يُمثل الموز إحدى أهم الفواكه التي تكثر زراعتها في المناطق الاستوائية وذلك لإمكانية استخدامه في العديد من الصناعات الغذائية، ويمكن الاستفادة من بعض مُخلفات الموز بتدويرها وتحويلها إلى مواد خام تدخل في العديد من الصناعات.[1]
الموز
الموز من النباتات العشبية التي زرعها الإنسان منذ القدم، وهو ينتمي إلى العائلة الموزية (Musaceae family)، والتي تضم نوعين رئيسيين؛ الموز المُستدَق (Musa acuminate)، وموز بالبيسي (M.balbisiana) وهُما الصنفان الرئيسان للموز القابل للأكل،[2] وهناك صنفٌ ثالث يدعى الموز الفردوسي (M.paradisiaca Linn) الذي ينتشر في بعض الولايات الهندية، مثل ولاية تاميل نادو (Tamil Nadu) والبنغال الغربية، إذ يستخدم تقليديًا لعلاج العديد من الأمراض، كالخراج (Abscess) وحالات الصلع لدى الإناث، والحروق، والإسهال، وعضّات الكلاب والسحالي، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها.[3]
تمتد أصول نبات الموز من الهند إلى بابوا غينيا الجديدة (Papua New Guinea)، وقد شاع زراعة الموز واستهلاكه كثيرًا في العقود الأخيرة مما جعله يحتل المرتبة الثانية بين أكثر محاصيل الفواكه التي ينتجها العالم، ويُقدر إنتاجه سنويًا بكمية تتخطى 139 طنًا.[1]
كما أنّ الهند تتصدر قائمة البلدان المنتجة للموز بمحصولٍ سنوي مقداره 30,460000 طن تقريبًا، تليها الصين وإندونيسيا، وذلك وفقًا للإحصائيات التي نشرتها منظمة الغذاء والزراعة (Food and Agriculture Organization statistics) سنة 2019 ميلادي.[2]
أجزاء الموز وأنواعه
يعد الموز من الفواكه الاستوائية المُفضلة لدى الناس، ويُقدر معدل استهلاك الفرد من الموز بحوالي 12 كيلوغرام وهو بذلك من أكثر المنتجات الزراعية تداولًا بعد الأرز، والذرة، والقمح،[4] والموز في الواقع من أكبر المجموعات العشبية، وبمقدور نبتة الموز النمو لأطوال قد تصل إلى 5-7 متر،[1] وتتكوّن نبتة الموز من مجموعة من الأجزاء:
- ساق طرية (شبيهة باللحم) تنمو أفقيًا (Fleshy rhizome).[1]
- جذع كاذب (Pseudostem)، إذ تبرز المجموعة الزهرية البيضوية الطويلة للموز من حافة الجذع الكاذب للنبتة، وهي تتكون من أوراق شمعية تحيط بالأزهار الأنثوية والذكرية، إذ تتطور الأزهار الأنثوية لتشكل ثمرة الموز.[1]
- أوراقٍ مستطيلة موزعة لولبيًا.[1]
- ثمرة الموز، تتكون من القشرة (Peel) واللب (Pulp)، وتُشكل القشرة ما نسبته 40% من وزن ثمرة الموز إذ تُعد قشور الموز المخلفات الرئيسية للموز، بينما يمثل اللب الجزء القابل للأكل من الموز والذي يحتوي على العديد من العناصر الغذائية،[4] وعند نضج الثمرة يتَّخذ لُب الموز القابل للأكل والخالي من البذور عدة ألوان كالأصفر، أو البنفسجي، أو البرتقالي، أو الأحمر.[2]
تمتلك الأنواع البرية من الموز بذورًا، بينما تفتقر تلك التي تجرى زراعتها إلى البذور، وفي الوقت الحاضر يتضمن إنتاج سلالات الموز القابلة للأكل (Edible desert bananas) والسلالات العشبية (Plantains) عمليات تهجين معقدة بين جنسين من الموز ذوي الخلايا الثنائية من الكروموسومات، الموز المُستدق (M. acuminate) المسؤول عن إعطاء الشريط الوراثي أ أ "الجينوم" (AA genome)، وموز بالبيسي (M. balbisiana) المسؤول عن إعطاء الشريط الوراثي ب ب (BB genome)).[1]
فوائد الموز
استفاد البشر من عدد من النباتات التقليدية كعلاجٍ رئيسيّ يمكن استخدامه للتخلص من العديد من الأمراض، وبفعل محتواه من المركبات الطبيعية الفعالة يندرج الموز ضمن تلك النباتات،[2] ومن فوائد الموز:
- فوائد الموز قبل النوم:
في دراسة نُشرت في مجلة (Journal of Pineal research) في عام 2012 ميلادي، وأُجريت على 12 متطوعًا، لُوحظ أنّ تناول الفواكه الاستوائية- كشرب عصير البرتقال أو الأناناس، أو تناول حبتين كاملتين من الموز، قد يُسهم في رفع مستويات هرمون الميلاتونين في الدم (Serum melatonin)،-وهو من الهرمونات المُنظمة للنوم-.[5][6]
- فوائد الموز للحامل:
ضمن مفاهيمها الخاطئة، أدرجت بعض المجتمعات الموز ضمن لائحة الأطعمة التي تُمنع المرأة الحامل من تناولها اعتقادًا بأن الموز (كما الفواكه الأُخرى) قد يحيط بالجنين ويزيد من حجمهُ مما قد يُعسّر من عملية الولادة، إلا أن ذلك غير صحيح، بل إن الموز يُعد من الأطعمة التي تزود الجسم بالطاقة، وهو إضافةً لذلك يتمتع بمحتوى ثري من البوتاسيوم، الأمر الذي يعني أنّ تناوله يساعد في الحفاظ على سلامة القلب لدى الحامل وجنينها.[7]
- فوائد الموز للشعر:
في دراسة مخبرية أُجريت على جرذان التجارب ونُشرت في مجلة (Journal of Natural Pharmaceutical) سنة 2011 ميلادي، لوحظ أن استخدام مستخلص الموز غير الناضج من نوع فردوسي قد يسهم في تعزيز نمو الشعر.[3]
- فوائد الموز للأطفال:
في دراسة بحثية أُجريت في تنزانيا سنة 2017 ميلادي ونُشرت في مجلة (BMJ)، لوحظ أن تناول الأطفال ممن هم في سن ما قبل المدرسة لموزة واحدة يوميًا ولمدة خمسة أيام خلال الأسبوع، قلل من شعورهم بالجوع وحسّن من شهيتهم للأطعمة الأُخرى.[8]
استخدامات الموز في الصناعات الغذائية
يمكن استخدام العديد من أجزاء الموز في بعض الصناعات الغذائية، كما يمكن الاستفادة من تلك الأجزاء أيضًا في صناعة مواد التغليف،[2] ومن استخدامات الموز:[2][4]
- صناعة الخبز كبديلٍ صحي للقمح:
حظي رفع القيمة الغذائية للمخبوزات بأهمية كبيرة في الآونة الأخيرة، لا سيّما أنها من أكثر السلع المتداولة في المطاعم والأسواق، وفي هذا السياق استخدم عددٌ من الباحثين بعض أجزاء الموز-لا سيما الدقيق المُصنع من الموز الأخضر الكامل (Whole green banana flour WGBF)- كبديل للقمح العادي المُستخدم في صناعة الخبز، وذلك بغية رفع قيمته الغذائية دون التأثير في قابليته للهضم، ولكن لا بُدّ من ملاحظة أن استخدام دقيق الموز في صناعة الخبز قد يقلل من حجم الخبز الناتج، ويرفع من النشاط المائي فيه.
- تصنيع الحلويات:
سوّغ المحتوى العالي من السكر في الموز استخدامه في العديد من الحلويات، لا سيّما تلك التي تمثل الحبوب إحدى مكوناتها الرئيسية، وعمومًا يُعتقد بأن استخدام دقيق الموز كبديل عن الدقيق الأبيض بنسبة 15% قد يكون مُجديًا للحصول على أفضل نوعية ممكنة للحلويات.
- مصدر يُعزز نمو البكتيريا النافعة (Prebiotic) في بعض المنتجات:
فمثًلا استفاد بعض الباحثين من لب الموز الأخضر (GBP) كمصدر للبكتيريا النافعة عند إنتاج اللبن المُخمّر.[2]
إضافة لما سبق، يمكن الاستفادة من بعض مخلفات الموز باعتبارها مصدرًا للنشا، والبكتين، والسليولوز التي تُستخدم في الصناعات الغذائية كموادٍ غروانية -قادرة على تحويل السوائل إلى هلام- (Gelling agent)، كما يمكن الاستفادة أيضًا من تلك المخلفات كصبغةٍ طبيعية وحيوية بفضل محتواها من مركبات الأنثوسيانين (Anthocyanins).[1]
المركبات التي يحتوي عليها الموز وخصائصها الحيوية
يحتوي الموز على كمية وفيرة من السكريات، والأحماض الدهنية عديدة اللاتشبع، ومركبات الستيرول (Sterols)، والمعادن كالبوتاسيوم، وعلى العديد من الفيتامينات مثل فيتامين (B1)، وفيتامين (B2)، وفيتامين (C)،[2] بالإضافة لما سبق، يحتوي الموز على عددٍ من العناصر الغذائية النباتية، مثل المركبات الفينولية (Phenolic compounds)، وعلى مركبات الفلافونويد (Flavonoids)، والكاروتينويد (Carotenoids)، ومركباتٍ أمينية، وعلى أليافٍ غذائية،[4] إذ تمنح هذه المركبات الموز بعض الخواص الهامة:[2][4]
- مركبات الكاروتينويد:
تُعد أنواع الموز ذات اللون الأصفر والبرتقالي مصدرًا وفيرًا بمركبات البيتا كاروتين المُتحولة (Trans beta carotene)، بينما تحتوي أنواع الموز ذات اللون الأحمر على تراكيزٍ عالية من اللايكوبين (Lycopene)، واللوتين (Lutein)، ولجميع هذه المركبات خواص مضادة لسرطان البروستات، كما أنّها تثبط من تآكل العضلات الناجم عن الشيخوخة.
- الأحماض الفينولية (Phenolic acids):
ونسبتها في قشرة الموز أكثر من نسبتها في اللب، وقد لُوحظ أن لمركب الجالاوكاتيتشن (Gallocatechin) -المُستخلص من قشرة الموز الأخضر- خواصًا فعّالة في التئام الجروح الناجمة عن العمليات لدى الفئران وفق دراسةٍ أُجريت سنة 2015 ميلادي.
- الألياف الغذائية:
إذ يحتوي دقيق الموز على عددٍ من الألياف الغذائية كالبكتين، والسليولوز، واللجينين، والهيمي سليولوز، بالإضافة إلى احتوائه على النشا المقاوم (Resistant starch)، والذي يُعتقد بوجود دورٍ فعال له في الوقاية من ببعض سرطانات الأمعاء الدقيقة.