خلع الولادة: أسبابه وطرق علاجه

يُعبّر خلع الولادة عن إصابة الطفل بخلل في تشكّل مفصل الورك خلال وجوده في رحم الأم، أو خلال السنة الأُولى بعد الولادة، وغالبًا ما يكشف الطبيب عن مشكلة خلع الولادة أثناء الفحص السريريّ الروتيني الذي يجريه للرضيع بعد ولادته، ويُشار إلى أنّ العلاج المبكّر يزيد من فرصة تحسّن مفصل الورك والتعافي خلال فترة بسيطة.

يتكوّن مفصل الورك من تجويف داخل الحوض (الحُقّ) يرتبط بالجزء العلوي كرويّ الشكل من عظم الفخذ، وتكمن أهميّة هذا المفصل في تسهيل الحركة، وتوفير الثبات والدعم اللّازمين للجسم، وبالرغم من كونه أكثر مفاصل الجسم استقرارًا وثباتًا، فإنّ العديد من المشكلات قد تؤثر فيه وتعيق حركته،[1] كالإصابة بخلع الولادة، الذي يصيب رضيعًا واحدًا من كل 1000، وذلك وفق مجلة (American Family Physician).[2]

ما هو خلع الولادة؟

يُعبّر مصطلح خلع الولادة (Congenital dislocation) الشائع عن حالة طبيّة تُعرف بـخلع الورك التطوريّ (Developmental dysplasia of the hip)، أو خلع مفصل الورك الخلقي، وهي مشكلة تتطوّر أحيانًا لدى الطفل قبل ولادته، وقد تظهر أيضًا خلال مراحل نموّه الأُولى بعد الولادة، ويُشير خلع الولادة إلى خلل في تشكّل المفصل الكروي الحُقّي (Ball and socket joint)، أو كما يُعرَف عادةً باسم مفصل الورك، إذ يكون عمق التجويف الموجود داخل عظم الحوض غير كافيًا لتثبيت الجزء العلوي من عظم الفخذ، الذي يتخّذ شكلًا كرويًّا، وقد يترتّب على ذلك إزاحة هذا الجزء الكروي وخروجه من مكانه الطبيعي جزئيًّا، وفي الحالات الشديدة تتحرّك عظمة الفخذ وتخرج من التجويف الحُقّي بالكامل، يتطلّب علاج هذه المشكلة لتجنّب اختلال نموّ مفصل الورك، وظهور مشكلات أُخرى في عمرٍ مبكّر، وتجدر الإشارة إلى أنّ خلع الولادة قد يؤثر في كِلا مفصليّ الورك، أو في أحدهما، ولكنّه غالبًا ما يؤثر في مفصل الورك الأيسر لدى الطفل.[3][4]

أعراض خلع الولادة

يصعُب تمييز خلع الولادة في بعض الأحيان بسبب عدم شعور الطفل بالألم،[4] لهذا السبب يُجري الطبيب عادةً فحصًا روتينيًّا بهدف الكشف عن المشكلة لدى الطفل والتعامل معها مباشرة، ومع ذلك، قد تظهر أعراضٌ معينة على الأطفال المصابين بخلع الولادة،[2] من أهمّها:[2][4]

  • عدم تساوي طول ساقيّ الطفل.
  • سماع صوت نقر أو فرقعة في المفصل أو الإحساس بها عند الحركة.
  • اختلاف حركة أحد الوركين أو الساقين عن الآخر، إذ يسبّب خلع الولادة محدوديّة الحركة.
  • عدم انتظام ثنيات الجلد أسفل الوركين أو الفخذين أثناء مدّ ساقيّ الطفل.
  • تأخر التطور الحركي لدى الطفل، وتأثر وضعيّة جلوسه، وطريقة حبوه على الأرض، وسلامة مشيته عندما يتمكّن من المشي لاحقًا.

أسباب خلع الولادة

يجهل الأطباء أسباب حدوث خلع الولادة عند الأطفال،[5] ولكن ثمّة عواملٌ مختلفة قد ترفع من خطر حدوث خلع الولادة:[2][5]

  • الجنس، فالإناث أكثر عُرضة للإصابة بخلع الولادة، ومع ذلك، قد يُصاب أيّ طفلٍ بخلع الولادة بصرف النظر عن جنسه.
  • وجود تاريخ عائلي للإصابة بخلع الولادة.
  • الطفل الأول والحمل للمرة الأُولى، أي في حال لم يسبق للرحم التمدد، فيُسهم تضيّقه في ارتفاع خطر إصابة الجنين بخلع الورك عند الولادة.
  • انخفاض مستوى السائل السلوي (السائل الأمينوسي) في الرحم أثناء الحمل.
  • زيادة في وزن الرضيع عند الولادة.
  • بقاء الطفل في وضعيّة مقعديّة (Breech presentation) خلال فترة الحمل، أي يكون اتجاه مؤخرته للأسفل عند الولادة.

درجات خلع الولادة

تختلف درجة ارتخاء الورك أو عدم ثباته بين الأطفال المُصابين بخلع الولادة:[6]

  • خلع مفصليّ جزئيّ (Subluxatable):

وهو خلع الولادة البسيط الذي يكون فيه الجزء العلوي من عظم الفخذ غير ثابتًا داخل التجويف الموجود في الحوض، ويتمكّن الطبيب خلال الفحص السريري من تحريك العظم داخل التجويف.

  • مفصل قابل للخلع (Dislocatable):

إذ قد يندفع الجزء العلويّ من الفخذ إلى خارج التجويف الحُقّي بسهولة خلال الفحوصات السريريّة، ولكنّه يبقى عادةً في مكانه الطبيعي.

  • خلع مفصلي كلي (Dislocated):

يتمثّل بخروج الجزء العُلوي الكُروي من عظم الفخذ كليًّا من مكانه داخل التجويف الحُقّي، وهي واحدة من أكثر درجات خلع الولادة شِدّة.

تشخيص خلع الولادة

يسعى الطبيب للكشف عن حدوث خلع الولادة عند الطفل وتشخيصه مبكرًا، لذلك يحاول بلُطفٍ شديد تحريك مفصل الورك خلال الفحص الروتينيّ الذي يُجرى للمواليد الجُدد خلال 72 ساعة من الولادة، وعادةً ما يُكرَّر الفحص عند بلوغ الرضيع عمر 6-8 أسابيع، فإذا لاحظ الطبيب أعراض خلع الولادة أو وجود عوامل تزيد من خطر إصابة الرضيع به، كالتاريخ العائلي للإصابة به أو الولادة المقعديّة،[3] قد يُوصي بإجراء بعض الفحوصات التشخيصيّة:[3][4]

  • التصوير بالموجات فوق الصوتيّة (Ultrasound): يلجأ الطبيب لتصوير مفصل الورك بالموجات فوق الصوتيّة عندما يبلغ الرضيع 4-6 أسابيع من عمره، وهي الطريقة المُثلى لتصوير مفصل الورك في هذا العمر كون الغضروف ما يزال لينًا، فلا تظهر صورته بوضوح عند التقاطها بالأشعة السينية.
  • التصوير بالأشعة السينية (X-rays): يستخدم الطبيب الأشعة السينيّة لدى تصوير العظام التي اكتملت بما يُمكّن من رؤيتها في الصور الإشعاعيّة، لذلك قد تُناسب هذه الطريقة تشخيص خلع الولادة لدى الأطفال الذين تتجاوز أعمارهم 4-6 شهور.

علاج خلع الولادة

يختلف علاج خلع الولادة من طفلٍ لآخر بالاعتماد على عمره وشِدّة الخلع لديه، فمثلًا، يُستخدم في تصحيح خلع الولادة البسيط الذي يُكشف عنه وقت ولادة الطفل وسائل علاجيّة غير جراحيّة وفعّالة في تقويم مفصل الورك، بينما يُصبح العلاج أكثر تعقيدًا عندما يُشخَّص خلع الولادة لاحقًا مع بداية تمكّن الطفل من المشي.[6][7] ومن طرق علاج خلع الولادة:[2][7]

  • حزام بافليك هارنيس (Pavlik Harness):

يُفيد حزام بافليك هارنيس الأطفال المصابين بخلع الولادة الذين لا تتجاوز أعمارهم 4شهور، إذ يُستخدم الحزام لتصحيح وضع ساقيّ الطفل، وتعزيز تَشكّل مفصل الورك لديه، ويحدّد الطبيب المدّة الملائمة لاستخدام الحزام بالاعتماد على عمر الطفل، وشِدّة الخلع لديه.

  • العلاج بالجراحة:

يُوصي الطبيب في حالاتٍ معيّنة بضرورة إجراء جراحة لتصحيح خلع الولادة، كحالات خلع الولادة التي لا تتحسّن مع الوقت رغم استخدام حزام بافليك هارنيس، أو الحالات التي لا يناسبها الحزام بسبب حجم الطفل الكبير، وقد تنطوي الجراحة على تصحيح موقع الجزء العلويّ من الفخذ، أو محاولة إطالة الوتر أو العضلة المشدودين لتسهيل دخول أعلى عظمة الفخذ في تجويفها الموجود في الحوض، وبعد الجراحة، يُستخدم عادةً جبيرة سنبليّة الشكل (Spica body cast) لتحافظ على بقاء الورك ثابتًا في مكانه الصحيح، وتجدر الإشارة إلى أنّ عمليات قطع العظم الحوضي أو الفخذي (Femoral or pelvic osteotomies) تُستخدم أحيانًا لبناء الورك من جديد وإصلاح الخلل في حالات عدم الاستجابة جيدًا لأيّ من طرق العلاج الأُخرى، أو في حالات الكشف عن خلع الولادة لدى الطفل الذي يبلغ من عمره 18 شهرًا أو أكثر.

مضاعفات علاجات خلع الولادة

يترتّب أحيانًا على استخدام أيٍّ من طرق علاج خلع الولادة ظهور مضاعفات ومشكلات مختلفة:[6]

  • تهيّج الجلد حول الأربطة الموجودة في حزام بافليك هارنيس وغيره من أجهزة تصحيح خلع الولادة.
  • تأخُّر المشي لدى الطفل الذي يستخدم في علاجه قالب الجسم سنبليّ الشكل، ومع ذلك، عادةً ما يستعيد الطفل قدرته على النمو الطبيعي وتتحسّن مشيته مع الوقت بمجرّد إزالة القالب.

قد تحدث في حالاتٍ نادرة مضاعفات أُخرى لخلع الولادة:[6]

  • اضطراب النموّ في الجزء العلويّ من عظم الفخذ بسبب ضعف تروية الدم في هذا الجزء.
  • ضغط حزام بافليك هارنيس على عصب الساق، ممّا يسبّب عدم القدرة على تحريكها، ولكن غالبًا ما تتحسّن المشكلة بمجرّد إزالة الحزام، أو تعديل وضعيّته.
  • استمرارية وجود مشكلة في مقدار عمق التجويف في عظم الورك (الحُقّ الوركي) حتى بعد اتباع طرق العلاج السليمة، وهذا قد يستدعي إجراء جراحة أخرى لتعديل المشكلة في مفصل الحوض.

التقميط الصحيح للأطفال

تبقى ساقيّ الطفل داخل رحم الأم مثنية ومتقاطعة لفترة ليست بالقصيرة أثناء وجوده في رحم الأم، لذلك قد يسبّب جعل الساقين مستقيمتين ومضغوطتين إلى بعضهما البعض لفترات طويلة بعد ولادته حدوث ارتخاء في المفاصل وتضرّر غضروف مفصل الورك، خاصةً وأنّ مفصل الورك يكون أكثر ليونة خلال الفترة الأولى بعد ولادة الطفل، وبما أنّ العديد من الآباء يفضلون تقميط الطفل بهدف تهدئته، وتقليل تكرار بكائه، وتحسين نومه،[3][8] يمكن اتباع إحدى خطوات التقميط السليمة التي تقلل من خطورة حدوث مشكلات الورك:[8]

  1. طي إحدى زوايا القطعة القماشيّة مربعة الشكل، وجعل حافّتها مستقيمة.
  2. وضع الطفل على قطعة القماش، مع مطابقة مستوى كتفيه مع الجزء العُلوي من القماش.
  3. سحب ذراع الطفل اليسرى للأسفل بلطف، ولفّ الجزء المُنسدِل من القماش عن يساره فوق ذراعه وصدره وثني الطرف الآخر تحت جانب جسده الأيمن.
  4. سحب ذراعه اليمنى للأسفل ولف الجزء الآخر المُنسدِل من القماش عن يمينه فوق الذراع والصدر، وزمّ طرفها تحت الجانب الأيسر من جسد الطفل، إذ يساعد وزن الطفل على تثبيت القماش في مكانه.
  5. طي الطرف السفلي من القماش وثنيه خلف الطفل، مع التأكد من حرية تحريكه لوركه وركبيته بسهولة، وتجنّب شدّ ساقيه للأسفل أو وضعهما باستقامة.
كتابة: الصيدلانية بيان ربيع - الإثنين ، 06 آذار 2023

المراجع

2.
Marissa Selner. (2022). Congenital Hip Dislocation. Retrieved from https://www.healthline.com/health/developmental-dysplasia-of-the-hip#symptoms
3.
. Developmental dysplasia of the hip. (2022). Retrieved from https://www.nhs.uk/conditions/developmental-dysplasia-of-the-hip/

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري علاج خلع الولادة أونلاين عبر طبكان
احجز