الغدة النخامية (Pituitary gland) هي غدة صغيرة الحجم تقع في قاعدة الدماغ، وتُسمّى الغدة الرئيسية وذلك لتحكمها بمعظم وظائف الغدد الصماء الأُخرى، إذ تتكوّن الغدة النخامية من جزأين يختلفان من الناحية التشريحية والوظيفية، وهما الغدة النخامية الأمامية (الغدية) المسؤولة عن إفراز عِدّة هرمونات، مثل هرمون قشر الكظر (Adrenocorticotropic hormone (ACTH)) وهرمون النموّ (Growth hormone)، والغدة النخامية الخلفية (العصبية) التي تفرز هرمون الأوكسيتوسين (Oxytocin)، والهرمون المانع لإدرار البول (Antidiuretic hormone).[1][2]
يمكن أن تُصاب الغدة النخامية باضطرابٍ ما نتيجة نمو الأورام السرطانية أو غير السرطانية، التي قد تتسبب في نقص أو زيادة إنتاج إحدى هرموناتها، ممّا يؤدي لظهور أعراض كثيرة ومتنوعة وغير مُحدّدة، فيلجأ الأطباء للكشف عن ذلك من خلال معرفة وتحديد مستويات هرمونات الغدة النخامية،[1] مثل فحص هرمون قشر الكظر ((ACTH) Adrenocorticotropic hormone) الذي يكشف عن الإصابة بعدّة أمراض،[3] فما هو؟ وما هي أعراض زيادة هرمون (ACTH)؟
ما هو فحص هرمون قشر الكظر (ACTH)؟
يُعد فحص هرمون قشر الكظر (ACTH) أو تحليل الغدة الكظرية أحد فحوصات الدم المخبرية الذي يقيس مستوى هرمون (ACTH) في الدم، إذ يتحكّم في تنظيم إنتاج هرمونات الذكورة (الأندروجينات)، وهرمون الكورتيزول (Cortisol) الذي تُفرزه الغدة الكظرية، وله دورٌ هامٌ في تنظيم مستويات السكر في الدم، ووظائف الجهاز المناعي، والحِفاظ على ضغط الدم الطبيعي، والاستجابة للتوتر، وتنظيم عمليات الأيض.[3][4]
يُفرز تحت المهاد (Hypothalamus) الهرمون المطلق لموجهة القشرة (CRH) (Corticotropin-releasing hormone) الذي بدوره يحفز الغدة النخامية الأمامية على إفراز هرمون قشر الكظر، الذي يستهدف قشرة الغدة الكظرية (Adrenal Cortex) لتحفيز إفراز هرمون الكورتيزول، إذ يؤدي ارتفاع مستوياته إلى حدوث رد فعل عكسي لتثبيط إفراز هرمون قشرة الكظر، وذلك للحفاظ على استمرارية أداء الجسم لوظائفه الطبيعية.[3][5]
تؤدي بعض المشاكل المرضية إلى الإفراط في إنتاج الكورتيزول -متلازمة كوشينج (Cushing syndrome)- استجابةً لِزيادة إنتاج هرمون قشرة الكظر الذي تُفرزه الغدة النخامية نتيجة إصابتها بأحد الأورام، أو الإصابة بورم في الغدة الكظرية، أو استخدام عقار الكورتيزون لفتراتٍ طويلة.[6]
الجدير بالذكر أنّ هرمون قشرة الكظر يُحافظ على فعالية، وبُنية، وحجم الغدة الكظرية، إذ يُفرز ضمن نمطين؛ الأول يُدعى بالتواتر اليومي المحدد (Circadian pattern)، وفيه يبدأ الجسم بإفراز الهرمون الساعة الرابعة صباحًا ليبلُغ ذروته الساعة السابعة صباحًا، ثمّ يصل لأدنى مستويات له ما بين الساعة 11 مساءً والثالثة صباحًا، والنمط الثاني نمط الإفراز النابض (Ultradian pulsatility) يُفرز الجسم فيه الهرمون ضمن تدفقات أو دفعات بما يُقارب 40 مرة في 24 ساعة.[7]
ما هي دواعي إجراء فحص هرمون قشر الكظر (ACTH)؟
يُجرى فحص هرمون قشر الكظر لتقييم منطقة تحت المهاد، والغدة النخامية، والغدة الكظرية،[5] كما أنّه يُجرى إلى جانب فحص الكورتيزول لتشخيص اضطرابات الغدة النخامية أو الكظرية، مثل متلازمة كوشينغ، وقصور الغدة النخامية،[4] بالإضافة إلى عدّة أسباب:
- تشخيص المرضى المُشتبه إصابتهم بقصور الغدة الكظرية (Adrenal insufficiency)، الذي قد يرتبط بمرض أديسون (Addison disease).[5]
- تحديد مكان الورم الذي يسبب اضطرابًا في مستويات الكورتيزول للمرضى المصابين بمتلازمة كوشينغ، سواء كان في الغدة النخامية، أو خارج الغدة النخامية -الرئة، أو البنكرياس، أو المبيض-، إذ غالبًا ما تُشير مستويات هرمون (ACTH) التي تزيد عن 200 بيكو جرام/ ملليتر إلى أن الورم خارج الغدة النخامية، وإذا كانت أقل من المستويات الطبيعية فهذا يُشير إلى سرطان الغدة الكظرية أو ورم غدّي بها.[8]
- الكشف عن فعالية علاج أدوية الكورتيزون لمرضى تضخم الغدة الكظرية التكويني (Congenital adrenal hyperplasia).[7]
- تحديد نوع قصور الغدة الكظرية؛ في حال كان أوليّ - ناتج عن خلل في الغدة الكظرية -، أو ثانوي - ناتج عن خلل في الغدة النخامية -، أو نوعٌ ثالث ناجم عن خلل في منطقة تحت المهاد.[7]
- ظهور أعراض زيادة هرمون ACTH المُرتبطة بأعراض فرط الكورتيزول،[4][6] أبرزها:[4][6]
- تضخم الوجه.
- تراكم الدهون في منطقة أعلى الظهر والكتفين.
- ارتفاع ضغط الدم.
- مقاومة الإنسولين -مقدمات السكري-.
- هشاشة العظام.
- الاعتلال العضلي.
- فرط التصبّغ.
- الاكتئاب.
- تساقط الشعر.
- حب الشباب.
- سهولة ظهور الكدمات.
- زيادة نمو شعر الجسم.
- قلة الطمث.
- ظهور خطوط تمدد الجلد بلون أرجواني أو زهري على البطن، والفخذين، والثديين.
- ظهور أحد أعراض انخفاض الكورتيزول -مرض أديسون-،[3][4] أبرزها:[3][4]
- التعب والإعياء.
- الضعف العام.
- خسارة الوزن.
- التقيؤ والغثيان.
- الإسهال.
- ألم في البطن.
- الشعور بالدوار.
- الشعور برغبة ملّحة لتناول الأطعمة المالحة.
- ظهور أعراض قصور الغدة النخامية، والتي تختلف باختلاف شدة المرض،[4] أبرزها:[4][9]
- فقدان الشهية لتناول الطعام.
- عدم انتظام الدورة الشهرية، ومشاكل العقم لدى النساء.
- تساقط شعر الجسم والوجه عند الرجال.
- انخفاض الرغبة الجنسية لدى الرجال والنساء.
- كثرة التبوّل.
- عدم القدرة على تحمل البرد.
- قصر القامة، وضعف النمو، وتأخر البلوغ عند الأطفال.
- انخفاض الكتلة العضلية وزيادة الدهون عند البالغين.
ما هي مخاطر إجراء فحص هرمون قشر الكظر (ACTH)؟
لا يترافق تحليل هرمون قشر الكظر مع ما يُثير القلق والخوف لدى المريض، إلا أنّه قد يشعر بلسعة طفيفة لحظة إدخال الإبرة أثناء عملية سحب الدم.[4]
تحضيرات ما قبل إجراء فحص هرمون قشر الكظر (ACTH)
يحتاج فحص هرمون قشر الكظر إلى الصيام،[8] ويُنصح بإجراء التحليل وجمع العينة في الصباح الباكر، كما يجب حفظها في وسط مُثلّج وإرسالها إلى المختبر مباشرة، والحرص على عدم استخدام الأنابيب الزجاجية لتفريغ العينة داخلها واستخدام الأنابيب المناسبة المُخصصة لهذا الفحص.[10]
طريقة إجراء فحص هرمون قشر الكظر (ACTH)
يُجرى فحص هرمون قشر الكظر من خلال سحب عينة دم من الوريد في الذراع، وقد تختلف إجراءات أو متطلبات الفحص من مختبر لآخر، لذا يجدر الالتزام بتعليمات وتوصيات فني المختبر،[11] وتتضمن عملية سحب الدم عِدّة خطوات:[12]
- توجيه المريض إلى مد الذراع وفتح قبضة يده وإغلاقها لمدة (15 - 30) ثانية، وذلك لتحديد الوريد المُراد سحب عينة الدم منه، ثمّ وضع العاصبة بموضع يرتفع عنه بما يُقارب 10 سنتيمترات.
- تعقيم موضع السحب، والانتظار حتى يجف الجلد، ثم جمع عينة الدم المطلوبة بواسطة إبرة صغيرة.
- فك العاصبة، ثمّ وضع قطعة من الشاش المعقم فوق الإبرة والضغط بلطف مع سحب الإبرة، ثم يُطلب من المريض الضغط موضع سحب الدم لمدة 5 دقائق.
نتائج فحص هرمون قشر الكظر (ACTH)
تختلف نتائج تحليل ACTH الطبيعي باختلاف الجنس والفئة العمرية،[7] إذ تتراوح النسبة الطبيعية لتحليل الغدة الكظرية، كما هو موضّح في الجدول:[8]
الفئات | العمر | المستويات الطبيعية |
الذكور البالغين | 19 سنة فأكثر | (7 - 69) بيكو جرام/ ملليلتر |
الإناث البالغات | 19 سنة فأكثر | (6 - 58) بيكو جرام/ ملليلتر |
| من أسبوع إلى 9 سنوات | (5 - 46) بيكو جرام/ ملليلتر |
من10 سنوات إلى 18 سنة | ( 6 - 55) بيكو جرام/ ملليلتر |
تفسير نتائج فحص هرمون قشر الكظر (ACTH)
تُفسّر نتائج هرمون قشر الكظر بالتزامن مع نتائج فحوصاتٍ هرمونية أُخرى، مثل هرمون الكورتيزول وهرمون المطلق لموجهة القشرة (CRH)، وغالبًا ما يرتبط اضطراب مستويات هرمون (ACTH) إمّا بخللٍ في تنظيم وظائف الغدة الذي ينتج عنه إفراز الكثير أو القليل من هرمون قشر الكظر، أو نتيجة خلل في الاستجابة، إمّا لتثبيط أو تحفيز إفراز الهرمون، أو كِلا الحالتين، كما هو الحال لدى الإصابة بمتلازمة نيلسون (Nelson syndrome).[7]
يوضّح الجدول أدناه مقارنة بين نتائج فحص هرمون قشر الكظر، وهرمون الكورتيزول، والمشكلة المرَضية المرتبطة باختلال مستوياتهما:[4][11]
هرمون قشر الكظر (ACTH) | هرمون الكورتيزول | المشكلة المرضية |
مرتفع | مرتفع | متلازمة كوشينغ (ورم في الغدة النخامية). |
منخفض | مرتفع | متلازمة كوشينغ، أو ورم في الغدة الكظرية. |
مرتفع | منخفض | مرض أديسون (تلف في الغدة الكظرية). |
منخفض | منخفض | قصور الغدة النخامية. |
يرتبط أيضًا ارتفاع هرمون قشر الكظر ببعض المشاكل المرضية:[7][8]
- تضخم الغدة الكظرية الخلقي (Congenital adrenal hyperplasia).
- مرض كوشينغ الكاذب، الذي يرتبط بإدمان الكحول، وفقدان الشهية العصبي -القهم - (Anorexia nervosa)، والاكتئاب.
الجدير بالذكر أن بعض العوامل قد تؤثر في نتيجة فحص هرمون قشر الكظر وتعطي ارتفاعات خاطئة، مثل التوتر، والإصابات الجسدية، والحمّى، وانخفاض مستويات السكر في الدم، وحالات الحمل، بالإضافة إلى تناول بعض الأدوية مثل الإستروجين، والإنسولين، والإيثانول، والأمفيتامينات (Amphetamines)، وأمينوغلوتيثيميد (Aminoglutethimide)، وفاسوبريسين (Vasopressin).[8]