اضطرابات الشخصية: أنواعها وأهم طرق العلاج

تنجُم الاضطرابات الشخصية عن مجموعة من العوامل والأحداث التي قد يتعرّض لها البعض خلال الطفولة أو أحد مراحل الحياة المختلفة، فتنعكس آثارها السلبية على سلوك الشخص وأفكاره ما يتطلّب أحيانًا اللجوء للطبيب النفسي بغرض إيجاد العلاج الأنسب الذي قد يتراوح بين الدوائي أو العلاجات السلوكية وغيرها.

يُعدّ السلوك وطريقة التفكير طابعًا شخصيًّا ينفرد به كل شخصٍ عن الآخر، فتتشكّل الشخصيّة وفقًا لِمَا يمرّ به الشخص من خبرات مدفوعًا بالبيئة والمحيط الذي يتواجد فيه، إلى جانب العوامل الوراثيّة التي تلعب دورًا في تكوين بصمة خاصّة للفرد بسلوكه الشخصي وطريقة تفكيره التي تتأثّر بالمواقف والأحداث.

يحدث أحيانًا أن يتعرّض البعض لعوامل معيّنة تؤثّر على طريقته في التفكير وسلوكه خلال مرحلة عمريّة مبكّرة، فتبدو أفعاله وأفكاره مختلفة عن ثقافة الوسط الذي يقطن فيه، ما يؤثّر سلبًا على علاقاته الاجتماعيّة بمن حوله ويخلق واقعًا جديدًا حول المريض يمتلىء بالصعوبات والعقبات التي تحُدّ من قدرته على إنجاز مهامه سواءً في العمل أو الدراسة وكافّة المجالات الحياتيّة الأُخرى، ما من شأنه أن يتسبّب بمشاكل نفسيّة تتفاقم شيئًا فشيئًا لتستدعي العلاج بإشراف اختصاصيين في الشأن النفسي، وتُعرَف هذه الحالة باسم اضطرابات الشخصيّة (Personality disorders).

أنواع اضطرابات الشخصية

تُصنّف الاضطرابات الشخصية إلى أنواع مختلفة:

  • اضطراب الشخصيّة المعادية للمجتمع (Antisocial):

يتّصف الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع بالعدائيّة تجاه الآخرين واتّباعهم لسلوكات خارجة عن المألوف تأخذ طابعًا سلبيًّا، إضافة إلى احتماليّة اعتمادهم على أساليب لا أخلاقيّة للحصول على ما يرغبون به كالكذب والغشّ والخداع.

  • اضطراب الشخصية الحدّية (Borderline):

هو نمط اضطرابي يؤثّر في مزاج الشخص وطريقة تعبيره عن مشاعره، تتّسم سلوكيات الشخص بالاندفاعيّة المتهورة أحيانًا وتضعُف ثقته بنفسه وتهتزّ، إضافة إلى ذلك يتملّكه الشعور بالوحدة والفراغ الداخلي حتى بوجود العائلة والأصدقاء من حوله.

  • اضطراب الشخصية الاعتمادية (Dependent):

يعاني الأشخاص المُصابين بهذا النوع من اضطرابات الشخصية من فقدان القدرة على الاعتماد الذاتي باتخاذ القرارات والحاجة الدائمة للحصول على العناية والاهتمام من الآخرين.

  • اضطراب الشخصية الوسواسيّة (Obsessive-compulsive):

يبحث الأشخاص من ذوي اضطراب الشخصيّة الوسواسيّة عن الكمال والدقّة المتناهيّة لدى أدائهم أعمالهم اليوميّة، ما يؤثّر سلبًا في علاقاتهم الاجتماعيّة نتيجة تركيزهم المُفرِط صَوب مشاريعهم والانشغال الدائم بإتمامها.

  • اضطراب الشخصية الاجتنابية (Avoidant):

يميل الأشخاص في ظل فئة اضطراب الشخصيّة الاجتنابيّة إلى تجنُّب الانخراط بالنشاطات المختلفة التي تُعقَد؛ خوفًا من التعرُّض للنقد الذي لا يحتمله الشخص غالبًا، تشمل أيضًا السّمات المرافقة لهذا الاضطراب كل من الخجل الشديد، والشعور بالنقص وانعدام الجاذبية الشخصيّة.

  • اضطراب الشخصية المرتابة (Paranoid):

يشعر الأشخاص المُصابون بهذا الاضطراب بالشك والارتياب تجاه الآخرين، فتتولّد لديهم مجموعة من الأفكار السلبيّة تجاه دوافع الآخرين نحوهم ما يحُدّ من قدرتهم على تكوين علاقات اجتماعيّة وثيقة.

  • اضطراب الشخصية شبه الفصامي (Schizoid):

يتّصف الأشخاص في دائرة الاضطراب شبه الفصامي باللامبالاة تجاه النقد أو المدح، إضافة إلى عدم رغبتهم في تكوين علاقات اجتماعيّة والمَيل إلى العزلة.

  • اضطراب الشخصية الفصامي النمطي (Schizotypal):

يعاني مرضى الشخصية الفصاميّة النمطيّة من سلوكيات نابعة عن أفكار ومعتقدات غريبة يؤمنون بها وقد يحاولون من خلالها التأثير في الآخرين، يميل الأشخاص المُصابين باضطراب الشخصية الفُصامية النمطية إلى عدم تكوين علاقات شخصيّة متينة مع الآخرين.

  • اضطراب الشخصية الهستيرية (Histrionic):

يسعى الأشخاص المُصابين باضطراب الشخصية الهستيريّة إلى جذب الاهتمام المتواصل من خلال التعبير العاطفي المُفرِط.

  • اضطراب الشخصية النرجسية (Narcissistic):

تنتاب الأشخاص المُصابين باضطراب الشخصيّة النرجسيّة مشاعر عارمة من الإحساس بالتفوُّق على الآخرين والمَيل إلى التباهي بذلك، غالبًا ما يفتقد هؤلاء الأشخاص لمشاعر الود مع الآخرين فيتصدّر لديهم حب الذات المفرط.

أسباب اضطراب الشخصية

لم يتمكّن الاختصاصيين حتى الآن من تحديد الأسباب الدقيقة وراء الإصابة باضطرابات الشخصيّة بأنواعها، إنمّا وفيما يتوافر من أبحاثٍ ودراسات فقد استخلص الدارسون بأنّ حفنة من العوامل الجينيّة والبيئيّة تستطيع التأثير في أركان الشخصيّة لتزعزعها مسبّبةً اضطرابات تتطلّب العلاج بغية التخلُّص منها.

يشير كثيرٌ من الاختصاصيين إلى أنّ المواقف والأحداث السلبيّة التي قد يتعرّض لها البعض أثناء مرحلة الطفولة قد تلعب دورًا كبيرًا في رفع القابليّة للإصابة بأحَد أنواع اضطرابات الشخصيّة، كأن يكون الطفل موضعًا للتجاهل المستمر أو يفقد أحَد والديه، أو يتعرّض لعنفٍ جسديّ، أو اعتداءٍ جنسيّ وغير ذلك من المواقف والأحداث التي تُربك الشخصيّة وتمسّ أركانها في مرحلة عمريّة مبكّرة، ما يعيق إعادة انتظامها بسهولة وطبيعيّة لاحقًا.

أعراض اضطراب الشخصية

يمكن أن تبدأ علامات ودلائل اضطرابات الشخصيّة بالظهور جليًّا ومبكرًا أثناء مرحلة البلوغ، لتستمر خلالها وتخبو لاحقًا في منتصف العمر.

تختلف الأعراض المصاحبة لاضطرابات الشخصيّة اعتمادًا على نوع الاضطراب، ففي حين تتراوح الأعراض بين تشوُّش التفكير والسلوكات الاندفاعيّة ومشاكل التعبير عن الذات وغيرها، قد تترافق بعض أنواع اضطرابات الشخصيّة مع أمراضٍ نفسيّة أُخرى كالاكتئاب والقلق وتتخطّاها ليصِل البعض حدّ الإدمان على المواد المخدّرة.

علاج اضطرابات الشخصية

تخضع حالات اضطراب الشخصيّة لأنواعٍ مختلفة من العلاجات التي يختارها الأطبّاء النفسيين بعناية اعتمادًا على التشخيص الذي تنفرد به كل حالة عن الأُخرى، ويشمل علاج حالات اضطراب الشخصية على علاج واحد أو مجموعة من العلاجات:

  • العلاج الدوائي:

يختار بعض الاختصاصيين أنواعًا من الأدوية لعلاج الأعراض المصاحبة لأنواع اضطرابات الشخصيّة التي قد يعاني منها البعض، وغالبًا ما تشمل مضادّات الذُهان، أو مضادات القلق والاكتئاب وغيرهم.

  • العلاج النفسي:

يساهم العلاج النفسي مُمثَّلًا بالجلسات التي يعقدها الطبيب النفسي مع مريضه برفع قدرة المريض على السيطرة على اضطرابات الشخصيّة التي يعاني منها، والتي تؤثّر سلبًا على أداؤه اليومي وإنجازه لأعماله ومهامه.

تتخلّل جلسات العلاج النفسي حديثًا صريحًا بين المريض وطبيبه النفسي يستمع من خلالها الاختصاصي لِما يدور في خَلجات المريض من أفكارٍ ومعتقدات تؤثّر في شخصيّته، وذلك في محاولة للسيطرة على الأعراض ومساعدة المريض في استعادة توازنه الداخلي والتحكُّم في انفعالاته وعلاقاته مع محيطه الذي يعيش فيه.

يشمل العلاج النفسي أنواعًا مختلفة يجري اختيارها بناءً على الحالة المرَضية، منها:

  • العلاج السلوكي المعرفي؛ إذ يعتمد على تعليم المريض مهاراتٍ معرفيّة تعوّض أفكاره السلبيّة، لتتمثّل بسلوكيّات إيجابيّة تتماشى مع المتغيّرات اليوميّة التي قد يتعرّض لها أي شخص.
  • العلاج السلوكي الجَدَلي الذي يعتمد على تعلّم كيفيّة تحمُّل الضغط النفسي والتوتر المُصاحب لمواقف الحياة الاعتياديّة، والسيطرة على المشاعر، وتنميّة مهارات بناء العلاقات الاجتماعيّة من خلال جلسات فرديّة أو جماعيّة.
  • العلاج التحليلي المعرفي: يمزج هذا النوع من العلاجات النفسيّة بين الطرق العمليّة للعلاج السلوكي المعرفي وبناء أواصر الثقة بين المريض وطبيبه النفسي، ليستطيع مساعدته بفعاليّة أعلى وتحسين قدرته على التعامل مع المشاكل والمواقف المختلفة.
  • العلاج القائم على اليقظة الذهنيّة: يعتمد هذا النوع من العلاجات النفسيّة على تمكين الأشخاص من تقييم أفكارهم تجاه أنفسهم والآخرين، إضافة إلى تحسين قدرتهم على تفهُّم حالتهم النفسيّة وذلك من خلال جلسات يعقدها الاختصاصي مع مريضه لفتراتٍ طويلة المدى.

المراجع

  1. Personality disorder. (n.d.). Retrieved from Mental Health America: https://mhanational.org/conditions/personality-disorder
  2. Carey E. (2021). Personality disorder, retrieved from Healthline: https://www.healthline.com/health/personality-disorders
  3. Personality disorders. (2020). Retrieved from NHS: https://www.nhs.uk/mental-health/conditions/personality-disorder/
  4. Personality disorders. (2020). Retrieved from Mind: https://www.mind.org.uk/information-support/types-of-mental-health-problems/personality-disorders/treatment/
  5. What are personality disorders? (2018). Retrieved from American Psychiatric Association: https://www.psychiatry.org/patients-families/personality-disorders/what-are-personality-disorders
  6. Personality disorders. (2016). Retrieved from Mayo Clinic: https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/personality-disorders/symptoms-causes/syc-20354463

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري نفسي أونلاين عبر طبكان
احجز