مرض السل، أعراضه وعلاجه

على الرغم من الإجراءات والعلاجات التي طُوّرت للسيطرة على مرض السُل إلّا أنّه ما زال يحتّل مراكز مُتقدّمة في قوائم منظمة الصحّة العالميّة كواحد من أكثر مُسبّبات الوفاة حول العالم، وهو عبارة عن مرض مُعدي يُصيب الجهاز التنفُسي بشكلٍ خاص نتيجة استيطان أحَد أنواع البكتيريا المُسمّاة بالمُتفطّرة السُليّة للرئتين، إلّا أنّها قد تنتقل بعد ذلك إلى أجزاء وأعضاء أُخرى من الجسم ممّا يرفع معدل الخطر على صحة الشخص المُصاب.

طُوّرت العديد من المُضادّات الحيويّة التي تستهدف البكتيريا المُسبّبة لمرض السُل، وقد أبلَت حسنًا في مكافحة المرض والقضاء عليه، على أن يلتزم المريض بتناول الأدوية على فترات زمنيّة لا تقِل عن 6 أشهر أو حسب ما يصِفه الاختصاصي.

أسبابه وطرق انتقاله

تتسبّب البكتيريا المعروفة باسم المُتفطّرة السُليّة Mycobacterium tuberculosis بالإصابة بمرض السُل،وهي تنتقل من الشخص المُصاب للسليم من خلال انتشارها عبر جزيئات الهواء الملوّثة بعُطاس أو سُعال الشخص المُصاب، ويمكن لأي شخص سليم أن يلتقط العدوى بمرض السُل عبر التعرُّض لهذه المؤثرات لفترات طويلة، فمثلًا ترتفع نِسَب الإصابة بمرض السُل عند الاحتكاك عن قُرب مع المرضى بصورة مُكرّرة نتيجة مكوثهم في مكانٍ واحد أثناء العمل أو في المنزل.

قد يكون مرض السُل لدى البعض خاملًا بحيث لا تظهر أعراضه قبل فترة طويلة من الزمن، أو قد يكون نشِطًا لدى البعض الآخر ما يُسبّب ظهور بعض الأعراض المُزعجة التي تستدعي أخذ العلاج المُناسب، لكنّ مجموعة من العوامل قد ترفع من معدل الإصابة بمرض السُل النشِط حال تعرُّض أصحابها لها، منها:

  • الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري HIV، الذي يجعل جهاز المناعة ضعيفًا ما يُصعّب مهمّته في مقاومة البكتيريا المُسبّبة للسُل.
  • الإصابة ببعض الأمراض المُزمنة، مثل: مرض السكري أو مرض الكُلى.
  • بعض أنواع السرطان.
  • تدخين السجائر.
  • سوء التغذية.
  • الخضوع لعملية زراعة عضو معيّن.
  • الخضوع للعلاج الكيميائي لدى مرضى السرطان.
  • الخضوع لبعض أنواع العلاجات التي تستهدف بعض أمراض المناعة الذاتية، مثل: التهاب المفاصل الروماتيدي ومرض كرون.

الأعراض

قد يلتقط بعض الأشخاص البكتيريا المُسبّبة للسُل دون أن تظهر عليهم أي أعراض تدُل على إصابتهم، إذ تحتضن أجسامهم المرض بالوضع الخامل لفترات طويلة قد تصِل أحيانًا لأشهر عديدة وربمّا لسنين، وفي الحالات التي تبدأ الأعراض معها بالظهور فإنّ مرض السُل يكون قد تحوّل للوضع النشِط داخل الجسم خصوصًا في الجهاز التنفسي، لكنّه قد يجتاح أجهزة وأعضاء أُخرى داخل الجسم (نخاع العظم، الكُلى والدماغ) مُسبّبًا أعراضًا مختلفة ترتبط بالعضو المُصاب بحيث تظهر بعض العلامات التي تُشير إلى الإصابة، منها:

  • السُعال المصحوب بالدم أو البلغم.
  • ألَم مع السُعال أو مع التنفُّس.
  • السُعال لفترة تُجاوز الثلاثة الأسابيع.
  • الحمّى.
  • التعرُّق الليلي.
  • فقدان الشهيّة للطعام.
  • الشعور بالإجهاد والإرهاق بدون سبب واضح.
  • انخفاض الوزن.

التشخيص

يمكن تشخيص الإصابة بمرض السُل عبر الخضوع لسلسلة من الفحوصات، مثل:

  • اختبار المُشتق البروتيني المُنقّى PPD؛ وهو أحَد فحوصات الجلد التي قد تكشف عن الإصابة بمرض السُل لكن بشكلٍ غير دقيق.
  • فحوصات الدم.
  • تصوير منطقة الصدر بالأشعة السينيّة : يُجرى هذا الفحص في حال كان كل من فحص الجلد وفحص الدم إيجابيًا، إذ يتّم الكشف عن وجود أي نقاط صغيرة في الرئتين عبر الصور الإشعاعيّة الظاهرة.
  • فحوصات للكشف عن البكتيريا عبر تحليل البلغم والمُخاط المأخوذين من داخل الرئتين.

في حال عدم نجاعة أي من الفحوصات السابقة في التحقُّق من الإصابة بمرض السُل سواءً كان خاملًا أو نشِطًا، فإنّ سلسلة أُخرى من الفحوصات الأدّق تُستكمل في سبيبل الوصول لنتائج مُحقّقة، مثل:

  • تصوير الصدر بالأشعة المقطعيّة المحوسبة CT-scan.
  • تنظير القصبات.
  • خزعة من الرئتين.

العلاج

يلجأ اختصاصيي الأمراض الصدريّة إلى وصف المُضادات الحيويّة لعلاج مرضاهم ممّن يُعانون من مرض السُل، ويختلف نوع المُضاد الحيوي وفترة استعماله تِبعًا لنوع مرض السُل (خامل أم نشيط) وعلى الوضع الصحّي العالم للمريض وعمره، مثلًا في حال كان مرض السُل خاملًا فيكفي استعمال نوع من واحد من المُضادات الحيويّة، بينما يحتاج المريض أكثر من نوع في حال كان السُل نشِطًا، غالبًا يبدأ المريض بالشعور بالتحسُّن بعد ما يُقارب الأُسبوعين من بدء العلاج، إلّا أنّ شفاء المريض من مرض السُل يتطلّب التزامه بتناول المُضادات الحيويّة الموصوفة لفترة لا تقِل عن 6 أشهر، أو ربما تزيد عن ذلك حسب ما يُقرّره الاختصاصي.

تجدُر الإشارة إلى أنّه على المريض إكمال تناول المُضادّات الحيويّة ضمن الفترة المُحدّدة دون تقصيرٍ أو إهمال حتى بعد الشعور بتحسُّن؛ لتجنُّب تحوُّل البكتيريا لتصبح مُقاومة للمُضاد الحيوي ما يجعل التخلُّص منها أمرًا أصعب، خصوصًا لدى اُولئك المُصابين بأمراضٍ أُخرى تُخفّض من مستوى المناعة لديهم مثل فيروس نقص المناعة البشري HIV، بالتالي فإنّه قد يتّم إخضاع المريض للرقابة العلاجيّة أثناء فترة تناول المُضاد الحيوي؛ للتحقُّق من إكماله للدواء.

نظرًا لطول فترة تناول الدواء، فإنّ مجموعة من المُضاعفات قد تؤثّر على الكبد في بعض الحالات، ما يؤدي إلى ظهور بعض الآثار الجانبيّة التي يجب أن يعيها المريض ويُعلِم طبيبه بها حال الشعور بها، منها: اصفرار وشحوب الجلد (اليرقان)، الحمّى، تحوُّل لون البول ليُصبح داكنًا، الاستفراغ والإسهال.

#مرض السُل #اختصاصيي الأمراض الصدريّة #السُعال