الشاي الأخضر، القهوة وبعض أمراض القلب والأوعية الدموية، ما العلاقة بينهم؟! وهلي هي مُثبتة علميًا؟

في دراسة طويلة المدى، أجراها مجموعة من الباحثين اليابانيين سُلِطَت الإضاءة على تأثير شُرب كُل من الشاي الأخضر والقهوة ومدى ارتباطهما بكُل من السكتة الدماغيّة واحتشاء عضلة القلب، ضمّت الدراسة 46213 مُشتركًا

في دراسة طويلة المدى، أجراها مجموعة من الباحثين اليابانيين سُلِطَت الإضاءة على تأثير شُرب كُل من الشاي الأخضر والقهوة ومدى ارتباطهما بكُل من السكتة الدماغيّة واحتشاء عضلة القلب، ضمّت الدراسة 46213 مُشتركًا من الإناث والذكور تراوحت أعمارهم بين 40 إلى 79 عام، خضعوا للمُتابعة لفترة بَلَغ متوسطها 18.5 عام، وبحسب الباحثين فإنّ هذه الدراسة تُعدّ الأُولى من نوعها؛ فهي استهدفت معرفة العلاقة بين شُرب الشاي الأخضر والقهوة لدى الناجين من السكتات الدماغيّة، إلى جانب بحثها في علاقة شرب الشاي الأخضر والوفيات بين الناجين من حالات احتشاء عضلة القلب، وقد ساعد في ذلك اعتمادها على عيّنة كبيرة من المُشتركين، لكن للدراسة جوانب قُصور كان أبرزها عدم بحثها في آليّة تأثير كُل من الشاي الأخضر أو القهوة داخل الجسم، إنمّا بُنيَت النتائج على مُلاحظات دُوِّنَت من المُشتركين أنفسهم، ما يُحتّم ضرورة اتْبَاع مثل هذه الدراسة بأبحاث وتجارب تنفي أو تؤكِّد ما تمّ التوصُّل إليه وتشرح الأسباب وراء ذلك.

هل للشاي الأخضر أو القهوة تأثير على بعض مرضى القلب؟

أشارت النتائج بعد تحليلها إلى أنّ شُرب الشاي الأخضر كان ذو تأثيرٍ إيجابيّ على المرضى الذين سبق وأن تعرَّضوا لأحد أمراض القلب الوعائيّة Cardiovascular diseases ؛ إذ لاحظ الباحثون بأنّ خطر التعرُّض لجميع مُسبّبات الوفاة لدى الأشخاص الناجين من السكتات الدماغيّة انخفض بما نسبته 60% بين أولئك الذين شربوا ما يُعادل 7 أكواب أو أكثر من الشاي الأخضر مُقارنةً مع الأشخاص الذين كان معدل استهلاكهم منه قليلًا جدًا، وقد خَلُصَت الدراسة إلى أنّ زيادة استهلاك الشاي الأخضر كان مرتبطًا مع انخفاض مُسبّبات الوفاة لدى النّاجين من السكتات الدماغيّة أو من حالات احتشاء عضلة القلب، لكنّه بِلا تأثير على أولئك الذين لم يسبق لهم الإصابة بأيّ من هاتين المُشكلتين.

أمّا المشروب الثاني الذي استهدفته الدراسة فقد كان القهوة، إذ توصَل الباحثون إلى أنّ شُرب القهوة قد يُقلّل من خطر التعرُّض لجميع مُسبّبات الوفاة لدى الأشخاص الذين سبَق وأن شُخِّصوا باحتشاء عضلة القلب، أو قد يكون ذو فائدة لدى أولئك الذين لا يُعانون من الأمراض التي ركّزت عليها الدراسة (السكتة الدماغيّة أو احتشاء عضلة القلب)، إلّا أنّ القهوة لا تزال تحتاج لمزيدٍ من البحث والتقصِّي للتحقُّق من قدرتها على تحقيق آثار إيجابيّة لدى مرضى القلب.

ما سبب التأثير الإيجابي للشاي الأخضر على صحّة القلب؟

يعود سبب تأثير الشاي الأخضر تحديدًا على صحّة القلب إلى احتواؤه على مركب يُدعَى Epigallocatechin-3-gallate (EGCG)، الذي ينتمي إلى "عديدة الفينولات" Polyphenolic ويُعدّ أهّم وأبرز الكاتشينات Catechins التي يحويها الشاي الأخضر؛ إذ تمتلك تأثيرًا مُضادًّا للأكسدة يُكسِبها القدرة على أداء العديد من المَهام ذات المنافع الصحيّة للجسم بشكلٍ عام.

أيضًا، أشارت بعض النتائج التي تمخّضت عن تجارب أُجريت على الفئران فقط، بأنّ مُركّب EGCG الموجود في الشاي الأخضر كان ذو تأثير وقائيّ للأعصاب بمواجهة التلف الناجم عن السكتة الدماغيّة الإفقاريّة في الحالات الحادّة منها، إلى جانب قدرته على تعزيز تكوُّن الخلايا العصبيّة على المدى البعيد بعد تخطّي السكتة الدماغيّة، هذه المُعطيات حدَت بالباحثين القائمين على الدراسة إلى أن يخرجوا بنتائج تُشير إلى أنّ شُرب الشاي الأخضر يمكن أن يُساهم في تحسين فُرص التعافي واستعادة الأعضاء أو الأنسجة المُتضرّرة لقدرتها على العمل من جديد لدى المرضى الناجين من السكتات الدماغيّة، إلى جانب قدرته في المساعدة على تحسُّن حالة المريض.

يساعد المركّب الرئيسي (EGCG) الذي يحويه الشاي الأخضر على تعزيز صحّة القلب والأوعية الدمويّة من خلال المُساهمة في كُل من الآتية:

  • التخفيف من حالات تصلُّب الشرايين؛ إذ تِبعًا لأحد الدراسات فإنّ مركّب (EGCG) قد يحمي من الإصابة بتصلُّب الشرايين الناجم عن البروتين الشحمي منخفض الكثافة المؤكسَد (ox-LDL).
  • تحسين حالات الإصابة بنقص التروية الدمويّة.
  • تحسين قدرة بِطانة الأوعية الدمويّة على أدائها لوظائفها.
  • تخفيف الاستجابة الالتهابيّة للجسم نظرًا للتأثير المُضاد للالتهاب الذي يملكه.

هل للقهوة تأثير إيجابي على صحّة القلب؟ وهل هو مُثبَت علميًا!

اختبر الباحثون في ذات الدراسة تأثير شُرب القهوة على صحّة المرضى النّاجين من السكتات الدماغيّة ومعدلات الوفاة بينهم، وعلى الرغم من أنّ بعض الدراسات السابقة كانت قد أشارت إلى فوائد القهوة المُتعدّدة على الجسم، إلّا أنّ بعضها الآخر كان قد وقف عند تأثيرها السلبي لدى النّاجين من السكتات الدماغيّة؛ فهي قد تتسبّب في رفع مستوى ضغط الدم خصوصًا في حال شُربها يوميًا ولفتراتٍ طويلة لدى هؤلاء المرضى، أمّا عن هذه الدراسة فقد أوصَت بمزيدٍ من التجارب والأبحاث التي تستهدف علاقة القهوة مع الوفيات بين النّاجين من السكتات الدماغيّة؛ فهي اعتمدت بشكلٍ أساسيّ في حصولها على بيانات المُشتركين على استبانات وُزِّعت عليهم ليملؤوها بأنفسهم خلال فترة طويلة قد تنطوي على العديد من التغيُّرات التي من الممكن أن تكون قد طرأت على عادات المُشتركين في شُرب القهوة أو الشاي الأخضر والتي لم تُؤخذ بعين الاعتبار، ما يُعدّ قُصورًا في الدراسة سجّله الباحثون في ورقتهم العلميّة المنشورة.

لِذا فإنّ خلاصة الدراسة ذكرت بأنّه من الممكن أن يكون للقهوةِ تأثيرًا إيجابيًا على الأشخاص الذين لم يسبق لهم أن أُصيبوا سواءً بسكتاتٍ دماغيّة أو باحتشاء عضلة القلب؛ إذ من الممكن أن تُوفِّر لهم وقاية من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة، لكنّ مثل هذه التوصيات بحاجة لمزيدٍ من الأبحاث والتجارب لتوكيدها بعد دراستها بعُمق وفهم آليّة تعامل الجسم وردود فعله مع القهوة ومكوّناتها.

هل للقهوة تأثيرٌ على الصحة بشكلٍ عام؟

تتباين نتائج بعض البحوث بين الماضي والحاضر بسبب اتّساع الدائرة التي تُغطّيها أيّ من هذه الدراسات واعتمادها على عوامل أكثر شُموليّة تؤثِّر على موضوع البحث، وربمّا تقنيات أُخرى أكثر حداثة ودقّة، القهوة كانت أحد المشروبات التي غالبًا ما أُشيرَ إلى انعكاساتها السلبيّة على صحّة الجسم، إلّا أنّ عددًا من الدراسات اللاحقة انكبَّت على تقييم الأثر الصحّي الإيجابي للقهوة، وقد أسفرت عن نتائج ذات أبعاد صحيّة جديدة تُشير إلى إمكانيّة أن تكون القهوة مشروبًا يُقدّم حماية للجسم من مجموعة من الأمراض، مثل: أمراض الكبد، السكري من النوع الثاني، الباركنسون أو الرُعاش، النوبات القلبيّة والسكتات الدماغيّة، إلّا أنّ ذلك لا يُغيِّر من حقيقة غِنى القهوة بالكافيين ما يجعلها سببًا في بعض المخاطر الأُخرى التي تستوجب الحذر عند استخدامها خصوصًا لدى النساء الحوامل أو المُرضعات أو حتى اللواتي يُخطّطن للحمل، أيضًا قد تؤدّي القهوة إلى ارتفاعٍ مؤقت في ضغط الدم، أو ربمّا تتسبّب في ارتفاعٍ طفيف في مستويات الكولِستيرول إذا ما تمّ تناولها بإفراط بعد غَليها ودون تصفيتها.

المراجع

  1. Teramoto M, et al. 2021. Green tea and coffee consumption and all-cause mortality among persons with and without stroke or myocardial infraction. Stroke. Retrieved from https://www.ahajournals.org/doi/pdf/10.1161/STROKEAHA.120.032273
  2. Nagle D, Ferreira D. and Zhou Y. 2006. Epigallocatechin-3-gallate (EGCG): chemical and biomedical perspectives. Phytochemistry. 67(17): 1849-1855. Retrieved from https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/16876833/
  3. Yin J, et al. 2016. EGCG attenuates atherosclerosis through the Jagged-1/Notch pathway. Int J Mol Med. 37(2): 398-406. Retrieved from https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/26648562/
  4. Wang T, et al. 2017. (−)-Epigallocatechin Gallate Targets Notch to Attenuate the Inflammatory Response in the Immediate Early Stage in Human Macrophages. Front Immunol. 8: 433. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5385462/
  5. Hensrud D. 2020. Nutrition and healthy eating. Retrieved from https://www.mayoclinic.org/healthy-lifestyle/nutrition-and-healthy-eating/expert-answers/coffee-and-health/faq-20058339

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري تغذية وحمية أونلاين عبر طبكان
احجز