القلق الصحي (توهم المرض)

توهّم المرض من الاضطرابات النفسية التي تؤثر في حياة البعض نتيجة انشغالهم بهواجس وأوهام تُقنعهم بإصابتهم بمرضٍ ما، فيبدأ الشخص بتضخيم أيّ أعراضٍ طفيفة قد تظهر عليه ليتخيّل بأنه يُعاني من مرضٍ خطير قد يُودي بحياته، ما يؤثّر سلبًا على أداؤه ونشاطه المُعتَاد، يمكن للعلاج السلوكي المعرفي أن يساعد المريض على تخطّي حالة القلق الصحي التي قد يعيشها.

تُشكّل الأمراض والمشكلات الصحيّة مصدرًا مرعبًا لدى البعض خشية أن تقتحم أجسادهم وتصيبها بالعلّة وترديهم طريحي الفراش، وعلى الرغم من أنّ القلق على الصحّة والاعتناء بها حاجة مطلوبة وطبيعيّة لدى الأشخاص من جميع الفئات العمريّة، إلّا أنّ الإسراف في الاهتمام ومراقبة جميع التغيُّرات الجسديّة التي قد تكون طبيعيّة يُعدّ اضطرابًا بحدّ ذاته؛ إذ تُوصَف هذه الحالة النفسيّة بتوهُّم المرض (Hypochondria) أو اضطراب القلق الصحّي (Health anxiety disorder).

ما هو اضطراب القلق الصحي؟

يُعرّف اضطراب القلق الصحي أو توهُّم المرض على أنّه مشكلة نفسيّة تتولّد لدى البعض نتيجة قلقهم المفرِط من الإصابة بأحَد الأمراض الخطيرة، لتبدو الآلام الجسديّة الطفيفة والاعتياديّة وكأنّها مؤشّر لمرضٍ خطير، فلا ينفك المريض بالتفكير بطبيعة الأعراض وتضخيمها لتشكّل سيلًا من الشكوك التي تغزو عقله وترفع منسوب القلق لديه تجاه أيّ ألمٍ جسديّ اعتيادي، فيغدو اضطراب المعدة المُعتَاد مؤشرًا لمرضٍ خطير كالسرطان مثلًا، فينشغل المريض بصحّته أكثر ممّا ينبغي لينقلب اهتمامه لمشكلة نفسيّة بتداعيات صحيّة سلبيّة تؤرّقه وتدفعه لعيادات الأطبّاء مرارًا وتكرارًا بحثًا عن تشخيصٍ يوافق ما استقرّ في عقله من وساوس مرَضيّة.

يمكن أن يتمثّل اضطراب القلق الصحّي بثلاثة أشكال مختلفة كالانشغال الجسدي، أو القناعة بالمرض، أو الخوف من المرض، فيُشكّل كل منها حالة نفسيّة تسلب المريض قدرته على الانخراط الطبيعي في حياته الاجتماعيّة أو حتى قدرته على استكمال أعماله ونشاطاته كما ينبغي، لتصبح عائقًا يمنع المريض من الاستمتاع والإنجاز.

أسباب توهم المرض

تُعدّ أسباب توهم المرض غير واضحة تمامًا ولا يمكن تحديدها على وجه الدقّة وفقًا للأطبّاء والخبراء، لكن غالبًا ما يُشَار إلى مجموعة من العوامل على أنّها ممّا يساهم في رفع خطر الإصابة بقلق المرض لدى البعض، أبرزها:

  • ضبابيّة الفهم الكامل والصحيح لكيفيّة عمل أعضاء الجسم وما قد ينجُم عنها من ردود أفعالٍ طبيعيّة، فيُشكّل سوء الفهم هذا نقطة بداية لكثيرٍ من الوساوس التي ترافق الأعراض الجسديّة الطفيفة.
  • الإصابة السابقة بأحد الأمراض، فتتكاثر المخاوف مع الأيام بعد التعافي من المرض خشية تكرار التجربة.
  • إصابة أحد أفراد العائلة المقرّبين بالقلق الصحّي يرفع معدل انتقال هواجس المرض للآخرين في ذات العائلة.
  • التعرُّض لصدمة ما أثناء مرحلة الطفولة أو ما بعد ذلك، مثل التجاهل، أو العنف الجسدي، أو الجنسي وغيره.
  • الإصابة بأحد الأمراض النفسيّة مثل الاكتئاب، أو القلق العام، أو الذُهان، أو نوبات الهلع، أو الفُصام العقلي، أو اضطراب ثنائي القطب، أو الوسواس القهري.
  • الاطّلاع على تفاصيل مرضٍ ما عبر القراءة عنه أو مشاهدة ما يشير إليه عبر أحَد وسائل التكنولوجيا المرئيّة.
  • القابلية الجينيّة للإصابة بالمرض الذي يخشى منه المريض.

أعراض توهم المرض

يتكىء الاختصاصيين على مجموعة من الأعراض لتشخيص إصابة البعض باضطراب القلق الصحي أو توهُّم المرض، إذ يخضع المريض بدايةً لمجموعة من الفحوصات السريريّة وغيرها لتحديد سبب الشكوى لدى المريض، وفي حال استثناء أيّ مشكلة صحيّة وثبوت خلو الجسم من الأمراض، يُحَال المريض إلى الطبيب النفسي لمساعدته في تخطّي حالة القلق الصحّي لديه لاستكمال حياته طبيعيًا، من أبرز أعراض القلق المرَضي:

  • إجراء فحوصات طبيّة متعدّة لمرّاتٍ متكرّرة ومتتالية، أو ربمّا يحدث العكس لدى البعض، فيتجنّب المريض الأطبّاء أو إجراء الفحوصات الطبيّة خشية العثور على مشكلة صحيّة ما يعتقد بها داخل جسده.
  • الانشغال الذهني بالإصابة بمرضٍ ما لفترة لا تقِل عن 6 أشهر.
  • البحث المستمر عن معلومات تفصيليّة تتعلّق بمرضٍ ما.
  • الشكّ المستمر تجاه وظائف الجسم الحيويّة كالتعرُّق وغيره.
  • الحرص المفرِط والدائم خشية الإصابة بأيّ عدوى أو مرض، ما يتسبّب بتجنُّب المريض للأشخاص أو الأماكن.
  • المبالغة في تفسير وتحليل الأعراض الطفيفة العابرة أو الموسميّة، فتصبح جميع الأعراض دلالة على الإصابة بمرضٍ خطير.
  • هواجس بالإصابة بمرضٍ خطير حال المعرفة بإصابة شخص مقرّب منه أو من أصدقاؤه، أو ربمّا بمجرّد السماع باسم المرض عبر وسيلةٍ ما.
  • الاعتقاد المستمر بالإصابة بمرضٍ عضال حتى بعد ثبوت عدم صحّة ذلك بالفحوصات الطبيّة.
  • تحوُّل الهواجس المرَضية ومشاعر القلق الصحّي لحالة نفسيّة تمنع المريض من إيجاد المتعة في نشاطاته المُعتادَة.
  • بعض الأعراض الجسديّة، مثل: التشنجات العضليّة، القولون العصبي، أو الصداع، أو التعرُّق أو جفاف الفم وغيرها ممّا تستطيع مشاعر القلق المُصاحبة للقلق الصحّي التسبّب به.

علاج اضطراب القلق الصحّي

يُشكّل العلاج السلوكي المعرفي أحَد أكثر العلاجات النفسيّة الناجحة في وجه اضطراب القلق الصحّي، إذ يعتمد من خلاله الطبيب النفسي على مساعدة المريض في تنمية المهارات المعرفيّة الإيجابيّة تجاه الجسم ووظائفه، ما يمكّنه من الاستجابة الصحيحة للأعراض التي تصدر عن الجسم وأعضاؤه.

أيضًا، يساهم العلاج السلوكي المعرفي برفع الوعي لدى المريض بخطورة سيطرة الهواجس الصحيّة على تفكيره، وبانعكاساتها السلبيّة اللاحقة على السلوك والأداء وإمكانيّة تدميرها للحياة الاجتماعيّة والمهنيّة للمريض إذا ما أجاز لها تَملكه والسيطره عليه.

يمكن أن يلجأ اختصاصيي الطب النفسي أيضًا لأنواعٍ من مُضادّات الاكتئاب أو مضادّات القلق لتخفيف الأعراض المرافقة لاضطراب القلق المرَضي، غالبًا ما يتزامن تناول هذه الأدوية مع العلاج النفسي اعتمادًا على حالة المريض.

المراجع

  1. Illness anxiety disorder (hypochondria, hypochondriasis). (2021). Retrieved from Cleveland Clinic: https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/9886-illness-anxiety-disorder-hypochondria-hypochondriasis
  2. Newman T. (2017). What is hypochondria? Retrieved from Medical News Today: https://www.medicalnewstoday.com/articles/9983
  3. Hypochondria. (2020). Retrieved from Healthdirect: https://www.healthdirect.gov.au/hypochondria
  4. Cirino E. (2018). Health anxiety (hypochondria), retrieved from Healthline: https://www.healthline.com/health/health-anxiety
  5. Somatic symptom disorder. (2020). Retrieved from WebMD: https://www.webmd.com/mental-health/somatic_symptom_disorder
  6. Brennan D. (2020). Do hypochondriacs feel real symptoms? Retrieved from Medicine Net: https://www.medicinenet.com/do_hypochondriacs_feel_real_symptoms/article.htm
  7. Nelson R. (2021). Hypochondria (illness anxiety): signs, symptoms and treatment, retrieved from Khealth: https://khealth.com/learn/anxiety/hypochondria/

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري نفسي أونلاين عبر طبكان
احجز