تحتاج عضلة القلب كغيرها من أجزاء الجسم إلى الإمداد الدموي حيث المُغذيّات والأُكسجين اللازمين لأداء وظيفتها، وتُزوَّد عضلة القلب بالدم عن طريق الشرايين التاجية Coronary Arteries التي تطوقها كالتاج (Crown)،[1] كما ينبثق من عضلة القلب الشريان الرئوي الرئيسي (الجذع الرئوي) Pulmonary trunk الذي ينقل الدم المُحمل بثاني أكسيد الكربون من القلب إلى الرئتين.[2]
الشرايين
الشرايين هي أنابيب سميكة ذات جدران عضلية تتمثل وظيفتها في نقل الدم المُحمّل بالأُكسجين والمُغذيّات من عضلة القلب إلى أجزاء الجسم، تضخ عضلة القلب الدم االمُحمّل بالأُكسجين في الشريان الأورطي (الأبهر) Aorta -أكبر شرايين الجسم- الذي يتفرع بدوره إلى تفرعات أصغر وأصغر من الشرايين التي تنقل الدم المحمل بالأُكسجين والعناصر الغذائية إلى جميع أجزاء الجسم،[3] ويُستثنى من ذلك الشريان الرئوي الرئيسي، إذ إنه ينقل الدم المُحمّل بثاني أكيد الكربون ونسبة بسيطة من غاز الأُكسجين من القلب إلى الرئتين.[2]
الشريان الرئوي الرئيسي
ينبثق الشريان الرئوي الرئيسي من مخرج البطين الأيمن لعضلة القلب،[2] ويتفرع إلى فرعين:[2]
- الشريان الرئوي الأيمن، الذي يتصل بالرئة اليمنى.
- الشريان الرئوي الأيسر، الذي يتصل بالرئة اليسرى.
وتتمثل وظيفة الشريان الرئوي الرئيسي في نقل الدم الغني بثاني أكسيد الكربون إلى الشعيرات الدموية في الرئة، حيث يحدث تبادل الغازات، ليعود الدم بعد أن أصبح مُحملًا بالأُكسجين إلى البطين الأيمن من القلب عن طريق الأوردة الرئوية ليُضَخ بعدها إلى البطين الأيسر ومنه إلى الشريان الأورطي الذي يوزعه إلى جميع أجزاء الجسم.[2]
الشرايين التاجية
تتفرع الشرايين التاجية من الشريان الأبهر، إذ يتفرع الشريان الأبهر الذي ينقل الدم المحمل بالأكسجين والمغذيات إلى تفرعات عدة من الشرايين الأصغر المسؤولة عن تروية أجزاء الجسم المختلفة، مثل الشرايين التاجية المسؤولة عن تروية عضلة القلب.[4]
يتراوح قُطر الشرايين التاجية الرئيسية بين 3 إلى 4 ملليمتر، وتتكون جدران الشرايين التاجية من ثلاث طبقات:[4]
- الطبقة الداخلية (الغلالة الباطنة) Tunica intima: تسهّل مرور الدم من خلالها بسلاسة.
- الطبقة الوسطى Media: تتمتع بمرونة تسمح لها بالتمدد والانكماش بما يحقق الضغط المناسب للدم في الشرايين.
- الطبقة الخارجية (الغِلالَةُ البَرَّانِيَّة) Adventitia: تحتوي على عددٍ من الشعيرات الدموية الدقيقة التي يتحقق من خلالها انتقال الأكسجين والمغذيات من الدم إلى خلايا القلب.
فروع الشرايين التاجية
تتمثل الشرايين التاجية الرئيسية في الشريان التاجي الأيمن والشريان التاجي الأيسر، اللذان يتفرعان من الجيب الأبهري الأيمن والجيب الأبهري الأيسر الموجودين في الشريان الأبهر.[1]
يُعد الشريان التاجي الأيسر Left Main Coronary Artery (LMCA) المسؤول عن تروية البطين الأيسر والأذين الأيسر (الجانب الأيسر لعضلة القلب)،[5] وينقسم إلى فرعين:[5]
- الشريان الأمامي الأيسر النازل Left Anterior Descending Artery: المسؤول عن التروية الدموية للجزء الأمامي من الجانب الأيسر لعضلة القلب
- الشريان المُنعَطِف Circumflex Artery الذي يلتف حول عضلة القلب ومسؤول عن تروية الجزء الخلفي والخارجي من عضلة القلب.
أما الشريان التاجي الأيمن Right coronary artery (RCA) فيزوّد البطين الأيمن والأذين الأيمن بالدم، بالإضافة إلى العُقدة الجَيبيَّة الأُذينية Sinoatrial node والعقدة الأذينية البطينية Atrioventricular node اللتان تتحكمان في نَّظم القلب (ضربات القلب)، كما يسهم الشريان التاجي الأيمن بالاشتراك مع الشريان الأمامي الأيسر النازل في تروية الجزء الأوسط (الحاجز) من القلب بالدم.[5]
وينقسم الشريان التاجي الأيمن إلى فرعين:[5]
- الشريان الخلفي الأيمن النازل Right Posterior Descending Artery.
- الشريان الهامشي الحاد Acute Marginal Artery.
أمراض شرايين القلب
تمثل كلٌ من الشرايين الرئوية والشرايين التاجية أهمية بالغة لإتمام الدورة الدموية الرئوية والتروية الدموية لعضلة القلب على الترتيب، ومن ثم فإن إصابة أيًا منهما بأيّ خلل أو مرض يتسبب بمضاعفات عدة قد تودي بحياة المريض.[2][5]
أمراض الشريان الرئوي
هناك نوعين من الأمراض التي قد تصيب الشرايين الرئوية لدى البالغين[2]:
- الانصمام الرئوي
الانصمام الرئوي Pulmonary Embolus هو حالة مرَضية شديدة الخطورة، تحدث نتيجة استقرار جلطة دموية في الشريان الرئوي مما يعيق وصول الدم إلى الرئة، أو قد يحدث الانصمام الرئوي نتيجة تكون جلطة دموية في أحد أوردة الجسم مثل أوردة الساق، لتنتقل بعدها مع الدورة الدموية فتصل إلى الشريان الرئوي وتستقر فيه، وتزداد احتمالية الإصابة بالانصمام الرئوي بين مرضى السرطان أو مَن يعانون من اضطرابات تخثر الدم أو نتيجة عدم حركة الجسم لفترة طويلة، ويتسبب الانصمام الرئوي في عدة أعراض مثل انقطاع التنفس المفاجئ وآلام الصدر والظهر والدوار وازرقاق الشفاه والأظافر وخروج دم مع البلغم.[2]
- ارتفاع ضغط الشريان الرئوي
ارتفاع ضغط الشريان الرئوي Pulmonary Arterial Hypertension هو حالة مرضية خطيرة تتفاقم بمرور الوقت ولكن يمكن التعايش معها باستخدام العلاجات، ويتمثل ارتفاع ضغط الشريان الرئوي في زيادة ضغط الدم في الشرايين الرئوية بين القلب والرئة، نتيجةً لتضيق الشرايين الرئوية الدقيقة في الرئة أو انسدادها تمامًا، مما يعيق مرور الدم خلالها، ليعمل القلب بجهدٍ أكبر لدفع الدم خلال الشرايين، الأمر الذي قد يُضعف عضلة القلب تدريجيًا مُسببا فشل عضلة القلب Heart Failure، وقد لا يلاحظ المريض أي أعراض بدايةً سوى قصر النفس عند بذل مجهود بدني أو قد يصحبه أعراض أخرى مثل آلام الصدر وتورم الساق والكاحل والإغماء، قد يحدث ارتفاع ضغط الشريان الرئوي دون وجود أي أسباب معلومة فيما يُعرف بارتفاع ضغط الشريان الرئوي مجهول السبب (Idiopathic)،[6] أو قد يكون لأسبابٍ أُخرى مثل تناول أنواع من الأدوية أو الإصابة بفشل القلب الاحتقاني أو تليف الكبد أو أحد أمراض المناعة الذاتية، مثل مرض تصلب الجلد Scleroderma وغيره.[2]
أمراض الشرايين التاجية
تشمل أمراض الشرايين التاجية:
- مرض الشريان التاجي
يُعد مرض الشريان التاجي Coronary Artery Disease CAD أو كما يسمى أحيانًا بمرض القلب التاجي أو إقفار عضلة القلب أحد أمراض القلب الشائعة، وينجم مرض الشريان التاجي عن تصلب الشرايين Atherosclerosis إذ تتراكم لويحات من الكوليسترول ومواد أُخرى على جدران الشرايين التاجية، فتضيق الشرايين بمرور الوقت، الأمر الذي يتسبب في منع تدفق الدم جزئيًا أو كليًا عبر الشرايين التاجية، ومن ثم نقص تروية القلب، وكثيرًا ما يُستدل على الإصابة بمرض الشريان التاجي من خلال تعرُّض المُصاب للنوبة القلبية (احتشاء عضلة القلب) وما يرافقها من أعراض، مثل آلام الصدر وانقطاع النفس والتعرق البارد والشعور بألم في الذراعين أو الكتف، وتزداد احتمالية الإصابة بمرض الشريان التاجي في حالات السمنة وانخفاض معدل النشاط البدني والتدخين والتاريخ العائلي لأمراض القلب المبكرة (قبل سن الخمسين) والعادات الغذائية غير السليمة.[7]
- متلازمة الشريان التاجي الحادة
يشير مصطلح متلازمة الشريان التاجي الحادة Acute coronary syndrome الى مجموعة من الحالات المرضية التي تتضمن تراجعًا مفاجئًا في تدفق الدم لعضلة القلب، ويرجع حدوث المتلازمة لتاجية الحادة إلى انسداد الشرايين التاجية بفعل الجلطات الدموية المتكونة نتيجة تمزق اللويحات المترسبة على جدران الشرايين التاجية، وقد يؤدي انخفاض مستوى الأكسجين الواصل للقلب بسبب نقص تروية خلايا عضلة القلب في موت الخلايا مُسببًا النوبة القلبية، أو قد يتسبب في تراجع مؤقت أو دائم في قدرة عضلة القلب مسببًا الذبحة الصدرية غير المستقرة (Unstable Angina).[8]
وتُعد متلازمة الشريان التاجي حالة طارئة تستلزم التدخل الطبي الفوري بإشراف طبيب القلب المُختص، وتظهر أعراضها فجأة مثل ضيق التنفس والتعرق الغزير المفاجئ والشعور بألم أو ضغط أو ضيق أو حرقان في الصدر، ويمتد الألم من الصدر إلى الكتفين أو الذراعين أو أعلى البطن أو الظهر أو الرقبة أو الفك، وتزداد احتمالية الإصابة بمتلازمة الشريان التاجي مع التقدم في العمر ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم والتاريخ العائلي لأمراض القلب والسمنة المفرطة والتدخين والتعرض لمقدمة الارتعاج.[8]
أمراض الشرايين التاجية الأقل شيوعًا
- أُم دَّم الشريان التاجي (التمدد الوعائي للشريان التاجي) Coronary artery aneurysm:تضخم أو توسُّع جزء من جدار الشريان التاجي نتيجةً لضعفه، فيعاني المريض من آلام متقطعة تختفي وتظهر في الصدر وانقطاع النفس والنفخة القلبية Heart Murmurs بالإضافة إلى انخفاض ضغط الدم أو ارتفاعه وما قد ينجم عن أي منهما من مشاكل، مثل الدوار والغثيان والرؤية الضبابية والجفاف والتنفس بسرعة وشحوب الوجه وغيرها.[9]
هناك عدة حالات قد تتسبب في التمدد الوعائي للشريان التاجي مثل تصلب الشرايين ومرض كاواساكي Kawasaki Disease والتهاب الشرايين "تاكاياسو" Takayasu Arteritis والتدخل التاجي عن طريق الجلد (رأب الأوعية التاجية) وعيوب القلب الخلقية وخلل التَّنسُّجِ العضلي الليفي Fibromuscular Dysplasia وبعض أمراض النسيج الضام الناتجة عن عوامل جينية مثل متلازمة مارفان Marfan Syndrome ومتلازمة إهلرس-دانلوس (Ehlers-Danlos syndromes).[9]