تتوّجه الأنظار في الخامس عشر من فبراير من كل عام صَوب مرضى السرطان من الأطفال، في محاولة لرفع مخزون الوعي لدى الجميع وتقديم الدعم للأطفال المُصابين بالسرطان ومساندة ذويهم في رحلتهم مع العلاج والألم.
تشير الإحصائيّات التي نشرتها منظمة الصحة العالميّة WHO عبر موقعها إلى أنّ ما يُقارب 400000 من الأطفال والمراهقين ضمن الفئة العُمريّة بين 0 إلى 19 عامًا يتّم تشخيصهم بالسرطان في كل عام، وتكمُن صعوبة أمراض السرطان لدى الأطفال في عدم إمكانيّة معرفة أسباب الإصابة بها ممّا يُعيق فُرص الوقاية من الإصابة بالسرطان.
تتركّز جهود الباحثين والاختصاصيين صَوب محاولة التوصُّل للعوامل والمُسبّبات التي تقبع خلف إصابة فئة من الأطفال دون غيرهم بالسرطان؛ لتخفيف الأعباء النفسيّة والجسديّة المُلقاةِ على المرضى وذويهم على حدٍ سواء.
بحسب الإحصائيّات فإنّ نِسَب نجاة الأطفال المُصابين بالسرطان في الدول المُتقدّمة أعلى من نظيرتها في الدول ذات الدخل المتوسط أو المنخفض بنِسَب تساوي 80% و20% بالترتيب؛ وذلك لِما تُعانيه تلك الدول اقتصاديًا ما ينعكس على قطاعاتها الصحيّة ويؤثِّر على قدرتها وكفاءتها في تقديم الخدمات الطبيّة اللازمة، مُسبّبًا إمّا التشخيص الخاطىء أو أحيانًا التأخُّر في التشخيص ليتّم اكتشاف السرطان في مراحل مُتقدّمة يصعُب معها العلاج لارتفاع تكاليفه أو عدم توافره أحيانًا أُخرى، وغير ذلك من المُعيقات التي تساهم بشكلٍ أو بآخر برفع معدلات الوفاة في تلك الدول، وعلى الرغم من أنّ وفيات السرطان انخفضت من العام 1970 حتى العام 2016 بنسبة وصلت 65%، إلّا أنّه لا يزال أحد أكثر مُسبّبات الوفاة لدى المرضى من الأطفال. [1][2]
أكثر أنواع السرطان المنتشرة بين الأطفال
يحدُث مرض السرطان في أيٍّ من أجزاء الجسم ويتسبّب بانتشارٍ غير طبيعي للخلايا التي تغزو الأنسجة السليمة المُحيطة به، ويُشير الاختصاصيين إلى أنّ خللًا جينيًا يُصيب بعض الخلايا مُسبّبًا نموَّها بمعدل غير طبيعي ما يستدعي ضرورة التدخُّل حال ملاحظة الأعراض واختيار العلاج الأفضل تِبعًا لِما يراه الاختصاصي مناسبًا للحالة، تتنوّع أنواع السرطان بين الأكثر شيوعًا وانتشارًا وبين النادرة قليلة الانتشار كالآتي: [3][4]
أمّا أكثر أنواع السرطان شيوعًا لدى الأطفال في الفئة العمريّة بين 0 إلى 14 عامًا فهي كالتالي:
- اللوكيميا: يُعدّ أكثر أنواع السرطان التي تصيب الأطفال دون الخامسة عشر عامًا، وهو عبارة عن خلل سرطاني يُصيب خلايا الدم ويعتمد تحديد نوعه بناءً على نوع خلايا الدم المُصابة وفيما إذا كان تطوُّره سريعًا أو بطيئًا.
- أورام الجهاز العصبي المركزي: وهو ثاني أنواع الأورام السرطانيّة الشائعة التي تصيب الأطفال، إذ يُشكِّل سرطان الدماغ لوحده 15% من سرطانات الأطفال، وينجُم عن نشوء ورم إمّا حميد أو خبيث في أحد أجزاء الجهاز العصبي المركزي وهي: الدماغ والحبل الشوكي، تُعدّ في مُعظمها مجهولة الأسباب وتختلف الأعراض الظاهرة من شخصٍ لآخر.
- اللمفومة (سرطان الغدد اللمفيّة): أحَد أنواع السرطان الذي يُصيب الخلايا في الجهاز اللمفيّ وينقسم إلى نوعين رئيسيّين:
لمفومة هودجكينيّة: عبارة عن خلايا سرطانيّة تنشأ في الجهاز اللمفيّ التابع للجهاز المناعي مُسبّبًا سلسلة من الأعراض التي تظهر على المريض كالحمّى، انخفاض الوزن والتعرُّق الليلي المُفرِط، تنقسم إلى نوعين رئيسيّين اللمفومة الكلاسيكيّة أو ذات النمط التقليدي واللمفومة العُقيديّة، يعتمد اختيار العلاج المناسب على حالة الطفل وعوامل أُخرى يُحدّدها الاختصاصي المسؤول عن الحالة.
لمفومة لا هودجكينيّة: أيضًا هي أحد أنواع الأورام السرطانيّة التي تنشأ في الجهاز اللمفيّ في الخلايا اللمفيّة البائيّة أو التائيّة أو غيرهما، ويتضمّن 3 أنواع رئيسيّة: اللمفومة اللاهودجكينية العدوانيّة في الخلايا البائيّة الناضجة، اللمفومة الأروميّة واللمفومة للخلايا الكبيرة المتحولة، بعض الأورام اللاهودجكينيّة يكون نادرًا لدى الأطفال، يترافق هذا النوع من الأورام اللمفاويّة مع تنتفاخ العقد اللمفيّة ومشاكل في التنفس، وتعتمد الخيارات العلاجيّة على عدّة عوامل يتحدّد أفضلها وفقًا لفريق من الاختصاصيين في أورام الأطفال.
من أنواع السرطان الأُخرى لدى الأطفال:
- الورم الأرومي الشبكي: أكثر أنواع الأورام السرطانيّة الشائعة في العين لدى الأطفال دون سّن الخامسة، وهوعبارة عن خلايا سرطانيّة تنشأ في طبقة خلايا الشبكيّة وغالبًا ما يبقى متموضعًا في العين ولا ينتشر للخلايا الأُخرى.
- الساركومة العظميّة وساركومة يوينغ، أكثر أورام العظم انتشارًا لدى الأطفال، غالبًا ما تنشأ الساركومة العظميّة حول عظام الركبة بينما تؤثر ساركومة يوينغ على عظام الحوض، الفخ، الذراع العلوي عظام القفص الصدري.
- الورم الأرومي الكَبدي (سرطان الكبد): وهو أحد أنواع الأورام الصلبة التي تنشأ في الكبد لدى الأطفال في المرحلة العمريّة التي تسبق المدرسة، إذ تُشخَص غالبيّة الحالات في السنة الثالثة بعد الولادة، فيما تكون نصف حالات الإصابة بسرطان الكبد خلال السنة الأُولى من أعمارهم.
- الورم الأرومي العصبي: يُصنَّف من الأورام الصلبة التي تصيب الجهاز العصبي الودّي والأنسجة العصبيّة لدى الأطفال دون سن الخامسة في ثلثي الحالات، وهو غالبًا ما يبدأ نموُّه في الغدد الكظريّة الجالسة على قمّة كُل من الكُليتين، إلّا أنّه من الممكن أن يظهر في البداية أيضًا إمّا في الأنسجة العصبيّة قُرب العمود الفقري في الرقبة أو في الحبل الشوكي.
- ورم ويلمز: وهو أكثر أنواع سرطان الكُلى شيوعًا لدى الأطفال، وهو ينشأ من خلايا الكُلى غير مُكتملة النمو.
- الورم الربدي: أحد أنواع السرطان النادرة التي تنشأ في المُخيخ وتُصنَّف على أنّها شديدة العدوانيّة، وتُصيب الأطفال من سّن 2 إلى 13 عامًا.
لا تزال الكثير من علاجات سرطان الأطفال تخضع للبحث والتطوير لعلّ أحدها ينجح في التخفيف عن الأطفال المُصابين، خصوصًا ذوو الحالات الصعبة ممّن يتعذّر علاجهم بواسطة الطرق المُتاحة حتى الآن، وإلى أن ينبلج فجر اليوم الذي سيشهد القضاء على كل أنواع السرطان عامّة وسرطانات الأطفال خاصّة، لا بُدّ أن يُحاط الأطفال وذووهم بالرعاية والدعم اللازمين لتخطّي حالة المرض القاتمة التي تُخيِّم في نفوس العوائل إذا ما حلّ السرطان ضيفًا ثقيلًا في بيوتهم.
المراجع
- World Health Organization. 2021. Childhood cancer. Retrieved from https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/cancer-in-children
- Childhood Cancer International. 2021. Childhood Cancer International: Advancing cure, Transforming care. Retrieved from https://www.childhoodcancerinternational.org/
- American Childhood Cancer Organization. (n.d.). Types of childhood cancer. Retrieved from https://www.acco.org/types-of-childhood-cancer/
- National Cancer Institute. 2020. Childhood cancers. Retrieved from https://www.cancer.gov/types/childhood-cancers