتاج الهرمونات الأنثوية كالإستروجين والبروجيستيرون، بالإضافة إلى وظيفته في تحفيز إطلاق البويضات كل دورة شهرية، يحصل ذلك تحديدًا في الجريبات (Follicles) الموجودة في القشرة الخارجية من المبيض (Cortex)، وقد تُصاب المبايض بمجموعة من المشاكل المرضية، مثل التواء المبيض، أو قصور المبيض الأولي، أو أكياس المبيض، ومتلازمة تكيس المبايض،[1][2] وتجدر الإشارة إلى شيوع الإصابة بهذه الاعتلالات، كما قد تصيب النساء قبل وبعد مرحلة انقطاع الدورة الشهرية، لذا من المهم معرفة أسباب وأعراض هذه الأمراض، خصوصًا الكيسات المبيضية التي تشكل معظم الحالات المرَضية التي تصيب المبيض.[3]

ما هي أكياس المبيض؟

يمكن تعريف كيس المبيض (Ovarian cyst) على أنه مشكلة شائعة تتمثل بتشكّل كيس واحد أو عدّة أكياس مملوءة بسائل على أحد المبيضين أو كليهما، إذ تُصاب 20% من النساء حول العالم بتكيس المبايض لمرة واحدة على الأقل خلال حياتهن، وتجدر الإشارة إلى أنه قد يصيب الأطفال الرُضع بنسبة انتشار قد تصل إلى 30%.[4]


توجد عدة أنواع رئيسية وشائعة لأكياس المبيض:

أكياس المبيض الوظيفية (Functional Ovarian Cysts):

هي أكياس حميدة لا يرافقها عادةً ظهور أي أعراض، لذا لا تحتاج إلى العلاج وتختفي من تلقاء ذاتها،[5] من أمثلتها الأكياس التي تظهر في المرحلة الجريبية (Follicular Cysts) ومرحلة الجسم الأصفر (Corpus Luteal Cysts) من الدورة الشهرية الطبيعية عند اختلال أحد مراحلها، فمثلًا، يظهر الكيس الجريبي بسبب اعتلال إفراز الجسم للهرمون المحفز للجريب ((FSH) Follicle-stimulating hormone) المسؤول عن تحفيز إنتاج الجريب في الرحم في الحالة الطبيعية، والذي ينفجر لاحقًا خلال مرحلة الإباضة بتحفيز من الهرمون الملوتن ((LH) Luteinizing hormone) لإطلاق البويضة الناضجة، ولكن فشل ذلك الانفجار يؤدي إلى استمرار الجريب في النمو بسبب فرط التحفيز من هرمون (FSH) أو غياب هرمون (LH)، وبالتالي تحوله إلى كيس جريبي أملس ذو جدران ناعمة على أحد المبيضين، في هذه الحالة كيس المبيض حجمه لا يتجاوز 10 سم في معظم الأحيان، وتجدر الإشارة إلى أنّه يتسبب في عدم انتظام الدورة الشهرية وغزارة الطمث بسبب إفرازه لهرمون الإستروجين.[3][4]


من الجدير بالذكر أن متلازمة المبيض متعدد الكيسات (Polycystic ovary syndrome) تنجم عن تكوّن عدة أكياس جريبية صغيرة الحجم تجعل المبيض يبدو أكبر حجمًا، كما أن تكيس المبايض والعقم ينتشر بين شريحة واسعة من النساء في سن الإنجاب.[4]

أمّا أكياس الجسم الأصفر، فيمكن أن تتشكل بعد الإباضة، إذ وبانفجار الكيس الجريبي تتحول بقاياه إلى جسم أصفر يُنتج هرمون البروجيستيرون في الحالة الطبيعية بهدف تجهيز الرحم للحمل، ومن ثم يتحلل من تلقاء ذاته، إلّا أنّ عدم تحلله يؤدي إلى تكوّن كيس الجسم الأصفر بجدران سميكة وحجم يبلغ 3 سم، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا النوع من الأكياس يشيع بين النساء الحوامل ويختفي عادةً بنهاية الثلث الأول من الحمل، وقد يصيب النساء غير الحوامل، وفي هذه الحالة فإنّ الكيس على المبيض يؤخر الدورة الشهرية ويؤثر في غزارتها.[3][4]

أكياس المبيض الورمية (Neoplastic Cysts):

تظهر هذه الأكياس نتيجة زيادة نمو خلايا المبيض، وقد تكون خبيثة أو حميدة، ومن الأمثلة على الأكياس الورمية الحميدة، الورم الغدي الكيسي المصلي (Serous cystadenomas)، إذ يجب استئصاله عندما يتجاوز حجمه 6 سم، والورم الغدي الكيسي المخاطي (Mucinous cystadenoma) الذي قد يبلغ قطره 13 سم، كما قد يصل إلى أوزان ضخمه تتراوح بين 15 -300 باوند -أي ما يعادل 68 – 136 كغ-.[3][4]

كما قد تتحول بعض أنواع أكياس المبيض الورمية الحميدة إلى أكياس ورمية خبيثة، مثل كيس ديرمويد -ورم مسخي- (Dermoid cyst) الذي تنتجه الخلايا الجرثومية (Germ cells) المسؤولة عن تكوين الجنين في المبيض، وأورام بطانة الرحم (Endometriomas) أو كيسات الشوكولاتة (Chocolate cysts) المتكونة على أنسجة بطانة الرحم التي تنمو خارجه بما يُعرَف بالانتباذ البطاني الرحمي أو بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis).[3][4]

أعراض تكيس المبايض

قد لا تتسبب تكيسات المبايض بظهور أي أعراض، ولكنها عادةً ما تترافق مع الشعور بألم أو ضغط في المنطقة السفلية من البطن، ويتميز الألم بكونه طفيفًا أو حادًا، كما قد يتذبذب بين فينةٍ وأخرى أو يستمر على وتيرة واحدة، وتجدر الإشارة إلى أنّ الشعور بألم مفاجئ يشير عادةً إلى انفجار كيس المبيض، أمّا الألم تحت الحاد (يستمر لفترة أطول من الألم الحاد) فيشير إلى وجود كيس كبير الحجم على المبيض،[6][7] أيضًا من علامات تكيس المبايض:[8][9]

  • انتفاخ البطن، والشعور بألم في الحوض، وانخفاض الوزن أو الشبع المبكر، إذ قد تدل جميعها على وجود أكياس ورمية خبيثة تحديدًا لدى النساء فوق 50 عامًا.
  • شعور بعدم الراحة أثناء الجماع.
  • التبول المتكرر.
  • الإصابة بالزحير (Tenesmus)، أو الشعور برغبة مستمرة للتبرز.
  • الإصابة بعسر الهضم والشعور بحرقة أعلى المعدة.

تجدر الإشارة إلى أنّ تكيسات المبايض قد تكون جزءًا من متلازمة تكيس المبايض، التي يصاحبها بعض الأعراض عندئذ، مثل الشعر الزائد (Hirsutism)، السمنة، حب الشباب، العقم، وندرة الطمث (Oligomenorrhea).[9]

أسباب تكيس المبايض

يمكن أن تُصاب الإناث بأكياس على المبيض في جميع المراحل العمرية، بدءًا من الرُضع حديثي الولادة وحتى النساء في سن انقطاع الطمث، إلّا أنّ معظمها يكون في مرحلة الطفولة والمراهقة، وعادةً ما تكون أكياسًا وظيفية.[10]

من أهم الأسباب وعوامل الخطر التي تؤدي للإصابة بتكيس المبايض:[10][11]

  • استخدام موانع الحمل الهرمونية، إذ تؤثر في الاتزان الهرموني للجسم.
  • الإصابة بالسمنة أو المعاناة من الوزن الزائد.
  • وجود تاريخ مرضي للإصابة بالانتباذ البطني الرحمي.
  • الإصابة بمتلازمة تكيس المبايض (PCOS).
  • التقدم في السن.
  • وجود تاريخ مرضي لإصابة أحد أفراد العائلة بأكياس على المبيض.
  • المعاناة من اعتلالات جينية، مثل متلازمة لينش (Lynch syndrome).
  • تناول بعض أنواع الأدوية، مثل كلوميفين (Clomiphene) الذي يُستخدم لعلاج العقم، وتاموكسيفين (Tamoxifen) الذي يُستخدم لعلاج سرطان الثدي.
  • تدخين السجائر.
  • كسل الغدة الدرقية (Hypothyroidism).
  • الحمل.

تشخيص تكيس المبيض

يعتمد تشخيص الطبيب لتكيسات المبايض على ما إذا كانت المريضة في مرحلة انقطاع الطمث أم لا، فإذا لم تبلغ سن انقطاع الطمث بعد، يُجرى فحص الحمل لاستبعاد وجوده، كما يجب أن يتضمن التقييم دراسة شاملة للتاريخ المرضي لإصابات سابقة بأمراض الجهاز التناسلي الأنثوي أو سبق الخضوع لعملية جراحية، بالإضافة إلى التحقق من وجود أعراض تدل على التواء المبيض، أو وجود انتباذ بطني رحمي، أو أورام خبيثة.[4][12]

أمّا الفحص الجسدي فيشمل منطقة الحوض والبطن بتحسس المبيض (Bimanual exam)، ليساعد الطبيب في تحديد موقع، وشكل، وحجم أكياس المبيض في حال وجودها، وتجدر الإشارة إلى أن وجود الاستسقاء قد يشير إلى وجود ورم خبيث.[4][13]

يُوصي الطبيب أيضًا بإجراء فحوصات التصوير الإشعاعية لتأكيد التشخيص، وتتضمن التصوير بالموجات فوق الصوتية للحوض عبر البطن، أو التصوير بالموجات فوق الصوتية عبر المهبل (سونار المهبل) من خلال إدخال مسبار يلتقط صورًا للمبيض والمنطقة المحيطة به، ومن الجدير بالذكر أنه يمكن استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير المقطعي المحوسب (CT) للتشخيص في بعض الحالات، إلا أنهما لا يستخدمان بكثرة.[6]

أمّا فحوصات الدم فتُجرى بعد تأكيد وجود الأكياس على المبيض بالتصوير الإشعاعي، وتشمل فحص مستضد السرطان 125 (Cancer antigen 125) الذي يرتفع لدى الإصابة بسرطان المبيض، إلّا أن هذا الفحص لوحده لا يؤكد الإصابة بالسرطان، إذ قد يرتفع في حالات مرَضية أخرى، كالتهابات الحوض، والبطانة المهاجرة، وألياف الرحم، إضافة إلى أمراض الكبد والكلى، وفشل القلب وغيرها، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الفحص لا يُجرى عادةً عند عدم وجود كتلة في المبيض.[6][13]

علاج تكيس المبايض

يعتمد علاج أكياس المبيض على عمر المريضة، وحجم الكيس وخصائصه، بالإضافة إلى انتظام الدورة الشهرية أو انقطاعها، إذ تختفي أكياس المبيض من تلقاء ذاتها في حال كان حجمها صغيرًا ولا تسبب أعراضًا ظاهرة لدى النساء في سن الإنجاب، وذلك خلال شهر أو شهرين دون أن يخضعن لعلاج محدد، أما النساء في سن انقطاع الطمث فيجب فحص مستوى مستضد السرطان 125 وإجراء فحص السونار باستمرار بهدف الكشف عن الأكياس فيما إذا كانت سرطانية، إذ تُترك الأكياس الحميدة لتختفي من تلقاء ذاتها، أو يمكن إزالتها جراحيًا في حال استمر نموها أو تغير شكلها.[4][6]

كما يلجأ الاختصاصيون للخيار الجراحي في عدة حالات:[4][6]

  • اشتباه الإصابة بالتواء المبيض، أو الأكياس السرطانية.
  • استمرار تسبب الكيس بالضغط أو الألم الحاد في البطن.
  • انفجار الكيس أو التواؤه.
  • الأكياس الكبيرة التي يتراوح حجمها بين 5-10 سم.

يُذكر بأنه يمكن اللجوء لموانع الحمل الهرمونية في حالات ظهور أكياس المبيض المتكرر، لكن ليس بمقدورها تقليل حجم الأكياس الموجودة سابقًا،[10] ويحرص الأطباء على إزالة كيس المبيض لدى النساء في سن الخصوبة دون الإضرار بالأنسجة السليمة في المبيض، أمّا الأكياس التي تظهر أثناء الحمل فيُوصى باستئصالها بالمنظار، تحديدًا خلال الثلث الثاني من الحمل.[4]

مضاعفات تكيس المبايض

يُعد كلٌ من النزيف والتواء المبيض أشهر المضاعفات المصاحبة لأكياس المبيض، ويمكن الكشف عن وجود التواء المبيض من خلال التصوير بالسونار، والتخطيط فوق الصوتي (دوبلر) (Doppler) الذي يكشف عن انقطاع تدفق الدم للمبيض مما يؤكد وجود الالتواء.[14]

كما تجدر الإشارة إلى أنّ انفجار كيس المبيض قد يسبب مضاعفاتٍ خطيرة تستدعي التدخل الطبي، مثل التهاب الصفاق، وانخفاض ضغط الدم، وتمدد البطن، والنزيف.[7]

أسئلة شائعة عن تكيس المبايض

من أبرز الأسئلة التي تُطرح حول تكيسات المبايض:

هل يؤثر وجود كيس على المبيض في الحمل؟

شهدت العقود السابقة زيادة معدل الكشف عن تكيسات المبايض خلال الحمل بسبب اللجوء لاستخدام الفحص بالموجات فوق الصوتية خلاله، إلّا أنّ معظم هذه الأكياس وظيفية وتختفي عند بلوغ الأسبوع 16 من الحمل، أما في حال استمرارها فإن ذلك قد يدق ناقوس الخطر بوجود ورم خبيث، خصوصًا عندما تكون الأكياس على المبيض صلبة، وذات زوائد، وجدران سميكة، أو عند تجاوز حجمها 8 سم، وقد يلجأ الأطباء في هذه الحالة لاستئصالها جراحيًا.[3]

هل يؤثر كيس المبيض على الدورة الشهرية؟

نعم، قد تؤثر بعض أنواع أكياس المبيض في الدورة الشهرية، فقد تجعلها غزيرةً، أو تتسبب في تأخر موعدها، أو عدم انتظامها، ولكن تجدر الإشارة إلى أنّ التغييرات في الدورة الشهرية أو النزيف المهبلي لا يعني دومًا الإصابة بأكياس على المبيض.[3][6]

متى يكون كيس المبيض خطيرًا؟

لا تسبب الكيس على المبيض في معظم الحالات بمضاعفات خطيرة، ويرافقه ألم طفيف مُحتمَل إلى متوسط الحدّة، ولعل أخطر المضاعفات التي قد تتطلب التدخل الطبي العاجل حدوث التواء في المبيض الذي قد يتسبب بانقطاع الدورة الدموية عنه واحتمالية خسارته لاحقًا، كما أظهرت الدراسات ارتباط التواء المبيض هذا بوجود أكياس سرطانية لدى 2% من الحالات.[4][10]

كتابة: الصيدلانية أسيل الخطيب - الإثنين ، 27 أيار 2024
تدقيق طبي: دكتور عمر الصلاحات
آخر تعديل - الأربعاء ، 03 تموز 2024

المراجع

1.
Bates, G. W., and Bowling, M. (2012). Physiology of the female reproductive axis. Periodontology 2000, 61(1), 89–102. Retrieved from https://doi.org/10.1111/j.1600-0757.2011.00409.x
2.
MedlinePlus [Internet]. Bethesda (MD): National Library of Medicine (US); [updated Jun 24; cited 2020 Jul 1]. (2016). Ovarian Disorders. Retrieved from https://medlineplus.gov/ovariandisorders.html
3.
Stany, M. P., and Hamilton, C. A. (2008). Benign Disorders of the Ovary. Obstetrics and Gynecology Clinics of North America, 35(2), 271–284. Retrieved from https://doi.org/10.1016/j.ogc.2008.03.004

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية