يُعرّف انحلال الدم (Hemolysis) على أنّه تحطّم خلايا الدم الحمراء وإزالتها من الدورة الدموية قبل انتهاء دورة حياتها الطبيعية التي تبلُغ 120 يومًا، ينتج انحلال الدم لعدة أسباب منها ما يرتبط بالعدوى، أو اعتلال الأوعية الدقيقة (Microangiopathy)، أو المناعة الذاتية؛ التي قد تحدث نتيجة تكوين أجسام مضادة لخلايا الدم الحمراء في الجسم (Antierythrocyte antibodies)، أو نتيجة حدوث تفاعلات لدى نقل الدم، أو الإصابة بأحد اضطرابات المناعة الذاتية (Autoimmune disease)، أو تناول بعض الأدوية، ويُشخّص الطبيب المريض من خلال الأعراض الظاهرة، والفحص السريري، إلى جانب إجراء بعض الفحوصات المخبرية،[1] التي من أبرزها فحوصات كومبس،[2] فما هو تحليل Coombs؟
ما هي فحوصات كومبس المباشر وغير المباشر؟
فحص كومبس (Coombs test) الذي يُعرف أيضًا بفحص مضاد الغلوبيولين (Antiglobulin test) هو أحد فحوصات الدم المناعية المخبرية التي تكشف عن وجود الأجسام المضادة المناعية (Antibodies) ضد كريات الدم الحمراء؛ والتي تتضمن وجود ثلاثة أنواع من الجلوبين المناعي (IgG, IgA, IgG)، وفي حال وجود هذه الأجسام المضادة الموجّهة ضد خلايا الدم الحمراء فإنها تُهاجمها وتدمّرها ممّا يؤدي إلى انحلال الدم الذي غالبًا ما يحدث نتيجة تفاعلات الدم بعد نقل الدم للمريض، أو انحلال الدم الوليدي للجنين.[3][4]
يتميّز تحليل كومبس بأنه الأكثر تفاعلًا مع معظم الأجسام المضادة لجميع فئات الجلوبين المناعي،[3] واستخدمه للمرة الأولى العالم آر آر كومبس (RR Coombs) عام 1945 ميلادي،[5] إذ يُستخلص مضاد الغلوبيولين المناعي البشري (Anti-human globulin) عن طريق حقن أرنب بمصل بشري لإنتاج أجسام مُضادة للبروتينات البشرية، ثم يؤخذ مصل هذا الأرنب ويُحضّر ضمن آلية معينة ليصبح جاهزًا للاستخدام والكشف عن وجود الأجسام المضادة التي تهاجم خلايا الدم الحمراء.[3][6]
يتضمن تحليل كومبس نوعين مختلفين؛ تحليل كومبس المباشر (Direct Coombs test) أو فحص مضاد الغلوبيولين المباشر (Direct antiglobulin) الذي يكشف عن وجود الأجسام المضادة على سطح خلايا الدم الحمراء في عينة الدم كاملة،[7] وتحليل كومبس غير المباشر (Indirect Coombs tests) أو فحص مضاد الغلوبيولين غير المباشر (Indirect antiglobulin) الذي يكشف عن الأجسام المضادة في عينة بلازما أو مصل الدم الخاصة بالمريض.[8][9]
تتمثّل أهمية فحص كومبس غير المباشر وتأثيره في الجنين من خلال الكشف عن الأجسام المضادة ضد خلايا الدم الحمراء لدى الحامل ذات فصيلة الدم سالبة العامل الرايزيسي (Rh-)، والتي تحمل جنينًا فصيلة دمه موجبة العامل الرايزيسي (RH+)،[9] ربما قد يرثها من الأب، وهي غير موجودة في الأم، فلدى تعرّض الأم لها نتيجة اختلاط دمها بدم الجنين عند انفصال المشيمة، يُكوّن جسم الأم أجسامًا مناعية ضد مستضدات خلايا الدم الحمراء موجبة العامل الرايزيسي، وهذا لا يؤثر في الطفل الأول إنمّا في الأجنة بعده حال حدوث حمل لاحقًا، ليُسبّب إصابة الجنين بانحلال الدم الوليدي.[10]
ما هي دواعي إجراء فحوصات كومبس المباشر وغير المباشر؟
يوصي الطبيب بإجراء فحوصات كومبس عامةً عند الاشتباه بالإصابة بانحلال الدم المناعي،[4] ويمكن تفصيل أسباب إجراء فحوصات كومبس الأُخرى:
أسباب إجراء فحص كومبس المباشر
يٌجرى فحص كومبس المباشر لعدة أسباب:
- تقييم تطابق عينات الدم خلال الفحوصات التي تُجرى في بنك الدم بغرض نقل دم للمريض.[11]
- التحقق من عدم حدوث تفاعل نقل الدم الانحلالي عند إعطاء المريض الدم،[11] وذلك في حال ظهرت عليه بعض الأعراض مثل الحمى، والقشعريرة، وظهور الدم في البول، والتقيؤ، والغثيان، وهبوط ضغط الدم.[10]
- تقييم الحالة الصحية لحديثي الولادة للتأكد من عدم إصابتهم بانحلال الدم الوليدي،[11] وذلك في حال كانت الأم تحمل فصيلة دم سالبة العامل الرايزيسي.[9]
- الكشف عن فقر الدم الانحلالي الناتج عن تناول بعض الأدوية؛ إذ إنّ بعض الأنواع قد تحفّز تكوين أجسام مضادة إمّا للدواء ذاته، أو ضد مستضدات خلايا الدم الحمراء ذاتها، أو ضد غلاف خلايا الدم الحمراء، ومثال هذه الأدوية؛ البنسلين (Penicillin)، وسيفالوسبورينات (Cephalosporins)، وميثيل دوبا (Methyldopa)، وبروكاييناميد (Procainamide).[12]
- ظهور أعراض فقر الدم أو اليرقان؛ مثل اصفرار العينين والجلد.[13]
- اشتباه الإصابة بأحد اضطرابات المناعة الذاتية، مثل الذئبة الحمامية الجهازية (Systemic lupus erythematosus).[12]
أسباب إجراء فحص كومبس غير المباشر
يُجرى فحص كومبس غير المباشر غالبًا في حالات نقل الدم،[13] للتحقق من توافق دم المريض مع دم المتبرع، وعدم وجود أي أجسام مضادة في دم المريض قد تهاجم خلايا الدم الحمراء من دم المتبرع، وغالبًا ما يُجرى في بنك الدم، كما يُجرى للتحقق من وجود الأجسام المضادة التي تسبب تراص خلايا الدم الحمراء لدى انخفاض حرارة الجسم/التراص البردي (Cold agglutination) التي يرتبط وجودها بالإصابة بعدوى الميكوبلازما (Mycoplasma).[9]
ما هي مخاطر فحوصات كومبس المباشر وغير المباشر؟
تُصنّف فحوصات كومبس على أنّها من الإجراءات الآمنة نسبيًا،[4] وتتلخّص المخاطر المتعلقة بفحوصات كومبس المباشرة وغير المباشرة ببعض المضاعفات التي ترتبط بعملية سحب الدم، وذلك لاختلاف حجم الأوردة من شخصٍ لآخر،[13] لعل أبرز هذه المخاطر:[13][14]
- تكوّن ورم دموي.
- النزيف الشديد.
- العدوى الموضعية.
- إصابة الشرايين، والأوردة، والأعصاب، ممّا يُلحق الأذى بها.
- الشعور بالدوار، أو الإغماء.
- تعرّض المريض للوخز أكثر من مرة.
- تلف في الأعصاب.
التحضيرات قبل إجراء فحوصات كومبس المباشر وغير المباشر
لا تحتاج فحوصات كومبس المباشرة وغير المباشرة أي تحضيرات مسبقة، كما أنها لا تحتاج إلى الصيام، وتجدر الإشارة إلى ضرورة تدوين الأدوية التي يتناولها المريض على قسيمة الفحص الخاصة بالمختبر لدى إجراء فحص كومبس المباشر، بالإضافة إلى توثيق آخر عملية نقل دم خضع إليها المريض.[9][13]
طريقة إجراء فحوصات كومبس المباشر وغير المباشر
يُجرى فحص كومبس المباشر وغير المباشر من خلال سحب عينة دم من المريض وتفريغها في الأنبوب المُخصص لها.[4]
طريقة إجراء فحص كومبس المباشر
يعتمد مبدأ اختبار كومبس المباشر على كشف وجود الأجسام المضادة المرتبطة مباشرةً بسطح خلايا الدم الحمراء،[4] باتباع عدة خطوات:
- غسل عينة الدم باستخدام محلول ملحي عدة مرات لعزل خلايا الدم الحمراء.[4]
- إضافة الكاشف المعروف بمضاد الجلوبيولين البشري (Anti-human globulin) إلى عينة خلايا الدم الحمراء، وخلطهما مع بعضهما البعض، ويُستدل على حدوث التفاعل والحصول على النتيجة الإيجابية من خلال رؤية تراصّ وتكتل خلايا الدم الحمراء، ويُستدل على النتيجة السلبية بعدم حدوث ورؤية التراص لخلايا الدم الحمراء.[9]
طريقة إجراء فحص كومبس غير المباشر
يعتمد مبدأ اختبار كومبس غير المباشر على كشف وجود الأجسام المضادة غير المرتبطة بخلايا الدم الحمراء والتي تكون في المصل،[4] وذلك باتباع عدة خطوات:
- يُفصل مصل المريض المراد فحصه عن عينة الدم، ثم يُضاف إليه بضع قطرات من خلايا الدم الحمراء الخاصة بالمتبرع -على سبيل المثال- أو خلايا حمراء ذات مولّد ضد معروف، ثم توضع في حاضنة لفترة محددة.[4][9]
- يُضاف كاشف الأجسام المضادة للجلوبين البشري إلى العينة التي جرى تحضيرها في الخطوة الأولى، ثم تحرّي وجود أي تراص أو تجمعات لخلايا الدم الحمراء، إذ يشير تراص خلايا الدم الحمراء إلى أنّ النتيجة إيجابية (Positive) وأنّ المريض لديه أجسام مضادة لعينة الدم المستخدمة في الاختبار.[4][9]
نتائج فحوصات كومبس المباشر وغير المباشر
يرتبط عدم ملاحظة أيّ تراص خلال إجراء فحوصات كومبس المباشرة وغير المباشرة بنتيجة اختبار كومبس سلبي (Negative)، ويُشار للنتيجة بأنها طبيعية.[9][13]
أمّا اختبار كومبس ايجابي النتيجة فيُشير إلى وجود أجسام مضادة لدى المريض ضد خلايا الدم الحمراء،[13] ويرتبط بعدة حالات ومشكلات صحية:
أسباب النتيجة الإيجابية لفحص كومبس المباشر
ترتبط النتيجة الإيجابية بفحص كومبس المباشر بعدة مشكلات صحية وأمراض:[9][13]
- فقر الدم الانحلالي المناعي الذاتي (Autoimmune hemolytic anemia).
- رد فعل أثناء عملية نقل الدم.
- انحلال الدم الوليدي.
- سرطان الغدد الليمفاوية (Lymphoma).
- الذئبة الحمامية الجهازية.
- عدوى البكتيريا المفطورة.
- كثرة الوحيدات العدوائية (Infectious mononucleosis).
- مرض الزهري.
أسباب النتيجة الإيجابية لفحص كومبس غير المباشر
ترتبط النتيجة الإيجابية بفحص كومبس غير المباشر بعدة مشكلات صحية وأمراض:[9][13]
- عدم تطابق الدم عند إجراء فحص التطابق في بنك الدم.
- انحلال الدم الوليدي.
- وجود أجسام مضادة للعامل الرايزيسي لدى الأم.
- التراص البردي.
عوامل تؤثر في دقة فحوصات كومبس المباشر وغير المباشر
تؤثر العديد من العوامل في دقة نتائج فحوصات كومبس المباشرة وغير المباشرة:
- ارتفاع مستويات البروتين في الدم الناتج عن الإصابة ببعض الأمراض؛ مثل أمراض التكاثر النقوي (Myeloproliferative)، أو حالات تلقي المريض الجلوبيولين المناعي الوريدي، بالتالي تشير إلى نتائج إيجابية خاطئة.[4]
- حالات العدوى، مثل الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، أو الملاريا، أو فيروس التهاب الكبد الوبائي من نوع (C) (HCV)، جميعها تشير إلى نتائج إيجابية خاطئة.[4]
- الإصابة بـمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد (Antiphospholipid syndrome)، تتسبب أيضًا بإظهار نتيجة إيجابية خاطئة.[4]
- تناول بعض الأدوية التي تشير لنتائج إيجابية خاطئة، ومن أبرزها سيفالوسبورين، وليفودوبا (Levodopa)، وميثيل دوبا، والبنسيلين، والفينيتوين (Phenytoin)، وكلوربرومازين (Chlorpromazine).[9]
تجدر الإشارة إلى أنّ النتائج الإيجابية الخاطئة التي يحصل عليها المريض نتيجة تفاعل نقل الدم، أو العدوى، أو تناول دواء معين، تظل إيجابية لمدة تتراوح من يومين إلى ثلاثة شهور، أمّا في حال كانت ناتجة عن الإصابة بأحد اضطرابات المناعة الذاتية فتبقى دائمًا كذلك.[9]