الكمامات: خط الدفاع الأول بوجه فيروس كورونا المُستجَد ونوع جديد منها مُعدّل كيميائيًا

في خِضّم موجة وباء كوفيد-19 التي أغارت مرّةً أُخرى على دولٍ شتّى في أنحاء العالم، باتت الحُلول الوحيدة المُتوافرة في مُتناول الجميع تتمثّل بالتزام ارتداء الكِمامات مع الحِرص على التباعد الجسدي عن الأشخاص

في خِضّم موجة وباء كوفيد-19 التي أغارت مرّةً أُخرى على دولٍ شتّى في أنحاء العالم، باتت الحُلول الوحيدة المُتوافرة في مُتناول الجميع تتمثّل بالتزام ارتداء الكِمامات مع الحِرص على التباعد الجسدي عن الأشخاص المُحيطين خصوصًا في الأماكن العامّة، وإرفاق كُل ما سَبَق بالتعقيم المُتواصل تحديدًا بعد لَمس الأشياء لتجنُّب انتقال الفيروس الذي قد يكون عالقًا على الأسطحِ بمختلف أنواعها، وعلى الرغم من أنّ العديد من الخُبراء والاختصاصيين والمنظّمات كانت قد أوصَت بعدم ارتداء الكِمامة في بداية الجائحة، إلّا أنّه وفي ظل الانتشار الفيروسي الكثيف تراجع الكثير من هذه الجهات عن تلك التوصيات، إذ بات ضروريًا التقيُّد بالكِمامة في محاولة لمنع انتشار فيروس كورونا المُستجَد قدر المُستطاع.

مؤخرًا، استحدثت جُّل دول العالم قوانين طارئة جديدة فرضت من خلالها على مواطنيها ارتداء الكِمامات تحديدًا في الأماكن العامّة والتجمُّعات؛ وقد أثبتت بعض الدراسات مدى نجاح الكِمامات بحماية الشخص نفسه من العدوى وأيضًا منع انتشارها لِمَن هُم حوله في حال إصابته، بالتالي هي تُوفّر حماية مُزدوجة تزيد من حجم المسؤوليّة المُلقاة على عاتق كُل الأفراد وترفع من شعورهم بضرورة أداء واجبهم المُجتمعيّ والحِرص على ارتداء الكِمامة بالشكل الصحيح، فهي حاليًا بعد الإتكّال على الله والإيمان بقضائه وقدَرِه خط الدفاع الأول عن صحّتنا.

لماذا الكِمامات؟

شدّدت السلطات المحليّة في معظم دول العالم إجراءاتها القاضيّة بضرورة فرض ارتداء الكِمامات على المواطنين في أماكن العمل أو الأماكن العامّة حيث التجمُّعات، وبالطبع قُوبِل هذا الإجراء لدى العديدين بشيٍءٍ من الاستهتار وعدم التصديق والتساؤل عن الوظيفة الفِعليّة التي قد تلعبها الكِمامة في الحدّ من انتشار فيروس كورونا المُستجَد SARS-CoV-2 وحماية الأشخاص أنفسهم ومَن هُم حَولهم ومدى نجاحها في تحقيق ذلك.

تنتقل الأمراض التنفسيّة المُعديّة من خلال وُصول رذاذ أو قطرات سائلة مُحمّلة بالمُمرِضات أو الجراثيم مثل الفيروسات من الشخص المريض (المصدر) لآخر سليم بواسطة العُطاس أو السُعال أو حتى أثناء التحدُّث، ويُعزَى سبب ذلك إلى أنّ العُطاس والسعال هُما ردود أفعال (زفير) قويّة أو عنيفة تتضمّن اندفاعًا للرذاذ من الأنف أو الفم يُرافقهما تجزئة ديناميكيّة معقّدة لجزيئات السائل هذه مصحوبةً ببخُار الماء ما يزيد من معدل انتشارها، يُمكن لهذا الرذاذ أن يبتعد عن المصدر نتيجةً لهذا الدَفع القويّ لِمَا يُقارب 4 إلى 6 أمتار بسرعة تُقارب 10 إلى 20 جزء من الثانية، وبأحجامٍ مختلفة تتراوح بين الصغيرة جدًا تُقاس بالميكرومتر إلى الكبيرة التي تُقاس بالملليمتر، مع إمكانيّة أن تبقى بعض الجُزيئات مُعلّقة في الهواء لبعض الوقت خصوصًا بعد تبخُّر جزء من محتوياتها، وهو ما قد يرفع من معدّل انتشار الفيروس سواءً عبر لَمس الأشياء التي استقرّت الجزيئات المُحمّلة بالفيروس عليها أو باستنشاق جزيئات الهواء المُلوّثة به.

للأسباب السابقة الذِكر فُرِضَت الكِمامات في العديد من الدُول للحدّ من انتشار فيروس كورونا المُستجَد وتجنُّب التقاطه من الهواء أثناء التنفُّس.

أنواع الكِمامات

بِتنا نرى الوجوه من حولنا تتشّح بالعديد من أنواع الكِمامات وأقنعة الوجه، منها ما يحتوي على "فلتر" لترشيح الهواء المُستَنشَق وتصفيته قدر المُستطاع من الجراثيم كالفيروسات، وقد صُنّفَت أقنعة الوجه مثل N95 كأفضل أنواع الكِمامات التي تستطيع حماية مُرتديها من التقاط الفيروس في حال الالتزام بارتدائها.

أمّا الكِمامات الجِراحيّة أو الطبيّة فهي -إلى حدٍ ما- أقل كفاءة في إيقاف انسياب بعض الجُزيئات أو القطرات مُتناهيّة الصِغَر عبر الكِمامة لمُرتديها، بينما تستطيع حَبس القطرات أو الجُزيئات الخارجة بكفاءة ومنعها من تجاوز أنسجة الكِمامة، بالتالي فهي على الأقل تحمي المُحيطين من انتقال العدوى لهُم في حالة إصابة الشخص، وقد سبَق وأن خرجت العديد من الدراسات والأبحاث التي تؤكّد الأداء الجيّد لبعض أنواع الكِمامات الموجودة في الأسواق -خصوصًا تلك التي تتكوّن من أنسجة وألياف بكثافة عالية- ودورها في المُساهمة في كسر حلقة انتشار هذا الفيروس الذي استطاع تغيير شكل الحياة في كثيرٍ من البُقَع على كوكب الأرض.

نوع جديد مُعدّل من الكمامات!

مؤخرًا طوّر فريقٌ من الباحثين نوعًا جديدًا من الكِمامات يعمل بشكلٍ رئيسيّ على إضعاف أو قتل الفيروسات أو الجراثيم التي قد تعلَق على السطح الخارجي من الكِمامة بدَل الاكتفاء بالتقاطها ومن ثمّ احتوائها، ما يُوفّر حماية مُضاعفة للشخص الذي يرتدي الكِمامة ويُساعد على السيطرة على كوفيد-19 والحدّ من انتشاره.

يعتمد مبدأ هذه الكِمامات على إضافة طبقَة مُعدّلة كيميائيًا تحتوي على مواد مُضادّة للجراثيم التي قد تعبُر من خلال القناع (الكِمامة)، بحيث يُصبح للكمِامة وظيفة أُخرى من خلال الانقضاض على رذاذ الجهاز التنفسّي التي تحتوي على الفيروس وتلتصق بالكِمامة، بالتالي تحُدّ من انتقال العدوى إمّا بطريقة مباشرة نتيجة انتقال القطرات المُحمّلة بالفيروس للأشخاص المُحيطين أو بطريقة غير مباشرة بسبب التقاط هذه القطرات المُلوّثة عبر لمس الأسطح أو استخدام الأشياء التي استقرّت عليها بعد هروبها عبر أنسجة الكِمامة.

وقد عمِدَ الباحثون في هذه الدراسة إلى إضافة كُل من حمض الفوسفوريك Phosphoric acid وملح النحاس Copper salt خلال الطبقة الخارجيّة من نسيج الكِمامة (طبقة مُتعدّد الأنيلين Polyaniline) للقضاء على الفيروس، ويمكن الاعتماد على هذه الطبقة كمؤشّر على وجود الحِمض إذ يتغيّر لونها من الأزرق الداكن للأخضر حال مرور الرذاذ التنفسي عبرها (اُنظر الصورة المُرفقة)، وهُما تلتصقان بشكلٍ مُحكَم خلال ألياف الأنسجة المُكوّنة للكِمامة، وقد جاء اختيار هاتين المادّتين لاعتبارات كثيرة أهمّها قدرة كِليهما على خلق بيئة كيميائيّة قادرة على تدمير الغشاء الخارجي للفيروس SARS-CoV-2 ما يؤدّي إلى تعطيل قدرته الإمراضيّة، إلى جانب ميزتهما بعد إمكانيّة استنشاقهما أثناء ارتداء الكِمامة.

إلى حين تفعيل استخدام مثل هذه الكِمامات واعتمادها من قِبل الجهات المَعنيّة ووصولها لأسواقنا، وفي ظلّ الانتشار الفيروسي الكثيف حولنا وجَب التذكير بضرورة ارتداء الكِمامة بالشكل الصحيح طِوال أوقات البقاء خارج المنزل، إذ لم يعُد خِيارًا يمكن رفضه أو قَبوله لِما له من عواقب وخيمة تُحدِق بكِبار السّن وأصحاب الأمراض المُزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها حولنا، لِذا بات لِزامًا علينا حمايتهم بما استطعنا من أدوات، إلى جانب حماية أنفسنا.

رابط الدراسة:

إقرأ أيضًا:

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية