العُصفر من النباتات التي يكثر تداولها في المنطقة العربية لأغراضٍ علاجية، إضافةً إلى استخدامه في الطهي، فمثلًا يستخدم ما تُقدر نسبته بحوالي 75% من الشعب السعودي العصفر بسبب خصائصه القادرة على التخفيف من التوتر النفسي، لكن لا ّبد من إجراء المزيد من الدراسات التي تبحث في سلامة استخدامه.[1]
ما هو العصفر؟
العصفر (Saflower) -والذي يُسمى كذلك بالكفيشة (Kafesheh) باللغة الفارسية- من النباتات السنوية التي تشبه نبتة الخرفيش (Thistle-like annual plant)، وعادةً ما تزرع للاستفادة من زهورها، وكمادة مضافة للأطعمة، وفي صناعة الأصباغ،[1] والعصفر من أقدم النباتات التي زرعها الإنسان، إذ تعود أصوله إلى وسط آسيا وتمتد إلى كل من كوريا، والهند، والباكستان، وإيران، وتركيا، ومصر، وإثيوبيا، كما زرعته بعض الشعوب في شمال إفريقيا، وأوروبا، وأمريكا، وأستراليا لاستخدامه كمحصول زراعي، ولقرونٍ مضت استُخدمت بتلات نبات العصفر (Carthamus tinctorius) في صناعة الشاي والتوابل، كما أنها كانت أحد المكونات المُستخدمة في الطب التقليدي في آسيا، وبفعل ألوانها البراقة استُخدمت المُستخلصات المائية لبتلات العصفر كمواد ملونة في الصناعات الغذائية.[2]
يتناول الناس في البلدان العربية العصفر كمشروب تقليدي عند إقامة صلاة الجنازة في المساجد اعتقادًا منهم بأنه قد يهدئ من روع أهل المُتوفّى، وتتضمّن طريقة تحضير مشروب العصفر نقع بتلات نبات العصفر في الماء إلى أن يكتسب اللون الأصفر وطعم ورائحة العصفر المميزين، وفي الآونة الأخيرة أصبح الهدف الرئيسي من زراعة العصفر هو استخلاص الزيوت من بذوره،[1] إذ تخضع بذور العصفر لبعض الإجراءات التصنيعية لاستخلاص زيوتٍ يمكن استخدامها في الطهي وذات محتوى غني بالأحماض الدهنية غير المشبعة.[2]
أجزاء نبات العصفر ونموه
ينتمي العصفر إلى الفصيلة النجمية (Asteraceae family)، وبمقدور نبات العصفر العيش في المناخ القاحل كمناخ إيران التي تُنتج 6 أنواع من العصفر، كما يمكن زراعة بعض سلالات العصفر في البيوت البلاستيكية،[3] ونبات العصفر من النباتات العشبية السنوية كثيرة التفرع،[1] وله سيقان أسطوانية مستقيمة، بالإضافة إلى أوراقٍ ذات شكل بيضاوي أو بيضاويٍ رمحيّ (Ovate or ovate-lanceolate leaves)، وهناك نوعان من العصفر؛ نوع يحتوي على أشواك ويسمى بالشوكي (Spiny) والتي تتميز بطولها وشكلها الحادّ الموزع على أوراق النبتة، ونوع ثانٍ خال من الأشواك ويسمى باللاشوكي (Spineless)،[1] وقد لوحظ أن مثل هذا التباين في شكل نبات العصفر من شأنه التأثير في محتوى العصفر من الزيت.[3]
ينمو نبات العصفر لأطوالٍ تتراوح بين 30-150 سم تنتهي برؤوس زهرية كروية، وتتخذ ألوانًا برّاقة كالأصفر، أو البرتقالي، أو الأحمر في شهر تموز، إذ يحتوي عادةً الغصن الواحد من نبات العصفر على 1-5 رؤوس زهرية، كما يحتوي الرأس الواحد منها على 15-20 بذرة،[1] وتحاط أزهار العصفر بأوراق شوكية (Spiny bracts)، ولنبات العصفر العديد من الجذور الأفقية الجانبية إضافة إلى جذره الوتدي (Tap root) الذي قد ينمو في المناخ القاحل لأعماق تحت الأرض تتخطى المترين للوصول إلى العناصر الغذائية والمياه الجوفية.[3]
فوائد العصفر للنساء
يحتوي العصفر على عدد من المركبات الفعالة التي تجعله من النباتات التي يمكن الاستفادة منها في علاج بعض الأمراض،[1] ومن فوائد العصفر:
- فوائد العصفر للنساء:
يحتوي العصفر على مركبات الفلافونويد (Flavonoids)، وجلايكوسيدات الفينل ايثانويد (Phenylethanoid glycosides)، والكومارين (Coumarins)، بالإضافة إلى الأحماض الدهنية، والستيرويدات (Steroids)، مما قد يجعله مفيدًا في التخفيف من عسر الطمث وعلاج بعض حالات انقطاع الطمث.[1]
- فوائد العصفر للحامل والمرضع:
يتوجب على كل من الحامل والمرضع سد احتياجاتها من الدهون الصحية وذلك لضمان سلامة تشكل الجهاز العصبي لدى طفلها، إذ تنتقل الأحماض الدهنية التي تتناولها الأم إلى جنينها عبر المشيمة، بينما تنتقل للرضيع عبر حليب الأم وتتراكم في الدماغ وبعض أعضائه الأخرى، وفي هذا الإطار أظهرت دراسة مخبرية نُشرت في مجلة (Journal of Affective Disorders) سنة 2022 ميلادي أن تناول كمية مناسبة من زيت العصفر أثناء الحمل قد يحسن من التطور الإدراكي لأجنة الجرذان المخبرية عند البلوغ ،[4] وتجدر الإشارة إلى ضرورة توخي الحذر لدى تناول أزهار العصفر أثناء الحمل، إذ أظهرت دراسة مخبرية أُجريت على فئران المختبر أن تناول تركيز 0.2 - 2 مغ/كيلو غرام يوميًا من مُستخلص العصفر في الأيام الأُولى من الحمل قد يرتبط بحدوث تغيراتٍ على مستوى الأنسجة في الجهاز العصبي لدى أجنة تلك الفئران، كما أشارت إلى أن تناول مستخلص أزهار العصفر قد يعيق من نمو الجنين، لذا تُنصح الحامل بتجنب تناول أزهار الكركم.[3]
أضرار العصفر
تتضارب الآراء حول أضرار العصفر، فيعتقد بعض العلماء احتمالية تأثير العصفر سلبًا في الخصوبة لدى الرجال تبعًا لنتائج تجربة مخبرية تضمنت حقن الفئران بِ 40 مغ/ كيلو غرام من مستخلص العصفر المائي لمدة 25 يومًا، والتي أظهرت وجود سمية لذلك المحلول على الخصيتين،[3] في ذات الوقت أظهرت دراسة مخبرية أخرى نشرت في مجلة (Reproductive Toxicology) سنة 2021 ميلادي عدم وجود سمية أو تأثير سلبي لمُركز العصفر الغذائي على الخصوبة أو الجهاز التناسلي.[2]
مكونات العصفر واستخداماته في الطعام
يحتوي العصفر على مجموعة معقدة من المركبات الكيميائية كمركبات الفلافونويد، والستيرويدات (Steroids)، والأحماض الفينولية (Phenolic acids)، ومركبات الديول (Diols)، والزيوت الطيارة (Volatile oils)، وغيرها،[5] وتُسوِّغ توليفة مركبات العصفر الفريدة هذه استخدامه في العديد من الصناعات الغذائية، فمثلًا تتميز الأجزاء الخضراء من نبات العصفر بمحتواها الوفير من الكاروتين (Carotene)، والرايبوفلافين (Riboflavin)، وفيتامين سي (Vitamin C)، مما دفع بعض البلدان كالهند إلى زراعته كإحدى الخضار الورقية وتمتاز أوراق العصفر بمذاقها المر، ويمكن استخدامها - بعد سلقها لمدة قصيرة ثم وضعها في وعاء من الثلج - كإضافة لذيذة لبعض أطباق السلطات الطازجة وأنواع الحساء الباردة،[6] أما الزيت المُستخلص من بذور العصفر المستخدم في الطهي فيمتاز بأن لا لون له ولا رائحة، بالإضافة إلى إمكانية استعماله في صناعة السمن النباتي (Margarine).[1]
من الجدير بالذكر أنّ أزهار العصفر تُمثل مخزنًا للعديد من العناصر الغذائية، إذ تحتوي بتلاتها على جميع الأحماض الأمينية التي يحتاجها الجسم باستثناء التريبتوفان (Tryptophan)، كما تحتوي أزهار بعض أنواع العصفر اللاشوكي على كمياتٍ وفيرة من البروتينات، والسكريات، والكالسيوم، والحديد، والمغنيسيوم، والبوتاسيوم، لذا استخدمت بعض الشعوب، كشعوب الهند والصين بتلات أزهار العصفر في تحضير أصنافٍ من الشاي ذات القيمة الغذائية العالية.[6]
خواص العصفر الطبية
هناك عدد من المركبات التي يمكن عزلها من أزهار العصفر والتي تمنحه بعض الخواص الطبية،[6] من تلك الخواص:[5][6]
- الوقاية من الإصابة بتصلب الشرايين والإسهام في علاجه، فقد أشارت العديد من الدراسات إلى احتواء العصفر على صبغة طبيعية - تصنف ضمن مركبات الفلافونويد القابلة للذوبان في الماء - تسمى بالعصفر الأصفر (Yellow saffron) (SY) والمستخلصة من بتلاته، إذ تساعد في الوقاية من الإصابة بأمراض القلب، وتصلب الشرايين، كما أن لها دورٌ في منع تشكل الخثرات الدموية من خلال تحفيزها لِدوران الدم في الجسم.
- خواص مضادة للأكسدة، إذ يحتوي العصفر على بضعة مركبات من الفلافونويد، مثل مركب هيدروكسي العصفر الأصفر أ (Hydroxysafflor yellow A)، وهيدروكسي العصفر الأصفر ب (Hydroxysafflor yellow b)، وغيرها، وقد لوحظ امتلاك بعض تلك المركبات خواصًا مضادة للأكسدة عند استخدامها بتراكيز منخفضة.
- خواص مضادة للالتهابات، إذ تمتلك إحدى أجناس العصفر (C.oxyacantha) خواصًا مضادة للبكتيريا ومضادة للإسهال، فلوحظ أن للمواد التي تحتوي عليها تلك النبتة القدرة على الحد من تكاثر بعض أنواع البكتيريا مثل البكتيريا الإشريكية الزائفة (Escherchia pseudomonas)، والسالمونيلا (Salmonella)، والمكورات العنقودية (Staphylococcus).
- تنظيم مستويات الدهون في الدم، إذ تساعد صبغة العصفر الأصفر الموجودة في العصفر على تخفيض نسبة الدهون في الدم، وقد أظهرت دراسة مخبرية أن حقن الجرذان المصابة بارتفاع نسبة الدهون وريديًا بالعصفر الأصفر قلل كثيرًا من مستويات البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة في الدم، و الدهون الثلاثية، بالإضافة إلى تخفيض إجمالي الكوليسترول.